العراق: إجراءات صارمة تسبق الذكرى الثالثة لمظاهرات أكتوبر

حملة تفتيش عن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في المنازل المحيطة بالمنطقة الخضراء

عمال بلدية بغداد ينظفون أمس جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بعد صدامات أول من أمس (أ.ف.ب)
عمال بلدية بغداد ينظفون أمس جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بعد صدامات أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

العراق: إجراءات صارمة تسبق الذكرى الثالثة لمظاهرات أكتوبر

عمال بلدية بغداد ينظفون أمس جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بعد صدامات أول من أمس (أ.ف.ب)
عمال بلدية بغداد ينظفون أمس جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء بعد صدامات أول من أمس (أ.ف.ب)

هذا العام، تقاسمت العواصف الترابية والمظاهرات الحزبية والجماهيرية معاناة المواطن العراقي. فعلى مدى الأشهر الماضية، ووسط استمرار أزمة القوى السياسية المتمثلة بعدم قدرتها على تشكيل حكومة جديدة، غالباً ما كان يستيقظ المواطن العراقي صباحاً ليجد إما الغبار يجلل كل نوافذ منزله وزجاج سيارته، أو إقفال الشوارع بسبب المظاهرات التي قرر أن يطلقها «التيار الصدري» أو «الإطار التنسيقي»، أو أن قوات أمنية على باب منزله بحثاً عن أسلحة متفلتة مثلما حصل أمس الجمعة تحسباً لمظاهرات اليوم السبت.
ففي أحدث تحديث بشأن مسلسل المظاهرات والمظاهرات المضادة، ومع تلاشي العواصف الترابية نسبياً خلال الفترة الأخيرة، فوجئ المواطنون العراقيون الذين تقع منازلهم في محيط المنطقة الخضراء، والتي هي الهدف الدائم لكل المتظاهرين ومن كل الجهات، بحملة تفتيش عن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في منازلهم تحسباً لإطلاقها على المنطقة الخضراء مثلما حصل قبل ثلاثة أيام عندما عقد البرلمان جلسته لإعادة انتخاب رئيسه وانتخاب النائب الأول.
وكانت مظاهرات مجهولة الأب انطلقت بالتزامن مع عقد جلسة البرلمان بعد تعطيل لأكثر من شهرين، محاولة عبور جسر الجمهورية المغلق تمهيداً لاقتحام المنطقة الخضراء. لكن الاستعدادات غير المسبوقة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية حالت دون ذلك. وبعد أن عجز المتظاهرون عن عبور الجسر، فإن قذائف الهاون والصواريخ أمطرت محيط البرلمان بعدة إطلاقات نتج عنها مقتل أحد المنتسبين وسقوط عشرات الجرحى وتحطيم عدد من السيارات، لأن معظم القذائف سقطت في مرآب البرلمان. وهو ما يعني أن الجهة التي تقف وراء ذلك تهدف إلى إيصال رسائل سياسية عن طريق اللعب بالنار قبل أن تطور أهدافها إلى مواجهة مفتوحة.
وفي وقت استكمل البرلمان كلا الفقرتين اللتين عقد جلسته من أجلهما، أعلن رئيسه محمد الحلبوسي رفع الجلسة إلى إشعار آخر. وهو ما يعني فتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية للأزمة الخانقة بين «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر وقوى «الإطار التنسيقي».
ولم يكتف الحلبوسي بذلك بل أطلق ما أسماه «وثيقة بغداد»، وهي مشروع سياسي يهدف إلى إجراء حوارات بين كل الأطراف من أجل استمالة «التيار الصدري» الرافض للعودة نتيجة إصرار زعيمه على عدم التفاهم مع خصومه في البيت الشيعي.
وفي هذا الوقت، أحيت المحكمة الاتحادية العليا من جديد الجدل الخاص في إمكانية عودة نواب الكتلة الصدرية المنسحبين من البرلمان بقرار من زعيمهم الصدر، وعددهم 73 نائباً يشكلون القائمة الأكبر داخل البرلمان. فـ«الاتحادية» ردت دعوى الطعن بعدم صحة استقالة الكتلة الصدرية لعدم وجود مصلحة لمن تقدم بالطعن. وقد فسر خبراء القانون ما صدر عن المحكمة الاتحادية العليا بأنه نافذة فتحتها في إمكانية البت بقرار عودتهم فيما لو تقدم النواب الصدريون المنسحبون باعتبارهم من أصحاب الحق الشخصي.
وفي ظل هذا المأزق السياسي، يستعد التشرينيون اليوم السبت إلى إطلاق مظاهرات في العاصمة بغداد لإحياء الذكرى الثالثة لمظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 التي استمرت عدة شهور وأدت إلى إقالة حكومة عادل عبد المهدي وتغيير قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات والمجيء بالحكومة الحالية التي يترأسها مصطفى الكاظمي.
ورغم أن تلك الانتفاضة الجماهيرية الكبرى قدمت نحو 800 قتيل وأكثر من 30 ألف جريح، فإنها لم تتمكن من تغيير المعادلة السياسية في البلاد نتيجة حجم القمع الذي جوبهت به من قبل أطراف عديدة أطلق عليها «الطرف الثالث» دون أن يجري تحميل جهة معينة مسؤولية ما حصل.
ورغم دعوات قيادات الانتفاضة بضرورة محاسبة قتلة المتظاهرين، لكن الإشكالية التي عاشتها تلك الانتفاضة الجماهيرية التي رفعت شعار «نريد وطن» هي عدم وجود قيادة واضحة لها، فضلا عن أن الذين دخلوا الانتخابات البرلمانية المبكرة أواخر العام الماضي باسم «حراك تشرين» اختلفوا فيما بينهم في احتكار التمثيل مرة، وفي طريقة التعبير عن التغيير السياسي القادم مرة أخرى.
ففيما يرى النواب الفائزون باسم الحراك الجماهيري لمظاهرات تشرين، أن التغيير يمكن أن يتم بتشكيل معارضة قوية داخل البرلمان، لا تزال القوى التي لم تشارك في الانتخابات ترى أن التغيير لا يمكن أن يتم من دون إسقاط الطبقة السياسية الحالية.
وانسجاماً مع هذه الرؤى والأفكار، يستعد التشرينيون اليوم السبت إلى إحياء ذكرى الانتفاضة لكن على وقع خلافات تبدو حادة فيما بينهم وتتمثل في انطلاق المظاهرات في مكانين مختلفين من بغداد.
فأولئك الذين يرون أن المظاهرات يجب أن تقتصر على إحياء المناسبة وإعادة التذكير بها سوف يطلقون مظاهراتهم في ساحة التحرير في جانب الرصافة من بغداد حيث يفصلهم عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية المغلق منذ أيام.
بينما الذين يريدون الضغط على الطبقة السياسية وربما اقتحام المنطقة الخضراء فسوف يطلقون مظاهراتهم في ساحة النسور في جانب الكرخ من العاصمة بغداد بالقرب من الجهة الغربية من المنطقة الخضراء.
واتخذت الأجهزة الأمنية من جانبها كل الاستعدادات الكفيلة بحماية المظاهرات مع عدم السماح لأي متظاهر الاقتراب من الخضراء بعد أن وضع المزيد من الحواجز والأسلاك الشائكة والصبات الكونكريتية ونشر قوات مكافحة الشغب.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«حماس» «ترحّب» بالتصويت الأممي على وقف إطلاق النار في غزة

رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات جوية إسرائيلية ليلية على مدينة غزة أثناء الاستعدادات للدفن في «مستشفى الأهلي العربي» المعروف أيضاً باسم «المستشفى المعمداني» (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات جوية إسرائيلية ليلية على مدينة غزة أثناء الاستعدادات للدفن في «مستشفى الأهلي العربي» المعروف أيضاً باسم «المستشفى المعمداني» (أ.ف.ب)
TT

«حماس» «ترحّب» بالتصويت الأممي على وقف إطلاق النار في غزة

رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات جوية إسرائيلية ليلية على مدينة غزة أثناء الاستعدادات للدفن في «مستشفى الأهلي العربي» المعروف أيضاً باسم «المستشفى المعمداني» (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات جوية إسرائيلية ليلية على مدينة غزة أثناء الاستعدادات للدفن في «مستشفى الأهلي العربي» المعروف أيضاً باسم «المستشفى المعمداني» (أ.ف.ب)

رحّبت حركة «حماس»، الخميس، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، وهي دعوة تبقى رمزية بعدما فرضت الولايات المتحدة الفيتو على نص مماثل في مجلس الأمن.

وقالت الحركة في بيان: «نرحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبتأييد مائةٍ وثمانٍ وخمسين دولة؛ قراراً يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، وتمكين السكان المدنيين في القطاع من الوصول الفوري إلى الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، ويرفض أي مسعى لتجويع الفلسطينيين»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشير الإسرائيليون والفلسطينيون إلى جهود جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار، للمرة الأولى منذ عام، من شأنه أن يوقف القتال في غزة ويعيد إلى إسرائيل عدداً على الأقل من 100 رهينة ما زالوا محتجزين في القطاع الفلسطيني.

ويأتي هذا التفاؤل الحذر في الوقت الذي يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن، محادثات في إسرائيل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر، اللتين تضطلعان بدور الوساطة مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق.

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي اندلعت عقب الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عن مقتل عشرات الآلاف وتدمير القطاع بشكل كبير.

وأدّى هجوم «حماس» إلى مقتل 1208 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، بحسب إحصاء أعدّته «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية. وتشمل هذه الحصيلة رهائن قُتلوا أو ماتوا في الأسر.

وخُطِف أثناء الهجوم 251 شخصاً من داخل الدولة العبرية، لا يزال 97 منهم محتجزين في القطاع، بينهم 35 شخصاً أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم قُتلوا.