الفلسطينيون يسلمون «الجنائية الدولية» ملفات أول قضية ضد إسرائيل

المالكي زارها وأعلن من لاهاي: فلسطين قررت البحث عن العدالة وليس الانتقام

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لحظة وصوله إلى المحكمة الجنائية الدولية حاملا رزمة الوثائق المقدمة باسم دولة فلسطين (أ.ب)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لحظة وصوله إلى المحكمة الجنائية الدولية حاملا رزمة الوثائق المقدمة باسم دولة فلسطين (أ.ب)
TT

الفلسطينيون يسلمون «الجنائية الدولية» ملفات أول قضية ضد إسرائيل

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لحظة وصوله إلى المحكمة الجنائية الدولية حاملا رزمة الوثائق المقدمة باسم دولة فلسطين (أ.ب)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لحظة وصوله إلى المحكمة الجنائية الدولية حاملا رزمة الوثائق المقدمة باسم دولة فلسطين (أ.ب)

سلمت السلطة الفلسطينية أمس، الدفعة الأولى من الأدلة لدعم حملتها لفتح تحقيق جنائي حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في عدوانها الأخير على قطاع غزة في الصيف الماضي.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، للصحافيين أثناء مغادرته المحكمة: «تعهدت دولة فلسطين بالتعاون مع المحكمة، ويتضمن ذلك تزويدها بالمعلومات وهي تنفذ تعهدها اليوم». وتابع أن «المعلومات التي قدمتها دولة فلسطين لا يمكنها أن تؤدي سوى إلى فتح تحقيق في أقرب فترة ممكنة».
وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودا، قررت في يناير (كانون الثاني) القيام بتحقيق أولي للأحداث، للنظر فيما إذا كانت هناك أدلة كافية على ارتكاب جرائم حرب في الحرب الأخيرة في قطاع غزة. واستنادا إلى النتائج قد تأمر بفتح تحقيق فعلي. ويتضمن الملف الذي قدمه الفلسطينيون أمس، مسألتين. تتناول الأولى، جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة التي استمرت 50 يوما، وراح ضحيتها 2200 فلسطيني، غالبيتهم من المدنيين، وسقط من الجانب الإسرائيلي، 73 معظمهم من العسكريين.
أما المسألة الثانية، فتتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية، وتتضمن «معلومات حول قضية الأسرى الفلسطينيين»، وفق البعثة الفلسطينية في لاهاي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المالكي قوله إن «تحقيق العدالة أمر في غاية الأهمية للضحايا الفلسطينيين، القتلى والأحياء»، مضيفا أن «فلسطين قررت البحث عن العدالة وليس الانتقام، ولذلك نحن هنا اليوم».
وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي الفلسطينيين الدبلوماسية لمعاقبة إسرائيل على جرائمها، بعد الإحباط الذي تسبب به عدم تقدم مفاوضات السلام لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة المستمر منذ عام 1967 وإقامة دولة فلسطين.
وقالت بن سودا الشهر الماضي: «بالطبع سننظر في الاتهامات بارتكاب الجرائم الموجهة إلى جميع أطراف النزاع، وهو ما قلته بوضوح سواء للإسرائيليين أو للفلسطينيين».
يشار إلى أن إسرائيل لم توقع ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، أما دولة فلسطين فأصبحت عضوا رسميا في بداية أبريل (نيسان) الماضي، بعدما وقعت ميثاق المحكمة في يناير (كانون الثاني).
ويأتي تقديم السلطة الفلسطينية لملف الأدلة بعد ثلاثة أيام على تقرير للأمم المتحدة يرجح ارتكاب إسرائيل والفصائل الفلسطينية جرائم حرب في الحرب في قطاع غزة صيف 2014.
وفي بداية الشهر الحالي، أرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وثائق إلى المحكمة تتيح للادعاء التحقيق في ارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 13 يونيو (حزيران) 2014.
وفيما لفتت زيارة المالكي الأنظار التي تركزت أمس على القضية، إلا أن ما قدم للمحكمة من وثائق، لن يكون له قوة قانونية قبل فحصه ودراسته والتحقق من إمكانية فتح تحقيق بموجبه. وهذا ما أشار إليه المالكي، كما أن أي تقدم في هذا الاتجاه، سوف يستغرق ذلك شهورا.
وكانت إسرائيل قد شككت من جانبها فيما توصل إليه التقرير الدولي من نتائج، وقالت إن قواتها تصرفت «وفقا لأعلى المعايير الدولية». وانتقدت إسرائيل قرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق، وقالت مصادرها، إن ذلك «سيجعل من الصعب إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين».
ومن دون وجود سلطات تنفيذية، تعتمد المحكمة على التعاون الطوعي للدول، بما فيها دول غير أعضاء مثل إسرائيل لجمع معلومات.
وفي سياق عملية اتخاذ إسرائيل لقرار بشأن التعاون أو عدمه، فإنها ستتحرك على الأرجح وفقا لمؤشرات من المدعين، تتعلق بمنهاج تحقيقهم الذي سيتخذونه، وفقا لما قالته «رويترز».
وخلال التحقيقات الأولية، يستخدم المدعون معلومات متاحة علنا، لإثبات إن كانت هناك جرائم ارتكبت بدرجة جسيمة تكفي لإجراء تحقيق شامل، وهي تشمل بعثات تقصي حقائق لدول شاركت حتى لو كانت غير أعضاء.
غير أن رفض إسرائيل الاجتماع مع مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، سيضعها في موقف حرج، لأن معارضين للمحكمة، مثل روسيا، استقبلوا مدعي الجنائية الدولية، فيما يتعلق بتحريات المحكمة التي تجريها في أوكرانيا وجورجيا، في صراعات يزعم تورط موسكو فيها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.