انخفاض الجنيه هل يعزز رهان مصر على «السياحة الشتوية»؟

خبراء يتوقعون أن يغري ارتفاع الدولار المسافرين

وزير السياحة والأثار المصري خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة صندوق دعم السياحة والأثار (الحكومة المصرية)
وزير السياحة والأثار المصري خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة صندوق دعم السياحة والأثار (الحكومة المصرية)
TT

انخفاض الجنيه هل يعزز رهان مصر على «السياحة الشتوية»؟

وزير السياحة والأثار المصري خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة صندوق دعم السياحة والأثار (الحكومة المصرية)
وزير السياحة والأثار المصري خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة صندوق دعم السياحة والأثار (الحكومة المصرية)

توقع خبراء أن يعزز انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية رهان مصر على الموسم السياحي الشتوي، ويساهم في زيادة الإقبال عبر إغراء السائحين باعتبار أن مصر ستصبح «سوقا سياحياً منخفض التكلفة» نتيجة «فرق العملة»، فضلاً عن المساعي المصرية للاستفادة من «أزمة الطاقة» المتوقعة في أوروبا لجذب فئات جديدة من السائحين.
وجاء انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار (الدولار يعادل نحو 23.9 جنيهاً مصريا) ليعزز فرص مصر لتحقيق رواج سياحي خلال الموسم الشتوي الذي بدأ فعليا من أول أكتوبر (تشرين الأول) الجاري ويستمر حتى منتصف مايو (أيار) المقبل، فوفق خبراء السياحة سيؤدي انخفاض الجنيه إلى تصنيف مصر ضمن قائمة «الأسواق السياحية الأرخص» بما يجذب فئات جديدة من السائحين لم يكن لديهم القدرة من قبل على تحمل تكلفة زيارة مصر.
واعتبر الدكتور زين الشبخ الخبير السياحي أن «انخفاض الجنيه سيكون له تأثير واضح على تدفق حركة السياحة إلى مصر ونجاح الموسم الشتوي» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما ينفقه السائح في مصر يكون بالجنيه، باستثناء تكلفة تذكرة الطيران والإقامة بالفندق يدفعها بالدولار، لذلك ستكون تكلفة زيارته أقل كثيرا من قبل نتيجة (فرق العملة) وهو ما سيغري فئات جديدة من السائحين لم يكن لديهم القدرة المادية من قبل على تحمل تكلفة زيارة مصر».
وأوضح زين أن «السياحة نشاط اقتصادي، وسلعة تصديرية عكسية، فكلما انخفضت تكاليف الإقامة والمعيشة في أي بلد، ساهم ذلك في تصنيف البلد كمقصد سياحي منخفض التكلفة، وبالتالي تجذب السائح الذي يقارن الأسعار قبل أن يحدد أين سيقضي عطلته، كما أن تكلفة المعيشة تكون ضمن المفردات التي تستخدمها شركات السياحة للترويج».
وقال أحمد عيسى وزير السياحة والأثار المصري إنه «وفقاً لإحدى دراسات السوق التي أجرتها إحدى الشركات العالمية المتخصصة خلال الفترة الماضية فإن هناك عدداً كبيراً من السائحين المحتملين الذين أثبتت نتائج الدراسة إمكانية اجتذابهم لزيارة المقصد السياحي المصري»، موضحا خلال ترؤسه اجتماع مجلس إدارة صندوق دعم السياحة والآثار (السبت) أن «الدراسة قسمت السائحين المحتملين في العالم والذين يمكن استقطابهم لزيارة مصر إلى عدة شرائح، وعرفتهم بأنهم ممن لديهم معرفة بالمقصد السياحي المصري، وأنهم حال زيارتهم له من المتوقع أن يقوموا بالتوصية بزيارة المقصد السياحي المصري لدى الأقارب والأصدقاء».
وامتدت التطلعات المصرية لإنجاح الموسم السياحي الشتوي من الرهان على انخفاض قيمة الجنيه إلى محاولة الاستفادة من أزمة الطاقة الأوروبية، وذكرت تقارير صحافية بريطانية نقلتها وسائل إعلام مصرية أن شركة «إيزي جيت» البريطانية للسياحة أطلقت حملة إعلانية تدعو البريطانيين إلى الهرب من أزمة الطاقة وتكلفة التدفئة خلال فصل الشتاء عبر قضاء شهر كامل في مصر بتكلفة نحو 650 جنيها إسترلينيا (الجنيه الإسترليني يعادل نحو 27.02 جنيها مصريا) وهي تكلفة وصفها العرض بأنها «أقل من متوسط الفواتير المنزلية التي يدفعها المواطن الإنجليزي خلال شهر».
ووصف أحمد عبد العزيز الخبير السياحي إعلان الشركة الإنجليزية بأنه «رهان آخر يعزز فرص نجاح الموسم السياحي الشتوي في مصر» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أزمة الطاقة ليست في بريطانيا فقط، إنما في معظم دول أوروبا، وهي تشكل فرصة لمصر لأنه بالفعل يمكن أن تكون الرحلة لزيارة المعالم السياحية المصرية أقل تكلفة أو تساوي تكلفة الفواتير اليومية الخاصة بالتدفئة، خاصةً بعد انخفاض سعر الجنيه، لذلك أتوقع أن يشهد الموسم زيادة كبيرة في الأفواج الأوروبية بسبب أزمة الطاقة».
وأعرب عبد العزيز عن تفاؤله بأن يؤدي انخفاض الجنيه إلى جذب المزيد من السائحين لمصر في الموسم الشتوي، موضحا أن «انخفاض الجنيه سيزيد من قيمة عملة السائح، وبالتالي تزيد قوتها الشرائية، حيث يمكن للسائح أن يقضي عطلة أسبوعا في مصر بنفس تكلفة مصاريفه اليومية في حياته الطبيعية ببلده».
لكنه حذر مما وصفه بـ«حرق الأسعار» نتيجة التنافس بين الشركات السياحية المصرية، قائلا «التنافس الداخلي بين شركات السياحة المصرية، ورغبة كل منها في الاستحواذ على أكبر عدد من الأفواج، قد يدفعها إلى تخفيض الأسعار وتقديم عروض تنافسية، وهو أمر مضر لأنه يضرب السوق السياحي المصري، لذلك يجب أن تقوم وزارة السياحة بـ(حوكمة) السوق ومراقبته وفق الأسعار الاسترشادية التي سبق وحددتها».



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.