بوتين يواجه الضغوط الغربية بتحويل مسار إمدادات الطاقة

تحدث عن «مصادر بديلة»... والاستخبارات الروسية تكشف تفاصيل هجوم جسر القرم وكييف تشكك في صحة معطياتها

صورة أرشيفية لبوتين مع حليفه لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا (أ.ب)
صورة أرشيفية لبوتين مع حليفه لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا (أ.ب)
TT

بوتين يواجه الضغوط الغربية بتحويل مسار إمدادات الطاقة

صورة أرشيفية لبوتين مع حليفه لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا (أ.ب)
صورة أرشيفية لبوتين مع حليفه لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا (أ.ب)

كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته، الأربعاء، في أعمال منتدى «أسبوع الطاقة الروسي» جانباً من الخطوات التي يمكن أن تلجأ إليها روسيا في مواجهة التضييقيات الغربية المتصاعدة على صادرات مصادر الطاقة الروسية. ومع شن هجوم قوي على الولايات المتحدة وسياساتها في مجال الطاقة، سعى بوتين إلى إظهار استعداده لإبداء مرونة في التعامل مع المستهلكين الأوروبيين الذين رأى أنهم يدفعون ثمن سياسات واشنطن. وتحدث في الوقت ذاته عن البدائل الروسية المحتملة خلال الفترة المقبلة.
وقال بوتين إن روسيا يمكن أن تنقل حجم الإمدادات التي تم تقليصها بقوة عبر خط أنابيب «نورد ستريم» إلى منطقة البحر الأسود، من خلال إنشاء «مركز لتصدير الغاز» في تركيا لتسهيل الإمدادات إلى أوروبا؛ لكنه رأى أن ذلك سيكون ممكناً «إذا كان شركاء روسيا مهتمين بذلك».
وكانت صادرات روسيا من الغاز الطبيعي عبر خط «نورد ستريم» الذي يمر عبر بحر البلطيق تقلصت بقوة، على خلفية المواجهة الروسية الغربية والحوادث المتكررة التي عرقلت استقرار الإمدادات. وقال بوتين إنه «يمكننا الانتقال إلى منطقة البحر الأسود، وبالتالي جعل الطرق الرئيسية لتوريد مصادر الطاقة من الغاز الطبيعي إلى أوروبا تمر عبر تركيا»، مشيراً إلى أن هذا يعني «إنشاء أكبر مركز للغاز المصدَّر إلى أوروبا على الأراضي التركية».
وتحدث بوتين في الإطار ذاته عن ميل بلاده لتنشيط استخدام مصادر الطاقة البديلة. ووفقاً له، فإن مثل هذا الحل له جدوى اقتصادية ومستوى الأمن فيه «أعلى بكثير».
وقال الرئيس إنه «يجب التعامل مع مصادر الطاقة البديلة وفقاً لحجم الاستهلاك والنمو الاقتصادي، من دون التأثر بأسباب سياسية».
وكان خطَّا أنابيب تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا «نورد ستريم» و«نورد ستريم 2» تعرضا لعمليات تخريب قبل أسبوعين، ما أسفر عن تقليص جديد للصادرات. وذكرت شركة «نورد ستريم» المشغلة للخطين، أن حالة الطوارئ على خطوط أنابيب الغاز غير مسبوقة، ومن المستحيل تقدير وقت الإصلاح. بينما فتح مكتب المدعي العام لروسيا الاتحادية قضية تتعلق بـ«عمل إرهابي دولي» على خلفية الحادثة. وأعربت روسيا عن استياء كبير بسبب استبعادها من جانب البلدان الأوروبية من المشاركة في عمليات التحقيق الجارية. وتطرق بوتين لهذا الموضوع في كلمته، واتهم «النظام في كييف» باستخدام الإرهاب وسيلة لتنفيذ أهدافه. وزاد أن الاستخبارات الأوكرانية حاولت أيضاً تقويض خط أنابيب «السيل التركي». واستغل بوتين المناسبة لتعزيز هجومه على واشنطن، وقال إن سعر الغاز الأميركي المقدم إلى أوروبا «أعلى بكثير، كما أنه غير موثوق به لجهة استقرار الإمدادات». وقال إن أحد الأمثلة على ذلك هو قيام إحدى حاملات الغاز الأميركي بـ«تحويل وجهتها في منتصف الطريق لحصولها على صفقة أفضل».
وفي إشارة إلى استعداده لإبداء مرونة مع المستهلكين الأوروبيين، قال بوتين إن «(السيل الشمالي) هو مشروع اقتصادي تشارك فيه الشركات الروسية والأوروبية على قدم المساواة». وزاد أن أسعار مصادر الطاقة الروسية أرخص ثمناً، وهي أكثر استقراراً. مضيفاً أنه كان من الممكن تجنب ارتفاع الأسعار في أوروبا بعدم اللجوء إلى ربط أسعار الغاز بالنفط، والاعتماد على العقود طويلة الأمد. وقال بوتين إن روسيا «مستعدة لمواصلة ضخ الغاز إلى أوروبا عبر (السيل الشمالي-2). كل ما يتعين فعله هو فتح الصنبور».
وتطرق الرئيس الروسي إلى قرار تكتل «أوبك بلاس» أخيراً بخفض إنتاج النفط، وقال إنه يهدف لضمان استقرار الأسواق العالمية، وليس هو السبب في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أنهم «مرة أخرى يحاولون تعليق أخطائهم على شماعة الآخرين».
اللافت أن حديث بوتين عن هذا الملف تزامن مع الإعلان عن إغلاق أحد خطَّي أنابيب «دروغبا» النفطيين اللذين يربطان روسيا بألمانيا بعد اكتشاف تسرُّب في بولندا، حسبما أعلنت، الأربعاء، شركة «بيرن» البولندية المشغّلة. وقالت الشركة في بيان إنّ «أسباب الحادث غير معروفة في الوقت الحالي. توقّف الضخّ في الخط المتضرّر على الفور. الخط 2 يعمل بشكل طبيعي»، موضحة أنّ التسرّب اكتُشف مساء الثلاثاء. و«دروغبا» هو خط أنابيب النفط الرئيسي الذي ينقل النفط الروسي إلى ألمانيا.
وأوضحت المتحدثة باسم «بيرن» كاتارزينا كراسنسكا أنّ «هذا الجزء من خط أنابيب النفط الرئيسي ينقل النفط الخام إلى مصفاتين ألمانيّتين هما (بي تسي كا رافينري شفيدت) و(توتال رافينري ميتلدويتشلاند) في شبيرغاو».
وبدأ العمل بخط الأنابيب «دروغبا» الذي يعني اسمه «صداقة»، في بداية التسعينات، ويمتد اليوم على شبكة طولها 5500 كيلومتر، وينقل النفط من جبال الأورال إلى مصافي التكرير في بولندا وألمانيا.
وينقل فرع آخر من خط «دروغبا» النفط الروسي إلى المجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك.
على صعيد آخر، استبعد الكرملين، الأربعاء، عقد لقاء يجمع بوتين مع نظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة العشرين. وقال الناطق الرئاسي دميتري بيسكوف إنه «لا توجد أي مبادرات لعقد اجتماعات قمة بين روسيا والولايات المتحدة». وزاد: «على حد علمي، لم يتخذ الجانبان الروسي والأميركي أي مبادرات لتنظيم اتصالات ثنائية على أعلى مستوى». وكان بايدن قد قال إنه في الوقت الراهن لا يرى أي جدوى من إجراء محادثات مع نظيره الروسي.
في غضون ذلك، أعلنت الاستخبارات الروسية، الأربعاء، أنها اعتقلت 8 مشتبهين، بينهم 5 روس، للاشتباه في مشاركتهم في تجهيز الهجوم التفجيري الذي ضرب جسر القرم السبت. وأفاد بيان أمني بأن «الهجوم الإرهابي» من تنظيم الاستخبارات العسكرية الأوكرانية. وزاد أنه «تم إثبات أن منظمي الهجوم الإرهابي على جسر القرم هم مديرية الاستخبارات المركزية في وزارة الدفاع الأوكرانية، ورئيسها كيريل بودانوف، وموظفون وعملاء لها». وقالت أجهزة الأمن إنه تم اعتقال 5 مواطنين روس و«3 مواطنين أوكرانيين ومواطن أرمني». وأضافت: «تمّ إخفاء العبوة الناسفة في 22 قطعة من اللفائف البلاستيكية، بوزن إجمالي يصل إلى 22.77 كيلوغرام».
ووفقاً للمعطيات التي استندت إلى التحقيق الروسي، فقد «تمّ إرسال المتفجّرات أوائل أغسطس (آب) في زورق انطلق من ميناء أوديسا في أوكرانيا إلى ميناء روسيه في بلغاريا. ثم نُقلت إلى ميناء بوتي في جورجيا، ليتمّ شحنها إلى أرمينيا قبل وصولها برّاً إلى روسيا».
وكشفت أجهزة الأمن أنّ العبوة الناسفة دخلت روسيا في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) في شاحنة مسجّلة في جورجيا، قبل أن تصل في السادس من أكتوبر، أي قبل يومين من الانفجار، إلى كراسنودار الروسية المتاخمة لشبه جزيرة القرم. وأكدت أنّ «عميلاً من كييف نسّق نقل المتفجّرات، وكان على اتصال بجميع الوسطاء». وأدى انفجار قوي السبت إلى إلحاق أضرار جسيمة بجسر القرم الذي يصل شبه الجزيرة الأوكرانية التي ضمّتها موسكو ببقية الأراضي الروسية. ومع ذلك، استؤنفت حركة السكك الحديدية وحركة السيارات والشاحنات بشكل جزئي على هذه الطريق الحيوية للجيش الروسي.
في بيانين آخرين، أعلنت أجهزة الأمن الروسية أنها أحبطت محاولتي هجوم في روسيا، نسبتهما للاستخبارات الأوكرانية.
وأكدت الأجهزة الروسية أنها أوقفت مواطناً أوكرانياً متهماً بإدخال قاذفات صواريخ «إيلغا» المحمولة، وهي أسلحة من تصميم سوفياتي، إلى روسيا من كييف عبر إستونيا. وكان من المقرّر استخدام هذه الآلات لتنفيذ «أعمال تخريبية وإرهابية» في منطقة موسكو، حسب جهاز الأمن الفيدرالي. كذلك أعلنت أجهزة الأمن الروسية أنها أوقفت أوكرانياً آخر قدم إلى روسيا من كييف عبر الحدود الإستونية. وأشارت إلى أنه كان يريد شنّ هجوم بالقنابل على مركز لوجيستي في بريانسك، وهي مدينة روسية لا تبعد كثيراً عن الحدود الأوكرانية.
وشككت كييف في صحة المعطيات الروسية، ووصف مسؤول أوكراني بارز، الأربعاء، نتائج التحقيق الروسي في الانفجار بأنه «هراء». ونقلت هيئة الإذاعة العامة الأوكرانية عن المتحدث باسم وزير الداخلية، آندريه يوسوف، قوله رداً على سؤال بشأن اتهامات موسكو: «ما يقوم به جهاز الأمن الاتحادي ولجنة التحقيق برُمّته هراء». ووصف يوسوف جهاز الأمن الاتحادي الروسي ولجنة التحقيق بأنهما «هياكل وهمية تخدم نظام بوتين، لذلك لن نعلق بالتأكيد على تصريحاتها».


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تؤكد خسائرها بعد استهداف ضربة صاروخية لموقع تدريبي

أوروبا جنود من لواء المدفعية المنفصل رقم «44» التابع للقوات المسلحة الأوكرانية يطلقون قذائف من مدفع «هاوتزر» عيار «155 ملم» من طراز «FH70» باتجاه القوات الروسية في منطقة زابوريجيا (رويترز)

أوكرانيا تؤكد خسائرها بعد استهداف ضربة صاروخية لموقع تدريبي

اعترف الجيش الأوكراني بتعرضه لخسائر في أعقاب ضربة صاروخية روسية على ساحة تدريب عسكرية تقع على مسافة 100 إلى 130 كيلومتراً من الجبهة في منطقة دنيبروبتروفسك.

«الشرق الأوسط»
العالم من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض (د.ب.أ) play-circle

ترمب: على زيلينسكي أن يكون أكثر امتناناً

اعتبر الرئيس الأميركي أن نظيره الأوكراني «ينبغي أن يكون أكثر امتناناً» للولايات المتحدة، لافتاً إلى أن التوصل إلى اتفاق حول المعادن الأوكرانية لا يزال ممكناً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يلقي كلمة أمام أنصاره خلال المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة 23 فبراير 2025 (رويترز)

إردوغان: حل الأزمة الروسية الأوكرانية لا يمكن دون إشراك طرفي الصراع

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن أي حل للصراع الروسي الأوكراني لا يمكن أن يتم دون وجود الطرفين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
العالم رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو يلقي كلمة حول الوضع في أوكرانيا والأمن في أوروبا في الجمعية الوطنية في باريس بفرنسا 3 مارس 2025 (رويترز) play-circle

رئيس الوزراء الفرنسي يندد بهجوم ترمب على زيلينسكي

ندد رئيس الوزراء الفرنسي، الاثنين، بهجوم الرئيس الأميركي ترمب على نظيره الأوكراني زيلينسكي في المكتب البيضاوي، واصفاً إياه بأنه عرض مذهل من «الوحشية».

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ المشادة الكلامية الكارثية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض التي دفعت مسؤولي الإدارة إلى المطالبة برحيله من منصبه (رويترز)

ترمب: «أميركا لن تتسامح طويلاً» مع موقف زيلينسكي

حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، من أن بلاده «لن تتسامح طويلاً» مع موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حيال إبرام وقف لإطلاق النار مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كندا تفرض رسوما جمركية انتقامية على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار

شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
TT

كندا تفرض رسوما جمركية انتقامية على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار

شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)
شاحنة تنقل بضائع تعبر الحدود الأميركية متوجهة إلى كندا (رويترز)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن كندا ستفرض رسوما جمركية 25 بالمئة على سلع أميركية قيمتها 155 مليار دولار كندي (107 مليارات دولار) اعتبارا من اليوم الثلاثاء إذا مضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدما في فرض رسومها الجمركية المقترحة على السلع الكندية.

وأضاف في بيان إن كندا ستفرض رسوما 25 بالمئة على سلع أميركية قيمتها 30 مليار دولار كندي اعتبارا من اليوم الثلاثاء بينما ستدخل الرسوم على بقية المنتجات البالغ قيمتها 125 مليار دولار كندي حيز التنفيذ في غضون 21 يوما.وأردف «ستظل رسومنا الجمركية سارية لحين سحب التدابير التجارية الأمريكية، وإذا لم تتوقف الرسوم الجمركية الأميركية فنحن في مناقشات نشطة ومستمرة مع المقاطعات والأقاليم لمتابعة العديد من الإجراءات غير الجمركية».