مصارف لبنان تواجه اقتحامات بالجملة من مودعين

قررت إقفال فروعها 3 أيام في الأسبوع المقبل وطالبت بحماية أمنية

عبد سوبرة داخل فرع بنك «لبنان والمهجر» الذي اقتحمه أمس (أ.ب)
عبد سوبرة داخل فرع بنك «لبنان والمهجر» الذي اقتحمه أمس (أ.ب)
TT

مصارف لبنان تواجه اقتحامات بالجملة من مودعين

عبد سوبرة داخل فرع بنك «لبنان والمهجر» الذي اقتحمه أمس (أ.ب)
عبد سوبرة داخل فرع بنك «لبنان والمهجر» الذي اقتحمه أمس (أ.ب)

خرجت عمليات اقتحام فروع المصارف في لبنان من قبل مودعين، عن السيطرة، حيث انتقلت العدوى من منطقة إلى أخرى، ونفذ ستة أشخاص عمليات اقتحام في عدد من المناطق، ما دفع جمعية مصارف لبنان لإقفال فروعها، وتحركت الحكومة التي ألمحت على لسان وزير الداخلية إلى فرضية «تسييس» تقف وراء اقتحامات وصفها البعض بـ«المنظمة».
واقتحم المودعون عدداً من فروع المصارف في بيروت والجنوب وشحيم في جبل لبنان، وظهر البعض مسلحاً، فيما قال آخرون إنهم يحملون أسلحة مزيفة. وكان لافتاً اقتحام ملازم في الجيش «بنك ميد» في شحيم في جبل لبنان، في محاولة للحصول على وديعته، حسبما أفادت وسائل إعلام لبنانية.
وأفاد مصدر أمني بأن مودعين اقتحموا فروع مصارف في مواقع مختلفة في محاولات لاسترداد جزء من ودائعهم. وظهر البعض مسلحاً، حسب ما ورد في مقاطع فيديو تناقلها ناشطون في مواقع التواصل، فيما قال آخرون إنهم يحملون أسلحة مزيفة عبارة عن ألعاب بلاستيكية. وتعد هذه الموجة الرابعة في مسلسل اقتحام الفروع المصرفية بدأت قبل أربعة أشهر مع اقتحام مودع في البقاع فرعاً لأحد المصارف، ثم في منطقة الحمراء في بيروت في الشهر الماضي، تلتها عمليتان في بيروت وعالية (جبل لبنان) يوم الأربعاء الماضي، ثم العمليات المتزامنة أمس.

مواطنون وقوى أمنية يحتشدون أمام بنك «لبنان والمهجر» (أ.ف.ب)

وبدأت موجة الاقتحامات أمس مع دخول مودع إلى مصرف في منطقة الغازية في الجنوب، وشهر سلاحاً بلاستيكياً في وجه الموظفين، قبل أن يحصل على 19200 دولار من وديعته، ويسلم نفسه للقوى الأمنية. وكرت السبحة، حيث اقتحم آخر فرع «لبنان والمهجر» في الطريق الجديدة في بيروت، ومسلح ثالث اقتحم فرعاً آخر للمصرف نفسه في الحمراء، ورابع «بنك لبنان والخليج» في الرملة البيضا، وخامس «البنك اللبناني الفرنسي» في الضاحية الجنوبية، وسادس فرع «بنك ميد» في بلدة شحيم جنوب بيروت، مطالبين بتحرير أموالهم العالقة في المصارف منذ عام 2019.
وفيما لمح وزير الداخلية بسام مولوي، إلى تسييس للحراك، بالقول إن «هناك جهات تدفع الناس إلى تحركات ضد المصارف»، نفت رابطة المودعين التي تدعمهم وتقدم لهم الدعم القانوني عند الحاجة، هذه الفرضية، كما نفت أن تكون منسقة. وقالت المحامية في الرابطة زينة جابر، لـ«الشرق الأوسط»، إن المصارف والسلطتين السياسية والقضائية «يمتنعون عن إيجاد حلول للأزمة المتواصلة منذ عام 2019»، و«السلطة السياسية متآمرة مع المصارف، وتلكأت عن وضع خطة عادلة وشفافة لتوزيع الخسائر، وهو ما دفع المواطنين للجوء إلى هذا الخيار». وقالت جابر، «انعدمت الخيارات أمام المودع الذي يتحمل الكلفة الأعلى للأزمة، ولم يقم القضاء بتحريك الدعاوى القانونية أمام النيابة العامة على خلفية إضراب القضاء، كما رفع القضاء الحجوزات عن أملاك بعض المصارف، ما دفع المودعين للبحث عن خيارات بديلة». وقالت، «لا يمكن القول إن المودع متآمر»، نافية أن يكون هناك أي تسييس، أو أن تكون العملية منظمة.

واتخذت «جمعية مصارف لبنان» قراراً بالإقفال لمدة ثلاثة أيام رداً على اقتحام فروعها «بعد الاعتداءات المتكررة على المصارف، وما يتعرض له القطاع، ولا سيما موظفو المصارف، من تعديات جسدية وعلى الكرامات، والتي فصلها بدقة بيان اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان الخميس»، كذلك «بعد أخذها بعين الاعتبار المخاطر التي يتعرض لها الزبائن الموجودون داخل الفروع التي تتعرض للاقتحام».
وقالت الجمعية، في بيان، إن «مجلس الإدارة اتخذ قراراً بإقفال المصارف أيام 19 - 20 - 21 سبتمبر (أيلول) استنكاراً وشجباً لما حصل وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة، على أن يعود مجلس الإدارة إلى الاجتماع في مطلع الأسبوع المقبل للنظر في شأن الخطوات التالية». وأكدت أن «سلامة موظفيها وزبائنها تأتي في رأس الأولويات التي تضعها المصارف نصب أعينها، إضافة إلى مصالح المودعين التي تحاول تأمينها بقدر المستطاع في الظروف الحالية الصعبة التي تمر بها البلاد».
وأعلن المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان، الخميس، «أن ما حصل ويحصل اليوم من عمليات اقتحامٍ لفروع المصارف من قبل بعض المودعين، وتعريض سلامة زملائنا في الفروع، والمس بكرامتهم، والتهديد والوعيد بالتكرار في الأيام المقبلة لم يعد مقبولاً»، وطالبوا بـ«اتخاذ الخطوات والإجراءات التي أصبحت أكثر من ضرورية من قبل السلطات الأمنية بالتنسيق والتعاون مع المصارف للحد من هذا المسار الخطير».
وقال الاتحاد، «في حال لم تُتخذ الإجراءات الآيلة إلى المحافظة على سلامة الموظفين في أسرع وقتٍ، ستتخذ جميع الخطوات التي يراها مناسبة إلى حين تأمين حمايتهم وصَون كرامتهم. فلقد صبرنا كثيراً وتغاضينا على جروحنا، لكن للصبر حدود».
بالموازاة، ناشدت جمعية المصارف، في بيان، «الدولة بكامل أجهزتها السياسية والأمنية والقضائية بتحمل أدنى مسؤولياتها إزاء تدهور الوضع الأمني وعدم التخاذل مع المخلين به، وسوقهم إلى المحاكم المختصة لكي يحاكموا محاكمة عادلة. هذا علماً بأن المصارف لن تتأخر بعد اليوم عن ملاحقة المعتدين حتى النهاية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

شحنة مساعدات بريطانية تغادر قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري في غزة

الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
TT

شحنة مساعدات بريطانية تغادر قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري في غزة

الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)
الصورة من الرصيف البحري العائم في غزة في 26 أبريل 2024 (رويترز)

قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان، الأربعاء، إن شحنة مساعدات بريطانية بنحو 100 طن غادرت قبرص متوجهة إلى الرصيف البحري الجديد في قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك: «نقود الجهود الدولية مع الولايات المتحدة وقبرص لإنشاء ممر مساعدات بحري. وشحنة المساعدات البريطانية الأولى اليوم من قبرص إلى الرصيف المؤقت قبالة غزة لحظة مهمة في زيادة هذا التدفق».

كانت منظمات دولية قد قالت إن غزة تواجه أزمة إنسانية حادة تهدد سكانها الذين يزيد عددهم على مليوني نسمة.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون: «سيلعب هذا الرصيف دوراً حيوياً في توصيل المساعدات إلى من يحتاجون إليها في غزة، لكن يتعين أن يصحب هذا زيادة في المساعدات التي يتم تسليمها عبر الطرق البرية. التزامات إسرائيل بتعزيز إمكانية الوصول موضع ترحيب لكن يتعين أن نرى عبور مزيد من المساعدات للحدود».

وقالت بريطانيا إن الرصيف سيسمح بتسليم ما يقدر بنحو 90 حمولة شاحنة من المساعدات الدولية إلى غزة يومياً، ومن المحتمل أن ترتفع هذه الكمية إلى 150 حمولة شاحنة يومياً بمجرد تشغيل الرصيف بكامل طاقته.


عمان لاحتواء تقرير «رويترز»... وتحقيقات سرية قد تكشف ضلوعاً إيرانياً

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

عمان لاحتواء تقرير «رويترز»... وتحقيقات سرية قد تكشف ضلوعاً إيرانياً

مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
مواجهات بين قوات الأمن الأردنية ومتظاهرين حاولوا اقتحام السفارة الإسرائيلية في عمّان أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

رد مصدر أردني مسؤول على تقرير لوكالة «رويترز» نُشِر الأربعاء، تحدث عن «القبض على خلية تابعة لـ(الإخوان المسلمين) على صلة بحركة (حماس)»، بقوله إن «الأجهزة الأردنية الأمنية أحبطت أواخر مارس (آذار) الماضي، محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة أُرسلت من قبل ميليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن».

وكشف المصدر في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (بترا) أن «الكمية صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون»، مشيراً إلى أن التحقيقات والعمليات ما زالت جارية لكشف المزيد المتعلق بهذه العملية».

وقال المصدر إنه في الأشهر الأخيرة أحبطت الأجهزة الأمنية محاولات عديدة لتهريب أسلحة، بما في ذلك ألغام «كلايمور»، ومتفجرات «C4» و«سمتكس»، وبنادق «كلاشنيكوف»، وصواريخ «كاتيوشا» عيار 107 ملم.

البيان الرسمي الذي صدر، عصر الأربعاء، بعد ساعات من تداول تقرير وكالة «رويترز»، جاء في سياق احتواء ما نشرته الوكالة الدولية، «مستخدماً جُمَلاً وعبارات غير حاسمة تجاه تأكيد أو نفي ما تم نشره، وسط حالة صحافية طالبت السلطات بتوضيحات وتفاصيل عن حقيقة ضلوع الإخوان المسلمين في الأردن، وهي جماعة لم تعد مرخصة، وتعمل تحت غطاء ذراعها السياسية (حزب جبهة العمل الإسلامي)، ومدى اتصالات الجماعة مع الخارج، وتحديداً طهران وقيادات (حماس) العسكرية في غزة».

ربط سياق الحدث

في أواخر شهر رمضان الماضي ومطلع أبريل (نيسان) الماضي، ارتفعت وتيرة الاعتصامات والاحتجاجات أمام مبنى السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية غرب العاصمة، المبنى الفارغ تماماً من الموظفين والدبلوماسيين الإسرائيليين، وقد هتف المعتصمون بشعارات «شككت بصدقية» الموقف الرسمي الأردني بقيادة الملك عبد الله الثاني، وقاد تلك الاعتصامات شباب قيل إنهم محسوبون على الحركة الإسلامية في البلاد، تقدموا صفوف المعتصمين محتكرين مكبرات الصوت ولهجة الشعارات، تلبية لنداءات قيادات «حماس» بـ«تحرك الأردنيين نصرة لغزة».

صورة نشرها الجيش الأردني في 31 مارس لإنزال مساعدات إنسانية جواً فوق شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

في تلك الفترة نفذت السلطات الأمنية، سلسلة اعتقالات طالت عدداً من الشبان المنتمين لأحزاب قومية ويسارية، إلى جانب عدد من شباب الحركة الإسلامية. وأفرجت السلطات بعدها عن عدد كبير من المعتقلين، لكنها احتفظت بعدد من المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين موقوفين على ذمة التحقيق.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت على لسان مسؤولين أردنيين، توفر أدلة حول عدد من الموقفين لدى السلطات الأمنية، كانوا على اتصال عبر وسطاء، مع قيادات من «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حركة المقاومة الإسلامية (حماس)» في غزة، وأنهم يتلقون تعليمات تهدف إلى تنفيذ احتجاجات ضاغطة على مواقف الأردن.

وفي العشرة الأواخر من شهر رمضان الماضي، مارس المحتجون، وفي مقدمتهم شباب الحركة الإسلامية «شكلاً من أشكال الاستقواء»؛ بحسب كُتّاب رأي ومحللين، على السلطة، تحت تأثير العاطفة الشعبية العامة الرافضة للمجازر التي ترتكبها إسرائيل خلال عدوانها المستمر على غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لم تكن الأحداث وقتها تستدعي حشد المعتصمين عبر دعوات أُطلقت على منصات التواصل، فقد غادر المحتجون محيط السفارة، بعد سلسلة قرارات أردنية رسمية أدت إلى كسر الحصار الجوي على غزة وإنزال مساعدات أساسية حملتها طائرات سلاح الجو الملكي، وبعد كسر الحصار البري الذي سمح بإدخال قوافل الشاحنات المحملة بالمساعدات عبر معبر كرم أبو سالم شمال غزة.

إجراءات أمنية أردنية قرب السفارة الإسرائيلية في عمان 27 مارس الماضي (إ.ب.أ)

في تلك الفترة أيضاً، بحثت النخب السياسية في البلاد أسباب عودة الاعتصامات، طارحة أسئلة حول المطلوب من الأردن في الحرب على غزة، وما الأوراق المتبقية لدى مركز القرار الرسمي ليستخدمها؟ في حين أن المطالب الضاغطة استثنت دولاً مشتبكة في العلاقات المميزة مع حركة «حماس»، ومنها تركيا وقطر. وتساءلت النخب إن كان مطلوباً من الحراك خلق مساحات الفوضى والتمهيد للفتن، من بوابة العلاقة الأردنية الفلسطينية، وهو ما انسجم مع مطالب حمساوية بـ«هبة أردنية» للاشتباك في حرب غزة وفتح الحدود وتسليح المتطوعين.

انسحاب ناعم من الشارع

منذ الحديث عن الاعتقالات التي استهدفت نشطاء من الحركة الإسلامية قيل إنهم على ارتباط بالخارج يتلقون تعليمات من الجناح العسكري لـ«حماس»، تراجعت فعاليات «حزب جبهة العمل الإسلامي»، واقتصرت على وقفات رمزية بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وسط تداول معلومات لم تؤكدها مصادر رسمية أردنية، بشأن تورُّط مجموعات منهم في مثل تلك الاتصالات الهادفة لإدخال الساحة الأردنية على خطوط الفوضى.

مخدرات وأسلحة مهربة عبر الحدود السورية الأردنية (القوات المسلحة الأردنية)

عملياً لا تستطيع المصادر المطلعة نفي أو تأكيد صحة المعلومات التي جاءت في تقرير وكالة «رويترز»، وتقارير أخرى تناولت التحرش الإيراني بالأمن الأردني، سواء من بوابة مسلسل تهريب المخدرات، أو تهريب السلاح؛ فالقضية ما زالت قيد التحقيق قبل أن تُحال إلى المحاكم المختصة، حاملةً لائحة اتهام محددة، وكاشفة عن خيوط اتصالات الداخل مع الخارج؛ سواء من عناصر إخوانية أو مقربين من الجماعة.

لكن رداً مقتضباً صدر عن جماعة الإخوان المسلمين (غير المرخَّصة أردنياً) «حول تقرير وكالة الأنباء (رويترز)»، استهجنت فيه الجماعة الخبر الصادر عن وكالة الأنباء الدولية (رويترز)، واعتبرت أنه «يخالف كل معايير المهنية والموضوعية، ونسبت روايتها لمصادر مجهولة غير معروفة، دون أن تكلف نفسها عناء التواصل مع قيادة الجماعة للتأكد من صحة المزاعم التي أوردتها قبل العمل على نشرها والتعاطي معها على أنها حقائق».

وأكدت الجماعة على «سياستها المستقرة الحريصة على أمن الأردن واستقراره»، مستهجنة «الزجَّ باسمها بمثل هذه الوقائع التي لا علاقة لها بها. وإن أي سلوك يخالف سياسات الجماعة وقراراتها يمثل مرتكبه فقط».

في السياق، قالت حركة «حماس»، في بيان، يوم الأربعاء: «تؤكد الحركة أنه لا علاقة لها بأي أعمال تستهدف الأردن، وهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن سياسة الحركة ثابتة وواضحة في حصر مواجهتها مع الاحتلال الصهيوني الغاشم».


خلافات «اليوم التالي» تحتدم في إسرائيل مع احتدام المعارك في غزة

دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
TT

خلافات «اليوم التالي» تحتدم في إسرائيل مع احتدام المعارك في غزة

دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)
دمار في حي الزيتون عقب انسحاب الإسرائيليين منه اليوم (أ.ف.ب)

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القرار الصادر عن «الجمعية العامة للأمم المتحدة»، الذي يشجع على الاعتراف بدولة فلسطينية، وقال إنه لن يسمح بإقامة «دولة إرهابية»، كما رفض وقف الحرب في غزة، وقال إن الانتصار العسكري على «حماس» هو الخيار الوحيد، الذي سيسمح بمناقشة اليوم التالي في غزة.

وظهر نتنياهو في بيان مصور ليعلن معارضته الترويج الأممي لدولة فلسطينية، ورفضه أي ضغوط لوقف الحرب في قطاع غزة.

وقال نتنياهو: «لن نعطي مكافأة على المجزرة المروعة التي ارتكبت في 7 أكتوبر (تشرين الأول). لن نسمح لهم بإنشاء دولة إرهابية ليستطيعوا التمادي في اعتدائهم علينا. ليس لأحد أن يمنعنا من ممارسة حقّنا الأساسي في الدفاع عن أنفسنا، لا (الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة)، ولا أي كيان آخر».

وأكد نتنياهو أنه ماضٍ في حربه في غزة ومصمم على القضاء على «حماس»، باعتبار ذلك «خطوة ضرورية لضمان خلو غزة من أي جهة تهددنا في اليوم التالي».

مروحية إسرائيلية تقصف قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأضاف: «تخوض قواتنا القتال في أنحاء قطاع غزة، في جباليا، وفي الزيتون، وفي رفح».

واعتبر نتنياهو أن أي كلام عن اليوم التالي في غزة «لن يتجاوز كونه مجرد كلام فارغ» طالما بقيت «حماس» هناك، متهماً الحركة بأنها هددت وردعت كل من حاول تشكيل حكم مدني هناك.

وأوضح: «قبل 100 يوم بالفعل، وافقت الأجهزة الأمنية على السماح للغزيين المحليين، الذين لا ينتمون إلى (حماس)، بالاندماج في الإدارة المدنية لتوزيع الغذاء في غزة، لكن لم تتكلل هذه المحاولة بالنجاح، لأن (حماس) هددتهم، بل استهدفت عدداً منهم لتردع غيرهم».

وأضاف: «لن تقبل أي جهة بتولي الإدارة المدنية لغزة خوفاً على سلامتها إلا ما بعد أن يكون واضحاً لدى الكل أن (حماس) لم تعد تسيطر عسكرياً على غزة».

آلية لجني المحاصيل الزراعية في جنوب إسرائيل قرب دبابة على مشارف قطاع غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وبحسبه: «نقوم منذ عدة أشهر بمحاولات مختلفة لإيجاد حل لهذه المشكلة المركبة».

لكنه اعتبر أن الحل النهائي هو النصر العسكري فقط.

وقال: «ليس هناك بديل عن النصر العسكري» في غزة، وإن «أي محاولة لتجاوزه بادعاءات مختلفة هي ببساطة انفصال عن الواقع»، مضيفاً: «هناك بديل واحد للنصر، (وهو) الهزيمة. هزيمة عسكرية وسياسية ووطنية. والحكومة التي أقودها لن تسمح بذلك».

وجاء حديث نتنياهو عن مواصلة حربه في غزة حتى الانتصار العسكري على «حماس»، فيما بدا رداً على انتقادات أميركية وأخرى إسرائيلية تتهمه بالعجز عن وضع خطة سياسية لما بعد الحرب، وهي مسألة يرى منتقدوه أنها تضرّ وتقوض «إنجازات» الجيش الإسرائيلي في القطاع.

وفي دليل على خلافات واسعة حول الأمر داخل الحكومة الإسرائيلية، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت معارضاً نتنياهو بشأن اليوم التالي، وقال إنه يدعوه إلى إعلان أن إسرائيل لن تسيطر مدنياً على قطاع غزة.

فلسطينية في حي الزيتون الذي انسحبت منه إسرائيل اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وأكد غالانت أن جهوده لإثارة قضية الحكم في غزة بعد الحرب منذ أكتوبر «لم تجد استجابة» داخل الحكومة الإسرائيلية.

وقال إنه سيعارض حكماً إسرائيلياً عسكرياً في غزة، لأنه سيكون دموياً ومكلفاً، ويستمر لسنوات. وإن البديل هو تأسيس حكومة بديلة لـ«حماس» في غزة.

وفوراً ردّ وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على غالانت بالدعوة لإقالته من أجل أن تتحقق أهداف الحرب.

وكتب بن غفير على «تويتر»: «من وجهة نظر غالانت، لا يوجد فرق بين ما إذا كانت غزة تحت سيطرة جنود الجيش الإسرائيلي، أو قتلة (حماس). هذا هو جوهر مفهوم وزير الدفاع، الذي فشل في 7 أكتوبر، وما زال يفشل حتى الآن. ويجب تغيير وزير الدفاع هذا لتحقيق أهداف الحرب».

واحتدمت الخلافات الإسرائيلية حول اليوم التالي في غزة، في وقت احتدمت فيه المعارك في غزة.

فلسطينيون في حي الزيتون بغزة اليوم (أ.ف.ب)

وواصلت إسرائيل عملية برية معقدة في مخيم جباليا شمال القطاع وفي المنطقة الشرقية لرفح جنوباً، فيما انسحبت من حي الزيتون القريب من مدينة غزة بعد أسبوع على اجتياحه، مخلّفة كثيراً من الضحايا والدمار.

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الإسرائيلي واصل تقدمه نحو مخيم جباليا، لكنه يتعرض لمقاومة شرسة، ولم يتمكن من الوصول إلى عمق المخيم بخلاف ما يعلن.

وأضاف: «المعارك تدور وجهاً لوجه، وتستخدم فيها كل أنواع الأسلحة».

وقال الجيش الإسرائيلي إن الفرقة 98 بدأت الأربعاء عملياتها العسكرية في قلب مخيم جباليا، وقتلت مسلحين، لكن «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» ردّت بالإعلان عن مقتل أكثر من 12 جندياً في عملية مركبة نفذتها في المخيم.

كما أعلنت «القسام» استهداف سديروت في غلاف غزة، حيث دوّت صافرات الإنذار في المدينة ومحيطها 3 مرات يوم الأربعاء.

وأكد الجيش الإسرائيلي إصابة مبنى بصاروخ سقط في سديروت.

واحتدمت المعارك في جباليا، بعد أن سحب الجيش قواته من حي الزيتون القريب من مدينة غزة، بعد أسبوع من العمل هناك.

وقال ناطق باسم الجيش إن قوات مجموعة القتال، التابعة للواء الناحال، استكملت نشاطها في منطقة الزيتون، وهي تستعد لشنّ مزيد من العمليات الهجومية.

والهجوم في الشمال يتزامن مع هجوم مستمر على رفح في الجنوب.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يوسع عمليته في رفح، وأكدت «القسام» أنها تخوض اشتباكات في رفح، أدت إلى مقتل أول جندي إسرائيلي هناك.

وسمح الجيش بإعلان مقتل أول جندي في عملية رفح.

وارتفع العدد المعلن لقتلى الجيش الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب إلى 621، بينهم 273 في المعارك البرية التي بدأت في 27 أكتوبر الماضي. والمعارك الضارية في شمال وجنوب غزة تظهر أن تصريحات نتنياهو حول النصر العسكري المطلق مسألة بالغة التعقيد.

وقال تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إن «حركة حماس» حتى الآن بعيدة كل البعد عن الاستسلام.


تصعيد محدود في جنوب لبنان بعد اغتيال قيادي بـ«حزب الله»

الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

تصعيد محدود في جنوب لبنان بعد اغتيال قيادي بـ«حزب الله»

الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من بلدة علما الشعب إثر استهدافها في قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

تصاعدت وتيرة المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل، الأربعاء، إثر اغتيال الأخيرة قيادياً في الحزب، ليل الثلاثاء، في منطقة صور - الحوش، في عمق الجنوب اللبناني، حيث سجّل إطلاق الصواريخ باتجاه ثكنات ومواقع عسكرية إسرائيلية.

وبعدما أعلن «حزب الله» صباحاً عن استهدافه قاعدتين عسكريتين في شمال إسرائيل بالصواريخ، أعلنت «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحركة حماس) أنها قصفت من جنوب لبنان ثكنة ليمان العسكرية في الجليل الغربي برشقة صاروخية مركزة «رداً على استمرار العدوان والمجازر الصهيونية بحقّ المدنيين في غزة الصابرة».

وصباحاً، قال «حزب الله»، في بيانين منفصلين، إنه استهدف مقر قيادة في ثكنة برانيت «بصواريخ بركان الثقيلة»، ومقر وحدة المراقبة الجوية في قاعدة ميرون «بعشرات صواريخ الكاتيوشا والصواريخ الثقيلة وقذائف المدفعية»، وذلك في «إطار الرد على الاغتيال الذي نفّذه العدو الإسرائيلي في الجنوب». وأعلن بعدها أيضاً عن استهداف مقاتليه المنظومات الفنية والتجهيزات التجسسية المستحدثة في موقع الرادار في مزارع شبعا، وموقع السماقة في تلال كفرشوبا.

من جهتها، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بعد الظهر، نقلاً عن الجيش الإسرائيلي، أن 10 صواريخ أطلقت من لبنان وسقطت في مناطق مفتوحة بشمال البلاد، ولم تقع أي إصابات، مشيراً كذلك إلى انطلاق صفارات الإنذار في الشمال. وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إلى أن صفارات الإنذار دوّت عدة مرات في منطقة جبل ميرون بشمال إسرائيل، مع إطلاق «حزب الله» عشرات القذائف من لبنان.

في غضون ذلك، سجّل قصف مكثّف على بلدات الجنوب، وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بتنفيذ الطيران الإسرائيلي، بعد الظهر، «غارة استهدفت سهل المنصوري، نتج عنها حسب المعلومات الأولية شهيد وجريحان مدنيان». واستهدفت المدفعية الإسرائيلية منطقة حامول في الناقورة بعدد من القذائف الثقيلة، تزامناً مع تحليق للطائرات المسيرة في أجواء الناقورة، وصولاً إلى ساحل صور والقليلة ورأس العين، كما شنّ الطيران الإسرائيلي غارة عنيفة استهدفت بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل.

وأتى التصعيد العسكري، بعدما كانت قد استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في مدينة صور، في جنوب لبنان، وفق ما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أنها أدت إلى مقتل شخصين، لم تحدد هويتهما. ونعى بعدها «حزب الله»، في بيان، حسين إبراهيم مكّي (55 عاماً)، من دون أن يحدّد الدور الذي كان يؤدّيه في صفوفه ولا مهامه.

وقال مصدر مقرب من الحزب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مكي كان «قائداً ميدانياً للحزب»، في وقت نفى مصدر آخر أن تكون الضربة أسفرت عن مقتل شخصين، مشيراً إلى إصابة الشخص الثاني بجروح.

السيارة التي استهدفها الطيران الإسرائيلي مساء الثلاثاء في صور ما أدى إلى مقتل قيادي في «حزب الله» (الوكالة الوطنية للإعلام)

وصباح الأربعاء، أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذه الضربة، واصفاً مكي بأنه «قائد ميداني بارز في (حزب الله) على جبهة الجنوب، وكان مسؤولاً عن التخطيط لكثير من الهجمات وتنفيذها» منذ بدء الحرب، وقال إنه شغل سابقاً مهام «قائد قوات (حزب الله) في المنطقة الساحلية»، وكان مسؤولاً عن هجمات عدة ضد إسرائيل.

ومنذ 8 أكتوبر (تشرين الأول)، يعلن الحزب استهداف مواقع وأجهزة تجسس وتجمعات عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و«إسناداً لمقاومتها». ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي، يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» للحزب وتحركات لمقاتلين قرب الحدود وقياديين ميدانيين، ودفع التصعيد عشرات آلاف السكان على جانبي الحدود إلى النزوح.


رؤساء بلديات الشمال الإسرائيلية يطالبون بـ«حرب أو سلام» مع لبنان

آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
TT

رؤساء بلديات الشمال الإسرائيلية يطالبون بـ«حرب أو سلام» مع لبنان

آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)
آثار الدمار في كريات شمونة الإسرائيلية جراء صواريخ أُطلقت من لبنان (رويترز)

خرج رؤساء البلديات والمجالس المحلية وغيرهم من ممثلي الجمهور اليهودي، سكان الجليل ومنطقة الشمال في حملة احتجاج ضد سياسة الحكومة، الرامية إلى الاستمرار في حرب الاستنزاف مع «حزب الله» في لبنان، وتأجيل معالجة الملف كله إلى ما بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة. ويتهم عدد منهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالاستخفاف بأوضاعهم، حيث إن نحو 100 ألف مواطن منهم مشردون عن بيوتهم. وقال رئيس المجلس لبلدة المطلة، ديفيد أزولاي، الذي يعدّ مبادراً أساسياً للحراك ضد الحكومة، واشتهر خلال الأسبوع الماضي بالتهديد بالانسلاخ عن إسرائيل وإقامة دولة مستقلة في الجليل، إن نتنياهو يتوافق مع رغبة حسن نصر الله في ربط التسوية بما بعد غزة. وقال: «قد أفهم مرامي نصر الله لكنني لا أفهم توافق نتنياهو معه». وأضاف أزولاي في مقابلات إذاعية: «الانفجارات باتت جزءاً من واقع حياتنا في الأشهر الأخيرة، فهذا الأمر ليس من يوم أو يوميْن أو من أسبوع أو أسبوعين، بل أطول بكثير... لا يمكننا أن نفهم لماذا تصمت إسرائيل وتتصرف بشكل روتيني تقريباً، أمس كنت في حفل زفاف في منطقة الوسط، حيث أُصبتُ بصدمة ثقافية. الكثير من الناس في تل أبيب يتجوّلون ويشربون ويأكلون، فأسأل نفسي: هل هذه إسرائيل؟

ويطالب أزولاي ورفاقه نتنياهو بالكف عن تقبل الوضع الذي تتعرض فيه بلدات الشمال للتدمير جراء قصف «حزب الله»، ويقول: «نريد منه أن يحسم الأمر، فإما أن تكون حرباً تُجبر (حزب الله) على الابتعاد إلى ما وراء الليطاني، وإما سلاماً مع لبنان مبنياً على تفاهمات كاملة حول الحدود».

وكشفت مصادر سياسية عن أن الإدارة الأميركية ناقشت في الأشهر الأخيرة مع إسرائيل ولبنان الحاجة إلى إجراء تعديلات على الحدود بوصفها جزءاً من محاولة بلورة اتفاق تهدئة بين الدولتين، يتم من خلاله الاعتراف الإسرائيلي بالسيطرة على أراضٍ لبنانية على الحدود وإعادتها لأصحابها. وقال مصدر مطّلع لصحيفة «هآرتس»، إن إسرائيل هي التي بادرت إلى تأجيل المحادثات حول خط الحدود، في حين أن لبنان يصمّم حتى الآن على الموافقة على التفاهمات بشكل أسرع.

وأعرب مصدر إسرائيلي مسؤول عن تقديره أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع لبنان إذا جرى التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة. ومع ذلك فإن أي تدهور إلى مواجهة بين الطرفين قبل ذلك، يشمل عدداً كبيراً من الإصابات الإسرائيلية في هجمات «حزب الله»، يمكن أن يُفشل العملية ويؤدي إلى عملية عسكرية إسرائيلية. وقال إن المبادرة إلى تأجيل المفاوضات حول تعديل الحدود ستساعد إسرائيل على مواجهة صعوبة قانونية، وهي أن جهات سياسية تقدِّر أن نتنياهو، في الاستفتاء العام، سيجد صعوبة في تأمين الأغلبية المطلوبة للمصادقة على اتفاق يشمل تعديلات على الحدود، وهي العملية التي يُتوقع أن تصعِّب المصادقة على هذه الخطة. فحسب القانون الإسرائيلي يحتاج نتنياهو إلى تأييد 80 نائباً في الكنيست، للموافقة على التنازل عن أراضٍ تُعدّ إسرائيلية، وهذا ليس متوفراً له. فهناك 14 نائباً من كتلة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، يعارضون وهناك أيضاً نواب في «الليكود». وحتى إذا أعطى حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد (24 نائباً) شبكة أمان لنتنياهو، «بشرط أن يكون الاتفاق الذي سيجري التوصل إليه مقبولاً من المنظمات التي تمثل سكان الشمال»، فإن احتمال الوصول إلى 80 نائباً ليس مضموناً. لذلك يتهرب نتنياهو من المضيّ قدماً في المفاوضات مع لبنان، ويفضِّل الاستمرار في حرب الاستنزاف الحالية. وعندما يتعرض لضغوط في هذا الاتجاه، يجيب: «هذه ساحة ثانوية الآن».

وقد أثار هذا التوجه موجة اعتراض واسعة في الشمال. وحاول رؤساء البلديات إدخال الجيش في الموضوع، لكنَّ الجيش يبدو قريباً أكثر من موقف نتنياهو. فهو أيضاً يعدّ الجبهة مع لبنان ثانوية، ويفضل إنهاء الحرب على غزة أولاً. ومع أنه يُجري تدريبات يومية على اجتياح لبنان، فإنه يحافظ على سقف معين لا يتجاوزه في هذه الحرب. ويقول لسكان الشمال إن «الدمار الذي أحدثته الضربات الإسرائيلية في بلدات لبنان الجنوبي أكبر بكثير من الدمار الذي أحدثه (حزب الله) في الشمال الإسرائيلي. وما تعانيه بلدة كفركلا اللبنانية أشد خطورة من الدمار في المطلة».


جنود وضباط إسرائيليون يقفون وراء عرقلة المساعدات لغزة

شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
TT

جنود وضباط إسرائيليون يقفون وراء عرقلة المساعدات لغزة

شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)
شاحنات تحمل مساعدات لغزة تعرضت لاعتداء قرب الخليل يوم الثلاثاء (د.ب.أ)

أكدت حركات سلام إسرائيلية أن قوات الجيش الإسرائيلي تشجع عمليات الاعتداء على شاحنات المساعدات الإنسانية لأهل غزة، وقالت إن الجيش لا يكتفي بعدم منع هذه الاعتداءات، وتوفير الحماية لمرتكبيها، بل إن عدداً من الجنود والضباط يوفرون المعلومات لهم عن موعد تحرك هذه الشاحنات، ومسار سيرها.

وقالت هذه الحركات إن «تنظيم الأمر 9»، الذي يقود هذه الاعتداءات، يضم في صفوفه نحو 5 آلاف شخص، ويوجد بينهم عدد كبير من جنود وضباط الاحتياط الذين يقيمون علاقات مع الجهات التي تشرف على وصول المساعدات، فيبلغونهم عن مكان وجود الشاحنات، ومواعيد تحركها.

وقد جاءت هذه المعلومات في أعقاب الاستغراب من كيف تمكن المعتدون من اقتفاء أثر الشاحنات التي تنقل مساعدات الإغاثة من الأردن ومن المناطق الفلسطينية عبر محافظة الخليل، ومعبر ترقوميا، في الطريق إلى غزة. فهذه المنطقة خاضعة بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي، والمخابرات، حيث يتم حشد قوات ضخمة هناك. وأكد شهود عيان أن قوات الجيش لم تتدخل لمنع الاعتداءات في أي مرحلة من تنفيذها.

ناشطون يمينيون إسرائيليون قرب شاحنات مساعدات تم إتلافها عند معبر ترقوميا بالضفة الغربية يوم الاثنين (أ.ف.ب)

وكتبت صحيفة «هآرتس» مقالاً افتتاحياً الأربعاء جاء فيه: «كالمعتاد، لا أحد يتحمل المسؤولية. في الشرطة وفي الجيش ألقوا المسؤولية عن الحدث كل واحد منهم على الآخر. عندما يعارض وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير نقل المساعدات الإنسانية – فلا غرو في أن الشرطة، القوية على عائلات المخطوفين وعلى المتظاهرين ضد الحكومة في كابلان، تبدي ضعفاً تجاه متظاهرين يسدون طريق الشاحنات إلى غزة، ينزلون الحمولة وينثرونها على الطريق بل ويحرقونها. نشطاء (منظمة الأمر 9) هم من يمنعون الشاحنات من المرور. في الأسبوع الماضي سد نشطاء المنظمة ومؤيدوهم طريق الشاحنات عند مدخل متسبيه ريمون على مدى ست ساعات إلى أن أخلتهم الشرطة».

وتابعت الصحيفة أن مسؤولاً كبيراً في جهاز الأمن قال لها: «في الشرطة يغضون الطرف عن شغب المخلين بالقانون ممن يفسدون ويحرقون المساعدات مستخدمين معلومات داخلية يتلقونها عن حركة الشاحنات». وعلى حد قوله «في الشرطة يوجد من يمتنعون عن العناية بالأمر ومنع أعمال الإخلال بالنظام وحتى عندما يعملون شيئاً فإنهم يفعلونه بانعدام شهية واضح. ثمة إحساس بأنهم يحاولون إرضاء أحد ما محدد في الحكومة».

مساعدات لغزة تم إتلافها في ترقوميا على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وقالت

الصحيفة إن ضعف الحكومة ورئيسها في مقابل الجناح اليميني المتطرف فيها يعطي إسناداً لنشطاء اليمين المتطرف لتخريب المساعدات الإنسانية وعملياً تخريب السياسة الإسرائيلية.

المعروف أن «تنظيم الأمر 9» تأسس مع بداية الحرب على غزة لمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بمبادرة الزوجين رعوت ويوسف بن حايم، وهما مستوطنان في الضفة الغربية. ويضم التنظيم وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» نحو 5000 شخص، بينهم بعض ممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس». وقسم منهم يتعرضون لإجراءات عقابية من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لكنهم لا يكترثون لها. بل يهاجمون الرئيس جو بايدن ويتوجهون إليه قائلين: «السيد الرئيس، لا تفعل ذلك. تماماً كما لم يخطر بالبال إرسال مساعدات وإمدادات إلى (أسامة) بن لادن بعد أحداث 11/9، فلا معنى لطلب مساعدات وإمدادات إلى يحيى السنوار بعد أحداث 10/7. لا يتعلق الأمر بأي حال من الأحوال بالمساعدات الإنسانية، بل يتعلق بتزويد شاحنات الأكسجين والمعدات لإرهابيي منظمة (حماس) الإرهابية القاتلة».

وهم يحظون بتأييد علني من الوزير بن غفير، وبالتالي من شرطته، ولا يسمح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، حتى بانتقاده.


توترات القاهرة وتل أبيب... «حزمة ضغوط» ترجح عودة مفاوضات «هدنة غزة»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
TT

توترات القاهرة وتل أبيب... «حزمة ضغوط» ترجح عودة مفاوضات «هدنة غزة»

جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)
جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على غزة (أ.ف.ب)

لحظات صمت توصف في نطاق التفاوض بـ«الجمود»، تمر بها محادثات الهدنة في غزة، على وقع توترات بين تل أبيب والقاهرة (الوسيط المباشر)، حَرّكتها العملية الإسرائيلية في رفح.

وتخيم سيناريوهات عديدة على مفاوضات الهدنة، بعد مغادرة وفدي حركة «حماس» وإسرائيل لمشاورات القاهرة مؤخراً، وبدء تل أبيب، عملية عسكرية في رفح.

لكن الضغوط هي نافذة «إنقاذ» المفاوضات في الوقت الحالي، سواء عبر الطرف الأميركي، أو من خلال استمرار الاحتجاجات الإسرائيلية ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

متطوعون في موقع تعرض لغارة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

والأربعاء، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، بأن مسؤولين إسرائيليين حذَّروا من أن مصر قد تنسحب من جهود الوساطة، وتنهار المحادثات أو ينخفض التعاون، عقب سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في 7 مايو (أيار) الجاري.

وتأتي تلك المخاوف، غداة اتهام وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لمصر بإغلاق معبر رفح، قائلاً إن الأخيرة «تملك المفتاح لمنع حدوث أزمة إنسانية في غزة»، قبل أن يرد وزير الخارجية المصري سامح شكري بقوة منتقداً هذه التصريحات، ومؤكداً رفض بلاده القاطع «سياسة لي الحقائق والتنصل من المسؤولية التي تتبعها تل أبيب»، متهماً إسرائيل بأنها «المسؤولة الوحيدة عن الكارثة الإنسانية في غزة».

خطة إسرائيلية

اللواء نصر سالم المستشار بـ«أكاديمية ناصر العسكرية» ورئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بمصر، يرى في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن إسرائيل «تتحرك إعلامياً في اتجاه الزعم بأن مصر طرف غير محايد (في المفاوضات) في إطار الرد على لهجة أكثر خشونة من مصر».

وعقب تصعيد إسرائيل برفح، رفضت مصر التنسيق مع تل أبيب أو تلقي اتصالات، وأبلغت الأطراف كافة، مسؤولية الإسرائيليين عن التدهور الحالي. قبل أن تعلن قبل أيام، عزمها «دعم جنوب أفريقيا في دعواها ضد جرائم الجيش الإسرائيلي بغزة بمحكمة العدل الدولية»، وفق بيان للخارجية المصرية.

دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة الأربعاء (رويترز)

وفي هذا الصدد، يستبعد سالم إمكانية انسحاب مصر من دور الوساطة، مؤكداً أن القاهرة «تتجرع مرارة الصبر من أجل الأشقاء بفلسطين، ولا غنى عن دورها، وإسرائيل تتحجج بمثل هذه الأمور، وهي ترى دور مصر وضغوطها».

ويمضي قائلاً: «ستعود المفاوضات الفترة المقبلة... وإن عادت (المفاوضات) عاد أمل الهدنة». لكنه يرى في الوقت ذاته، أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إطالة أمد المعركة لنهاية العام؛ أملاً في عودة دونالد ترمب للرئاسة الأميركية العام المقبل، أو استنزاف قدرات (حماس)».

ويستبعد الدكتور خالد عكاشة، المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، انسحاب مصر من الوساطة، قائلاً: «أشك في انسحاب مصر... الوسطاء لا ينسحبون».

وبالعودة لجولة القاهرة الأخيرة في مسار التفاوض، يرى خالد عكاشة، أن «حماس» «كان لديها اعتراضات على بعض البنود وتراجعت، لكن الجانب الإسرائيلي في اللحظات الأخيرة راوغ بعد الحصول على الموافقات كافة، ووضع جميع الضمانات أمام الطرفين، إذ رأى أن مصلحته في استمرار القتال».

دخان يتصاعد في وقت سابق بعد الغارات الإسرائيلية على رفح بالقرب من الحدود الفلسطينية - المصرية (أ.ف.ب)

المقترح المصري للهدنة، وفق عكاشة، كان على «بعد مسافة أمتار قليلة من الخروج للنور وسط زخم دولي وأميركي، باعتبار أن المقترح كان أكثر نضوجاً، وكان يمثل حصاداً لجولات سابقة ويشتمل على مراحل عدة منها اليوم التالي للحرب وتبادل المحتجزين والأسرى».

وعن الظروف الحالية، يقول عكاشة إن الجانب المصري «مستمر حتى اللحظة في الوساطة، ويجري اتصالات رغم تحفظاته على الأداء الإسرائيلي».

ويتوقع عكاشة عودة المفاوضات، ويقول: «ستعود المفاوضات... وهذا يرجع لأمرين مرتبطين بإسرائيل، الأول حجم الرفض الدولي لعملية موسعة في رفح، والثاني فاتورة داخلية محتملة جراء خسارة مزيد من أرواح المحتجزين».

النائب مجدي عاشور، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، يؤكد أن «مصر لا يمكن أن تتراجع عن دعم القضية الفلسطينية، وسوف تواصل مسار التفاوض رغم العقبات التي تضعها إسرائيل».

ومفاوضات الهدنة، وفق عاشور، «ستعود من جديد، في ظل التحركات المصرية واتصالات وزير الخارجية سامح شكري مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن للضغط على إسرائيل للعودة بمرونة للتفاوض وتقديم تنازلات».

وبخلاف عامل الضغط الأميركي المدفوع من مصر، يرى عاشور، أن «المظاهرات المستمرة لأهالي المحتجزين، في تل أبيب، هي مسار ضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ ومهما طال الوقت، ستحاول إسرائيل التهدئة عبر العودة للتفاوض».

وفي محاولة لتفسير التحركات الإسرائيلية في رفح رغم هذه الضغوط، يقول عاشور: «إسرائيل لا تريد أن تجلس لمفاوضات وهي تستشعر أنها لم تحقق أي نصر». ويوضح: «المناورة الإسرائيلية واستمرار استفزاز الجانب المصري، لن يستمرا كثيراً... وكلها تحركات استعراضية لنتنياهو وحكومته لتفادي أي إقالة».

وبالإضافة إلى ذلك، يرى النائب المصري أن «مسار المفاوضات خط استراتيجي مصري، فيه حفاظ على الأمن القومي المصري، ولذلك، فإن استمراره جزء من الثوابت المصرية، ولا يعني توقفه أو جموده انتهاء ذلك المسار الاستراتيجي».


«تسريب المالكي» يمهد لانقسام داخل حزب الدعوة

رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - إعلام المالكي)
رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - إعلام المالكي)
TT

«تسريب المالكي» يمهد لانقسام داخل حزب الدعوة

رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - إعلام المالكي)
رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - إعلام المالكي)

تتضارب المعلومات بشأن تسريب منسوب لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عن تغيير محافظ بغداد، فيما تشير مصادر إلى أن طرفاً في حزب الدعوة الإسلامية سرب عمداً التسجيل للرأي العام المحلي.

ولم ينف أو يؤكد حزب الدعوة عبر منصاته الرسمية صحة التسجيل، ورغم أن مراقبين طرحوا فرضية أن «طرفاً ما عالج صوت المالكي بالذكاء الاصطناعي»، فإن مصادر أفادت لـ«الشرق الأوسط»، بأن «المالكي نفسه اضطر إلى تسريب التسجيل لإحراج جناح في الحزب كان يريد الإطاحة بالمحافظ».

وينتمي محافظ بغداد عبد المطلب العلوي إلى حزب الدعوة، وكان مرشحاً مفضلاً للمالكي منذ إعلان نتائج الانتخابات المحلية ببغداد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

نوري المالكي (غيتي)

محافظ بغداد

وكان أكثر من 15 عضواً في مجلس محافظة بغداد جمعوا تواقيع لإحالة المحافظ العلوي إلى التقاعد بعد بلوغه السن القانونية.

لكن مجموعات «واتساب» عراقية تداولت تسجيلاً صوتياً بدا أنه صوت المالكي بالفعل، وهو يخاطب أعضاء ائتلاف دولة القانون في مجلس بغداد، قائلاً: «بلغني أنكم تشتركون مع الإخوة الآخرين في اجتماع تتداولون فيه تغيير محافظ بغداد... هذا ليس قرارنا، ولم يصدر التوجيه منا، ولا هو قرار الإطار (...) أرجوكم غادروا الاجتماع».

وتزعم تقارير صحافية أن ياسر صخيل، وهو صهر المالكي، متورط في حملة لإقالة محافظ بغداد وتحشيد أعضاء مجلس المحافظ ضده، وتقول المصادر إن صخيل «يعارض سياسة إقصاء الحلبوسي، وحاول الضغط على حزبه داخل مجلس المحافظة»، لكن المالكي أوقف الحملة مؤقتاً.

وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن انقساماً داخل حزب الدعوة يظهر على السطح بشأن قضايا سياسية مختلفة؛ منها محافظ بغداد، وموقف الحزب من أزمة انتخاب رئيس البرلمان، ما أجبر المالكي على التحرك لوقف محاولات قد ترقى لاحقاً إلى «وضع أكثر احتقاناً».

وأوضحت المصادر أن الخلافات لم تكن ترقى حتى اليوم إلى الانقسام داخل «دولة القانون»، لكنها تتعلق الآن بملفات حساسة، كان آخرها آلية التعامل مع حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان المقال.

وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادات مقربة من المالكي كانت تضغط باتجاه المضي في اتفاق متماسك مع الحلبوسي بوصفه حليفاً يمكن التعامل معه، بأغلبية سنية واضحة.

وكان المالكي يفضل ترشيح صديقه رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني لمنصب الرئيس ليحل محل الحلبوسي، ولم يكن يرغب قط في أن يقدم الحلبوسي مرشحاً مثل عبد الكريم الشعلان للمنصب، كما تقول المصادر.

مفاجأة الحلبوسي

لكن المفاجأة جاءت من كتلة «الصدارة» السنية، التي ينتمي إليها المشهداني حين أعلنت الأحد الماضي: «الانضمام لتحالف (تقدم) بقيادة محمد الحلبوسي»، في قرار من شأنه الدفع بمرشح لرئاسة البرلمان العراقي.

ويقول مصدر مقرب من قيادة حزب «تقدم» إن العلاقة «غير ودية» بين الحلبوسي والمشهداني، والقيادي الآخر في تحالف «الصدارة» وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي.

وتضم كتلة «الصدارة» أربعة نواب؛ وهم محمود المشهداني، وطلال الزوبعي، وخالد العبيدي، ومحمد نوري عبد ربه.

وذكر بيان الكتلة، أن قرارها جاء «انطلاقاً من الثقة في أن حزب (تقدم) يمتلك الأغلبية البرلمانية الممثلة لمحافظاتنا المحررة، كما جاء بعد اجتماعات عدة أفضت إلى تفاهمات مشتركة من بينها احتفاظ كتلة الصدارة بهويتها السياسية وكيانها القانوني».

وأضاف أن القرار جاء أيضاً «لإنهاء تعطيل الاستحقاقات الدستورية وتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي التي تعاهدت عليها القوى السياسية وصوتت لها ضمن البرنامج الحكومي، للشروع في حسم انتخاب رئيس مجلس النواب وتعزيز مهام أعلى سلطة تشريعية وتفعيل دورها الرقابي».

وتداولت تقارير صحافية معلومات بأن انضمام «الصدارة» إلى الحلبوسي أفضى إلى اتفاق على ترشيح الحلبوسي لمحمود المشهداني رئيساً للبرلمان، في جلسة السبت المقبل.

وقال المصدر السني، إن «مناورة الحلبوسي الأخيرة بالاتفاق مع المشهداني قلبت الموازين مع الإطار التنسيقي وأعادت المبادرة إليه بعدما كان قريباً من فقدان جميع أوراقه السياسية».

وكانت مصادر أبلغت «الشرق الأوسط» بأن طرفاً في الإطار التنسيقي انقلب على اتفاق مع الحلبوسي لتعديل النظام الداخلي للبرلمان يسمح للأخير بتقديم مرشحه وعقد جلسة انتخاب الرئيس «في أي وقت».

صورة نشرتها منصات مقربة من «الإطار التنسيقي» لأحد اجتماعاته في بغداد

رواية الإطار التنسيقي

في المقابل، تقدم بيئة الإطار التنسيقي رواية مختلفة تماماً عما يحدث بشأن مرشح رئيس البرلمان، وقالت مصادر شيعية إن «الحلبوسي استسلم تماماً للمالكي وقرر التنازل والقبول بمرشحه المفضل محمود المشهداني».

وتابعت المصادر: «إذا كان هدف المالكي المعلن منذ البداية هو دعم المشهداني الذي تخطى منتصف السبعينات، لإكمال سيطرته على الرئاسات الثلاث، فإن الحلبوسي بات مجبراً على قبول خيار المالكي مع أنه صاحب السردية السنية الخاصة بما يسميه الأغلبية داخل المكون السني التي يحوزها حزبه (تقدم)».

ومع ذلك، من الصعب الحديث عن حسم منصب رئيس البرلمان في الجلسة المقبلة، وعمّا إذا كان المشهداني سيفوز بأغلبية الأصوات أو أن مرشحاً مفاجئاً سيظهر في اللحظة الأخيرة.


الفلسطينيون بين نكبتين: 76 عاماً من التهجير

الفلسطينيون بين نكبتين: 76 عاماً من التهجير
TT

الفلسطينيون بين نكبتين: 76 عاماً من التهجير

الفلسطينيون بين نكبتين: 76 عاماً من التهجير

أحيا الفلسطينيون الذكرى 76 للنكبة، التي انتهت بقتل إسرائيل نحو 15 ألف فلسطيني وعربي (عام 1948)، وتهجير 950 ألفاً، وهم يعيشون الآن نكبة ثانية في غزة، قتَلَت خلالها إسرائيل، 35 ألفاً، وأجبرت نحو مليون و900 ألف على النزوح من منازلهم قسراً، في حربها المستمرة.

بين نكبتين، الأولى والثانية، خاض الفلسطينيون حروباً وانتفاضات، وجربوا معاهدات سلام واتفاقات، وضحوا بـ134 ألفاً منهم (بينهم 15 في النكبة و35 ألفاً في الحرب الحالية)، لكنهم لم يصلوا قَطّ إلى دولتهم المنشودة، في صراع مستمر رفع معه الفلسطينيون هذا العام شعار «رغم الإبادة باقون، ورغم التهجير عائدون»، وهو الشعار الرسمي لفعاليات ذكرى النكبة (الأولى) في عام النكبة (الثانية).

لا يسقط بالتقادم

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى قال إن وعي الفلسطينيين وتمسكهم بأرضهم ووطنهم «سيُسقِطان كل محاولات التهجير المستمرة منذ النكبة، وليس آخرها مخططات تهجير أهلنا في غزة بعد 8 أشهر من عمليات التدمير الممنهج والإبادة الجماعية المستمرة التي تسبَّبت بأكثر من 100 ألف من الشهداء والجرحى». وأضاف: «الحق لا يسقط بالتقادم، وشعبنا لن يركع ولن يستسلم ولن يرحل».

وأحيا الفلسطينيون في الضفة الغربية ذكرى النكبة بمسيرات ووقفات ومواجهات، فيما كانت الحرب مستمرة في قطاع غزة تودي بحياة المزيد منهم، وتدمر بيوتهم.

فلسطينيون يحملون مفاتيح رمزية خلال مسيرة في مدينة رام الله بالضفة الغربية الأربعاء لإحياء الذكرى السادسة والسبعين لـ«النكبة» التي أدَّت إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين عام 1948 (أ.ف.ب)

وخرج فلسطينيون غاضبون في كل مدن الضفة يلوحون بالإعلام الفلسطينية ورايات سوداء، فيما دوَّت صفارات الإنذار لـ76 ثانية في مختلف المدن الفلسطينية، بعدد سنوات النكبة.

جاءت ذكرى النكبة في اليوم الـ222 للحرب الإسرائيلية على القطاع؛ ما جعل المأساة التي تمثلها الذكرى واقعاً معيشاً بكل تفاصيله.

واعتبرت «منظمة العفو الدولية» التهجير القسري الجاري لقرابة مليونَي فلسطيني، والتدمير الشامل لممتلكات المدنيين والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة المحتل، يسلطان الضوء على سجلّ إسرائيل المروِّع في تهجير الفلسطينيين، ورفضها المستمر لاحترام حقهم في العودة على مدى الـ76 عاماً الماضية.

تداخل النكبتين وشعاراتهما في مسيرة بالخليل جنوب الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وقالت مديرة البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في «منظمة العفو الدولية»، إريكا جيفارا روساس إن «أجيالاً من الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي المحتلة تعرضوا لصدمة اقتلاعهم من أرضهم والاستيلاء على ممتلكاتهم عدة مرات، دون أمل في العودة إلى ديارهم؛ ما خلَّف جرحاً عميقاً في أنفسهم».

وأضافت أنه «من المروِّع جداً رؤية المشاهد المخيفة (لكارثة) نكبة 1948، كما يسميها الفلسطينيون، تتكرر مع اضطرار أعداد كبيرة منهم في قطاع غزة إلى الفرار من منازلهم سيراً على الأقدام، بحثاً عن الأمان مرة تلو أخرى، وإقدام الجيش الإسرائيلي والمستعمرين المدعومين على تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية من منازلهم».

وقتلت إسرائيل في رام الله بالضفة الغربية، الثلاثاء، فلسطينياً خلال مواجهات اندلعت بعد مسيرة لإحياء ذكرى النكبة عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة.

ونعت الفصائل الفلسطينية الطالب في جامعة بيرزيت أيسر محمد صافي (20 عاماً)، من مخيم الجلزون، شمال مدينة رام الله، الذي قضى في مواجهات يوم النكبة. وقتلت إسرائيل كذلك عشرات الآلاف ذفي قطاع غزة بالحرب المستمرة هناك.

وبدأ يوم النكبة بمسيرة في رام الله انطلقت من أمام ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل أن تنطلق مسيرات أخرى في مختلف مدن الضفة بمسيرات مشابهة رافعين أعلاماً فلسطينية، وأخرى تحمل أسماء المدن والقرى التي تركها أجدادهم، ورايات سوداء، ورفعوا «مفتاح العودة»، في إشارة إلى تمسكهم بحق العودة.

وقال نائب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قيادة حركة «فتح»، محمود العالول، إن «هذه الذكرى كانت نتيجة لمذابح أودت بآلاف الضحايا الذين هُجروا من قراهم التي أقيمت على أنقاضها دولة الاحتلال الغاصب العنصري على أرض فلسطين. واليوم تتم نكبة جديدة ربما أقسى بكثير من نكبة عام 1948، وهي حرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة، وعصابات المستعمرين الذين يعتدون على قرانا، ويزيلون تجمعات سكانية كبيرة، في مختلف المناطق في الضفة الغربية، بما فيها القدس».

وأَضاف: «76 عاماً وهم يحاولون أن يطوعوا شعبنا، وهو متمسك بأرضه وحقوقه».

وتابع: «واضح أن لدى إسرائيل الرغبة في حسم الصراع بالقوة والتدمير والقتل، لكنهم لم يتعلموا من التاريخ. لم نتخلَّ عن أرضنا. متمسكون بأرضنا وبحقنا في العودة».

اللاجئة الفلسطينية ابتهاج دولة تحمل صورة لها ولزوجها في منزلهما بغزة قبل نكبة 1948 (أ.ف.ب)

10 أضعاف عددهم

وغادر نحو 950 ألف فلسطيني قراهم ومدنهم عام 1948 وأصبحوا اليوم 5.9 مليون لاجئ.

وبحسب «جهاز الإحصاء الفلسطيني»، فإن إجمالي عدد الفلسطينيين تضاعف نحو 10 مرات، منذ النكبة.

وأوضح «جهاز الإحصاء»، أنه «رغم تهجير نحو مليون فلسطيني في عام 1948 وأكثر من 200 ألف فلسطيني بعد حرب يونيو (حزيران) 1967، فقد بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم 14.63 مليون نسمة في نهاية عام 2023». ويقيم اليوم 5 ملايين و500 ألف منهم في فلسطين، ونحو مليون و750 ألف فلسطيني في أراضي 1948، في حين بلغ عدد الفلسطينيين في الدول العربية نحو 6 ملايين و560 ألفاً، ونحو 772 ألفاً في الدول الأجنبية.

وبذلك بلغ عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية نحو 7 ملايين و300 ألف، في حين يُقدَّر عدد اليهود بنحو 7 ملايين و200 ألف مع نهاية عام 2023. ما يعني أن عدد الفلسطينيين يزيد على عدد اليهود في فلسطين التاريخية.

الحرب الدموية على غزة لم تُنسِ الفلسطينيين «حق العودة». وقالت حركة «حماس» إن معركة طوفان الأقصى تثبت أن «شعبنا لا يعرف الهزيمة والاستسلام أو التنازل والتفريط في أرضه وثوابته وحقوقه، مهما طال الزمن، ومهما بلغت قوَة وجرائم المعتدي وشركائه وداعميه».

وأضافت في بيان أن «عدوان الاحتلال المستمر من 78 عاماً، وكل محاولات الاحتلال، رغم تعاقب السنين، في كي الوعي الفلسطيني، أو النيل من مقاومته أو تغييب قضيته أو طمسها، باءت بالفشل الذريع». وطالبت «حماس» الجميع بالانضمام إلى المواجهة حتى «الحرية وتقرير المصير». وقالت إن «حق الفلسطينيين المشروع في العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها لا يمكن التنازل أو التفريط فيه».

وبينما تواصَلَ نزوح الفلسطينيين في قطاع غزة، احتفظ الذين عادوا إلى منازلهم المدمَّرة في غزة بمفاتيح ورثوها عن أجدادهم لمنازل تركوها في بلداتهم ومدنهم الأصلية، وأخرى لمنازلهم المدمَّرة اليوم، شاهدة على نكبتين، وصراع طويل ومستمر.


البرلمان اللبناني يوصي الحكومة بإعادة السوريين غير الشرعيين خلال سنة

جلسة نيابية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري للبحث في أزمة النزوح السوري (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة نيابية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري للبحث في أزمة النزوح السوري (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

البرلمان اللبناني يوصي الحكومة بإعادة السوريين غير الشرعيين خلال سنة

جلسة نيابية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري للبحث في أزمة النزوح السوري (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة نيابية برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري للبحث في أزمة النزوح السوري (الوكالة الوطنية للإعلام)

أصدر البرلمان اللبناني توصية للحكومة لمواجهة أزمة النزوح السوري في جلسة نيابية وصفها رئيس البرلمان نبيه بري بأنه «يتوقف عليها مصير لبنان».

وفيما كانت الدعوة للجلسة تحت عنوان مناقشة الهبة الأوروبية التي قدّمتها المفوضية الأوروبية إلى لبنان، التي عدّها البعض «رشوة» لإبقاء اللاجئين في لبنان، لم تأخذ هذه القضية حيّزاً مهماً من الكلمات التي ألقيت خلال الجلسة، إنما تركّز الاهتمام على ضرورة إيجاد حل لأزمة النازحين، بينما جدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التأكيد على أنها مساعدة غير مشروطة.

واستهلّ ميقاتي الجلسة بعرض الإجراءات التي بدأت الحكومة القيام بها، استناداً إلى القرارات التي اتخذتها «اللجنة الوزارية المختصة بمتابعة إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بأمان وكرامة».

وفيما ستكون الفترة المقبلة، بمثابة الاختبار للحكومة والجهات المعنية في كيفية معالجة هذه القضية، لا سيما في ظل رفض المجتمع الدولي لعودة اللاجئين في هذه المرحلة، قال الخبير الدستوري سعيد مالك إن «البرلمان من ضمن صلاحياته بحكم الدستور والنظام الداخلي أن يصدر التوصيات، وقد حصل أن أصدر أكثر من توصية في أكثر من مناسبة»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التوصية النيابية ليس لها قوة إلزامية للحكومة، إنما لها قوة اعتبارية وإرشادية، ولكن إن حازت على تأييد الجزء الأكبر من تكوين البرلمان، فعندها يكون لها إلزام معنوي، بحيث إن الحكومة يُفترض عليها أن تأخذ بأي توصية صادرة عنه؛ كونه يمثل الشعب والمجتمع الذي يجب أن تحترم توجهاته وتطلعاته حول أي إشكالية».

وبعد مداخلات من قبل معظم الكتل النيابية، التي لم تخل من الاتهامات المتبادلة حول مسؤولية وصول أزمة النازحين إلى ما هي عليه اليوم، انتهت الجلسة بتوصية كان قد اتفق عليها ممثلو الكتل في الاجتماع الذي عقدوه يوم الثلاثاء، كما قدّم تكتل «الجمهورية القوية» بدوره، توصية لا تختلف بمضمونها عن الأولى، إنما «مباشرة بعيداً عن اللف والدوران»، وفق ما قالت مصادر نيابية في الكتلة لـ«الشرق الأوسط»، وهي «الترحيل الفوري للسوريين الموجودين في لبنان بشكل غير شرعي»، بما يعني تأييداً لإجراءات الحكومة التي بدأت العمل عليها شرط الاستمرار بها، والتشدد في تطبيقها؛ وفق المصادر.

وعرضت توصية البرلمان لتداعيات النزوح السوري على لبنان منذ 13 عاماً، اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وأمنياً وبيئياً وصحياً، وعلى الاستقرار العام فيه، «مع تنامي الشعور بالقلق لدى عموم اللبنانيين من التغيير الديموغرافي والمجتمعي». وبعد التأكيد على «أن لبنان ليس بلد لجوء، وهو ما نصت عليه مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة اللبنانية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتزاماً بالدستور والقوانين، وبهدف إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم، وخلال مدة أقصاها سنة من تاريخه»، نصّت التوصية على تسعة بنود رئيسية، أهمها، تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة والوزراء المختصين وقيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة، للتواصل والمتابعة المباشرة والحثيثة مع الجهات الدولية والإقليمية والهيئات المختلفة، لا سيما مع الحكومة السورية، ووضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية والتي تحددها اللجنة. ودعا البرلمان الحكومة إلى القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لتسليم السجناء من النازحين إلى السلطات السورية، وفق القوانين والأصول المرعية، كما دعا أجهزة الأمم المتحدة كافة، لا سيما مفوضية اللاجئين والجهات الدولية والأوروبية المانحة اعتماد دفع الحوافز والمساعدات المالية والإنسانية للتشجيع على إعادة النازحين إلى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها أو بموافقتها، وعدم السماح باستغلال هذا الأمر للإيحاء بالموافقة على بقائهم في لبنان، وتشجيع هذه الجهات على تأمين مثل هذه التقديمات في داخل سوريا.

وكان ميقاتي عرض الإجراءات التي بدأت حكومته العمل عليها بما فيها ترحيل كل مَن يقيم بشكل غير شرعي إلى بلده، متوقفاً عند المشكلة المتمثلة بأمن الحدود البرية لجهة نقص عدد العناصر المطلوب، وأوضح: «الجيش يقوم بواجبه كاملاً ضمن الإمكانات المتاحة، ولكن في الواقع العسكري وعلى طول الخط، يلزم خمسة أضعاف القوى المنتشرة حالياً لضبط الحدود، ناهيك عن الحاجة البشرية واللوجيستية لتعزيز الحدود البحرية والمراقبة عليها وضبطها»، مضيفاً: «لهذا السبب نتابع الاتصالات الدولية من أجل تعزيز قدرات الجيش على الصعد كافة، بما فيها التجهيزات اللوجيستية اللازمة للمراقبة، وتكثيف أبراج المراقبة الحدودية».

وأكد أنه رغم الإمكانات المحدودة، «يقوم الجيش بالتعاون مع الأجهزة الأمنية بتعزيز نقاط التفتيش الحدودية، وتنفيذ عمليات رصد وتفتيش كاملة ومنسقة تستهدف مواقع التسلل والتهريب، وإحالة المعنيين على القضاء المختص، إضافة إلى إغلاق نقاط العبور غير الشرعية، ومصادرة الأموال المستخدمة من قبل المهرّبين حسب الأصول. كذلك يتم تكثيف الجهد الاستعلامي والأمني لضبط الحدود البرية والبحرية».

نازحون سوريون عائدون من لبنان إلى بلدهم ضمن قافلة العودة الطوعية التي نظّمت الثلاثاء (أ.ف.ب)

ولفت ميقاتي إلى أن وزارة الداخلية كانت قد أصدرت تعاميم لإجراء مسح شامل للسوريين، وإعداد بيانات عنهم، والتشدد في قمع المخالفات المتعلقة بالمحال والعمل على إقفالها فوراً، وإحالة المخالفين إلى القضاء، كما التشدد، من قِبل وزارة العمل، في اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق المؤسسات والشركات المخالفة لقانون العمل والأنظمة المرعية، والطلب من النيابات العامة التشدد في الإجراءات القانونية المتعلقة بمهربي الأشخاص الداخلين إلى لبنان بطرق غير مشروعة، وملاحقتهم بجرم الاتجار بالبشر. كذلك الطلب من وزارة العدل بحث إمكانية تسليم المحكومين والمسجونين والموقوفين؛ وفقاً لما تجيزه القوانين والأنظمة المرعية.