سينما اليوم تفتقر إلى ما كانت عليه في السبعينات

سكورسيزي يهاجم مجدداً ليذكّر بماضٍ أجمل

مارتن سكورسيزي
مارتن سكورسيزي
TT

سينما اليوم تفتقر إلى ما كانت عليه في السبعينات

مارتن سكورسيزي
مارتن سكورسيزي

استغل المخرج مارتن سكورسيزي وقوفه على منصّة مهرجان نيويورك الأخير ليصوّب رصاصاته على هوليوود الحالية. قال إنها تُكرس وضعاً صعباً، عبر تجاهل كل مقوّمات العمل السينمائي باستثناء اللهاث وراء أرقام «شباك التذاكر». وأضاف: «منذ الثمانينات ركّزت هوليوود على الأرقام. إنه أمر يدعو للاشمئزار». من ثَم تابع: «كسينمائي وشخص لا يتصور الحياة بلا سينما، وجدت دائماً أن هذا الهوس مهين».
طبعاً هذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها المخرج هوليوود، بل سبق له أن وجه إلى إكثارها وتفضيلها لأفلام الـ«سوبرهيرو» نقداً لاذعاً، مقارناً هذه الأفلام بحدائق ومتنزهات الترفيه (Theme Parks).
ما يقوله صحيح وما تفعله هوليوود يبرره. آخر ما تفتقت عنه هوليوود من أفعال إطلاق الأفلام السينمائية تزامناً مع إطلاقها على المنصات الإلكترونية. ليس بعد أسبوع أو أسبوعين أو شهر، بل في اليوم نفسه. وهذا ما حدث أخيراً، مع فيلم «هالووين ينتهي»، الذي سجل 41 مليون دولار محتلاً القمة، علماً بأنه في نفس يوم افتتاحه بُث على الإنترنت. مما يعني أنه لو أتيح لصالات السينما الانفراد بعرضه، لسجل الفيلم ضعف ذلك المبلغ أو قريباً منه.

روبرت ردفورد في «المرشّح»

- انتصار صلب
الحال لم تكن على هذا النحو قبل 50 سنة (ولا قبلها أو بعدها حتى نهاية السبعينات). كصناعة تقوم على التجارة لا بد لكل شركة إنتاج أن تحلم باسترداد التكلفة على الأقل، ناهيك عن تسجيل أرباح قصوى. لكن هوليوود‪، ‬ قبل 50 سنة، كنموذج، كانت لا تزال تؤمن بأن هناك جماهير عدّة وليس جمهوراً واحداً هو الجمهور الذي يفضل الأفلام المحض تجارية. كانت لا تزال تطلق أفلاماً من كل نوع وليس فقط من نوعين أو ثلاثة، على أساس أنها هي وحدها التي تستحق الإنتاج كما هو حاصل اليوم.‬
نظرة فاحصة لما كانت عليه السينما سنة 1972 تفصح عن الكثير.
1972 هو العام الذي حقق فيه المخرج فرنسيس فورد كوبولا تحفته الأولى «العرّاب». ولم يكن تحقيق هذا الفيلم الذي فاجأ نجاحه التجاري والنقدي هوليوود سهلاً. كوبولا، الذي لم يكن بعد كوّن اسماً دامغاً، حارب اتجاهات الشركة المنتجة (باراماونت) في دفع الفيلم صوب معالجات تقليدية. أصر على معالجته الخاصة لرواية ماريو بوزو وعلى جلب أي ممثل أراده (كل من مارلون براندو وآل باتشينو كانا موضع رفض لدى الشركة في بادئ الأمر).
انتصار كوبولا الصلب، ساهم كثيراً في تسهيل عملية إنتاجه الجزء الثاني سنة 1974 وتأكيد دور المخرج في الفيلم كأعلى من مجرد منفّذ. لكن لم تشهد كل الأفلام المبهرة في ذلك العام هذا التحدي الكبير. بعضها تم تحقيقه من دون تلاحم وفرض شروط. لذلك شهدت السينما الأميركية أعمالاً رائعة أخرى غير فيلم «العرّاب» تميّزت بالتنوع حين كان التنويع لا يزال ضرورياً.
الآيرلندي جون بورمن أنجز «خلاص» (Deliverance)، عن تلك الرحلة فوق نهر بعيد تشهد مواجهة بين أبناء المدينة ومجاهل عالم لا يزال يعيش في كنف الأمس. لاحقاً، حقق في الولايات المتحدة أعمالاً لافتة أخرى بينها «Point Blank» بوليسي صارم من بطولة لي مارفن.
المخرج بوب فوسي أنجز فيلمه المستمد من سيرة حياته وهو «كباريه»، أحد أفضل أعماله. حفل الفيلم بألوان تعبير فنية مختلفة فهو مسرح، وموسيقى، وتمثيل، ورقص، وسرد حياة خاصّة في قالب واحد.
المخرج الرائع ألفرد هيتشكوك عاد في 1972 إلى تألقه عبر فيلم بعنوان «هيجان» (Frenzy)، والمخرج الذي لا يقل قيمة جون هيوستن حقق «مدينة سمينة» (Fat City). بينما انصرف هيتشكوك لاستعادة قدراته الفنية في كيفية تحويل قصّة جريمة إلى فيلم يثير الذعر بنجاح، منح هيوستن فيلمه صبغة إنسانية ومعالجة اجتماعية باتت نادرة المثال اليوم. قصّة ملاكم سابق (ستايسي كيتش) يحاول العودة إلى الحلبة عن طريق تبني ملاكم شاب يأمل به نجاحاً (جف بريدجز). على عكس أفلام رياضية كثيرة، هذا الفيلم ليس عن الملاكمة بل عن الطموح ثم الإحباط مروراً بمتاعب اجتماعية وعاطفية وأزمات.

من فيلم «خلاص» لجون بورمن

- ردفورد في ثلاثة
شهدت السنة نفسها، ثلاثة أفلام لعب روبرت ردفورد بطولتها. ليس من بينها ما يمكن إنتاجه اليوم بنجاح إلا مع تغيير قواعدها والإتيان بمشاهد خيالية جانحة ومواقف غير منطقية. الفيلم الأول هو «المرشّح»، الذي أخرجه المنسي مايكل ريتشي وفيه لعب ردفورد دور سياسي يعلن ترشيحه كسيناتور عن ولاية كاليفورنيا مدركاً احتمالات إخفاقه بسبب نظام سياسي يطاله الفساد. فيلمه الثاني في العام نفسه كان «الجوهرة الساخنة» (The Hot Rock) لبيتر ياتس، الذي تحوّل فيه إلى رئيس عصابة وسيم وذكي يقرر سرقة جوهرة من داخل خزانة المصرف. الفيلم الثالث كان «ويسترن»، عنوانه «جيروميا جونسون» لسيدني بولاك عن مكتشف براري يحاول أن يجد لنفسه موقعاً في بيئة خطرة.
الـ«ويسترن» بالمناسبة كان انتقل من مجرد حكايات رعاة بقر وهنود حمر إلى مرثيات عاطفية أشبه بغناء البلوز. كان منها في ذلك العام ثلاثة أفلام برزت أكثر من سواها هي «جونيور بونر» لسام بكنباه، حول ذلك الرجل الذي يحن لعصر مضى (قام به ستيف ماكوين) و«أصحاب سوء» (Bad Company) لروبرت بنتون، ودار حول مجموعة من الشباب لم تترك لهم مصاعب الحياة سوى اقتراف الجريمة و«غارة ألزانا» لروبرت ألديتش: بيرت لانكاستر وحامية عسكرية تدافع عن نفسها ضد المواطنين الأميركيين. النهاية البائسة لكل فيلم من هذه الأفلام، كما المعالجة الواقعية، لم تمنع تحولها إلى أيقونات سينمائية محفورة في صلب التاريخ.
بكنباه، مخرج «جونيور بونر» كان لديه فيلم آخر في عام 1972 هو «الفرار» (the Getaway)، أيضاً مع الممثل ستيف ماكوين: دراما بوليسية يواجه فيها ماكوين عصابة تريد السطو على ما سطا عليه من غنيمة. نصف هذه الأفلام التي ذكرتها سجّلت إقبالاً جماهيرياً ناجحاً وانتهت على قائمة أنجح أفلام السنة.
«العرّاب» تربع على القمة بنحو 83 مليون دولار حين كان سعر التذكرة لا يزيد عن 3 دولارات في المساء وأقل من ذلك في ساعات النهار. «خلاص» جاء في المرتبة الرابعة، وفي الخامسة «جيرميا جونسون»، وفي السادسة «كباريه» وفي الثامنة «الفرار».
مع تعديل قيمة الدولار لسعر اليوم أنجز كل من هذه الأفلام ما يزيد عن 100 مليون دولار من دون تنازل عن مساره فنياً أو موضوعاً.
- تدجين جيل
خارج الولايات المتحدة شهدت السينمات العالمية مزيداً من نجاحات فنية كانت بدأت منذ منتصف الستينات. في ذلك العام حقق الروسي أندريه تاركوفسكي فيلمه «سولاريس»، الذي واكبته تقديرات النقاد الغربيين مانحة إياه خمس نجوم كشأن فيلم إنغمار برغمن في العام نفسه «صرخات وهمسات».
الألماني فرنر هرتزوغ قدّم رائعة ملحمية تحت عنوان «أغوير، غضب الله» (Aguirre‪، ‬ The Wrath of God) وزميله رينر فرنر فاسبيندر، أودع جمهوره واحداً من أفضل أعماله «الدموع المرّة لترا فون كانت» (The Bitter Tears of Petra von Kant).‬
الإيطالي فرانكو زيفيرللي حقق واحداً من أفلامه البديعة هو «الأخ شمس، الأخت قمر»، والأميركي جوزف لوزي، الذي نفذ بجلده من المكارثية في الخمسينات وحل في بريطانيا، حقق فيلماً من إنتاج مشترك ما بين فرنسا وإيطاليا وبريطانيا هو «اغتيال تروتسكي».
ترشيحات أوسكار سنة 1972 لأفلام 1971 كان بدوره مزيجاً من أفلام لم نعد نرى مثيلاً لها في ركاب اليوم: «كلوكوورك أورانج» لستانلي كوبريك، «نيكولاس وألكسندرا» لفرانكلين شافنر، و«آخر عرض سينمائي» (The Last Picture Show) لبيتر بوغدانوفيتش، وفيلم المطاردة «ذا فرنش كونكشن» لويليام فرايدكن، ثم «فدلر أون ذا روف» لنورمان جويسون.
لا يجب أن ننسى أن العديد ممن ذكرنا أسماءهم من المخرجين (بل معظمهم)، رحل عن دنيانا، وبذلك لم نعد قادرين على مشاهدة جديد لهم، لكن هذا ليس السبب الذي يمنع سينما اليوم من تكوين خاماتها الفنية. ذلك لأنه يوجد اليوم مخرجون جيدون لكن معظمهم محاطون بحقيقة أن الجمهور دُجّن فعلياً منذ منتصف الثمانينات بحيث بات - في معظمه - يتبع النمط الواحد أو النمطين المتوفّرين. معظم هؤلاء من جمهور حديث لم يتسنَ له الشرب من مياه السينما الصافية حينها، وكل ما يعرفه عن الفن السابع اليوم هو قدرة الـ«سوبر هيرو» على تحقيق العدالة بالقوة الفردية، أو بخطط وحوش الدينوصورات والغوريلات الضخمة للفتك بالعالم من دون سبب وجيه سوى تحقيق «حفنة أخرى من الدولارات».


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.