ميشال معوض وسليم إده و«لبنان» يستحوذون على أصوات النواب السنّة

لعدم قدرة أكثريتهم على توحيد موقفهم

TT

ميشال معوض وسليم إده و«لبنان» يستحوذون على أصوات النواب السنّة

التزمت الكتل النيابية بتطبيق السيناريو الذي أعدته لنفسها لحضور جلسة الانتخاب الأولى المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي انتهت إلى تمديد الجلسات، بحيث يعود لرئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديد موعد انعقاد دورة الانتخاب الثانية، مشترطاً لدعوته التوافق على الرئيس، لكن جلسة الانتخاب التي انتهت من دون إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل 32 يوماً من انتهاء الولاية الرئاسية لميشال عون، حملت مجموعة من الوقائع السياسية، أبرزها التأكيد على أن الشرذمة ما زالت قائمة داخل النواب السُّنّة الذين انقسموا على أنفسهم لغياب المايسترو القادر على جمع العدد الأكبر منهم في كتلة نيابية واحدة، بعد عزوف المرجعيات السياسية عن خوض الانتخابات النيابية، مما أحدث فراغاً في البرلمان، ولم تنجح الجهود الرامية إلى لملمة الوضع السنّي تعويضاً عن غيابهم.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن 26 نائباً ينتمون إلى الطائفة السنيّة شاركوا في دورة الانتخاب الأولى، وغاب عنها عضو تكتل «قوى التغيير» إبراهيم منيمنة، لاضطراره إلى ملازمة منزله بسبب إصابته بـ«كورونا»، وكان لافتاً أن العدد الأكبر منهم اقترع بورقة كُتب عليها اسم لبنان، فيما توزّع الآخرون إلى عدة مجموعات واقترعوا بورقة بيضاء، تضامناً مع الثنائي الشيعي، باستثناء أشرف ريفي، وبلال عبد الله، وبلال حشيمي الذين صوّتوا للمرشح ميشال معوّض، في مقابل اقتراع حليمة القعقور، ووضّاح الصادق، وياسين ياسين، ورامي فنج، لمنافسه سليم ميشال إده.
وشكّل اقتراع النواب الأعضاء في تكتل «قوى التغيير» لإدّه مفاجأة لم تكن متوقّعة؛ إذ صوّتوا له بدلاً من مرشحهم النائب السابق صلاح إدوار حنين، لتفادي الانقسام حول ترشّحه بين فريق يصر على تأييده، وآخر لا يحبّذ دعمه، بذريعة أنه ينتمي إلى المنظومة السياسية.
ولفت مصدر مقرب من «قوى التغيير» إلى أن 9 نواب من أعضائه أصرّوا على ترشيح حنين في مقابل معارضة اثنين، هما فراس حمدان وحليمة القعقور، واشتراط منيمنة وزميلته سنتيا زرازير ضرورة توحيد الموقف، وأنه لا اعتراض لديهما في تأييد حنين، بشرط التوافق على ترشيحه، على الرغم من أن منيمنة كان أول من رشّحه، وقال إن إجماع 11 نائباً على تأييد إدّه باقتراح من ملحم خلف، باستثناء منيمنة الذي لم يحضر الجلسة، وزميلته نجاة صليبا عون التي اعتذرت عن عدم الحضور، جاء في إطار السعي لتوحيد الموقف لئلا يؤدي التباين إلى تهديد وحدة تكتل «قوى التغيير». وكشف المصدر نفسه عن أن اسم إده كان في عداد لائحة المرشحين للرئاسة التي أعدّها التكتل، إلى جانب حنين والوزيرين السابقين زياد بارود وناصيف حتّي، والسفير السابق ناجي بوعاصي، وكريم إميل البيطار، وإن كانت الأولوية جاءت لصالح حنين؛ لأن ترشّحه يشكّل إحراجاً لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي»، لكونه كان قد انتُخب نائباً بترشّحه على اللائحة المدعومة من وليد جنبلاط.
ورأى أن التراجع عن دعم ترشّح حنين لم يكن مبرراً، وإنما يعود السبب إلى الحفاظ على وحدة التكتل في ضوء إصرار القعقور ومن معها على اختيار مرشح للرئاسة من خارج الاصطفافات السياسية، وقال إن التكتل يقف الآن أمام تحدٍّ لتأكيد تماسكه في دورة الانتخاب الثانية، خصوصاً أن أكثريته تميل إلى تبنّي ترشيح معوض في حال قرر الاستمرار في خوض المعركة الرئاسية، وهذا ما يشكّل إحراجاً للقعقور ومن معها؛ لأنها تغرّد خارج السرب، ولم يعد من الجائز اتخاذ القرارات بالإجماع، وكان قد سبق للتكتل أن طرح في خلوته الأخيرة مسألة التصويت عليها في حال تعذّر التوافق.
وبالنسبة إلى النواب السنّة، فيبدو أنهم لا يزالون في حالة ضياع، بخلاف النواب المنتمين إلى الطوائف الأخرى، ليس لأن لمحور الممانعة حصة في التمثيل السنّي تتراوح بين 7 و9 نواب، وإنما لعدم قدرة الأكثرية على توحيد موقفها، وتتعاطى غالباً برد فعل حيال القضايا المطروحة، ليس بسبب غياب التنسيق فحسب، وإنما لوجود رؤوس نيابية حامية تدخل في سباق لوراثة المرجعيات السنّية الغائبة عن البرلمان.
وفي المقابل، فإن الثنائي الشيعي وحلفاءه اتخذوا قرارهم بالاقتراع بورقة بيضاء في مواجهة الأكثريات المعارضة الداعمة لترشّح معوض، مع أن الأخير افتقد تأييد الأكثرية الساحقة من النواب السنّة، بدءاً بالعدد الأكبر من نواب الشمال، ومروراً ببيروت، وانتهاءً بالبقاع وصيدا باقتراع أسامة سعد وعبد الرحمن البزري بورقة بيضاء.
ولم يكن من خيار للثنائي الشيعي وحلفائه سوى الاقتراع بورقة بيضاء في محاولة للهروب إلى الأمام لصرف الأنظار عن عدم قدرتهم على توحيد موقفهم لخوض المنافسة بمرشح واحد؛ أي سليمان فرنجية الذي يُعد المرشح الأقوى؛ لأن رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يقف له بالمرصاد رافضاً دعمه، ومن ثم توخّى من خطوته هذه تأجيل الانفجار السياسي بين حليفيه اللدودين لعل حليفهما «حزب الله» يقوم بمحاولة جديدة لرأب الصدع، وهذا ما ينسحب أيضاً على الأكثريات المعارضة التي باتت أمام مهمة صعبة تتطلب منها المباشرة بتوحيد صفوفها بفتح حوار مع «قوى التغيير»، وآخر مع النواب السنّة، وتحديداً الذين اقترعوا بأوراق أدرجوا فيها اسم لبنان.
لذلك فإن دعوة النواب لجلسة انتخاب ثانية دونها صعوبات ما لم تتأمن الشروط التي وضعها بري لتحديد موعد جديد للجلسة، مما يعني أن إمكانية تعويم حكومة تصريف الأعمال تبقى الأقرب في المدى المنظور، وهذا ما يعوّل عليه «حزب الله» الذي يتفهّم، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، موقف الرئيس نجيب ميقاتي، ولا يؤيد شروط حليفه عون الذي يتبنّى وجهة نظر باسيل الذي يطالب بإقصاء عدد من الوزراء المحسوبين على فريقه السياسي ممن يتهمهم بالتخلي عنه والانحياز لميقاتي.
وأكد المصدر الوزاري أن ميقاتي باقٍ على موقفه ولن يخضع للابتزاز والتهويل، خصوصاً بعدما فوجئ بشروط جديدة لعون بخلاف ما اتفق معه قبل توجّهه إلى نيويورك، وقال إنه لن يتراجع، فيما رأى مصدر سياسي أن «حزب الله» يصرّ على تشكيل الحكومة لإدارة الشغور الرئاسي لسببين: الأول يكمن في عدم استعداده للتفاهم على رئيس توافقي، والثاني يعود إلى تقديره أن ميزان القوى في البرلمان لن يسمح له بالمجيء برئيس شبيه لعون.
ويبقى السؤال: إلى متى يستمر تشتّت نواب السنّة؟ وهو ما يجعل التأثير السنّي بلا فاعلية على الرغم من أنه مكون أساسي في تركيبة البلد ومعادلته السياسية، ويشغل موقع رئاسة الحكومة، وهذا ما تأكد في جلسة أمس وفي الجلسات السابقة للبرلمان المنتخب في 15 مايو (أيار) الماضي، وأن استمرار الوضع على حاله يفقده دوراً في إعادة تكوين السلطة السياسية مع انتخاب رئيس جديد ما زال يتعثر، وقد يدخل انتخابه في إجازة مديدة.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مقتل 4 منهم عاملان في «وورلد سنترال كيتشن» بقصف إسرائيلي على غزة

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في مخيم النصيرات للاجئين في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في المخيم (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في مخيم النصيرات للاجئين في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في المخيم (إ.ب.أ)
TT

مقتل 4 منهم عاملان في «وورلد سنترال كيتشن» بقصف إسرائيلي على غزة

امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في مخيم النصيرات للاجئين في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في المخيم (إ.ب.أ)
امرأة فلسطينية تحمل أمتعتها بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في مخيم النصيرات للاجئين في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في المخيم (إ.ب.أ)

أفاد تلفزيون «الأقصى» اليوم (السبت) بمقتل أربعة أشخاص منهم عاملان بمنظمة «وورلد سنترال كيتشن» في قصف إسرائيلي على سيارة تابعة للمنظمة في خان يونس بجنوب قطاع غزة.

وأعلنت «وورلد سنترال كيتشن» في أبريل (نيسان) الماضي استئناف عملياتها في غزة بعد أقل من شهر على مقتل سبعة من عامليها في غارة إسرائيلية.