مروان اسكندر يكتب عن «السعودية الإرث والمستقبل»

يقارن بين ارتباكات الأقطار المجاورة والحكم المستقر

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

مروان اسكندر يكتب عن «السعودية الإرث والمستقبل»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر عن «دار النهار» كتاب للاقتصادي اللبناني مروان اسكندر يبحث فيه الإصلاحات التي تم تبنيها في السعودية، بالذات الحالية منها من خلال «رؤية 2030» تحت رعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
يقارن الكاتب بين التطورات السياسية المرتبكة في الأقطار العربية المجاورة والحكم المستقر لحكم آل سعود على مدى قرن من الزمن تقريباً، ومن ثم الأرضية الخصبة للإصلاحات في السعودية. فالتطورات العربية مليئة بالثورات والانقلابات والاحتلالات التي لم تصلح لاحتضان الإصلاحات، ويقارنها بحكم آل سعود الذي يعود لمئات السنين، بالذات إلى حين استقرار نظام الملك عبد العزيز آل سعود في عام 1926 في توحيد مناطق المملكة العربية السعودية الأربع، مما يجعل حكم المملكة مستقراً على مدى يقرب من مائة عام.
يعزو المؤلف استقرار المملكة إلى جهود ومساعي الملك عبد العزيز آل سعود، الذي كان قائداً عسكرياً وفي الوقت ذاته «رجل دولة بعيد النظر وكثير الحكمة». ويضيف: «انشغل الملك عبد العزيز بن سعود في العقدين الأولين بعد انبلاج القرن العشرين في معارك مستمرة مع الطامحين بالتحكم بالحكم في مناطق المملكة المختلفة، وتوصل إلى حلمه بتوحيد المملكة التي تبلغ مساحتها ضعف مساحة فرنسا، وانصرف بعد عام 1926 لتطوير وسائل الحكم وإنجاز أعمال إعمارية وتأهيلية»... وقد حاول الملك عبد العزيز، ونجح في إبعاد السعودية عن الصورة الأمنية المقلقة التي تعرضت لها دول المشرق العربي جراء ترتيبات اتفاقية سايكس - بيكو.
> لماذا أهمية السعودية حاضراً؟
يشير المؤلف إلى الطاقة الإنتاجية النفطية الضخمة للمملكة التي تبلغ حالياً نحو 12 مليون برميل يومياً، مصحوبة بعلاقاتها النفطية المتوازنة مع كافة شركائها العالميين، إلى جانب الاستقرار السياسي الذي ساد الدولة، بالإضافة إلى برنامج المنح الدراسية الذي شمل إرسال نحو 70 ألف طالب للدراسات العليا في الجامعات العالمية في 25 دولة خلال عهد الملك عبد الله، الذي حاول أيضاً في عهده تخفيف الاعتماد الكبير على الريع النفطي بمبادرات إصلاحية في مجال الخصخصة والجهاز الإداري الحكومي والاستثمارات الأجنبية. وكان قد أنجز الملك فيصل سابقاً مرحلة «سعودة» شركة «أرامكو» وتحويل ملكيتها كاملاً وتدريجياً للدولة، لتصبح في عهد الملك خالد «شركة أرامكو السعودية».
وبرزت خلال عهد الملك فيصل أهمية دور السعودية على الساحة النفطية الدولية. أولاً بتغيير ميزان القوى من خلال منظمة «أوبك» ما بين الدول المصدرة والشركات النفطية الكبرى. فحصلت أقطار «أوبك» على حق قرار الإنتاج، وانتهت مرحلة احتكار الشركات الصناعية النفطية العالمية؛ ثم بادرت السعودية في اجتماع الكويت للدول النفطية العربية عام 1973 بمساندة مصر وسوريا أثناء «حرب أكتوبر (تشرين الأول)» بحظر النفط للدول التي دعمت إسرائيل بالأسلحة والعتاد أثناء الحرب، منها الولايات المتحدة وهولندا، الأمر الذي غيّر مجرى الحرب.

الاقتصادي اللبناني مروان اسكندر

تغيرت صناعة النفط العالمية إثر هذه المبادرات تغيراً كلياً. فارتفعت أسعار النفط من 2 دولار للبرميل إلى 16 ثم 30، حتى 65 دولاراً للبرميل في أواسط السبعينات. وقد ازدادت إثر هذه التغييرات في الصناعة البترولية حركة النشاط الاقتصادي في الدول المنتجة. فالملك فيصل هو «الرجل الذي أحدث تغييراً في صناعة النفط وحقق مليارات الدولارات للدول المنتجة والمصدرة».
أشار مروان اسكندر إلى أن «القادة السعوديين على مدى عقود أدركوا الحاجة إلى تنويع اقتصاد البلاد بما يتجاوز النفط، ابتداءً من عام 1970، فنفذت المملكة العربية السعودية تسع خطط تنمية خماسية متتالية تهدف إلى تحديث اقتصادها. خطت الدولة خطوات مهمة خلال هذه الفترة، منها توسيع الحصول على التعليم، وتحسين حركة الرعاية الصحية - على سبيل المثال لا الحصر، ولكن الهدف الأساسي المتمثل في تجاوز الاقتصاد الذي يستند بشكل كبير على النفط ثبت أنه بعيد المنال. وقد جعل القطاع النفطي قطاعات أخرى من الاقتصاد غير قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية».
> «رؤية 2030»: الأهداف والإنجازات
تغطي فصول عدة من الكتاب النقلة النوعية في الإصلاحات السعودية من خلال «رؤية 2030»، مع بدايات القرن الحادي والعشرين، بقيادة وإشراف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
يشير المؤلف إلى أن «القارئ لهذا العمل قد يعتبر أنه يطاول فترة قصيرة انتهت ما بين 2016 و2020، والواقع أن خطة تطوير العمل وتعديل استهدافات تحفيز قطاعات الإنتاج والخدمات والمحافظة على البيئة تتشكل من ثلاث خطط خمسية تبدأ منذ عام 2016، وتولج الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد والإشراف على الشؤون الاقتصادية والمالية والإدارية في المملكة». ويضيف الكاتب: «لقد تحقق الكثير من التحسينات الجذرية خلال سنوات الخطة الخمسية الأولى، وتمظهرت التحسينات بتوسيع دور المرأة في المجتمع، إن على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي. فحازت المرأة السعودية على حق التصويت لانتخاب أعضاء ورؤساء البلديات، وعلى نسبة 20 في المائة من التصويت في المجلس التشريعي، وحق الحصول على جوازات السفر وقيادة السيارات... واليوم أصبحت تستطيع إنشاء نوادي الرياضة وممارسة مختلف أنواع الرياضة والمشاركة لمشاهدة مباريات كرة القدم».
عرضت السعودية نموذجها الإصلاحي «رؤية 2030» في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في مايو (أيار) 2022، كاشفة النقاب عن التقدم المحرز في تحقيق أهداف «رؤية 2030»، واستعدادها للتربع على قائمة أكبر 15 اقتصاداً في العالم. ففي مجال السياحة وجذب الاستثمارات، سجلت المملكة 63 مليون زيارة خلال عام 2021 ارتفاعاً من 41 مليوناً في 2018، وأن 42 في المائة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمملكة مملوكة للنساء، وأن مشاركة المرأة وصلت إلى 36 في المائة عام 2021 مما ضغط على نسب التضخم لتصبح 11 في المائة. شملت «رؤية 2030» سياسة التعليم في المملكة، والحفاظ على البيئة، وتحفيز الاستثمارات الدولية، والإسكان، ودعم الثقافة والتراث، ومشروع «نيوم».
تدل الإنجازات التي يتم تحقيقها من خلال «رؤية 2030» على أن السعودية بدأت تأخذ دوراً إقليمياً يتعدى الثورة النفطية؛ ليشمل أيضاً الإنتاج الاقتصادي، والفني، والثقافي، وللدور الذي تتبوأه جامعاتها ومعاهد أبحاثها المتخصصة.


مقالات ذات صلة

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، اليوم، تصنيف السعودية إلى «Aa3» من«A1»، مشيرة إلى جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وتستثمر المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، مليارات الدولارات لتحقيق خطتها «رؤية 2030»، التي تركز على تقليل اعتمادها على النفط وإنفاق المزيد على البنية التحتية لتعزيز قطاعات مثل السياحة والرياضة والصناعات التحويلية.

وتعمل السعودية أيضاً على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية لضمان بقاء خططها الطموحة على المسار الصحيح.

وفي الشهر الماضي، سعى وزير الاستثمار السعودي إلى طمأنة المستثمرين في مؤتمر بالرياض بأن السعودية تظل مركزاً مزدهراً للاستثمار على الرغم من عام اتسم بالصراع الإقليمي.

وقالت موديز في بيان: «التقدم المستمر من شأنه، بمرور الوقت، أن يقلل بشكل أكبر من انكشاف المملكة العربية السعودية على تطورات سوق النفط والتحول الكربوني على المدى الطويل».

كما عدلت الوكالة نظرتها المستقبلية للبلاد من إيجابية إلى مستقرة، مشيرة إلى حالة الضبابية بشأن الظروف الاقتصادية العالمية وتطورات سوق النفط.

وفي سبتمبر (أيلول)، عدلت وكالة «ستاندرد اند بورز» نظرتها المستقبلية للسعودية من مستقرة إلى إيجابية، وذلك على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية.