موسكو مستعدة للحوار وتدعو الأميركيين لـ«إعادة كييف إلى المفاوضات»

قواتها تسيطر على طريق استراتيجي في دونيتسك وتقصف مصنعاً للصواريخ ومنشآت لإنتاج الغاز

مركز لتوزيع المؤن في وسط خيرسون التي استعادتها أوكرانيا من روسيا (أ.ف.ب)
مركز لتوزيع المؤن في وسط خيرسون التي استعادتها أوكرانيا من روسيا (أ.ف.ب)
TT

موسكو مستعدة للحوار وتدعو الأميركيين لـ«إعادة كييف إلى المفاوضات»

مركز لتوزيع المؤن في وسط خيرسون التي استعادتها أوكرانيا من روسيا (أ.ف.ب)
مركز لتوزيع المؤن في وسط خيرسون التي استعادتها أوكرانيا من روسيا (أ.ف.ب)

أعرب الكرملين مجددا الخميس عن استعداده لإجراء جولة جديدة من المفاوضات مع الجانب الأوكراني، واتهم كييف بالتملص من الحوار وتبديل مواقفها. وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف إن «أوكرانيا تقوم بتغيير مواقفها فيما يتعلق بإجراء محادثات سلام بين البلدين». وزاد أنه «لا يتصور الدخول في مفاوضات علنية معها»، داعياً واشنطن لممارسة ضغط على الأوكرانيين لحملهم على العودة إلى طاولة الحوار الدبلوماسي.
وكانت موسكو أعلنت استعدادها لاستئناف المفاوضات مع الجانب الأوكراني، بعد مرور أيام على انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون الاستراتيجية جنوب البلاد. وقال الكرملين إن الجانب الأوكراني تعمد إفشال جولات الحوار السابقة، وإن القرارات التي أصدرها الرئيس فولوديمير زيلينسكي جعلت مهمة استعادة الحوار السياسي مستحيلة.
كان زيلينسكي وقع مرسوما يقضي بوقف الحوار مع موسكو في ظل وجود الرئيس فلاديمير بوتين في السلطة، وأشار إلى استعداد كييف للحوار مع «رئيس جديد لروسيا». ورأت موسكو في الخطوة الأوكرانية تهربا من الحوار، فضلا عن أنها وصفت الشروط التي وضعتها كييف لإطلاق أي مفاوضات وعلى رأسها استعادة السيطرة على «كل أراضي أوكرانيا» بأنها تعجيزية وغير قابلة للتطبيق. وقال بيسكوف الخميس إن الولايات المتحدة «قادرة على أخذ مخاوف روسيا في الاعتبار، ويمكن أن تشجع كييف على العودة إلى طاولة المفاوضات إذا أرادت ذلك». وأضاف أن أوكرانيا «غيرت موقفها فيما يتعلق بالرغبة في التفاوض مع موسكو عدة مرات خلال الصراع المستمر تسعة أشهر تقريباً، ولا يمكن التعويل عليها». وشدد بيسكوف، على أن «روسيا منفتحة على المفاوضات مع أوكرانيا، وسلطات كييف تعرف هذا الموقف بشكل جيد».
وأضاف المسؤول الروسي أن «أي مفاوضات لها أهداف وأهدافنا معروفة جيدا. ويمكن تحقيق هذه الأهداف إما من خلال العملية العسكرية الخاصة أو من خلال المفاوضات. روسيا منفتحة على هذه الطريقة وتلك، وأهدافنا معروفة جيدا. وقد تم لفت انتباه الجانب الأوكراني إليها بالتفصيل خلال المفاوضات التي جرت في مارس (آذار)، الأوكرانيون يعرفونها جيدا. علاوة على ذلك أود أن أذكركم بأنه تم تنسيق نص وثيقة تفاهم وتم الاتفاق عليها من قبل المفاوضين من كلا الوفدين. لذلك موقف روسيا وموقف رئيسها معروف وواضح بشكل شامل». وشدد بيسكوف على أن، الجانب الأوكراني يغير مواقفه تجاه المفاوضات بشكل دوري، فهو مرة ينحو إليها ومرة أخرى يرفضها بشكل قاطع، أو يريدها على شكل جلسات علنية.
وقال: «في الواقع، يقوم الجانب الأوكراني، وكما يقول المثل، بتغيير موقفه سبع مرات في الأسبوع. في البداية يوافقون على التفاوض ثم سرعان ما يرفضونه، ثم يمررون بالفعل قانونا يحظر أي نوع من المفاوضات، ثم يقولون إنهم يريدون مفاوضات، بشرط أن تكون علنية». ووفقا له، «لا ترغب سلطات كييف في الحقيقة، بأي مفاوضات، لذلك سيستمر تنفيذ العملية العسكرية الروسية الخاصة حتى تحقق كل أهدافها». وأوضح الناطق الرئاسي أنه «من الصعب على الإطلاق تصور كيف يمكن إجراء المفاوضات بشكل علني ومكشوف. لا تحدث المفاوضات بهذه الطريقة. كل ذلك يجعل من الواضح ويؤكد أن الجانب الأوكراني لا يريد أي مفاوضات. العملية العسكرية الخاصة مستمرة، ويجب أن تحقق أهدافها». ولدى سؤاله، عن مدى اهتمام الولايات المتحدة ورغبتها في قيام هذه المفاوضات، قال بيسكوف إنه يجب توجيه هذا السؤال للأميركيين.
وتعرضت عدة مدن أوكرانية مجددا لهجمات صاروخية روسية، وذلك وفقا لما أعلنته السلطات الأوكرانية. وقد تم إصدار تحذير جوي في أنحاء البلاد أمس الخميس. وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قصفت مصنعا كبيرا للصواريخ ومنشآت لإنتاج الغاز في ضربات صاروخية جديدة على البنية التحتية المهمة في أوكرانيا أمس الخميس. وسُمع دوي انفجارات في عدة أجزاء من البلاد، بما في ذلك ميناء أوديسا الجنوبي والعاصمة كييف ومدينة دنيبرو في وسط البلاد، وتم حث المدنيين على الاحتماء مع إصدار تحذيرات من الغارات الجوية.
وقال مسؤولون محليون في كييف إن «صاروخَي كروز أُسقطا فوق كييف. يجري توضيح المعلومات بشأن أي ضحايا أو أضرار»، بعدما أفادت السلطات في مدينتي دنيبرو (وسط) وأوديسا المطلة على البحر الأسود بتعرضهما لضربات روسية.
وفي المقابل وأفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان بأن قواتها وجهت «ضربات صاروخية عالية الدقة أسفرت عن تدمير منشآت أوكرانية لإنتاج الوقود ومحركات الصواريخ للجيش الأوكراني». وزاد البيان أنه تم أيضا تدمير ورش العمل في مجمع الأبحاث والإنتاج «إيسكرا»، الذي ينتج المكونات الأوكرانية لإصلاح محطات الرادار التابعة للجيش الأوكراني وراجمات الصواريخ. ووفقا للبيان العسكري فقد «منعت القوات الروسية بنيران استباقية محاولات القوات المسلحة الأوكرانية التقدم في اتجاه نوفوسيلسكويه في لوغانسك».
اعتبر الكرملين أن معاناة المدنيين في أوكرانيا الذين يواجهون انقطاع التيار الكهربائي في منتصف الشتاء بعد القصف الروسي للبنى التحتية للطاقة، هي «نتيجة» لرفض كييف التفاوض مع موسكو. وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف رداً على سؤال بشأن انقطاع التيار الكهربائي الذي يواجهه ملايين الأوكرانيين: «هذا نتيجة عدم رغبة الجانب الأوكراني في حل المشكلة، وبدء مفاوضات، ورفضه السعي إلى البحث عن أرضية مشتركة».
وعلى محور جنوب دونيتسك، أعلنت الوزارة أن الطريق الاستراتيجي الواصل بين قريتي بافلوفكا ونيكولسكي في دونيتسك أصبح تحت السيطرة الكاملة للقوات الروسية. وكانت وزارة الدفاع قد أفادت، قبل يومين، بأن القوات المسلحة الروسية، نجحت بعد مواجهات عنيفة في «تحرير بافلوفكا بالكامل، وأسفرت المعارك الضارية عن تصفية ما يصل إلى 1400 عسكري أوكراني». من جانبه أفاد قائد القوات الخاصة «أحمد» الشيشانية ونائب قائد فيلق الجيش الثاني لقوات لوغانسك أبتي علاء الدينوف، بأن السيطرة على بافلوفكا يفتح نقطة انطلاق لمزيد من التقدم في دونباس.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».