كان حارس مرمى بايرن ميونيخ مانويل نوير هو البطل في كثير من المناسبات السابقة، لكنه لم يكن كذلك هذه المرة، حيث شهدت الدقيقة 95 من مباراة بايرن ميونيخ أمام أوغسبورغ الأخيرة تقدم نوير إلى منطقة جزاء الخصم، وبالفعل تلقى كرة عرضية من جوشوا كيميتش ولعبها برأسه وكادت تدخل المرمى، لكن حارس أوغسبورغ المتميز رافاي جيكيفيتش، أنقذها ببراعة بأطراف أصابع يده اليسرى. وبعد ثوانٍ، سدد نوير الكرة بعد أن رفعها ألفونسو ديفيز مرة أخرى، ليبعدها جيكيفيتش من جديد. وبالتالي، كانت الإشادة هذه المرة بحارس المرمى البولندي وليس الألماني.
لكن منذ متى يواجه بايرن ميونيخ هذه الصعوبات في الدوري الألماني الممتاز؟ لقد كان وجود نوير داخل منطقة جزاء أوغسبورغ، في الوقت الذي كان يسعى فيه بايرن ميونيخ لإدراك هدف التعادل وتجنب أول خسارة في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم، بمثابة اعتراف باليأس الذي أصاب الفريق. إن خروج نوير، الذي يعد خط الدفاع الأخير للعملاق البافاري، من مرماه من أجل مساعدة الفريق في إحراز هدف التعادل يعكس تماماً الحالة المزرية التي كان عليها بايرن ميونيخ.
مصير ناغلسمان في بايرن أصبح غامضاً (أ.ب)
ولم يفوت أحد العناوين الرئيسية في صحيفة «بيلد» الفرصة لتسليط الضوء على أن محاولات نوير الهجومية على المرمى كانت أكثر من محاولات المهاجم السنغالي ساديو ماني في المباراة التي خسرها بايرن ميونيخ بهدف دون رد أمام جاره المحلي، الذي ربما يكون قد أثبت وجوده في الدوري الألماني الممتاز، لكنه لم يصل بعد إلى المكانة التي تجعله يوصف بأنه منافس للعملاق البافاري. وكان بايرن ميونيخ قد قدم أداء جيداً في الشوط الثاني من المباراة التي حقق فيها الفوز على برشلونة بهدفين دون رد في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، وهو الأمر الذي هدأ بعض الشيء مشاعر القلق بعد تعادل الفريق في ثلاث مباريات متتالية في الدوري الألماني الممتاز. لكن خسارة الفريق في المباراة الأخيرة وعدم قدرته على تحقيق الفوز في آخر أربع مباريات بالدوري المحلي قد زاد مشاعر القلق والانتقادات مرة أخرى.
من المؤكد أن المهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي قد أسدى معروفاً كبيراً للمدير الفني لبايرن ميونيخ، جوليان ناغلسمان، عندما أهدر عدداً من الفرص المحققة في الشوط الأول في عودته الأولى إلى ملعب «أليانز أرينا» بقميص برشلونة الإسباني، وهو ما سمح للمدير الفني الشاب بإعادة ترتيب أوراقه بين الشوطين والمضي قدماً والفوز بالمباراة في نهاية المطاف. واستعاد ليفاندوفسكي عافيته وتغلب على إحباطه في منتصف الأسبوع وأحرز هدفين في المباراة التي سحق فيها برشلونة نظيره إلتشي بثلاثية نظيفة في الدوري الإسباني الممتاز.
وبعد خسارة بايرن ميونيخ الأخيرة، بات من الواضح للجميع التأثير الكبير لرحيل ليفاندوفسكي على الفريق، خصوصاً أن النجم البولندي كان يحرز كثيراً من الأهداف الحاسمة ويلعب دوراً محورياً في خطة الفريق. ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن أوغسبورغ لم يكن يستحق الفوز في تلك المباراة التي سيطر بايرن ميونيخ على مجرياتها تماماً، لكن ميرجيم بيريشا خطف الفوز لفريقه بلمسة ذكية في الدقيقة 59 من اللقاء. لقد سلطت هذه المباراة الضوء على بعض الحقائق الفعلية، من بينها أن أوليفر كان وحسن صالح حميديتش، اللذين أكدا استياءهما من الأداء والنتيجة بعد المباراة، سعيدان بالطريقة التي يتم بها بناء الفريق، وأن الطريقة التي يلعب بها ناغلسمان لا تعتمد على المهاجم الصريح التقليدي، وبحقيقة أن بايرن ميونيخ سدد 19 تسديدة على المرمى، تماماً كما أنقذ يان سومر حارس مرمى بوروسيا مونشنغلادباخ 19 فرصة من لاعبي بايرن ميونيخ في بداية هذه السلسلة المحبطة الخالية من الانتصارات.
ورغم أن ناغلسمان يحظى بثقة مسؤولي النادي - وهم بحاجة فعلاً إلى نجاح المدير الفني الشاب بعد أن دفعوا رقماً قياسياً عالمياً بقيمة 25 مليون يورو لإنهاء عقده مع لايبزيغ العام الماضي - فهو ذكي بما يكفي ليعرف أن كل العمليات الجيدة في العالم لا تعني شيئاً في حال تراجع النتائج. لم يصل الأمر إلى درجة من السوء حتى الآن تشير إلى اقتراب توماس توخيل من تولي قيادة الفريق بدلاً من ناغلسمان، لكن وجود مدير فني ألماني سبق له الفوز بدوري أبطال أوروبا من دون عمل الآن ليس مثالياً لناغلسمان، الذي قال رداً على سؤال عما إذا كان فريقه لا يزال بحاجة إلى ليفاندوفسكي، أم لا: «إجابتي الآن ليس لها أي أهمية. فإذا قلت لا، فسيقولون إنني لا أرى المشكلة التي يعاني منها الفريق. وإذا قلت نعم، فسوف يكتب الجميع أنني أفتقد ليفاندوفسكي».
ومن الناحية الإحصائية، يمكنك أن تتفهم وجهة نظر من يقولون إن الفريق لم يفتقد لخدمات ليفاندوفسكي. لقد وضع أوغسبورغ، الذي كان يتسبب بين الحين والآخر في بعض المشاكل لبايرن ميونيخ خلال العقد الماضي - فقط اسألوا جوسيب غوارديولا عن ذلك - حداً لسجل بايرن ميونيخ القياسي في تسجيل الأهداف في عدد من المباريات المتتالية (86 مباراة). لا يزال ناغلسمان يحظى بثقة المسؤولين، وأصر صالح حميديتش على أن مستقبل ناغلسمان «ليس موضوعاً للمناقشة»، بينما دافع أوليفر كان عن الصفقات التي أبرمها النادي، وقال: «لدينا كل ما نحتاجه. وأنا متحمس بشأن مهاجمينا الذين يتمتعون بسرعات هائلة».
ومع ذلك، ليس من السهل تحديد الأسباب التي أدت إلى تراجع نتائج بايرن ميونيخ بهذا الشكل. لقد كانت الأجواء المحيطة بمبارياته الأخيرة متوترة للغاية، وسيستغرق الأمر أسابيع من العروض المقنعة حتى يختفي هذا الشعور. وقال ناغلسمان: «أفكر في كل شيء، وفي موقفنا، وما يتعين علي القيام به، في كل شيء». وعلق ناغلسمان على نتيجة فريقه بقوله: «عندما أنظر إلى إحصائيات المباراة، أقول إنه كان يتعين علينا الفوز بها». وأضاف عن سلسلة عدم الفوز في مباريات فريقه الأربع الأخيرة: «هذه السلسلة ليست جيدة، أنا أفكر بنفسي، بالوضع الحالي، بكل شيء». وقال توماس مولر مهاجم بايرن: «بعد أربع مباريات دون فوز نحن مندهشون ومحبطون. لا يمكنني الحديث عن كثير من الإيجابيات في هذه المباريات. لو أردنا تحليل المباراة الأخيرة فنحن كان يمكننا الفوز بها بعد هذا العدد من الفرص التي صنعها الفريق. لكن عندما تفشل في استغلالها فستخرج من دون نقاط».
وكان لوثار ماتيوس، أسطورة بايرن ميونيخ، قال إن ناديه السابق سيمنح ناغلسمان الوقت اللازم، بعد هذه النتائج السيئة. لكن ناغلسمان حقق اللقب في موسمه الأول مع الفريق الموسم الماضي، كما حقق الفوز في أول مباراتين بدوري أبطال أوروبا أمام إنتر ميلان الإيطالي وبرشلونة الإسباني. وقال ماتيوس، صاحب الرقم القياسي في المشاركات الدولية مع منتخب ألمانيا: «لا أصدق أن ناغلسمان في مشكلة أو أزمة، ولا أعتقد أن بايرن سيتحدث إلى توماس توخيل على سبيل المثال».
وأضاف: «لم يمنحوا ناغلسمان عقداً لمدة خمسة أعوام هباء، وكذلك دفعوا كثيراً من الأموال له، هذه أطول مدة عقد تم منحها لمدرب في ميونيخ، وبالتالي سيحاول الجميع حل تلك الأزمة». كان ناغلسمان قد تولى تدريب بايرن ميونيخ قادماً من لايبزيغ العام الماضي، ويستمر عقده مع بايرن ميونيخ حتى 30 يونيو (حزيران) عام 2026. وتابع ماتيوس في حديثه عن المدرب البالغ من العمر 35 عاماً: «بالتأكيد هي مرحلة صعبة في مسيرة مدرب كبير، لكنني أظن أنه سيعود مجدداً ويقلب الأمور لصالحه». وأوضح: «جوليان ناغلسمان لا يزال هو المدرب المناسب لبايرن ميونيخ». وتابع أنه من الجيد أن أوليفر كان، الرئيس التنفيذي للنادي، قد دعمه مباشرة عقب الخسارة أمام أوغسبورغ. وواصل ماتيوس: «هذا هو التصرف السليم في هذا الوقت وأعتقد أن ذلك ما يحتاجه جوليان من النادي».