الميليشيات الحوثية تبدد المليارات لتزويج الآلاف من مقاتليها

ملايين اليمنيين تتهددهم المجاعة ويعانون من نقص حاد في الخدمات

حفل زواج جماعي أقامه الحوثيون في صنعاء الاثنين لنحو 5 آلاف عنصر من أتباعهم (أ.ف.ب)
حفل زواج جماعي أقامه الحوثيون في صنعاء الاثنين لنحو 5 آلاف عنصر من أتباعهم (أ.ف.ب)
TT

الميليشيات الحوثية تبدد المليارات لتزويج الآلاف من مقاتليها

حفل زواج جماعي أقامه الحوثيون في صنعاء الاثنين لنحو 5 آلاف عنصر من أتباعهم (أ.ف.ب)
حفل زواج جماعي أقامه الحوثيون في صنعاء الاثنين لنحو 5 آلاف عنصر من أتباعهم (أ.ف.ب)

فيما تؤكد الأمم المتحدة أن 19 مليون يمني سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الأشهر الستة المقبلة، خصصت الميليشيات الحوثية مليارات الريالات لتنظيم ما وصفته بـ«أكبر عرس جماعي»، يضم أكثر من خمسة آلاف من مقاتليها وجرحاها وعناصر جدد يراد استقطابهم للالتحاق بجبهات القتال.
الزواج الحوثي الجماعي الذي أقامته الميليشيات في ميدان السبعين بصنعاء (أكبر ميادين العاصمة) أثار موجة استنكار شعبي واسع لجهة عبث الميليشيات بالأموال التي يتم جبايتها كرهاً تحت مسمى الزكاة، فيما مئات الآلاف من الموظفين بدون رواتب للسنة السادسة على التوالي.
ومع إعلان ما تسمى بـ«هيئة الزكاة»، التي استحدثتها ميليشيات الحوثي، أنها استكملت الاستعدادات الخاصة بالعرس الجماعي الجديد، تساءل الكثير من اليمنيين عن أسباب امتناع الميليشيات عن تسليم رواتب الموظفين المقطوعة منذ ست سنوات ليتمكنوا من الإنفاق على أسرهم وأطفالهم، ما دامت تجمع المليارات وتخصص جزءاً كبيراً منها لصالح ما تسميه المجهود الحربي وحشد المقاتلين.

استغلال الفقر
يقول عماد وهو في العقد الرابع من العمر ويعيش في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، «سيقومون بتزويج أكثر من 9 آلاف، معظمهم من المقاتلين، أو ممن سيلتحقون بالجبهات، وهؤلاء لا يمتلكون مصدر دخل ثابت، فكيف سيواجهون متطلبات تكوين أسرة جديدة وخلال عام سيكون لديهم أطفال، وسيعجزون عن توفير احتياجاتهم».
ويضيف: «إلحاق هؤلاء بالجبهات هو الطريق الوحيد لضمان حصولهم على راتب شهري وحصص غذائية شهرية من المساعدات الإغاثية».
فيما يقدم منصور وهو معلم في مناطق سيطرة الحوثيين صورة مختلفة، ويؤكد أن الهدف هو بهرجة إعلامية للتغطية على الأموال التي يتم العبث بها من عائدات ما تسمى الزكاة، لأن هذه الهيئة لا تخضع لأي سلطة رقابية ولا أنظمة محاسبية، حيث يتم صرف مليارات الريالات لقيادات في الميليشيات تحت مسمى «دعم الجهاد»، لأن المشاركين في العرس الجماعي سيحصلون على مبلغ 600 ألف ريال يمني (حوالي ألف دولار أميركي) وهو مبلغ ضئيل لا يفيد في شيء، ولكنه استغلال لحاجة الفقراء. ويقول إن مقدار المهر حالياً يتجاوز 1500 دولار على الأقل.
ويؤكد أنه بدلاً عن الخطابات والدعاية الإعلامية الزائفة، كان على الحوثيين توجيه هذه المليارات نحو خلق فرص عمل حتى لنصف هذا العدد من الشباب، وسيكونون قادرين على تزويج أنفسهم. ويضيف: «الهدف هو حشد المزيد من المقاتلين، لأن الأعراس الجماعية باتت وسيلة معروفة لتجنيد المقاتلين في كل عام».

يأس وإحباط
هذه الرؤية يتفق معها الموظف الحكومي «فضل»، الذي يشتكي من انقطاع راتبه منذ عام 2016، ويقول إن الحديث عن أن تحصين الشباب يقتصر على تزويجهم كلام عار من الصحة، لأن توفير فرص عمل لهم في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها الملايين من الناس هو أهم عمل لتحصينهم من الانخراط في الجريمة، وجعلهم أسرى اليأس والإحباط، حيث يقدم الكثيرون على الانتحار كخيار وحيد للتخلص من التشرد والعوز.
ومع ضآلة المبالغ التي تصرف للمشاركين مقارنة بما يتم إنفاقه على قيادات الميليشيات، فإنهم مطالبون بإحضار ضمانة تجارية، كما يوضح حسين، حيث إنه كان يبحث لصديقه منذ أسبوعين عن ضمين لدى «هيئة الزكاة» الحوثية حتى توافق على ضمه إلى قوائم من سيحصلون على مساعدة الزواج.
وأوضح أن الضمانة تنص على أن يقوم المستفيد بصرف المبلغ في الزواج لا في مجال آخر، وفي حال لم يقدم إثباتاً بأنه تزوج يلزم الضامن بإعادة المبلغ، بعد أن اكتشفت الميليشيات أن البعض قبضوا المبالغ التي منحت لهم في السنوات الماضية ثم عدلوا عن فكرة الزواج.
ويقول عارف، وهو أحد الموظفين المحليين مع الميليشيات، إنه حسب معرفته لا يتم ضم أي شاب إلى قوائم المستفيدين من مساعدات الزواج إلا من قتل والده أو أخوه في الجبهات أثناء القتال مع الميليشيات، أو أن يكون أحد إخوته لا يزال يقاتل في صفوفهم، وأن الجزء الآخر يشمل أولئك الفقراء من الأرياف الذين قبلوا الالتحاق بالقتال، حيث سيمنحون فرصة لشهر واحد بعد الزواج قبل الدفع بهم إلى الجبهات.
ويأتي هذا العبث الذي تمارسه ميليشيات الحوثي بالأموال متزامناً مع إعلان الأمم المتحدة أن هناك 23.4 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وتوقعاتها بأن يواجه 19 مليون شخص منهم حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في خلال الأشهر الستة المقبلة إلى جانب 2.2 مليون طفل من المحتمل أن يتعرضوا للهزال.
وأكدت المنظمة الدولية أن الهدنة التي توسطت فيها، وانتهت مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) ورفضت الميليشيات حتى الآن تمديدها، سمحت بزيادة كبيرة في واردات الوقود، ما خفف من تضخم أسعاره، فضلاً عن زيادة حرية الحركة وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين. وتوقعت حدوث مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي الحاد في محافظات أبين وحجة ولحج ومأرب.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.