مسيرات بلوشستان تتضامن مع كردستان... والأمن الإيراني يستخدم القوة المفرطة

«الحرس الثوري» يواصل تعزيزاته في الشمال الغربي... وإمام جمعة زاهدان: البلاد وصلت إلى طريق مسدود

محتجون يرشقون سيارات لقوات مكافحة الشغب بالحجارة في زاهدان أمس (نشطاء البلوش)
محتجون يرشقون سيارات لقوات مكافحة الشغب بالحجارة في زاهدان أمس (نشطاء البلوش)
TT

مسيرات بلوشستان تتضامن مع كردستان... والأمن الإيراني يستخدم القوة المفرطة

محتجون يرشقون سيارات لقوات مكافحة الشغب بالحجارة في زاهدان أمس (نشطاء البلوش)
محتجون يرشقون سيارات لقوات مكافحة الشغب بالحجارة في زاهدان أمس (نشطاء البلوش)

تتواصل الاحتجاجات الإيرانية بأشكال مختلفة في الجهات الأربع من البلاد. وفي ختام الأسبوع العاشر من الحراك الذي أشعله وفاة الشابة مهسا أميني، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، الجمعة، أن «الحرس الثوري» عزز وجوده في المناطق الكردية ضمن حملة تهدف لاحتواء الاحتجاجات، أظهرت تسجيلات الفيديو مسيرة حاشدة في مدينة زاهدان مركز محافظة بلوشستان. وأطلقت قوات الأمن الغاز المسیل للدموع، والذخائر الحية على المحتجّين في مدينتي زاهدان وتفتان.
وسرعان ما انتشرت الاحتجاجات، التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول) بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق، في أنحاء البلاد، إلا أنها أكثر حدة في المناطق الكردية شمال غربي البلاد، والبلوش في جنوب شرقي البلاد.
وواصل «الحرس الثوري» الإيراني إرسال مُعدات وأسلحة ثقيلة تشمل دبابات ومدافع إلى المناطق الكردية، وأظهرت مقاطع فيديو، مساء الخميس، إدخال الأسلحة إلى مدينتي بيرانشهر وسردشت، بالقرب من الحدود مع إقليم كردستان العراق.
بدوره أعلن قائد القوات البرية في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال محمد باكبور إرسال وحدات مدرّعة وقوات خاصة إلى مناطق كردية بهدف «منع تسلّل إرهابيين» من إقليم كردستان، على حد ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال باكبور إن «بعض الوحدات المدرعة والقوات الخاصة التابعة للقوات البرية تتجه حالياً إلى المحافظات الحدودية في غرب وشمال غربي البلاد»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء «تسنيم».

سيارات إسعاف تنقل جرحى بالقرب من جامع مكي في زاهدان (نشطاء البلوش)

وأضاف أن «الإجراء الذي تقوم به القوة البرية للحرس الثوري يقوم على تعزيز الوحدات المتمركزة على الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية التابعة للجماعات الانفصالية المتمركزة في إقليم شمال العراق».
وتجدد قصف «الحرس الثوري» على مواقع إقليم كردستان، بموازاة الحملة الأمنية التي تقودها وحدات «الحرس» في المدن الكردية، وأوقعت أكثر من 50 قتيلاً في مدن مهاباد وبوكان وجوانرود وسنندج.
في هذه الأثناء، واصل رجال دين سُنة في المدن الكردية توجيه رسائل مصورة للاحتجاج على حملة القمع. وبعد مقاطع من رجال الدين في محافظة كردستان، وأخرى في مدينة أرومية، نشر رجال الدين السنة في مدينة مهاباد رسالة انتقدت استخدام العنف من القوات العسكرية والأمنية الإيرانية في المناطق الكردية.
وانتقدت الرسالة المصورة «صمت المراجع الشيعة» حيال الحملة التي تشنها السلطات ضد الحراك الاحتجاجي في أنحاء البلاد. وقالوا «رغم مضي شهرين من الأحداث المؤلمة في البلاد، من المستغرب أن مراجع التقليد والحوازات العلمية لم تصدر أي رد فعل، بينما عليهم الدفاع عن المظلومين حسب واجبهم». واحتجّوا على اتهامات مثل «العمالة للخارج، وأعمال الشغب، والانفصالية»، وهي اتهامات وردت على لسان غالبية المسؤولين الإيرانيين لوصف المحتجّين.

عناصر من قوات الأمن تحتفل بفوز المنتخب الإيراني بينما تتأهب لمواجهة محتجين في محافظة خراسان الشمالية (تويتر)

كما ينتقد هؤلاء الاعتقالاتِ التعسفية، و«تخريب الأموال الشخصية وإثارة الرعب وضرب الأشخاص، بمن في ذلك الأطفال والنساء». وقالوا إن «الاحتجاجات الأخيرة ناجمة من ظلم مضاعف على مدى أكثر من 40 عاماً على الناس، خصوصاً أقليات عرقية مثل الكرد والبلوش»، لافتين إلى أن السلطات «تعدّهم مواطنين من الدرجتين الثانية والثالثة».
وقالت وكالة نشطاء حقوق الإنسان في إيران «هرانا»، في إحصائية نشرتها في وقت متأخر الخميس، إن 445 محتجاً قُتلوا، من بينهم 63 طفلاً. وأشارت إلى اعتقالات لـ18170 شخصاً، في 156 مدينة و143 جامعة شهدت احتجاجات.
وكانت كردستان «بيت القصيد» للمسيرات الاحتجاجية، هذه الجمعة، في محافظة بلوشستان.وأظهرت لقطات نشرتها حسابات لنشطاء وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان على مواقع التواصل الاجتماعي، ما قيل إنه احتجاجات خرجت، اليوم الجمعة، في عدة مدن من محافظة بلوشستان المحاذية للحدود مع باكستان وأفغانستان.
وأتت احتجاجات بلوشستان، غداة تجدد الاحتجاجات الليلية في طهران وكرج ومشهد وأصفهان وهمدان وقزوين ومدن أخرى، حسبما تُظهر مقاطع فيديو نشرتها منظمات حقوقية على «تويتر».
وأفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان «هرانا» بخروج احتجاجات في خاش وسراوان وإيرانشهر وتشابهار. وردد البلوش شعار «من زاهدان إلى كردستان... روحي فداء لإيران»، ورفعوا لافتات كُتب عليها «كردستان وحدها... يدعمها البلوش». ويسمع من الفيديوهات شعارات «الموت لخامنئي، الموت للحرس الثوري، والموت للباسيج»، «كردستان كردستان سوف ندعمك»، و«سندعم كردستان»، كما يُسمع متظاهرون في تسجيل آخر نُشر على مواقع للتواصل الاجتماعي ولم يجرِ التأكد من صحته «أكراد وبلوش إخوة، متعطشون لدم المرشد».
وقال نشطاء، في وقت لاحق، إن قوات الأمن أطلقت النار على متظاهرين في المدينة.
وقالت «حملة نشطاء البلوش»، ومقرُّها لندن على قناة «تلغرام»، إن «العشرات قُتلوا أو جُرحوا»، ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية من التأكد من الحصيلة.
ونشرت المجموعة تسجيلاً مصوراً يُظهر عدداً من الرجال وهم يحملون جريحاً، على ما يبدو، من مسجد زكي في زاهدان، على الأرجح، أكبر مساجد السنة في إيران.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن منظمة حقوق الإنسان في إيران؛ ومقرُّها أوسلو، بأن «الحرس الثوري» الإيراني استخدم مُعدات عسكرية، من بينها رشاشات ثقيلة؛ لقمع الأهالي.
وجدّد إمام جمعة زاهدان وأحد أبرز رجال الدين السنة في إيران، عبد الحميد إسماعيل زهي، انتقاداته الأخيرة للسلطات الإيرانية، ورفض مرة أخرى اتهام المحتجّين بتنفيذ مخططات «إسرائيلية وأميركية»، وطالب بوقف «المعاملة السيئة» مع السجناء. ونقلت «رويترز» قوله، في هذا الصدد: «تتردد في وسائل الإعلام أمور مروعة عن إساءة معاملة نساء، لا يسَعني تكرارها»؛ في إشارة، على ما يبدو، إلى تحقيق نشرته شبكة «سي إن إن»، الأسبوع الماضي، حول اغتصاب معتقلات أُوقفن خلال الاحتجاجات الأخيرة.
وسجلت بلوشستان، المحاذية للحدود الباكستانية الأفغانية، أكبر عدد من القتلى.
وكان إسماعيل زهي قد وجّه، الأسبوع الماضي، انتقادات لاذعة إلى الوفد الخاص الذي أرسله المرشد الإيراني علي خامنئي لتهدئة الوضع، وترأسه إمام جمعة طهران علي حاج أكبري. وبينما تحدث وسائل الإعلام الرسمية عن مبادرة خاصة من خامنئي لتحسين الأوضاع في المنطقة التي تشكو من الحرمان، قال عبد الحميد إن البلوش يرفضون «الترغيب والترهيب».
وأشار علي حاج أكبري، في خطبة جمعة طهران، إلى مهمته الأخيرة في بلوشستان، قائلاً إن خامنئي «مستاء من مقتل الأبرياء في بلوشستان».
لكن إسماعيل زهي جدد وقال: «لا يوجد مسؤول فوق القانون، ويجب أن يخضع جميع المسؤولين للمساءلة أمام القانون والانتقادات». وأضاف: «يجب مساءلة كل من يحمل على عاتقه مسؤولية»، مشدداً على أن «صرخة الناس تُظهر أن 43 عاماً من العمل السياسي وصل إلى طريق مسدود ولا يمكن إدارة البلاد بهذه السياسة».
وألقى إسماعيل زهي باللوم في الأوضاع الحالية على من لم يسمعوا صوت الانتقادات المتعلقة بمشكلات الناس. وقال: «أكبر ما يُقلقنا هو أن عدداً من المسؤولين رفضوا الاستماع إلينا». وأضاف: «هذا هو أكبر قلقنا؛ لأن عدداً من المسؤولين رفضوا الاستماع إلينا. كان الكثير من النقاد حريصين (على البلاد)... لكن لم يستمع أحدهم، وكانت النتيجة الاستياء في البلاد».
ووجه إسماعيل زهي انتقادات إلى التيار الإصلاحي لأنه لم يفصح عن الشخص الذي منعهم من الإصلاح، وقال، في هذا الصدد: «جاء الإصلاحيون وقالوا إننا سنقوم بإصلاحات، وحصلوا على أصوات كثيرة، لكن لم يتمكنوا من القيام بشيء، وكان أكبر الشكاوى منهم لماذا لم يقوموا بإصلاحات؟ لماذا التزموا الصمت؟ لم يقولوا مَن الذي لم يسمح لهم بإجراء إصلاحات؟ كان يجب أن يقولوا، في هذه الحالة لن يستاء الناس، لكنهم لم يقولوا إنهم لم يقوموا بإصلاحات، أو يتركوا للقيام بذلك». وأضاف: «لو نفذت هذه الإصلاحات في الجمهورية الإسلامية لما صعد الناس اليوم إلى المنصة ليصرخوا إننا نريد الحرية. في الماضي ضاعت الفرصة وفقدناها».
وتابع: «لو جرى تنفيذ هذه الإصلاحات في الجمهورية الإسلامية، لما نزل الناس اليوم إلى الشارع ليصرخوا إننا نريد الحرية، لقد ضيعنا فرصة الإصلاح في الماضي». وأضاف: «ربما هناك كثيرون لا يعرفون بالضغوط على كاهل الناس... العملة الإيرانية فقدت قيمتها إلى درجة لا يمكن شراء أي شيء بها».
في غضون ذلك قال محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، إن خامنئي تجاهل رسالة من خاتمي طلب فيها لقاء تجمع كبار الإصلاحيين بالمرشد لـ«منع العنف وإصلاح الأمور».
وأكد أبطحي على «إنستغرام»: «لا يوجد مؤشر على اهتمام المؤسسة الحاكمة بالمطالب».
واحتجّت زهرا رهنورد، زوجة الزعيم الإصلاحي ميرحسين موسوي، على قمع المحتجين، وقالت، في بيان نشره موقع «كلمة» الإصلاحي، الخميس: «قلتم وسجنتم التلاميذ والطلاب، لا أطيق آلام المواطنين أكثر من هذا». وقالت أيضاً: «تراق الدماء من بلوشستان وزاهدان حتى كردستان... الدم والرصاص والبنادق والهراوات، تغطي كل الجهات الأربع في إيران». وكتبت في نهاية البيان: «اقتلوني أو استسلموا لإرادة الشعب».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

ترقب إيراني لـ«رسائل السوداني» حول سوريا

السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

ترقب إيراني لـ«رسائل السوداني» حول سوريا

السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)
السوداني مستقبلاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في القصر الحكومي ببغداد سبتمبر الماضي (أ.ب)

رجَّح نائب إيراني بارز أن يحمل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رسائل «خاصة» حول التطورات التي شهدتها سوريا، ذلك خلال زيارته المزمعة إلى طهران نهاية الأسبوع.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، النائب علاء الدين بروجردي إن «زيارة السوداني تحظى بأهمية خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي؛ نظراً للتهديدات الأمنية التي تواجهها بعض دول المنطقة، بما في ذلك العراق».

وأفاد بروجردي في تصريح لوكالة «إيلنا» الإصلاحية بأن «هناك أموراً خاصة قيلت للأصدقاء العراقيين يرغبون في نقلها إلى إيران».

وصرح: «نأمل أن تسهم هذه المناقشات في إحباط مؤامرات الأعداء وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة، وأن نلعب دوراً مؤثراً بالتعاون مع جارنا المهم العراق».

ولفت بروجردي إلى مشاورات بين طهران ودول المنطقة بعد الإطاحة بنظام البعث في سوريا ورئيسه بشار الأسد. وقال: «مع تطورات سوريا، يجب تكثيف تبادل الآراء مع دول المنطقة، خصوصاً الأردن والإمارات، وتحليل التطورات بدقة لمنع تكرار التعديات على أمن المنطقة كما حدث سابقاً»، وأضاف: «لا ينبغي أن تتكرر الإجراءات التي وقعت في سوريا مرة أخرى».

ومع ذلك، أعرب بروجردي عن اعتقاده أن «نقل الرسالة يحظى بمكانة مهمة في هذه الزيارة».

وأفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الخميس، بأن السوداني سيبدأ زيارة إلى طهران الأربعاء، وذلك بعدما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الثلاثاء، إن زيارة السوداني ستكون نهاية الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أن الزيارة تأتي في إطار المشاورات بين البلدين لتعزيز علاقاتهما وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية، حسبما أوردت وكالة «مهر» الحكومية.

وكانت صحيفة «همشهري» التابعة لبلدية طهران، قد أشارت إلى فرضيتين حول زيارة السوداني.

وقالت إن الفرضية الأولى تتعلق بتبادل الرسائل بين الحكام الجدد في دمشق والجمهورية الإسلامية في إيران. وذلك بناءً على زيارة الوفد الأمني العراقي إلى دمشق ولقائه القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، والموقف الجديد للشرع تجاه إيران.

أما الفرضية الثانية، فهي «تتعلق بمحاور زيارة السوداني، وتتعلق بالمشاورات حول الضغوط الغربية على بغداد لحل (الحشد الشعبي)»، وأضافت الصحيفة في هذا السياق: «أفادت بعض المصادر العراقية عن الضغوط السياسية والإعلامية الأميركية والغربية على الحكومة العراقية لحل منظمة الحشد الشعبي؛ هذه الضغوط يُقال إنها واجهت معارضة من المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني ورئيس وزراء العراق أيضاً».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011.

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وأثارت التطورات السورية غضب كبار المسؤولين الإيرانيين. وتوعد المرشد الإيراني علي خامنئي في أحدث خطاباته القواعد الأميركية في سوريا.

وقال إن سوريا «تعيش حالة فوضى، وتتعرض أراضيها للاحتلال من قِبل القوى الأجنبية؛ أميركا من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى، وبعض الدول المتعدّية من جهة ثالثة». وتابع: «يجب على المعتدي أن يخرج من أرض الأمة، وإلا سيتم طرده؛ لذا فإن القواعد العسكرية الأميركية ستُداس تحت أقدام الشباب السوري».

ولم تختلف الصورة التي رسمها خامنئي عن تصريحات المسؤولين الإيرانيين، وتغطية الإعلام الحكومي بشأن وجود فوضى في سوريا، ومخاوف من احتمال حرب داخلية.

وفي 11 ديسمبر (كانون الأول)، عزا خامنئي سقوط الأسد إلى «خطة أميركية - إسرائيلية»، و«دولة جارة لسوريا»، في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وفي 17 ديسمبر، قال خامنئي إنه «من خلال التحرك الذي حدث في سوريا، والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وأميركا (...)، ظنوا أن قضية المقاومة قد انتهت في المنطقة». وصرح: «مخطئون بشدة».

والأسبوع الماضي، قال خامنئي إن إيران ليس لديها «وكلاء» في المنطقة، و«لن تحتاج إلى قوات تعمل بالنيابة إذا ما أرادت اتخاذ إجراء في المنطقة».

وتوقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

وحضّ وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، إيران، على احترام إرادة الشعب السوري وسيادة البلاد وسلامتها، قائلاً في منشور على منصة «إكس»: «نحذّرهم من بث الفوضى في سوريا، ونحمّلهم كذلك تداعيات التصريحات الأخيرة».

وأدلى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، بتصريحات لـ«الشرق الأوسط» انتقد فيها الدور الذي لعبته إيران في سوريا على مدى السنوات الماضية.

وقال الشرع إن سوريا تحولت منبراً لإيران تدير منه 4 عواصم عربية أساسية، و«عاثت حروباً وفساداً في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون».

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: إن «عدم الاستقرار والفوضى في سوريا ليسا في مصلحة إيران أو أي من دول المنطقة»، مؤكداً أن «طهران تدعم تشكيل حكومة شاملة تمثل الجميع».