«روسيا العظمى» تتمدد بحبر بوتين

رئيسها نفى سعيه لإحياء الاتحاد السوفياتي ودعا أوكرانيا إلى التفاوض... وكييف تطلب «تسريع» انضمامها إلى «الناتو»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوقع مرسوم ضم المناطق الأوكرانية في الكرملين أمس (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوقع مرسوم ضم المناطق الأوكرانية في الكرملين أمس (رويترز)
TT

«روسيا العظمى» تتمدد بحبر بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوقع مرسوم ضم المناطق الأوكرانية في الكرملين أمس (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوقع مرسوم ضم المناطق الأوكرانية في الكرملين أمس (رويترز)

أعطى حبر الرئيس فلاديمير بوتين، أمس، «شرعية» لتمدد «روسيا العظمى» من خلال توقيعه على إقرار ضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون الأوكرانية إلى روسيا الاتحادية. وبرر الرئيس الروسي ضم هذه المناطق الأوكرانية بتاريخ روسيا منذ عهود القياصرة، وقال إن المواطنين في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا «قاموا باختيارهم بالانضمام إلى روسيا، وهذا جزء أساسي من حقهم في تقرير مصيرهم ومستقبلهم».

وخصص بوتين جزءاً من خطابه لتذكير مواطنيه بالروابط التي كانت قائمة في العهد السوفياتي، مكرراً مقولته عن أن «تفكك الدولة العظمى في السابق سبب الكثير من المآسي لشعوب المنطقة، ويعد أحد الأسباب الأساسية للصراع القائم حالياً». مع ذلك نبه بوتين إلى عدم وجود طموحات لديه لإحياء الاتحاد السوفياتي، وقال: «لا يوجد اتحاد سوفياتي. لا يمكن إرجاع الماضي، وروسيا اليوم لم تعد بحاجة إليه. نحن لا نسعى لتحقيق ذلك. لكن لا يوجد شيء أقوى من تصميم ملايين الأشخاص الذين، من خلال ثقافتهم وإيمانهم وتقاليدهم ولغتهم، يعتبرون أنفسهم جزءاً من روسيا».

بوتين مع زعماء المناطق الأوكرانية بعد ضمها أمس (أ.ب) ... وفي الإطار الرئيس الأوكراني زيلينسكي يعرض طلباً لـ»الانضمام السريع إلى الناتو» (أ.ب)

وفي رسالة تحذيرية قوية إلى كييف، قال بوتين: «أريد أن يستمع نظام كييف ومشغلوه في الغرب أن سكان هذه المناطق أصبحوا مواطنين روسيين وإلى الأبد»، متعهداً بالعمل على «استعادة جميع أراضينا وحماية شعوبنا بكل ما نملك من وسائل». وحدد خطوطه الحمراء في التعامل مع أوكرانيا، مؤكداً: «ندعو كييف للتفاوض لكننا لن نناقش اختيار الشعب.. لقد تم الأمر وهؤلاء أصبحوا مواطنين روسيين وإلى الأبد، وروسيا لن تخذل شعبها».

ورداً على دعوات موسكو للتفاوض مع كييف، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن «أوكرانيا لن تتفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيساً لروسيا الاتحادية. سنتفاوض مع الرئيس الجديد»، مضيفاً: «نتخذ قراراً حاسماً عبر توقيع ترشح أوكرانيا بهدف الانضمام العاجل إلى حلف شمال الأطلسي».
وأدان الرئيس الأميركي جو بايدن «المحاولة المخادعة لروسيا بضم أراضٍ أوكرانية». وقال بايدن في بيان قاسي اللهجة: «روسيا تخرق القانون الدولي وتدوس على ميثاق الأمم المتحدة وتُظهر ازدراءها للشعوب المسالمة في كل مكان».
وبعد دقائق معدودات من إعلان بوتين ضمّ المناطق الأوكرانية «المحررة»، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين إن «قرار الضمّ الذي أعلنه بوتين غير قانوني ولن يغيّر شيئاً». وبعد ظهر أمس استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، معطلة - كما كان متوقعاً - محاولة من الولايات المتحدة وألبانيا للتنديد بقرارات بوتين حيال «الاستفتاءات الزائفة» لضم مناطق أوكرانية إلى روسيا.
... المزيد
... المزيد
... المزيد


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
TT

«مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف لـ «الشرق الأوسط» هويته

أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)
أسامة عثمان... أو «سامي» خلال المقابلة مع «الشرق الأوسط» في باريس (الشرق الأوسط)

«انتصرت دماؤكم وسقط الأسد». بهذه العبارة توجّه الناشط الحقوقي السوري أسامة عثمان، إلى ضحايا القمع والتعذيب خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، كاشفاً للمرة الأولى، بالصوت والصورة، عن أنَّه هو «سامي» الذي ارتبط اسمه كالتوأم مع قريبه «قيصر» في تهريب عشرات آلاف صور قتلى التعذيب في سجون سوريا.

صار «أرشيف التعذيب» فيما بعد «دليل إدانة» ضد حكم الأسد أمام محاكم دولية وتسبب في فرض الأميركيين عقوبات «قانون قيصر» على سوريا.

تنشر «الشرق الأوسط» مقابلة حصرية مع «سامي»، عبّر فيها عن مدى فرحته بالتغيير الذي حصل في سوريا مع سيطرة المعارضة على دمشق، مشدداً على ضرورة «المحاسبة». وحذّر من تبعات «الدخول العشوائي للمواطنين إلى السجون وأماكن الاحتجاز»، مشيراً إلى أنَّ ذلك «أدَّى إلى إتلاف أو فقدان وثائق وسجلات رسمية مهمة للغاية تكشف عن انتهاكات منذ عشرات السنين».

وأعرب عن قلقه أيضاً من استمرار موظفي النّظام في العمل، مما يمكّنهم من «طمس الملفات في كل فروع وملحقات حزب البعث العربي الاشتراكي التي يعلم جميع السوريين أنَّها كانت مؤسسات أمنية بامتياز».

وشرح سبب اختياره العمل السري على مدى سنوات باسم «سامي»، قائلاً: «طبيعة العمل وطبيعة الملف الذي خرجنا به من سوريا... كانت سبباً في أن أحرص على إخفاء هويتي وهوية الكثير من أعضاء الفريق. اليوم نحن، الحمد لله، في وضع آخر تماماً. نحن في مكان آخر. في سوريا أخرى جديدة».

كان «سامي» و«قيصر» قد بدآ التعاون في جمع وثائق التعذيب في مايو (أيار) 2011، بعد فترة وجيزة من بدء الثورة ضد الأسد. كان «قيصر» مصوّر قتلى التعذيب في سجون النظام، يهرب الصور عبر ذاكرة رقمية محمولة «يو إس بي» ويعطيها لـ«سامي». نجح الرجلان في تهريب «أرشيف التعذيب» إلى خارج سوريا، وصارت شهادتهما دليلاً ضد النظام أمام أكثر من محفل دولي.