هل تخدم سياسة «تبديل الأوراق» إردوغان وحزبه في الانتخابات؟

من الانفتاح على دمشق بعد التلويح بعملية عسكرية... إلى تهديد اليونان... إلى إثارة ملف «إف 16»

إردوغان يستعرض حرس الشرف في العاصمة البوسنية، سراييفو، يوم 6 سبتمبر الحالي (أ.ب)
إردوغان يستعرض حرس الشرف في العاصمة البوسنية، سراييفو، يوم 6 سبتمبر الحالي (أ.ب)
TT

هل تخدم سياسة «تبديل الأوراق» إردوغان وحزبه في الانتخابات؟

إردوغان يستعرض حرس الشرف في العاصمة البوسنية، سراييفو، يوم 6 سبتمبر الحالي (أ.ب)
إردوغان يستعرض حرس الشرف في العاصمة البوسنية، سراييفو، يوم 6 سبتمبر الحالي (أ.ب)

تشهد السياسة الخارجية لتركيا نشاطاً محموماً في اتجاهات مختلفة، في سياق السباق الانتخابي الذي بدأ مبكراً على الرغم من أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية مقررة في 18 يونيو (حزيران) 2023. إلا أنّ محاولات إصلاح العلاقات مع كثير من الأطراف تصطدم بملفات خلافية معقدة، فضلاً عما تتسم به هذه السياسة التي انطبعت بأسلوب براغماتي اعتمد بشكل كبير على تكتيك تبديل الأوراق والتحالفات.
لقد دفعت الانتقادات القوية من جانب المعارضة التركية، التي تحافظ على تقدمها في استطلاعات الرأي المتعاقبة منذ بداية العام وتبدو أقرب من أي وقت مضى لتسلم السلطة في تركيا بعد أكثر من 20 عاماً من حكم حزب «العدالة والتنمية»، حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى العودة مرة أخرى إلى السياسة التي اتبعتها في بداياتها والتي عرفت بـ«تصفير المشاكل».
ولم يكن أكثر المتفائلين بالتغيير في السياسة الخارجية لتركيا ينتظر أن يسمع حديثاً عن الاستعداد لفتح الحوار وتطبيع العلاقات مع النظام السوري في دمشق بعدما تنبأت أنقرة منذ بداية الأزمة السورية في 2011 بسقوطه بسرعة تقترب من سرعة البرق، لكن اكتشفت فيما بعد أن حساباتها أوقعتها في خطأ استراتيجي كبير.
كان هذا التحول مثالاً لافتاً على التغيرات السريعة وتبديل الأوراق اعتماداً، فيما يبدو، على ضعف ذاكرة الشارع، أو تصور ذلك على الأقل. فبعد جولة من التصريحات المكثفة عن عملية عسكرية محتملة ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، تبدل الحديث إلى فتح قنوات اتصال على أعلى مستوى مع الأسد والاستعداد لتقديم الدعم الكامل له في القضاء على وجود «التنظيمات الإرهابية الانفصالية»، في إشارات إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد». وهو ما عزاه مراقبون إلى الفشل في تأمين مواقف مؤيدة للعملية العسكرية سواء من جانب الولايات المتحدة المتحالفة مع الوحدات الكردية في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، أو من جانب روسيا التي ترغب في إعادة سيطرة النظام على سوريا بالكامل وقبول تركيا بذلك والانفتاح على التنسيق مع النظام، على الرغم من تمسك أنقرة برؤية قائمة على أن النظام ليست لديه القدرة على القضاء على التهديدات التي تأتيها من حدودها الجنوبية.
وتذهب بعض التحليلات إلى أن حكومة إردوغان أرادت انتزاع ورقة الضغط بالملف السوري وقضية اللاجئين من يد المعارضة التي توظفها بقوة في سياق السباق الانتخابي الذي بدأ مبكراً بشكل محموم وربط مسألة اللاجئين بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة في تركيا من أجل كسب تأييد الشارع التركي، خصوصاً أن المعارضة أعلنت الانفتاح على التفاوض مع دمشق من أجل التوصل إلى حل لعودة السوريين إلى بلادهم.
ومن وجهة نظر أخرى، فإن التصعيد في التهديدات من جانب إردوغان بالعملية العسكرية في شمال سوريا، وحديثه عن القدوم «ذات ليلة على حين غرّة» إنما هو نوع من التعبئة وتغذية الشعور القومي من أجل استعادة أصوات القوميين بعد أن باتت قاعدتهم موزعة بين حزب الحركة القومية، الحليف لحزبه، وأحزاب أخرى أهمها «الجيد» و«النصر»، المنتميان أيضاً إلى التيار القومي اليميني.
أصحاب وجهة النظر هذه وضعوا التهديدات الأخيرة لإردوغان تجاه اليونان بعد التحرشات الأخيرة بالطيران الحربي التركي فوق بحر إيجة الشهر الماضي، في السياق ذاته. فقد استخدم إردوغان العبارة ذاتها التي أصبحت خطاباً كلاسيكياً له في الأزمات والمواقف التي تقتضي تلويحاً بالقوة. إذ حذر اليونان من أنه عندما يقتضي الأمر «سنأتي ذات ليلة على حين غرّة»، لإنهاء ما سماه «احتلال اليونان» لجزر بحر إيجة التي وضعت تحت السيادة اليونانية بموجب اتفاقيات دولية تعود إلى زمن الحرب العالمية الأولى.
التهديدات الأخيرة، التي فجرت نوعاً من السجال بين أنقرة وأثينا وتبادلاً لرسائل الشكوى لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكلتاهما عضو فيه، والأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، دفعت الولايات المتحدة و«الناتو» إلى مطالبة الدولتين الجارتين بحل الخلافات بينهما عن طريق الحوار.
ففي مؤتمر صحافي مشترك عقده وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ، ليل الجمعة - السبت، عقب محادثاتهما في بروكسل، قال بلينكن إن «كلا البلدين حليف وصديق مهم للولايات المتحدة، ونرغب في رؤيتهما يحلان الخلافات بواسطة طرق الحوار البناء، وهو ما حدث سابقاً، ونرغب في رؤيته مجدداً».
ومن جانبه، أكد ستولتنبرغ أن الحلف يدعم بكل تأكيد حل الخلافات بين أثينا وأنقرة بالطرق الدبلوماسية، وأنه أسّس آلية لخفض التصعيد بينهما واستخدمها في وقت سابق.
هذه المطالبة بالحوار، جاءت بعد ساعات فقط من تصريحات لإردوغان قال فيها إنه يخاطب اليونان باللغة التي تفهمها، وإن رسالته واضحة: «يمكن أن نأتي بغتة ذات ليلة»، ممتنعاً عن توضيح ما يقصده، وإن كان يقصد بذلك عملاً عسكرياً أو تدابير مختلفة.
وكرر إردوغان انتقاداته لقيام دول، على رأسها الولايات المتحدة، ببناء قواعد عسكرية في اليونان، قائلاً إنه سيطرح هذا الموضوع إذا سنحت له فرصة للقاء الرئيس جو بايدن، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولم تتخلص العلاقات التركية - الأميركية، على الرغم من تغير الإدارة في واشنطن، من ملفات خلافية عميقة، أبرزها الدعم الأميركي لأكراد سوريا، وملف اقتناء تركيا لمنظومة الصواريخ الروسية «إس 400» وحرمانها لهذا السبب من الحصول على مقاتلات «إف 35»، ومن بعدها مقاتلات «إف 16»، كبديل تطرحه أنقرة، لكنه يواجه معارضة كبيرة من جانب الكونغرس، الذي يرى أن تركيا لا بد أن تخضع لعقوبات أشد من التي تم فرضها بموجب قانون مكافحة خصوم أميركا بالعقوبات (كاتسا).
وفي المقابل، لا يتوقف إردوغان عن التلويح بورقة توسيع التعاون مع روسيا، التي بات الانفتاح الكبير في العلاقات معها في السنوات الخمس الأخيرة عاملاً من عوامل عرقلة تحسين العلاقات مع واشنطن، وكذلك الاتحاد الأوروبي، على الرغم من مناورة أنقرة بورقة العلاقات مع موسكو من أجل حلحلة الملفات الخلافية مع الغرب.
ومجدداً، عاد إردوغان، في تصريحات الجمعة، إلى التلويح بأن تركيا يمكنها تأمين طائرات مقاتلة من دول أخرى في حال لم تحصل على مقاتلات «إف 16» من الولايات المتحدة، مقدماً روسيا بديلاً مرجحاً إلى جانب بدائل أخرى منها بريطانيا وفرنسا.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.


وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
TT

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين، رغم تحفظات برلين الأخيرة بشأن الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة والعنف في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد زيارة قصيرة لمدة ساعتين إلى العقبة في الأردن؛ حيث سيلتقي بالملك عبد الله الثاني، سيقضي ميرتس أمسية ويوماً في القدس؛ إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد.

ويُعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

ورغم الحرب وتداعياتها، أكد سيباستيان هيل، المتحدث باسم المستشار، الجمعة، أن «العلاقات الألمانية الإسرائيلية سليمة ووثيقة ومبنية على الثقة».

وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة، وتُبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود. ومن المقرر أن يزور فريدريش ميرتس الأحد مؤسسة «ياد فاشيم» التذكارية التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.

ورغم ذلك، شدّدت برلين في الأشهر الأخيرة من نبرتها تجاه إسرائيل، مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كبير.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أحدث المستشار الألماني عاصفة سياسية، عندما قرر فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة من بلاده إلى إسرائيل، ردّاً على تكثيف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.

«تباعد خطابي»

أتاحت الهدنة في قطاع غزة لألمانيا رفع العقوبات بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكّد المتحدث باسم ميرتس أن «الأهمية الخاصة» للعلاقات بين ألمانيا وإسرائيل «لا تمنع إمكانية انتقاد جوانب معينة» من سياسة بنيامين نتنياهو.

ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء صباح الأحد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التنفيذ.

يظل هذا الاتفاق غير مستقر، مع تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاكه بشكل شبه يومي، وهو ما يُثير التساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.

الجمعة، أدان سيباستيان هيل مجدداً «الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين»، وكرر دعوته للحكومة الإسرائيلية «لوقف بناء المستوطنات».

وأثار إعلان حظر الأسلحة في أغسطس (آب) رداً قوياً من جانب حكومة نتنياهو، التي اتهمت حليفها التقليدي بـ«مكافأة إرهاب (حماس)».

وقد «احتدم النقاش» عندما أبلغ ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره عبر الهاتف، وفق ما أكد المستشار لقناة «إيه آر دي».

لكن جيل شوحط، مدير مكتب تل أبيب لمؤسسة «روزا لوكسمبورغ» المرتبطة بحزب اليسار الراديكالي الألماني «دي لينكه»، رأى في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك ليس أكثر من «تباعد خطابي» بين الزعيمين.

وقد أظهر تشغيل الجيش الألماني، الأربعاء، القسم الأول من منظومة الدرع الصاروخية «آرو» (حيتس)، التي نُشرت لأول مرة خارج إسرائيل، مدى اعتماد ألمانيا على الدولة العبرية لضمان أمنها على المدى البعيد.

وقد سلّطت برلين الضوء مؤخراً أيضاً على المساعدة التي قدمتها لها إسرائيل لتحسين دفاعاتها ضد الطائرات المسيّرة.

«انتظارات عالية»

على صعيد آخر، قوبل قرار إشراك إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) المقبلة، الذي اتخذ الخميس، بترحيب حار في ألمانيا، في حين قاد دولاً أخرى لإعلان مقاطعة المسابقة.

ويرى شوحط أن زيارة المستشار الألماني لبنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، تُشكل «بادرة سلبية للتطبيع في وضع لا ينبغي التطبيع معه».

وكان فريدريش ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية نهاية فبراير (شباط)، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن المستشارية عادت وأكدت مؤخراً أن هذا «ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن».

ويرى مايكل ريميل، مدير مكتب القدس لمؤسسة «كونراد أديناور» المرتبطة بالحزب «الديمقراطي المسيحي» الذي يتزعمه ميرتس، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن نتنياهو لديه الآن «انتظارات عالية»، ويأمل في «إشارة دعم مستمرة» من برلين.

من ناحية أخرى، تبدو نداءات برلين في الأشهر الأخيرة غير فعّالة مقارنة مع «النفوذ الأكبر» لترمب، الذي أظهر أنه الوحيد القادر على دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ريميل.


موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.