كلوز أب

شيلي دوفال في فيلم «ذا فورست هيلز» (سكوت هانسن)
شيلي دوفال في فيلم «ذا فورست هيلز» (سكوت هانسن)
TT

كلوز أب

شيلي دوفال في فيلم «ذا فورست هيلز» (سكوت هانسن)
شيلي دوفال في فيلم «ذا فورست هيلز» (سكوت هانسن)

ممثلة
بعد 40 سنة على ظهورها في دور الزوجة التي تحمل سكيناً وترتجف دفاعاً عن نفسها وطفلها، في «ذا شاينينغ» تعود الممثلة شيلي دوفال (73 سنة) إلى البطولة وفي فيلم رعب آخر عنوانه «ذا فورست هيلز».
تعرّضت دوفال، شقيقة الممثل روبرت دوفال، خلال تصوير «ذا شاينينغ» (The Shining) لستانلي كوبريك (1980) إلى منوال من قسوة المعاملة من قِبل المخرج كوبريك لكنها أنجزت، في نهاية الأمر، دوراً لا ينسى عكس الخوف المتجلّي عليها عندما تكتشف أن زوجها (جاك نيكولسون) فقد رجاحة عقله، وبعد ذلك عندما طاردها إلى غرفتها بفأس.
بعده لعبت البطولة النسائية في Popeye للمخرج روبرت ألتمن الذي كان اختارها قبل ذلك في عدد من الأدوار المهمّة في أفلامه مثل Nashville وThree Woman (الأول سنة 1974 والثاني 1977).
لكن أدوارها تباعدت بعد 1999 لدرجة النسيان. ظهرت في Boltneck سنة 2000 وبعده Manna from Heaven بعده بسنتين ثم انسحبت تماماً حتى اتصل بها المخرج سكوت غولدبيرغ وأقنعها بالعودة إلى التمثيل.
الفيلم الجديد من نوع الرعب أيضاً وتقع أحداثه في غابة يعيش فيها الرجل - الذئب.

مناسبة
باشر «أميركان فيلم ماركت» الانعقاد في دورة سنوية جديدة (من 1 إلى السادس الحالي) بعد حالة توقف بسبب «كورونا»، مما أدى لانخفاض أعداد المشاركين (بينهم عدد كبير من الموزّعين اللبنانيين الذين اعتادوا حضور هذا اللقاء). أميركان فيلم ماركت ليس مهرجاناً، بل مناسبة تتولى الإشراف على عمليات تسويق الأفلام الجديدة (أميركية وغير أميركية)، وهو الأكبر من نوعه في القارة الأميركية وأحد الثلاثة الكبار إلى جانب سوق الفيلم في مهرجان «كان»، والآخر الذي يعقده مهرجان برلين للغاية نفسها.
معظم شركات الإنتاج والتوزيع التي تحتل الفندق الكامن في ضاحية سانتا مونيكا هي من تلك المؤسسات المستقلة عن الاستوديوهات الكبيرة. هذه الأخيرة ليست بحاجة إلى ترويج أفلامها لأن لديها ذراعاً طويلة في هذا الشأن. لذلك فإن غالبية الشركات التي تلتحق بهذا اللقاء هي صغيرة ومتوسطة الحجم تبغي بيع منتوجاتها. الحضور الأساسي للشركات الكبيرة هو عبر مندوبيها الذين يرمون إلى البحث عن أفلام مستقلة يمكن لها تبنيها وإدخالها برنامجها.
لهذا السبب، إلى جانب تاريخ المناسبة، نجد العديد من المشاريع صغيرة التكاليف متوفرة بحثاً عن ممولين بينها هذا العام مشروعاً جديداً للمخرج ألكسندر باين (صاحب About Schmidt وNebraska) بعنوان The Holdover وآخر لرتشارد لنكلاتر (Before Midniaht‪، ‬ Boyhood) بعنوان Hitman.‬

استعادة
25 سنة مرّت على فيلم «الحياة حلوة» للإيطالي روبرتو بينيني تجعلنا نحن إلى هذا الكوميدي الذي أضاف ولم يقلّد. بعد ذلك الفيلم لعب بطولة تسعة أفلام تقع ما بين 1999 - 2019. شخصية بينيني في أفلامه، كما الحال في «الحياة حلوة» شخصية إنسانية. رجل يحب الحياة ويسعى لنشر الضحكة من حوله داخل وخارج الفيلم أيضاً.
دار «الحياة حلوة» حول يهودي يملك دكاناً في حقبة الحرب العالمية الثانية يسعى للبقاء حياً مع ابنه. يحوّل المخرج - الممثل المادة إلى ابتسامة كبيرة مع قدر من الحزن يعتليها.
هذا ما فعله كذلك عندما تعرّض للحرب العراقية في The Tiger and the Snow حول شاعر إيطالي وجد نفسه محاصراً خلال الغزو الأميركي للعراق.



بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
TT

بشير الديك كتب للسينما البديلة والسائدة معاً

أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»
أحمد زكي وآثار الحكيم في «طائر على الطريق»

بشير الديك، كاتب القصّة والسيناريو لعدد كبير من الأفلام المصرية طوال العقود الأربعين الماضية، الذي توفي في اليوم الأخير من العام الراحل، 2024، كان أحد السينمائيين الخارجين عن قوانين السينما التقليدية في النصف الأول من سنوات مهنته. لكن على الرغم من أنه في النصف الثاني وقّع على أعمال كثيرة من التي يمكن وصفها بالتقليدية، ومن بينها 6 أفلام من بطولة نادية الجندي، فإنه واظب على معالجة نصوصه باحتراف يجمع بين حكايات تحمل مضامين تنتمي إلى نزعة جادة وتنشد ميزانيات كبيرة.

لعل حقيقة أن نادية الجندي كانت تصبو دوماً إلى أدوار تخلّدها وأفلام تحافظ عبرها على مكانتها لعب بشير الديك دوراً في تلبية هذه الرغبات عبر حكايات تشويقية في المقام الأول، وشخصية رئيسية مضخّمة وذلك في أفضل نصوص ممكنة ضمن التوليفة التجارية.

بدأ هذا التعاون على نحوٍ ثلاثي: بشير الديك يكتب، ونادر جلال يُخرِج ونادية الجندي تلعب دور البطولة. هذه الأفلام هي «الإرهاب» (1989)، و«شبكة الموت» (1990)، و«عصر القوّة» (1991)، ومن ثَمّ «مهمّة في تل أبيب» (1992)، و«الشطّار» (1993)، ولاحقاً «امرأة هزّت عرش مصر» (1995).

كمال الشناوي ونادية الجندي في «مهمّة في تل أبيب»

‫اتجاهان‬

بعد بدايات متفاوتة الأهمية من بينها «مع سبق الإصرار» لأشرف فهمي (1979)، و«دعوني أنتقم» لتيسير عبّود (1979)، و«الأبالسة» لعلي عبد الخالق (1980) التحق الديك ببدايات المخرج الراحل محمد خان عبر 6 أفلام هي «الرغبة» (1980)، و«موعد على العشاء» (1981)، و«طائر على الطريق» (1981)، و«نص أرنب» (1983)، و«يوسف وزينب» (1984) و«الحرّيف» (1984) وكلها من أفضل ما حققه خان.

تعامُل الديك مع الموضوعات الجادة التي عرفتها تلك الأفلام سمح له بكتابة واحد من أفضل أعماله وهو «سواق الأتوبيس»، الذي حققه الراحل عاطف الطيب سنة 1982، وكلاهما لاحقاً تعاونا على تحقيق فيلم مهم (أكثر مما كان جيداً) آخر هو «ناجي العلي» (1992). لجانبهما فيلم ثالث هو «ضد الحكومة» (1992) من بطولة أحمد زكي ولبلبة.

في تقييم كتابات بشير الديك تتداخل بعض العناصر التي يمكن إيجاز هذا التقييم عبرها.

من ناحية، حاول دوماً التطرّق صوب قضايا مهمّة تطرح قصصاً ذات جانبٍ وطني مثل «مهمّة في تل أبيب»، الذي دار حول جاسوسة مصرية تعمل لصالح إسرائيل، ومن ثَمّ تندم فتطلب منها الاستخبارات المصرية (ممثلة بكمال الشناوي)، العمل لحساب مصر وتنجح. «ناجي العلي» ينضم إلى هذا النحو من الأعمال.

السيناريست المصري بشير الديك (وزارة الثقافة)

في ناحية أخرى، لم يتأخر عن كتابة ما كان سائداً في الثمانينات والتسعينات من اتجاه صوب الحديث عن مراكز قوى في الشارع المصري والصراع بين الأخيار والأشرار. هذه الموجة لم تعرف بداية ونهاية محدودتين فتاريخها عريق يعود لعقود سابقة، لكنها عرفت في تلك الفترة تدافعاً بين المخرجين للحديث عن تلك المراكز في حارات القاهرة (في مقابل الكثير من صراع الخير والشر على ساحلَي بور سعيد والإسكندرية في أفلام الخمسينات والستينات) في أجواء ليست بعيدة عن الخط الذي وضعه نجيب محفوظ وشخصياته.

مخرجون عديدون حقّقوا هذه الأفلام التي شُكّلت حكاياتها من صراع القوى في الشارع المصري مثل أشرف فهمي («الأقوياء»، 1982)، وأحمد السبعاوي («السلخانة» 1982 و«برج المدابغ» 1983) وكمال صلاح الدين («جدعان باب الشعرية» 1983). لكن من مزايا ما كتبه بشير الديك في هذه الأعمال التي لاقت رواجاً جماهيرياً إنه كتب ما هو أعمق في دلالاته من قصص المعلّم الشرير ضد سكان منطقته وأزلامه الذين يتصدّون للأبرياء إلى أن يخرج من رحم تلك الحارة من يواجههم جميعاً.

بداية من «نصف أرنب» توّجه الديك إلى حكاية تشويقية ذات طابع بوليسي، وفي «سوّاق الأتوبيس» وقف مع ابن المدينة في موضوع حول تفتت المجتمع مادياً. أما في «الحرّيف» فنقل اهتمامه إلى الوسط المهمّش من سكان القاهرة وأحلامهم ومتاعبهم الشخصية.

‫هموم المجتمع‬

ما يجمع بين هذه الأعمال هموم تسلّلت إلى عدد كبير من كتابات بشير الديك السينمائية.

في مقابلة تمّت بين المخرج عاطف الطيب وبيني بعد مشاهدة فيلمه النيّر «سواق الأوتوبيس»، سألت المخرج عن كيف بدأ التفكير في تحقيق «سوّاق الأتوبيس». أجاب: «بدأت الفكرة في جلسة صداقة مع بشير الديك ومحمد خان. وكنا نتحدث بشأن همومنا وطموحنا الخاص لصنع سينما أخرى مختلفة، وكانت الظروف الحياتية نفسها تجمعنا كلنا تقريباً. فقد كنت أشعر في ذلك الوقت بالذنب إزاء فيلمي الأول (يقصد «الغيرة القاتلة»، 1982)، الذي اضطُرِرت فيه إلى الاعتماد على سيناريو مأخوذ عن أصل أدبي (أجنبي) رغم إيماني الدائم بضرورة الكتابة المباشرة للسينما. اقترح محمد خان وبشير الديك فكرة وُضع لها عنوان: (حطمت قيودي)، تدور حول عائلة مهدّدة بالضياع نتيجة فقدان الأب للورشة التي أسسها وبحْثُ الابن، سائق الأتوبيس، عن مخرج من الأزمة بلا جدوى وأعجبتني الفكرة، خصوصاً أنني أميل كثيراً إلى الدراما التي تدور في نطاق عائلة. وبدأنا بالفعل في تطوير الفكرة خلال الكتابة وتبادل الآراء. وكنا كلما نتعمق في الموضوع تتضح لنا أهمية الفكرة التي نريد التعبير عنها. في الكتابة الثانية للسيناريو، وصل الفيلم إلى ما أصبح عليه».

كتب بشير الديك نحو 60 فيلماً ومسلسلاً تلفزيونياً، معظمها جمع هذه الصفات المجتمعية على نحو سائد أو مخفف. هذا ما جعله أحد أبرز كتاب السيناريو في مصر في حقبة كان للسينما البديلة والمستقلة عن السائد دور فاعل في نهضة الفيلم المصري عموماً.

مع الطيّب وخان ورضوان الكاشف ورؤوف توفيق وخيري بشارة ورأفت الميهي وسواهم، ساهم بشير الديك في منح تلك الفترة مكانتها الساطعة التي لا تغيب.