يبدو أن السبب الأكثر احتمالاً لأعطال الطائرات الروسية، التي تحطم عدد منها في الفترة الأخيرة، هو الافتقار إلى الأدوات والمواد المطلوبة للصيانة بشكل صحيح. وربما يرجع ذلك إلى العقوبات الشاملة التي فرضها الغرب منذ شهور مضت، والتي قلصت واردات المعدات واختناق الإنفاق الروسي، هذا ما خلص إليه الباحث الفني الروسي المهندس ميخائيل بوهنيرت. ويعتقد الباحث أن العقوبات المفروضة يمكن أن تؤثر تماماً على قدرة روسيا على تصنيع وصيانة قطع غيار مطلوبة للحفاظ على سلامة الطائرات.
ويقول بوهنيرت لقد تحطمت ست طائرات روسية على الأقل في المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، بالمقارنة بوقوع حوادث قليلة وربما عدم وقوع حوادث إطلاقاً قبل ذلك. فإن هذا في رأي الباحث الروسي يمكن أن يوضح أن هناك قضايا متزايدة تتعلق بالصيانة، واستنتاج سبب ذلك يوفر مثالاً صارخاً على فاعلية العقوبات المفروضة على روسيا. وقال بوهنيرت في تقرير نشرته مؤسسة البحث والتطوير الأميركية (راند)، إنه رغم توقع حدوث أعطال ميكانيكية في الطائرات مع مرور الوقت، قد توضح الزيادة السريعة في الأعطال الميكانيكية في الطائرات على نطاق واسع أن هناك شيئاً أساسياً قد تغير.
وتتطلب صيانة الطائرات فنيين يتمتعون بمهارة عالية، ولديهم معرفة بكل تفاصيل ما تحتاجه الطائرات، والذي يمكن الحصول على بعضه من القطاع التجاري. كما أن الصيانة تتطلب قطع غيار محددة وأدوات إصلاح خاصة.
وبطبيعة الحال، تبلى قطع الطائرات مع مرور الوقت، وتتطلب مكوناتها في الغالب أدوات دقيقة ومواد خاصة، وهناك بعض التداخل ما بين الطائرات المدنية والعسكرية. ومع ذلك، فإنه في مرحلة من المراحل، يتحتم الحصول على قطع الغيار من إنتاج جديد.
ويقول بوهنيرت، كما جاء في تحقيق الوكالة الألمانية، إنه عند النظر إلى حوادث تحطم الطائرات الروسية الستة منذ سبتمبر سنجد أن أربعاً منها شملت طائرات تستخدم في القتال بدرجة كبيرة، بينما اثنتان منها لم تكن لهما أي صلة مباشرة بالقتال، ولا يبدو أنه تم استخدامهما بكثافة في أوكرانيا.
وجدير بالذكر أن روسيا استخدمت الطائرات طراز «إس يو-25» القديمة على نطاق واسع في أوكرانيا. ومن الممكن توقع الأعطال بسبب القدم والافتقار إلى الصيانة. وهناك تقرير عن تحطم طائرة مقاتلة طراز «ميغ-21» أثناء إقلاعها. وتستخدم روسيا هذه الطائرات المتقدمة في العمر لدعم الهجمات البرية للطائرات طراز «إس يو-25» على نطاق واسع. وكانت الحادثة الأكثر شيوعاً هي تحطم طائرة هجوم بري جديدة نسبياً من طراز «إس يو-34»، وللأسف اصطدمت بمبنى سكني. ومثل هذه الأعطال يمكن توقعها في ضوء الاستخدام المكثف لهذه الطائرات في أوكرانيا.
والمهم هو أنه حتى الطائرات التي لا تشارك في الغزو الروسي تتحطم. وهذه الطائرات كانت تستخدم كطائرات تدريب، ونظيراتها من الطائرات تستخدم بصورة محدودة في الحرب الجارية. ومن الممكن أن يشير فقدان موسكو لأنواع متعددة من الطائرات، بما في ذلك تلك التي لا تشارك في غزو أوكرانيا، إلى أن هناك افتقاراً للعمالة الماهرة لصيانة الطائرات، واحتمال عدم قدرة شركات طرف ثالث على تصنيع وإصلاح قطع الغيار بصورة ملائمة، أو عدم توفر أدوات ومواد تصنيع قطع الغيار أو إصلاحها. لكن من الصعب تحديد السبب وراء أعطال الطائرات بشكل قطعي.
ويبدو من غير المرجح، إلقاء اللوم على الافتقار لمتخصصين مهرة في مجال الصيانة. فبالرغم من تعرض القواعد الجوية الروسية للهجوم، فلم تكن الأضرار واسعة النطاق، ومن المحتمل أنه لم يتم نقل مسؤولي الصيانة إلى وحدات القتال الأمامية. يبدو أنه من المحتمل عدم وجود نقص في شركات قطع الغيار. وكان هناك نقاش حول تأثيرات التعبئة العسكرية على الشركات الروسية الصغيرة والمتوسطة الحجم، ولكن حوادث التحطم بدأت قبل إعلان بوتين التعبئة في 21 سبتمبر الماضي.
هل العقوبات وراء تواصل تحطم الطائرات الروسية؟
هل العقوبات وراء تواصل تحطم الطائرات الروسية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة