تحدايات تواجه سكان الأرض مع اقتراب عددهم من 8 مليارات

التكنولوجيا تخفف وطأة أزمات «الغرب الشائخ» مقارنة بالدول الفتية

أحد الشوارع المكتظة بالناس في مدينة دلهي الهندية (غيتي)
أحد الشوارع المكتظة بالناس في مدينة دلهي الهندية (غيتي)
TT

تحدايات تواجه سكان الأرض مع اقتراب عددهم من 8 مليارات

أحد الشوارع المكتظة بالناس في مدينة دلهي الهندية (غيتي)
أحد الشوارع المكتظة بالناس في مدينة دلهي الهندية (غيتي)

لم يستجب المزارع المصري فتحي يونس لحملات التوعية الرسمية التي كانت تنصحه بضبط النسل، وأنجب من الأبناء سبعة، استعان بهم على زراعة أرضه في إحدى قرى محافظة الغربية بدلتا النيل. غير أن يونس نفسه هو من ينصح أبناءه الآن بالاستجابة للنصيحة التي رفضها سابقاً، بعدما «تأثرت مهنتي بالحرب الروسية - الأوكرانية»، وفق ما يقول لـ«الشرق الأوسط».
تسببت الحرب التي تدور رحاها منذ أشهر، في ارتفاع غير مسبوق في مستلزمات الإنتاج الزراعي؛ الأمر الذي أصبحت معه الفلاحة غير مجدية اقتصادياً، فكانت نصيحة يونس لأبنائه بـ«الاكتفاء بالإنجاب مرة أو مرتين على الأكثر، كي يتمكنوا من توفير نفقة هجرة أبنائهم لأوروبا»، وهو التوجه السائد حالياً في قريته، صرد، بمركز قطور في محافظة الغربية.
وتأتي تداعيات الحرب، التي يُخشى من توسعها لتتحول إلى مواجهة «عالمية ثالثة»، بعد جائحة فيروسية (كوفيد - 19) تدخل عامها الثالث، ولا تزال توابعها مستمرة. ويتزامن كل ذلك مع وصول العالم إلى 8 مليارات نسمة بعد أسابيع؛ الأمر الذي من شأنه أن يعيد ما يُعرف بـ«شبح مالتوس» من جديد. و«شبح مالتوس» هو أحد الأوصاف التي أطلقت على نظرية «المالتوسية» للمفكر السياسي والاقتصادي البريطاني توماس روبرت مالتوس عام 1798، والتي تنبا فيها بـ«مجاعة جماعية لن يتم تصحيحها إلا بالحرب والأوبئة»، وبالتالي تقليل عدد السكان إلى حجم يمكن التحكم فيه.
واستطاع العالم طرد هذا الشبح المخيف بجهود يونس ورفاقه من المزارعين حول العالم، حيث استمر المزارعون والصيادون في زيادة الإنتاج أكثر من مواكبة النمو السكاني، و«توسعت أنشطة الزراعة وصيد الأسماك لتشمل المزيد والمزيد من الأراضي والمياه، وبين عام 1960 واليوم، تضاعف عدد سكان العالم، وتضاعف إنتاج الغذاء العالمي أكثر من ثلاثة أضعاف، وزاد استخدام الأراضي الزراعية بنسبة تقل عن 15 في المائة» وفقاً لتقديرات «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» (أويسد).
وتزامن ذلك مع تطورات في مجال الصحة أدت إلى انخفاض في أعداد وفيات الأطفال، لتصل وفق تقرير لـ«منظمة الصحة العالمية» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، إلى طفل واحد من كل 27 طفلاً، بعد أن كانت طفلاً واحداً من كل 11 طفلاً في عام 1990، كما حدث بالمثل انخفاض في أعداد وفيات كبار السن.
ومع توقع وصول عدد سكان العالم إلى 8 مليارات في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وفقاً للتوقعات الصادرة في «اليوم العالمي للسكان»، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يرى، في تعليق نشره الموقع الرسمي للمنظمة في 18 أكتوبر 2022، أن ذلك سيكون وقتاً مناسباً للإعجاب بالتطورات في مجال الصحة التي أدت إلى إطالة العمر وخفض معدلات وفيات الأمهات والأطفال بشكل كبير.

                                                 اطفال يلهون بالمياه الجوفية في أحد ارياف فيتنام (شاترستوك)
لا مجال للذعر
ودعت ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لـ«صندوق الأمم المتحدة للسكان»، العالم إلى عدم الانخراط في «إثارة الذعر السكاني»؛ لأن عدد الأشخاص الذين يعيشون على الأرض يقترب من 8 مليارات. وقالت في تقرير نشره الموقع الرسمي للصندوق في 18 أكتوبر «أدرك أن هذه اللحظة قد لا يحتفل بها الجميع، فالبعض يعبّر عن مخاوفه من عالم به عدد كبير جدا من الأشخاص والموارد غير الكافية للحفاظ على حياتهم، وأنا هنا لأقول بوضوح إن العدد الهائل من الأرواح البشرية ليس سببا للخوف».
وأضافت كانيم، أنه «إذا ركّزت الحكومات على الأرقام وحدها، فإنها تخاطر بفرض ضوابط سكانية أثبت التاريخ أنها غير فعالة، بل وخطيرة».
وكانت المسؤولة الأممية تقصد بعدم الفاعلية، أنه بينما لم يلتزم يونس وأشباهه في دول العالم الثالث بتلك الضوابط، وظلت معدلات الزيادة السكانية آخذة في الارتفاع، تسببت تلك الضوابط على الجانب الآخر في انخفاض الخصوبة بالدول الغربية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن منطقة جنوب أوروبا، على سبيل المثال، يبلغ عمر 22 في المائة من سكانها 65 عاما أو أكثر، بينما منطقة وسط أفريقيا يقل عمر 45 في المائة من سكانها عن 15 عاماً.
هذا التفاوت الذي أشارت إليه كانيم بين عالم ثالث أكثر شباباً، وغرب يشيخ بسرعة، يبدو ظاهرياً مصدر قوة لدول العالم الثالث؛ غير أن «جائحة (كوفيد - 19)، ومن بعدها الحرب الأوكرانية - الروسية، أظهرتا كيف يتحكم الغرب الشائخ في غذاء الدول الفتية»، بطريقة أعادت شبح «مالتوس» من جديد، كما يوضح رضا سكر، مؤسس «بنك الطعام المصري» في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
يقول سكر «إذا كانت التكنولوجيا الزراعية، وإنتاج أصناف جديدة من المحاصيل، بالإضافة إلى الأسمدة التي ساعدت على زيادة الإنتاج، والمبيدات التي حمت المحاصيل من الآفات، ساعدت العالم في السابق على تجاوز شبح مالتوس، فإن هذا الشبح يعود من جديد، والمفارقة أنه سيخيف الدول الفتية؛ لأن الدول الشائخة هي من يملك مقومات المواجهة». ويضيف «شاهدنا في مصر مؤخراً مزارعين يقومون بإعدام صغار الدواجن (الكتاكيت) لعدم قدرتهم على توفير الغذاء لها، لغياب الأعلاف المستوردة من أوكرانيا. كما أن أغلب مستلزمات الإنتاج الزراعي من مبيدات وأسمدة مستوردة هي الأخرى من روسيا وأوكرانيا، هذا فضلاً عن أن الأغذية المهمة من القمح والزيوت مصدرها تلك الدول أيضاً، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وقد تتطور الأزمة لاحقاً إلى اختفاء بعض المواد الغذائية من الأسواق».
وجاءت الأزمة الحالية بعد أزمة جائحة «كوفيد - 19»، وما صاحبها من إغلاق أثّر على النشاط الاقتصادي والزراعي للدول المنتجة للغذاء، وامتد أثره للعالم أجمع. ولكن كما هو الحال في الأزمة الحالية كانت الدول الشائخة هي الأكثر قدرة على التعافي السريع.
ويقول سكر «التكنولوجيا الزراعية ساعدت تلك الدول كثيراً، فحاجتها إلى العمالة الزراعية الشابة محدودة للغاية، مقارنة بدول العالم الثالث التي لا يزال استخدامها للتكنولوجيا الزراعية محدوداً، ويا ليت هذه التكنولوجيا من الإنتاج المحلي، فحتى أبسطها، وهو الجرار الزراعي، مستورد من الخارج».

                                                            اكتظاظ سكاني على أحد شواطئ كينيا (أ.ب)
أرقام صادمة
هذا التفاوت الذي كشف سكر عن خلفياته، يظهر بشكل أكثر تفصيلاً في أرقام منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، والتي أوضحت في تقرير نشر في أكتوبر 2022، أنه «في 52 دولة، لا يستطيع أكثر من نصف السكان تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، وغالبية هؤلاء في أفريقيا، والباقي في جميع أنحاء آسيا وأوقيانوسيا والأميركتين».
وعلى النقيض من ذلك، في أربعة بلدان، هي أذربيجان وآيسلندا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة، يستطيع الجميع تحمل تكاليف نظام غذائي صحي، وتتشابه الصورة مع معظم البلدان الأوروبية والمتقدمة ذات الدخل المرتفع، حيث يستطيع أكثر من 95 في المائة من السكان تحمل تكاليف نظام غذائي صحي.
ويشير التقرير إلى أن آسيا تضم أكبر عدد من الأشخاص غير القادرين على تحمل تكاليف نظام غذائي صحي وعددهم 1.89 مليار شخص، منهم 973 مليون شخص في الهند وحدها، ويوجد مليار شخص آخر في أفريقيا، ونحو 151 مليون شخص في الأميركتين وأوقيانوسيا.
ولفت التقرير إلى أن الحرب الروسية - الأوكرانية أدت إلى تعميق الأزمة، لا سيما في الدول الأفريقية حيث يستورد العديد من دول القارة السمراء أكثر من 50 في المائة من القمح من البلدين المتنازعين، روسيا وأوكرانيا.
وإذا كان الحل الذي يراه سكر، هو ضرورة استفادة الدول الفتية من درسي الجائحة والحرب الروسية - الأوكرانية، بالاستفادة من الأيدي العاملة الشابة نحو مزيد من الإنتاج الزراعي لتحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء لا يقل عن 70 في المائة، فإن التحدي الذي قد يواجه تلك الدول إذا توفرت إرادة سياسية لتحقيق هذا الهدف، هو نقص المياه.
ووفق تقرير أصدره البنك الدولي في أكتوبر الحالي، فإن عدد سكان العالم من المتوقع أن يصل عام 2050 إلى 10 مليارات، وسيتطلب إطعام هؤلاء زيادة بنسبة 50 في المائة في الإنتاج الزراعي، وزيادة بنسبة 15 في المائة في سحب المياه.
ويوضح التقرير، أن موارد المياه نادرة بالفعل في أجزاء كثيرة من العالم. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 40 في المائة من سكان العالم يعيشون في مناطق تعاني من ندرة المياه، وسيعيش ما يقدّر بنحو واحد من كل أربعة أطفال في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه.
ويشير التقرير أيضاً إلى أن تغيّر المناخ سيؤدي إلى تفاقم الوضع عن طريق تغيير الدورات الهيدرولوجية؛ مما يجعل هناك عدم قدرة على التنبؤ بموعد هطول الأمطار، ويزيد من تواتر وشدة الفيضانات والجفاف، ويعرّض ما يقرب من مليار شخص يعيشون في الأحواض الموسمية و500 مليون شخص يعيشون في مناطق الدلتا للخطر بشكل خاص.

Made with Flourish

بصمة كربونية منخفضة
وبينما يعوق تغيّر المناخ تلك الدول الفتية عن زيادة إنتاجها الزراعي، لتسببه في إحداث جفاف، فإن تلك الدول ورغم زيادة عدد سكانها لا تتحمل بشكل كبير مسؤولية هذه المشكلة، حيث إن البصمة الكربونية لمواطنيها محدودة للغاية.
والبصمة الكربونية للشخص هي مدى مساهمته في الغازات الدفيئة، ويشمل ذلك الاستهلاك الخاص المتمثل في الانبعاثات الناتجة من الاستخدام المباشر للوقود والانبعاثات المضمنة في السلع والخدمات، والانبعاثات الناتجة من الإدارة الحكومية أو الطرق العامة.
ورغم أن تقرير توقعات السكان العالمية 2022، الذي تم إصداره في اليوم العالمي للسكان، يشير إلى تركز أكثر من نصف الزيادة المتوقعة في عدد سكان العالم حتى عام 2050 في ثمانية بلدان، هي: جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، وإثيوبيا، والهند، ونيجيريا، وباكستان، والفلبين، وتنزانيا، وتوقعه أن تساهم بلدان أفريقيا جنوب الصحراء بأكثر من نصف الزيادة المتوقعة حتى عام 2050، إلا أنه في المقابل، تشير دراسات إلى أن «البصمة الكربونية لمواطني هذه الدول ضئيلة للغاية، مقارنة بالدول الغنية».
وتشير دراسة نشرتها دورية «نيتشر ساستنبيلتي» في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى أن الشخص العادي الذي يعيش في أفريقيا جنوب الصحراء ينتج 0.6 طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، بينما ينتج المواطن الأميركي العادي 14.5 طن.
والجزء الأساسي في البصمة الكربونية هو استهلاك المواطن للطاقة، وإذا كان المنطق يقول، إن الدول التي بها الكثير من الناس تستهلك طاقة أكثر من البلدان الصغيرة، فإن تقريراً نشره مؤخراً موقع «عالمنا في أرقام» (أسسه الألماني ماكس روز، أستاذ الاقتصاد بجامعة أكسفورد) يشير إلى أن المواطنين في بعض الدول الثرية والمتقدمة يستهلكون ما يصل إلى 100 مرة أكثر من الشخص العادي في الدول الفقيرة ذات الكثافة السكانية.

مليارا منزل
وتترك الزيادة السكانية أيضاً أثرها على الإسكان، حيث تتوقع الأمم المتحدة وصول عدد البشر حول العالم إلى ما يزيد على 11.2 مليار نسمة بحلول عام 2100، وسيؤدي ذلك إلى احتياج العالم إلى سبعة أضعاف الموارد التي يستهلكها سكان دول الاتحاد الأوروبي (قبل خروج بريطانيا) البالغ عددهم 511 مليون نسمة، كما أوضح شون سميث، مدير معهد البناء المستدام بجامعة أدنبرة البريطانية.
وقال سميث في دراسة نشرها على موقع «ذا كونفرسيشن» في 28 فبراير (شباط) 2018، إن ذلك يعني حاجة العالم إلى مليارَي منزل خلال الـ80 عاماً المقبلة.
وفي حين لا تستفيد المجتمعات بالتساوي من استهلاك الطاقة، فإنها لا تستفيد أيضاً بشكل متساوٍ من التطورات في مجال الإسكان، ولا في مجال الصحة.
ووفق إحصائيات نشرتها «منظمة الصحة العالمية» في سبتمبر 2019، تبلغ نسبة وفيات الأمومة في البلدان النامية ما يقارب 239 حالة وفاة لكل 1000 ألف ولادة، مقابل 12 حالة وفاة في البلدان المتقدمة. ووفق تقرير نشره «مشروع بورغن»، وهو منظمة أميركية معنية بمكافحة الفقر، فإنه من بين 121 مليون طفل حالياً خارج المدارس الابتدائية والثانوية في جميع أنحاء العالم، يعيش أكثر من 60 في المائة في البلدان الفقيرة، كما تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تسرّب نحو 42 في المائة من تلاميذها من المدرسة مبكراً، كما أن 33 في المائة من طلاب جنوب وغرب آسيا يتركون الدراسة أيضاً.
وقد يدفع هذا التباين بين غرب شائخ يمتلك أسباب القوة والرفاهية، وجنوب فتي يعاني الفقر، أحفاد يونس وغيره من مزارعي الدول محدودة الدخل، إلى الهجرة للدول الغربية، وهو توجّه نادت به ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، لعلاج شيخوخة المجتمعات الغربية. وقالت في التقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني للصندوق «فيما يتعلق بأزمة الشيخوخة، سيتعين علينا البحث عن حلول تشمل هجرة الأشخاص المستعدين، للمساعدة في رعاية المسنين».


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».