نوادر المجلات «العريقة» في «معرض الرياض للكتاب»

إيهاب الرفاعي من دار «الهلال» وبيده عدد يعود لـ80 عاماً مضت (الشرق الأوسط)
إيهاب الرفاعي من دار «الهلال» وبيده عدد يعود لـ80 عاماً مضت (الشرق الأوسط)
TT

نوادر المجلات «العريقة» في «معرض الرياض للكتاب»

إيهاب الرفاعي من دار «الهلال» وبيده عدد يعود لـ80 عاماً مضت (الشرق الأوسط)
إيهاب الرفاعي من دار «الهلال» وبيده عدد يعود لـ80 عاماً مضت (الشرق الأوسط)

في عصر رقمنة الإعلام وفورة التقنيات، تحاول المجلات الورقية العريقة أن تجد لها بقعة ضوء أمام الكم الهائل من الإصدارات الحديثة في معرض الرياض الدولي للكتاب. بنسخ أصلية تعود لأكثر من 8 عقود مضت، قدمت دار الهلال المصرية عبر جناحها المشارك بالمعرض ما يفوق المائتي نسخة، أعادت إلى الذاكرة وهج الصحافة الورقية في تلك الحقبة، وما حملته من أحداث زاخرة على المستوى الفني والثقافي والسياسي أيضاً.
من ذلك، عدد نادر من مجلة «المصور» صدر عام 1942، يصور غلافه الأميرة فريال وهي طفلة، بعنوان يقول «أميرتنا المحبوبة فريال»، والعدد الذي يأتي باللونين الأبيض والأسود صدر في فترة الملكية المصرية، وفريال هي كبرى بنات آخر ملوك مصر الملك فاروق الأول من زوجته الملكة فريدة، ليعكس هذا العدد قصة طواها النسيان ومرحلة تجاوزها المصريون منذ عقود، وكذلك هو الحال مع العديد من نوادر المجلات التي قدمها الجناح واستحضرت الماضي.
ويوضح إيهاب الرفاعي، مسؤول مؤسسة دار الهلال بالمعرض، لـ«الشرق الأوسط»، أن الدار التي يتجاوز عمرها 125 عاماً، حيث تأسست في 1892، تمتلك كل هذه الإصدارات النادرة، قائلاً «نحن من صنع بدايات المجلات المصورة في الوطن العربي، ومعظمها كانت تصدر من دار الهلال، ولدينا اليوم أرشيف كبير جداً من المجلات، وأحضرنا بعضه معنا إلى معرض الرياض للكتاب».
- مجلة الهلال
بسؤال الرفاعي عن أهم المجلات التي ما زالت تحتفظ داره بأعدادها القديمة، يشير إلى مجلة «الهلال»، وهي مجلة شهرية تصدر عن دار الهلال، أسسها جورجي زيدان، وصدر عددها الأول مطلع سبتمبر (أيلول) عام 1892، وهي بذلك تعد أول مجلة ثقافية شهرية عربية، وكانت أعدادها محط أنظار الوسط الثقافي.
المجلة التي شدت الكثير من زوار معرض الكتاب بعناوين أغلفتها الممتلئة بالأفكار التنويرية آنذاك، تستمر في مقاومة شبح النسيان، من خلال استرجاع ذكرى تاريخها الحافل، عطفاً عن كون مؤسسة دار الهلال كانت قد احتفلت في عام 2005 بالنسخة الرقمية من الأعداد الأولى لمجلة الهلال، كما أعادت إصدار الأعداد الأولى من المجلة، مجمعة كل خمسة أعداد في عدد واحد.
- مجلة «الكواكب»
مجلة «الكواكب» هي الأخرى كانت حاضرة في المعرض، وهي مجلة فنية أسبوعية مصرية، صدر العدد الأول منها عام 1932، وكانت في بداياتها تنشر ملخصات لأفلام الأسبوع، وأحاديث مع النجوم، ومقالات لرواد السينما، إضافةً إلى أخبار الأفلام التي يجري تصويرها، وكانت «الكواكب» في عصرها الذهبي تثير الكثير من القضايا، وهو ما عرف عنها على مدار تاريخها، بحسب موسوعة «ويكبيديا»، من ذلك صراع زكي طليمات لإنشاء معهد التمثيل وإلحاق الفتيات للدراسة به، كما احتفت المجلة بالفنانة زوزو حمدي حكيم، باعتبارها أول من تخرجت من المعهد، وتصدرت صورتها أحد أعدادها.
- الحنين إلى الماضي
وأيضاً عادت للذاكرة مجلات «ميكي» بأعدادها القديمة، والتي كانت تصدرها دار الهلال ثم توقفت واستمرت تصدر عبر دار نشر أخرى، وبسؤال الرفاعي عن هوية جمهور هذه النسخ الورقية القديمة، يقول «لها جمهور كبير ممن يحنون إلى الماضي». ورغم ذلك فإن أسعار هذه النسخ يبدو في متناول اليد، بمتوسط ما بين 40 إلى 50 ريالا (10 – 13 دولاراً) للنسخة الواحدة، وهو ما يرجعه إلى أنها نسخ مملوكة للدار أصلاً، مما يساعدها على التحكم في السعر، وغالباً يوجد من كل عدد نسخة واحدة فقط، وهذه الندرة تضاعف من القيمة المعنوية للمجلات. لكن كيف يبدو حال المجلات الورقية في تلك الحقبة مقارنة في اليوم؟ يجيب الرفاعي بالقول «كانت المجلات قديماً تقوم بمقام شبكات التواصل الاجتماعي اليوم من حيث الأهمية وفورة التأثير والانتشار، وربما لم تعد المجلات الورقية اليوم تمتلك المحتوى الجيد الذي يدفع الناس للإقبال عليها مثلما كان الأمر قديماً، ففي ذاك الزمن كان هناك محتوي جيد وقوي في معظم المجلات المطبوعة، ثم تراجع محتوى المجلات تدريجياً، في حين أن محتوى شبكات التواصل أسرع ومتاح بالمجان، مما أضعف الإقبال على المجلات في وقتنا الحاضر مقارنة بالسابق».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.