الطرق الصوفية السودانية تلقي بثقلها في الأزمة السياسية

دعوة إلى التخلي عن التخوين المتبادل لـ«قوى الثورة»

TT

الطرق الصوفية السودانية تلقي بثقلها في الأزمة السياسية

ألقت طريقة صوفية سودانية مشهورة بثقلها الديني والسياسي إلى جانب من أطلقت عليهم «قوى الثورة». ومن أجل ذلك، نظمت مبادرة الزعيم المتصوف المشهور بـ«الشيخ الجعلي» بمنطقة «كدباس» شمال البلاد، والتي تهدف إلى توحيد المعارضة المدنية من أجل إنهاء «انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول)» وإقامة سلطة مدنية ديمقراطية تخرج البلاد من أزمتها الشاملة المستمرة منذ قرابة العام. وفي الخرطوم، دعت لجان مقاومة إلى توحيد المعارضة والتخلي عن «تخوين» قوى الثورة لبعضها البعض.
وتقع منطقة «كدباس» إلى الغرب من مدينة بربر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 400 كيلومتر. وهي مشهورة بـ«خلاوى كدباس» (تحفيظ القرآن) التي تعد من مراكز «الطريقة الصوفية القادرية» المنتشرة في أنحاء واسعة من البلاد، وتملك ثقلاً دينياً وسياسياً لافتاً منذ منتصف القرن التاسع عشر. ويجلس على السجادة وصاحب الدعوة حالياً الشيخ محمد الحاج حمد القادري المشهور بـ«الشيخ الجعلي».
وتلعب الطرق الصوفية أدواراً سياسية كبيرة في تاريخ السودان السياسي، والذي ظلت تتقاسمه طائفة الأنصار عبر «حزب الأمة القومي» وطائفة الختمية عبر «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، وهما الحزبان الكبيران اللذان ظلا يحكمان البلاد عقب أي انتخابات ديمقراطية.
وسبقت مبادرة الشيخ «الجعلي» مبادرة «الشيخ الطيب الجد» من منطقة «أم ضوا بان» نحو 35 شرق العاصمة الخرطوم، حيث «مسيد ود بدر» الشهير لتحفيظ القرآن. بيد أنها شهدت حضوراً لافتاً لأنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير وحزبه «المؤتمر الوطني» و«الحركة الإسلامية». وبسبب الرفض الشعبي لعودة «الإخوان»، فشلت المبادرة واعتبرتها «قوى الثورة» و«لجان المقاومة» محاولة لإعادة تجميع «الإخوان» للعودة للواجهة بثياب جديدة مستغلين شعارات ثورة ديسمبر (كانون الأول). وفي المقابل، فإن مبادرة «الشيخ الجعلي» الحالية يمكن اعتبارها المبادرة المناوئة رغم انطلاق المبادرتين من التصوف.
وقالت سكرتارية المبادرة في نشرة صحافية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أمس، إن منطقة «كدباس» شهدت اتفاق «قوى الثورة» على أهمية الوحدة عبر «عملية مستمرة» بآليات مختلفة وعلى مراحل لتحقيق أهداف الثورة التي أسهمت في ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 من أجل مناهضة الانقلاب وتوحيد الفعل الثوري اللازم. لذلك، وافقت عليها كافة الأطراف، لكن «لجان المقاومة»، ومع تأكيدها على استمرار العملية، طلبت الرجوع لقواعدها لمزيد من التشاور.
ووجه الزعيم المتصوف الشهير «الشيخ محمد بن الشيخ حاج حمد الجعلي» الشهير بـ«الشيخ الجعلي» دعوة إلى كل من «لجان المقاومة السودانية» و«تجمع المهنيين السودانيين» وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير» و«الحزب الجمهوري»، لتوحيد «قوى الثورة».
وسارع المدعوون بالسفر إلى منطقة «كدباس» الخميس. وفور وصولهم، جرت مداولات حول توحيد «قوى الثورة».
وتهدف عملية التوحيد هذه إلى إسقاط انقلاب 25 أكتوبر، وتأسيس السلطة المدنية الديمقراطية. وعلمت «الشرق الأوسط» أن عدداً من القادة السياسيين وقادة «لجان المقاومة» شاركوا في تلك الجلسات، ومن بينهم عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان، ومستشار رئيس الوزراء السابق ياسر سعيد عرمان، وصديق الصادق المهدي، وشريف محمد عثمان، وعدد من قادة المعارضة.
ووصفت سكرتارية المبادرة الكلمات والمناقشات بأنها كانت «شفافة»، حيث أكد الجميع على وحدة «قوى الثورة» وتوسيع القاعدة الجماهيرية المقاومة للانقلاب العسكري. وقالت: «ساد اللقاء أجواء من الإيجابية، وسط إشادة بالدور الكبير للشيخ محمد بن الشيخ حاج حمد الجعلي وحفاوة الاستقبال من الجميع بكدباس». وتعهدت مواصلة العمل مع «قوى الثورة» من أجل إسقاط الانقلاب وتأسيس السلطة المدنية الديمقراطية.
وفي الخرطوم، أقرت ورشة مشتركة بين «لجان المقاومة» الاتفاق على تعريف «قوى الثورة» المؤتمين بشعارات المقاومة «لا شرعية ولا تفاوض ولا شراكة مع الانقلاب».
واتفق المجتمعون في الورشة على «وحدة قوى الثورة» ودعوا إلى وقف الصراع بين «لجان المقاومة» و«قوى الحرية والتغيير»، باعتبار أن «الصراع ليس بين لجان المقاومة والحرية والتغيير، بل بين قوى ثورية مؤمنة بدولة السلام والحرية والعدالة وقوى ظلامية».
ودعا الاجتماع إلى وقف ما أطلق عليه «إيقاف التخوين بين قوى الثورة»، واعتبرته أداة «إخوانية» لتفكيك «قوى الثورة».
بيد أن الاجتماع اشترط تكوين حكومة تكنوقراط، والاستفادة من تجربة «الحرية والتغيير» السابقة وإعطاء رئيس الوزراء الصلاحيات الكاملة، وإشراك الشباب في الجهازين التنفيذي والتشريعي بنسب لا تقل عن 60 في المائة.
وشدد على أهمية تشريع قوانين «رادعة» لحماية الدولة المدنية، ولمحاسبة ما يسعى لتقويضها، مع هيكلة المنظومة الأمنية وإصلاح المؤسسة العسكرية بتكوين جيش واحد بعقيدة وطنية تحمي الدستور والحدود، وإصلاح أخطاء لجنة إزالة التمكين وتطويرها لتتمكن من استرداد أموال الشعب، مع استصحاب مشروع دستور نقابة المحاميين، مع التحفظ على طول الفترة الانتقالية.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)

يعتزم مهنيو القطاع الصحي في المغرب مواصلة إضرابهم الوطني المفتوح حتى نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، وذلك بالقيام بمظاهرتين متتاليتين يومي الاثنين والأربعاء المقبلين، حسبما أورده موقع «لوسيت إنفو»، وصحف محلية.

وسيشمل الإضرابان، اللذان أعلنت عنهما الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، مختلف المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش. وستسطر الجامعة بحسب بيان لها، «برنامجاً نضالياً يلائم العطلة الصيفية لمعظم الموظفين والإدارات شهر أغسطس (آب)» الماضي، قالت إنه «سيتضمن حمل الشارة الاحتجاجية، وتنفيذ وقفات أسبوعية محلية، وإقليمية وفي مواقع العمل».

وكان المئات من موظفي الصحة قد احتشدوا يوم الخميس أمام مقر البرلمان في العاصمة الرباط، للاحتجاج من جديد ضد الحكومة، بعد أقل من 3 أيام على الاتفاق الذي وقعه وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، بتفويض من رئيس الحكومة مع النقابات.

وشمل الاتفاق الذي جرى توقيعه يوم الثلاثاء الماضي كلاً من «النقابة الوطنية للصحة»، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة المستقلة للممرضين، إضافة إلى الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل، والمنظمة الديمقراطية للصحة المنضوية تحت لواء «المنظمة الديمقراطية للشغل».