الضفة الغربية تختبر أنواعاً جديدة من الجرائم الفردية

45 قتلوا من بداية العام... وإفلات من العقوبة بغطاء عائلي وعشائري

اجتماع عشائري في الخليل للصلح بين عائلتين فبراير (شباط) الماضي (وسائل التواصل الاجتماعي)
اجتماع عشائري في الخليل للصلح بين عائلتين فبراير (شباط) الماضي (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

الضفة الغربية تختبر أنواعاً جديدة من الجرائم الفردية

اجتماع عشائري في الخليل للصلح بين عائلتين فبراير (شباط) الماضي (وسائل التواصل الاجتماعي)
اجتماع عشائري في الخليل للصلح بين عائلتين فبراير (شباط) الماضي (وسائل التواصل الاجتماعي)

اضطرت الشرطة الفلسطينية للتدخل عدة مرات وأطلقت مناشدات لوقف تداول فيديوهات مروعة متعلقة بعملية قتل في مدينة الخليل في الضفة الغربية، أمس (الأربعاء)، في جريمة قتل بشعة هزت الفلسطينيين الذين لم يعتادوا على مثل هذا النوع من الجرائم. وغطت جريمة الخليل غير المسبوقة على جرائم أخرى حدثت في اليوم نفسه، رغم أن واحدة منها قتل فيها أحد الأشقاء شقيقه رمياً بالرصاص.
وقال المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية، لؤي أرزيقات، إن جريمة القتل في الخليل حيث فصل فيها رأس أحمد أبو مرخية عن جسده، تعد الأفظع في تاريخ الجرائم المحلية وتشكل سابقة وتطوراً خطيراً. وأضاف أن «جريمة الخليل تمثل نوعاً جديداً من الجرائم في فلسطين، فالمجرم قطع رأس الضحية، وقيام البعض بتصوير ونشر الفيديو بهذه الطريقة، أمر مسيء، نناشد بعدم تداول الفيديو». وأقر أرزيقات بأن بعض الجرائم السابقة شهدت تنكيلاً بالضحايا، لكن ليس بهذه الطريقة. مضيفاً أنه «نوع جديد من الجرائم في الأراضي الفلسطينية».
وتحقق الشرطة الفلسطينية مع مرتكب الجريمة الذي اعتقل سريعاً، وتحاول فهم لماذا قتل المجني عليه بعدة طعنات ثم فصل رأسه عن جسده.
وفي اليوم نفسه، قتل الشاب عمار زعرور برصاص شقيقه في بلدة سيلة الظهر جنوب جنين، وقتلت فتاة من بلدة جبع إثر رصاصة من سلاح ناري يعتقد أنها أطلقت بالخطأ. وقد رفعت الجرائم الأخيرة عدد الذين قتلوا في الضفة الغربية، فقط من بداية العام، إلى 45 فلسطينياً، قضوا نتيجة 39 جريمة وقعت في محافظات الضفة. وقال أرزيقات، إن العام الجاري شهد ارتفاعاً في معدل جرائم القتل بنسبة 29 في المائة عن العام السابق 2021.
وسجلت أعلى نسبة جرائم في محافظة الخليل، فيما لم تسجل أريحا وسلفيت أي جرائم. والخليل التي قتل فيها أبو مرخية في أفظع جريمة، هي كبرى المحافظات الفلسطينية وتتميز بتسلح العائلات الكبيرة بشتى أنواع الأسلحة.
وشهدت الخليل خلال الفترة الماضية الكثير من الاشتباكات المسلحة الواسعة بين العائلات، التي خلفت ضحايا وخسائر ما أجبر السلطة الفلسطينية على التدخل أكثر من مرة، إلى الحد الذي قرر معه الرئيس الفلسطيني تشكيل لجنة عشائرية رئاسية لحل أحد الخلافات، قبل أن يصل رجال عشائر من الأردن للتدخل.
وهاجم حقوقيون ضعف القوانين في القضاء الفلسطيني الذي يحتاج وقتاً طويلاً للبت في القضايا، كما أن أحكامه لا تشكل رادعاً للقتلة.
ولا تطبق السلطة حكم الإعدام في الضفة الغربية، بخلاف قطاع غزة التي تحكمه حركة حماس. ويعتقد كثير من الفلسطينيين، أن غياب الإعدام أضر كثيراً بالردع المطلوب وساعد على انتشار السلاح والفوضى وأضعف هيبة السلطة الفلسطينية. لكن أرزيقات عزا أسباب ارتفاع معدل جرائم القتل، إلى ثقافة العنف التي يتم الترويج لها من خلال بعض الألعاب الإلكترونية الخطرة والعنيفة، والتحريض على العنف في مواقع التواصل الاجتماعي، وإفلات بعض مرتكبي الجرائم من العقوبة بسبب الغطاء العائلي والعشائري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.