إسرائيل تهدد باعتقال ركاب سفن أسطول الحرية الثالث

يمينيوها ويساريوها ينتقدون مشاركة النائب العربي باسل غطاس

إسرائيل تهدد باعتقال ركاب سفن أسطول الحرية الثالث
TT

إسرائيل تهدد باعتقال ركاب سفن أسطول الحرية الثالث

إسرائيل تهدد باعتقال ركاب سفن أسطول الحرية الثالث

في الوقت الذي يرحب فيه الفلسطينيون بأسطول الحرية الثالث، الذي ينوي الانطلاق من اليونان إلى قطاع غزة في إطار المعركة لفك الحصار، هددت إسرائيل باعتراض السفن حال إبحارها واعتقال كل من يشارك فيها. وسادت في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس، موجة تحريض على مشاركة النائب عن «القائمة المشتركة» من حزب التجمع الوطني، باسل غطاس، وراح اليمين يطالب برفع الحصانة عنه ومحاكمته.
وقررت رئاسة الكنيست، التي تضم أغلبية يمينية متطرفة من الأحزاب الحاكمة، عقد جلسة خاصة غدا، لبحث مشاركة غطاس. وطالب وزير السياحة، ياريف ليفين (ليكود)، بتقديم غطاس للمحاكمة لأنه «يستغل الديمقراطية وتهاون المحاكم» على حد قوله. واتهم إلكين محكمة العدل العليا الإسرائيلية، بمساعدة غطاس على المشاركة، بدعوى أنها رفضت محاكمة النائبة حنين زعبي، من حزب التجمع نفسه، عندما شاركت في سفينة «مرمرة» إحدى سفن أسطول الحرية الأول في سنة 2010. وكانت السلطات الإسرائيلية هددت اليوم، باعتراض أسطول الحرية 3 إذا ما فشلت جهودها في منع وصوله. وكشفت وسائل إعلام عبرية أن إسرائيل تمارس ضغوطا وتتخذ إجراءات عدة على المسارين الدبلوماسي والقضائي، لإحباط وصول الأسطول إلى قطاع غزة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنه في حال فشل الوسائل الدبلوماسية والضغوط في منع وصول الأسطول، المكون من ثلاث سفن، فإن الجيش الإسرائيلي سيعترضه في عرض البحر. ونقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله: «عند اللزوم، سيتدخل سلاح البحرية ويمنع وصول السفن إلى قطاع غزة».
وكان النائب غطاس أعلن يوم أمس، أنه قد ينضم إلى الأسطول الدولي المتجه إلى قطاع غزة في إطار الحملة الدولية لكسر الحصار. وقد توجه غطاس برسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وطالبه بالسماح للأسطول بالوصول إلى غزة. وكتب غطاس، أن «الأسطول المدني لكسر الحصار هو رحلة سلام هدفها لفت الانتباه الدولي إلى وضع 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف السجن، وفي ظروف مروعة نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل برا وبحرا، والذي يشكل عقابا وخرقا فظا للقانون الإنساني». وأكد غطاس أن الأسطول يحمل مساعدات إنسانية لسكان القطاع وأملا بإنهاء الحصار. «ولا يوجد أي سبب يمنعنا من الوصول إلى غزة لتقديم المساعدات التي نحملها». وطالب نتنياهو بإصدار أوامره إلى قوات الأمن الإسرائيلية بالابتعاد عن الأسطول وتركه يمضي في طريقه. وحذر غطاس نتنياهو من السيطرة على السفن ومنعها من الوصول إلى هدفها. وقال: «إن كل عملية كهذه ستورط إسرائيل بأزمة دولية صعبة سيتحمل نتنياهو وحكومته المسؤولية الكاملة عن نتائجها».
وقالت نائبة وزير الخارجية تسيبي حوطوبيلي، إنه «خلافا للصورة التي يحاول الفلسطينيون رسمها فإن إسرائيل تسمح بدخول البضائع والطعام ومواد البناء إلى غزة. ومثل هذا الأسطول الذي يتجه نحو إسرائيل، هو نتاج عمل استفزازي يستهدف تشويه سمعة إسرائيل فقط». وأضافت أن «انضمام عضو كنيست عربي إسرائيلي إلى الذين يسعون إلى محاربة إسرائيل، يدل على العمل في خدمة العدو برعاية الحصانة البرلمانية». ومضت تقول إن وزارة الخارجية تعمل على كل القنوات الدبلوماسية لمنع وصول الأسطول إلى المياه الإقليمية لإسرائيل.
من جهته هاجم رئيس «يسرائيل بيتينو» أفيغدور ليبرمان النائب العربي وقال: «إن مشاركة النائب باسل غطاس في الأسطول إلى غزة، هي دليل آخر على أن القائمة المشتركة هي سفينة إرهاب كبيرة، ليس لها من هدف إلا المس بدولة إسرائيل واستغلال الديمقراطية الإسرائيلية من أجل تدميرها. على المجتمع الإسرائيلي كله وقف لعبة النفاق وشجب ولفظ هذه المجموعة المؤيدة للإرهاب من داخلنا».
وانضم المعسكر الصهيوني المعارض إلى المهاجمين. وقال رئيسه، يتسحاق هيرتسوغ، في حديث إذاعي من بريطانيا، حيث يدير حملة دبلوماسية ضد مقاطعة إسرائيل، إنه «مثلما لا يعتبر هذا الأسطول إنسانيا، وإنما خطوة سياسية ستوفر الشرعية لسلطة حماس وتزيد من الإرهاب ضد إسرائيل، فإن انضمام النائب غطاس مؤسف، ليس إنسانيا وإنما سياسيا، وسيزيد من الفتنة داخل إسرائيل».
وقال النائب زهير بهلول من المعسكر الصهيوني، إنه «يجب إنهاء الحصار فورا، وكل إنسان يجب أن يفهم أنه لا يمكن للأطفال أن يعانوا ويرزحوا تحت طائلة الفقر ودفع الثمن، بسبب معايير سياسية». لكنه هاجم الأسطول أيضا، وقال إنه لن يحل المشكلة الإنسانية في غزة وإنما سيحرف الأنظار مرة أخرى إلى أماكن أخرى.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».