هل تفجر الأحزاب اليهودية المتشددة في إسرائيل المتحالفة مع بنيامين نتنياهو مفاجأة وتتحد مع أحد خصومه؟ قد تكون الإجابة على هذا السؤال مفتاح الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) إذا فشل رئيس الوزراء السابق في تشكيل ائتلاف.
منذ 15 عاماً، يلقي الحزبان الرئيسيان المتشددان «يهدوت هتوراه» لليهود الغربيين (الأشكناز)، وحزب شاس المتدين المتشدد لليهود الشرقيين (سفرديم) بثقلهما وراء حزب الليكود اليميني، بزعامة نتنياهو، لدرجة أنهما يعتبران الآن حليفيه الطبيعيين.
إلا أن الأحزاب الدينية المتشددة، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، غير راضية عن استبعادها عن السلطة وبقائها في صفوف المعارضة بعد انتخابات العام 2021 ، عندما شكّل نفتالي بينيت ائتلافاً حكومياً جمع بين يمينيّين ووسط وحمائم وإسلاميين عرب، جمعتهم رغبتهم الإطاحة بنتنياهو، بعد أكثر من 12 عاماً في السلطة. ويرأس الائتلاف راهناً يائير لبيد.
وتعتبر الأحزاب المتطرفة رئيس الوزراء الحالي لبيد علمانياً جداً. لكن يرى محللون أنه في حال فشلت الكتلة التي سيشكلها نتنياهو في الحصول على غالبية 61 نائباً في الانتخابات، فقد تختار هذه الأحزاب الانضمام إلى ائتلاف بقيادة وزير الدفاع بيني غانتس على رأس تشكيلة من اليمين الوسط.
وقد لعب غانتس بورقة التقارب مع المتدينين في حملته الانتخابية، وسلّط الضوء على مرشحين في قائمته يعتمرون القلنسوة اليهودية أو يرقصون في مقطع مصور على موسيقى اليهود المتشددين «حسيديم».
وقال غانتس، قبل فترة قصيرة: «أنا الوحيد القادر على تشكيل ائتلاف، وسينضم إليّ المتشددون»، مؤكداً رغبته في منع نتنياهو من العودة إلى السلطة في الانتخابات الإسرائيلية الخامسة التي تجرى في غضون 3 سنوات ونصف السنة.
ويوضح غلعاد ملاخ، المتخصص في الجماعات اليهودية المتشددة في معهد الديمقراطية في إسرائيل، أنه «بعد 4 إخفاقات، ثمة احتمال أن تتخلى هذه الأحزاب (المتشددة) عن نتنياهو إذا لم يتمكن الأخير من تشكيل ائتلاف».
ويضيف ملاخ إن «انضمام أحزاب الحريديم إلى الكتلة اليمينية حديث، فقد كانوا منذ فترة طويلة في ائتلافات بقيادة رؤساء وزراء يساريين. وسيقدم غانتس تنازلات كبيرة لاستقطاب المتشددين، وهو ما لا يستطيع لبيد القيام به من دون أن ينفر منه ناخبوه».
احترام التقاليد
على صعيد السكان، يشكل اليهود المتشددون 13 في المائة من السكان راهناً. وهم يتبعون تعليمات حاخاماتهم، ويتوجهون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة، ما يمنح حزبيهم حوالي 15 مقعداً، وهو أمر ضروري لعودة محتملة لبنيامين نتنياهو إلى السلطة بعدما قاد البلاد من 1996 إلى 1999 ومن 2009 إلى 2021.
وقال إسحاق بيندروس، عضو حزب يهدوت هتوراة لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يتوافر سيناريو نكون فيه جزءاً من تحالف مع غانتس». وأضاف: «لا يمكننا أن نكون شركاء مع أحزاب الائتلاف الحالي، لأننا لا نتشارك القيم نفسها. ما يهمنا هو احترام التقاليد ونحن سنذهب مع نتنياهو، لأنه الشخص الذي يضمن بقاء الدولة اليهودية». ويتخذ حزب شاس الموقف نفسه تقريباً.
النائب يوسي الطيب قال للوكالة إن «(شاس) لن يشارك أبداً في حكومة بقيادة غانتس الذي ينتمي إلى اليسار بغض النظر عما يقوله، لكن إذا قبل غانتس الشروط التي حددتها الكتلة اليمينية، فيمكنه الانضمام الى الائتلاف».
من سيدفع أكثر؟
ويعتبر الحريديم أن التحالف الحالي «عرّض للخطر» الوضع الديني القائم، ذاكرين على سبيل المثال خطة وزيرة العمل ميراف ميخائيلي السماح للمواصلات العامة بالعمل أيام السبت، وهو يوم الراحة الأسبوعي لليهود.
كذلك تطالب الأحزاب الدينية المتشددة بالاستفادة من مساعدات الدولة في المجال التربوي. لكن يشترط الائتلاف للموافقة على هذه المنح أن يقوموا بتدريس مواد مثل الرياضيات واللغة الإنكليزية، غير المدرجة في مناهج معظم المدارس المتطرفة.
ويؤكد عضو الكنيست من حزب يهودوت هتوراه، يتسحك بيندروس، أن «العروض المالية من اليسار لن تكون كافية بالنسبة لنا لدعم غانتس أو غيره». وقال بيني غانتس للوكالة الفرنسية: «يقولون إنهم لن (يدعموني)، لكنهم لا يريدون البقاء في المعارضة أيضاً، أفترض أنهم سيعيدون النظر في خياراتهم بعد النتائج. وفي الواقع، أنا أعلم ذلك».
ويرى كثير من الحريديم أن البقاء في المعارضة سيضعفهم ويهدد نمط عيشهم في نهاية المطاف. ويؤكد رب العائلة شموئيل من القدس: «لا يمكننا أن نبقى خارج دائرة القرار، ونحرم أنفسنا من ميزانيات مدارسنا ومؤسساتنا»، مضيفاً: «لذلك إذا اقترح غانتس ميزانية كبيرة وفشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف، سينضم الحزبان المتدينان إلى غانتس (...) وسيذهبان إلى الشخص الذي يقترح أكثر».




