ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يؤسس لمرحلة سياسية جديدة

وصفه معلقون بـ«اتفاق سلام خفي» بين البلدين برعاية أميركية

TT

ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل يؤسس لمرحلة سياسية جديدة

(تحليل إخباري)
تخطّى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أبعاده الاقتصادية والأمنية، ليرسم ملامح مرحلة سياسية جديدة لها تأثيرها على الوضع الداخلي في لبنان وعلاقات لبنان مع الخارج، ويذهب البعض إلى وصفه بـ«اتفاق سلام خفي» بين لبنان والدولة العبرية برعاية أميركية، خصوصاً أنه يؤسس لاستقرار طويل الأمد بين الطرفين، وهذا الاستقرار يضمن حقوق لبنان وإسرائيل على حدّ سواء.
ويعكس الاتفاق ارتياحاً في الداخل اللبناني، خصوصاً أنه يضع البلاد أمام واقع سياسي واقتصادي جديد، ويخرج لبنان من دوامة التوترات الداخلية والصراعات مع الخارج. ويعتبر وزير خارجية لبنان الأسبق فارس بويز أن اتفاق الترسيم «سيجعل من لبنان بلداً قويّاً وشريكاً لأوروبا والغرب وذا قيمة استراتيجية». ويلفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الشعب اللبناني «يتطلّع إلى اتفاق سليم وثابت وعادل، لا يكون عرضة للتلاعب لا من لبنان ولا من إسرائيل، وإلى توقيع عقود شفافة مع الشركات الدولية». ويشدد بويز على «أهمية أن يشكّل مدخلاً لتحسين علاقة لبنان مع الدول العربية خصوصاً أن لبنان صاحب مصلحة بأفضل العلاقات مع الدول الشقيقة، لأسباب طبيعية كونه بلداً عربياً، ولأسباب سياسية واقتصادية»، مذكراً في الوقت نفسه بأن «النفط والغاز يحتاجان إلى استثمارات عربية وغربية، وهذه الاستثمارات لن تأتي إلا إذا كان لبنان على أفضل حال مع هذه الدول». ويرى أن «الترجمة الحقيقة لهذا التطوّر، لا تكون إلا بعقود قانونية وشفّافة مع شركات دولية كبيرة وذات مصداقية».
وتجمع القيادات السياسية على وحدة الموقف اللبناني في ملف ترسيم الحدود البحرية، لتثبيت حق اللبنانيين في ثرواتهم الطبيعية، ورفع منسوب التفاؤل بقرب انتقال البلاد إلى مرحلة جديدة، سيتلمّس الناس نتائجها في الأشهر المقبلة، غير أن التفاؤل الرسمي يقابله حذر لدى البعض، وترقّب لكيفية استثمار هذا الاتفاق وترجمته، خصوصاً من جانب «حزب الله». من هنا يدعو رئيس لقاء «سيّدة الجبل» النائب السابق فارس سعيد، إلى «التعامل مع الاتفاق على قاعدة أما وقد حصل، كيف يمكن إدارة الشأن الداخلي في لبنان». ويشير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «حزب الله يحاول القول إن بقاء سلاحه يضمن تنفيذ هذا الاتفاق، في حين أن الدستور اللبناني وقرارات الشرعية الدولية لا سيما القرار 1701 هي من يضمن بقاءه». ويضيف: «إذا سلّمنا بأن سلاح الحزب يضمن الاتفاق، فهذا يعني أننا سلّمنا له بأن يحكم لبنان».
ولا يزال الشك يدور حول مدى التزام «حزب الله» بالضمانات التي تبدّد المخاوف الأمنية في مرحلة التنقيب واستخراج الغاز في حقلي «كاريش» و«قانا»، ويرجّح وزير الخارجية الأسبق فارس بوزير أن «حزب الله يتخذ موقفاً منفتحاً من اتفاق الترسيم، لسبب بسيط وهو أن الحزب يدرك تماماً أن الأزمة الاقتصادية لن تحلّ إلا باستفادة لبنان من ثرواته، ويدرك أيضاً أن عدم القبول بهذا الاتفاق أو الانقلاب عليه، سينعكس سلباً عليه وعلى بيئته، وعندها سيتحمّل مسؤولية الأزمات التي يتخبّط فيها لبنان»،
ويؤكد بويز أن الحزب «بات شريكاً مع الدولة في هذا التطوّر، ولا يريد إحراجها أكثر، ولن يفتعل مشكلة جديدة لها»، لكنه تخوّف من «انقلاب الجانب الإسرائيلي على الاتفاق ونسفه، خصوصاً أن (زعيم حزب الليكود) بنيامين نتنياهو هدد بنسف الاتفاق إذا فاز في انتخابات الكنيست وترأس الحكومة المقبلة».
ولا يمكن إخراج عملية الترسيم من إطارها السياسي، مع ما ترتبه من تطورات تتعلّق بمستقبل علاقات لبنان بالدولة العبرية، وهنا يضع النائب السابق فارس سعيد، ما حصل «في سياق اتفاق السلام مع إسرائيل، حتى لو ادعى (حزب الله) أن الاتفاق لم يوقّع معها مباشرة». ويقول: «عندما يوقّع لبنان مع الأمم المتحدة على ضمان استثماري لصالح إسرائيل في حقل (كاريش)، وضمان استثماري للبنان في حقل (قانا)، فهذا يعني اتفاق سلام طويل الأمد، خصوصاً أن أي شركة في العالم لن تأتي للعمل في هذه المنطقة (البحرية)، ما لم تكن لديها ضمانات سلام واستقرار، وهذا يشكل ضماناً واضحاً لمصالح إسرائيل في البحر».
ويشدد سعيد على أن «ضمانة الولايات المتحدة وضمانة إيران للاتفاق باتت واضحة، بدليل اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن بالرئيس ميشال عون، والتوجه اللبناني للتصويت في الأمم المتحدة ضدّ روسيا بسبب ضمها مناطق أوكرانية». وينبّه إلى أن الاتفاق «يقع بين ضمانة الشرعية العربية التي تضمن الأرض والمياه مقابل السلام، وبين الواقع الذي يقول بتسليم لبنان إلى إيران مقابل السلام مع الدولة العبرية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
TT

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش للصحافيين، الخميس، إن «الأمين العام قلق بشكل خاص بشأن مئات الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل على مواقع عدّة في سوريا»، مؤكداً على «الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات في أنحاء البلاد».

وأكد دوجاريك سابقاً أن المنظمة الدولية تعارض أي انتهاك لسلامة أراضي سوريا، وأنها تعارض الهجمات الإسرائيلية. وقال عن الوضع بعد إطاحة المعارضة ببشار الأسد: «أعتقد أن هذه نقطة تحول بالنسبة لسوريا، يجب ألا يستغلها جيرانها للتعدي على أراضيها».

وقال غوتيريش، الأربعاء، إن هناك بارقة أمل في سوريا بعد أن أطاحت جماعات المعارضة الأسد. وأضاف: «نشهد إعادة تشكيل للشرق الأوسط... ونرى بادرة أمل بعد نهاية الدكتاتورية في سوريا».

وأوضح أن الأمم المتحدة ملتزمة تماماً بالانتقال السلس للسلطة في سوريا. وقال: «من واجبنا أن نفعل كل شيء لدعم القادة السوريين الجدد للتأكد من قدرتهم على التعاون وتحقيق انتقال سلس (للسلطة)».