جائزة «الآغا خان» للعمارة تعيد الضوء إلى «معرض رشيد كرامي» المنسي

حصلت عليها 6 مشاريع بينها «دار نيماير للضيافة»

جدد مكتب الهندسة اللبناني «إيست أرشيتاكتور استوديو» «دار نيماير للضيافة»
جدد مكتب الهندسة اللبناني «إيست أرشيتاكتور استوديو» «دار نيماير للضيافة»
TT

جائزة «الآغا خان» للعمارة تعيد الضوء إلى «معرض رشيد كرامي» المنسي

جدد مكتب الهندسة اللبناني «إيست أرشيتاكتور استوديو» «دار نيماير للضيافة»
جدد مكتب الهندسة اللبناني «إيست أرشيتاكتور استوديو» «دار نيماير للضيافة»

الغالبية الساحقة من اللبنانيين التي تزور«معرض رشيد كرامي الدولي» في مدينة طرابلس، لا تعرف وجود «دار نيماير للضيافة» التي أدرجتها جائزة «الآغا خان» بين المشاريع الفائزة بجائزتها الشهيرة للعمارة لعام 2022، والموجودة في مكان قصي من حديقة هذا المشروع الضخم، للمصمم البرازيلي الشهير أوسكار نيماير، وشُيد في ستينات القرن الماضي، ليكون معرضاً دائماً للمنطقة كلها وليس للبنان وحده. وحلّت الظروف المنهكة للحرب الأهلية في السبعينات، ليترك المشروع من دون تفعيل، وأبنيته المتفرقة داخل حديقته الغناء، رغم أهميتها الإبداعية منسية ومهملة. جاءت هذه الجائزة المرموقة أمس لتعيد الضوء إلى ما خلفه الموهوب الراحل نيماير في لبنان.

المشاريع المعمارية الستة الفائزة بالجائزة لعام 2022 (الآغا خان)

وأعلنت جائزة «الآغا خان»، عن المشاريع المعمارية الستة الفائزة لهذه السنة، وتتشارك الحصول على مبلغ قدره مليون دولار أميركي. وهي واحدة من أكبر جوائز العمارة، تعطى للمجتمعات لتلبية طموحاتها، والاهتمام بتحقيق المزيد من الابتكارات والعناية بالبيئة.
وإضافة إلى «دار نيماير للضيافة» في «معرض رشيد كرامي الدولي» الذي شيده نيماير، وجدده مكتب الهندسة اللبناني «إيست أرشيتاكتور استوديو»، نجد على لائحة الفائزين بالجائزة، «المساحات النهرية الحضرية» في بلدة الجنيدة (بنغلادش)، و«مطار بانيوانجي الدولي»، بليمبينغ ساري جاوة الشرقية (أندونيسيا)، و«متحف أرغو للفن المعاصر والمركز الثقافي» في طهران (إيران)، و«مدرسة كمانار الثانوية» في بلدة ثيونك إيسيل (السنغال)، و«المساحات المجتمعية استجابة لأزمة اللاجئين الروهينغا»، منطقة كوكس بازار.

يتكون المبنى من طابق واحد أرضي على شكل البيوت التقليدية العربية (إيست أرشيتاكتور استوديو)

ويصادف العام الحالي الذكرى السنوية الـ45 لتأسيس جائزة «الآغا خان» للعمارة، وفي اجتماع عُقد في فبراير (شباط) 2022، اختارت لجنة التحكيم العليا المستقلة 20 مشروعاً من ضمن مجموعة تضم 463 مشروعاً رُشحت لدورة الجائزة.
ويأتي فوز «دار نيماير للضيافة» في الوقت المناسب لأن مشروع المعرض وضمنه هذه الدار هو اليوم على طاولة اليونسكو، لتدرس ملفه ويرجح أن يدرج على لائحة التراث العالمي.
وستعود هذه الجائزة المعمارية المرموقة التي حصل عليها لبنان، وهو يعيش أسوأ أزماته، لا للمعماري البرازيلي نيماير، الذي توفاه الله منذ سنوات، مخلفاً وراءه «برازيليا» وتصاميمها الرائعة، وهذا المشروع في لبنان، وإنما إلى مكتب «إيست أرشيتاكتور استوديو»، ومهندسيه البارعين نيكولا فياض وشارل كتانة، اللذين أعادا ترميم مبنى الزوار داخل المعرض بعد أن استخدم لسنوات كمستودع، وتآكل بفعل الرطوبة والإهمال. وعمل المهندسان بعناية خصوصاً على هذا المبنى المكون من طابق واحد، ووجد في الأصل فندقاً وصالة ضيافة، ولاستقبال العارضين الذين يضطرون للمبيت في المكان.

حرص الترميم على احترام خصوصية استقبال الضوء وتوزيعه (إيست أرشيتاكتور استوديو)

وحسب المهندس المعماري وسيم ناغي، رئيس اتحاد الحوض المتوسط للمعماريين، الذي بات متخصصاً في ملف «معرض رشيد كرامي الدولي»، فإن ترميم هذا المبنى حصل بسبب الحاجة إليه، ليصبح مقراً لمشروع «منجرة» الذي هدف إلى تشجيع الحرفيين اليدويين التقليديين ومساعدتهم على التموضع في السوق من جديد.
ويتكون المبنى من طابق واحد أرضي على شكل البيوت التقليدية العربية، لا نوافذ خارجية له، وكأنما هو مستطيل إسمنتي أصم. ثمة فناء في الداخل مفتوح على السماء وعلى أحد جانبيه، وتحديداً على الجهة الشرقية، تصطف 14 غرفة، هي غرف الفندق، التي لم تستخدم على الإطلاق، ونوافذها مفتوحة على الفناء الداخلي وتستمد نورها منه.

جائزة الآغا خان للعمارة تدرج «دار نيماير للضيافة» بين مشاريعها الفائزة لعام 2022 (إيست أرشيتاكتور استوديو)

ولم يعبث المهندسان بالتصميم البديع الذي هو غاية في البساطة، وأهميته في الأعمدة الأفقية التي تغطي السقف وتترك مساحات لتسلل القدر المطلوب من الضوء، في كل وقت من أوقات النهار. ويقول المهندس فياض: «إن الترميم حرص على احترام خصوصية استقبال الضوء وتوزيعه، كما أهمية ترك المساحة صالحة لتغيير وظيفتها في أي وقت». أما المهندس كتانة، فيلفت إلى أن غالبية الميزانية صرفت على إعادة تأهيل ما تلف من عمل نيماير، وأن التدخل الجديد جاء مبنياً على احترام الفكرة الأساسية والرؤية التي وُضع المبنى من أجلها. ويؤكد المهندس ناغي، أن الترميم في المبنى بقي مجتزأً، وأن هذه الجائزة ستسلط الضوء على مشروع في طرابلس غاية في الأهمية ويعاني من الإهمال في وقت واحد، وستسمح للمهندسين الموهوبين بإكمال الترميم لمبنى الزوار هذا، خصوصاً الغرف الـ14 التابعة له.

شيد الدار المصمم البرازيلي أوسكار نيماير في ستينات القرن الماضي (إيست أرشيتاكتور استوديو)

وتعتبر اليونسكو أن «معرض رشيد كرامي» «تحفة فنية معمارية، ورمز للتحضر والحضارة في لبنان. ويتمتع بقيمة اقتصادية مهمة».
وتقع دار الضيافة ضمن مشروع المعرض الذي يحتل مساحة مليوني متر مربع من مدينة طرابلس، عليها ما يقارب الـ120 ألف متر مربع من المساحات المبنية، بينها مسرح مكشوف تحيط به بركة يمكن ملؤها بالمياه ليصبح المسرح عائماً، إضافة لقاعة معارض شاسعة بلا أعمدة وهذا سحرها، ومسرح تجريبي، ومتحف فضاء، ومبانٍ مخصصة لسكن الموظفين المفترضين لإدارة المعرض، ومهبط للطائرات، ومبانٍ أخرى.

جانب من دار نيماير للضيافة في طرابلس اللبنانية (مؤسسة الآغا خان)

فهل تكون جائزة «آغا خان»، فاتحة خير على طرابلس ومعرضها التحفة المعمارية المنسية؟
 


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.