هل تنجح ثورة تن هاغ الجريئة في إعادة مانشستر يونايتد إلى الطريق الصحيح؟

التعاقد مع أنتوني والاستغناء تدريجياً عن رونالدو مؤشران على حدوث انقلاب كبير في النادي

أنتوني يحرز باكورة أهدافه بقميص مانشستر يونايتد في شباك آرسنال (أ.ب)
أنتوني يحرز باكورة أهدافه بقميص مانشستر يونايتد في شباك آرسنال (أ.ب)
TT
20

هل تنجح ثورة تن هاغ الجريئة في إعادة مانشستر يونايتد إلى الطريق الصحيح؟

أنتوني يحرز باكورة أهدافه بقميص مانشستر يونايتد في شباك آرسنال (أ.ب)
أنتوني يحرز باكورة أهدافه بقميص مانشستر يونايتد في شباك آرسنال (أ.ب)

ربما نحتاج إلى التحدث عن المال أولا، حيث تأتي صفقة انتقال المهاجم البرازيلي أنطونيو من أياكس أمستردام الهولندي إلى مانشستر يونايتد في المركز الثالث عشر في قائمة أغلى الانتقالات في تاريخ كرة القدم، وتقع بين صفقتي انتقال غاريث بيل وكريستيانو رونالدو إلى ريال مدريد. وعلاوة على ذلك، فإنها ترفع إجمالي إنفاق مانشستر يونايتد خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة إلى نحو 200 مليون جنيه إسترليني، فضلا عن الإضافات المحتملة. ومع التعاقد مع تيريل مالاسيا وليساندرو مارتينيز فإن هذا يعني أن مانشستر يونايتد وحده مسؤول عن حوالي 48 في المائة من إجمالي دخل أندية الدوري الهولندي الممتاز من انتقالات لاعبيها خلال الصيف الجاري.
وقال أنتوني في مقابلة صحافية الأسبوع الماضي عندما كان لا يزال لاعبا في صفوف أياكس: «الله يقرر مستقبلي». لكن، كما تعلمون، فإنه لم يكن بالإمكان رفض عرض بقيمة 86 مليون جنيه إسترليني من أحد أغنى الأندية في العالم! لكن يجب أن يكون هناك حذر، بالنظر إلى ما نعرفه عن مانشستر يونايتد، وخاصة في سوق الانتقالات، وبالتحديد في الأسبوع الأخير من فترة الانتقالات بعد البداية السيئة في الموسم، نظرا لأن النادي يصاب بالذعر في مثل هذه الأوقات ويشعر بضرورة التحرك سريعا من أجل تدعيم صفوفه، وهو الأمر الذي جعل النادي يدفع هذا المقابل المادي المبالغ فيه للغاية للتعاقد مع مهاجم يبلغ من العمر 22 عاما لم يسجل أكثر من تسعة أهداف في الدوري في أي موسم! وعلاوة على ذلك، فإن مانشستر يونايتد لم يتعاقد مع هذا اللاعب بناء على تحليل شامل وعملية استكشافية مدروسة، لكنه تعاقد معه لسبب واحد وهو أن المدير الفني الجديد يعرفه جيداً!
في الحقيقة، يمكن النظر إلى آليات انتقال أنتوني إلى «أولد ترافورد» على أنها رمز للعديد من الاختلالات الوظيفية التي يعاني منها مانشستر يونايتد. وشارك أنتوني أساسيا في مباراته الأولى مع الفريق يوم الأحد الماضي أمام آرسنال، بعد وصوله في الأيام الأخيرة من سوق الانتقالات مقابل 95 مليون يورو من أياكس أمستردام الهولندي ليجتمع بمدربه السابق إريك تن هاغ. علق الأخير على لاعبه: «سيشكل خطورة في البريميرليغ. كنا نفتقد للاعب على الجناح الأيمن، بإمكان سانشو وراشفورد اللعب في هذا المركز لكنهما يفضلان الجهة اليسرى لذا الآن بات لدينا الحلقة الناقصة التي بإمكانها اللعب جيداً على اليمين». وتابع «قدم أداء جيداً ولكن أعتقد أن بإمكانه أن يكون أفضل. سجل هدفاً جميلاً ولكن كل الأهداف كانت جراء عمل جماعي من الفريق».
لقد بدأت الأمور تتحسن كثيرا في مانشستر يونايتد بعد البداية السيئة في الموسم الحالي، حيث تمكن من تحقيق أربعة انتصارات متتالية، وربما كان الفوز 3 - 1 على آرسنال بثنائية ماركوس راشفورد وهدف أنتوني في المرحلة السابقة، هو المؤشر الأبرز على أن هناك شيئا مثيرا للاهتمام يحدث في مانشستر يونايتد.

رونالدو يدخل الملعب بديلاً لأنتوني (إ.ب.أ)

وكان العامل الأكبر يتعلق بتطور مانشستر يونايتد فيما يتعلق بالاستحواذ على الكرة. يتراجع كريستيان إريكسن للخلف كثيرا لدرجة أنه يجعلك تشعر في بعض الأحيان وكأنه يلعب كقلب دفاع ثالث. ويتقدم الظهيران مالاسيا وديوغو دالوت للأمام، لكن ليس كجناحين. لكنهما بدلا من ذلك يتحركان في العمق، أقرب إلى المكان الذي يلعب به محور الارتكاز. إنها نفس الخدعة التي غالبا ما يلجأ إليها المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، والتي تساعده على ضرب عصفورين بحجر واحد: أولا، عندما يفقد الفريق الكرة فإن اللاعبين يكونون في وضع أفضل لإفساد الهجمة المرتدة للخصم. وثانيا، فإن ذلك يمنح الجناحين مساحة أكبر من أجل التحرك في النواحي الهجومية. وربما هذا هو المكان الذي سيلعب فيه أنتوني.
وتشير التوقعات، وخاصة بعد مواجهة آرسنال، إلى أن أنتوني، الذي يجيد اللعب بالقدم اليسرى، سوف يلعب ناحية اليمين، وهو المركز الذي كان يمثل مشكلة منذ فترة طويلة لمانشستر يونايتد. ويتميز اللاعب البرازيلي بالقدرة على المراوغة بسرعة، والقدرة على الدخول إلى عمق الملعب من أجل إرسال كرات عرضية أو التسديد على المرمى، كما يمكنه الضغط بكل قوة على الخصم ويلعب بحماس شديد أو بـ«غرينتا» كبيرة، وهو المصطلح الإيطالي الذي يحب تن هاغ أن يستخدمه كثيرا للحديث عن اللاعبين الذين يمتلكون العزيمة والشجاعة والإرادة للقتال والرغبة في تحقيق الفوز بأي ثمن.
ويعني هذا أن جادون سانشو سينتقل إلى اللعب ناحية اليسار. ويمكن أن يلعب ماركوس راشفورد في نفس المكان أيضا، أو منافسة أنتوني مارسيال على مركز رأس الحربة الصريح. ويمكن أن يلعب برونو فرنانديز خلف المهاجمين الثلاثة، رغم أن تن هاغ قد تكون لديه خطط على المدى الطويل لإعادة تأهيل دوني فان دي بيك والدفع به في المباريات. انتظر قليلا، هل نسينا أي لاعب آخر يمكن أن يلعب في الشق الهجومي؟
ولا يجب أن ننسى بالطبع كريستيانو رونالدو، الذي حاول الرحيل عن النادي خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، لكنه فشل في ذلك ليجد نفسه حبيسا لمقاعد البدلاء منذ مباراة برينتفورد. (من الجدير أيضا أن نتذكر أنه فقد طفلا منذ خمسة أشهر، ولديه كل العذر لكي يشتت انتباهه). ومع ذلك، ربما يكون تعاقد مانشستر يونايتد مع أنتوني هو أوضح إشارة حتى الآن على أن تن هاغ ينوي بناء فريق من دون النجم البرتغالي، خاصة أن أنتوني لاعب سريع ومتحرك ولا يمكن التنبؤ بتحركاته، ويمكنه تهديد مرمى الفرق المنافسة من زوايا متعددة. ويُعد هذا في حد ذاته تطورا «ثوريا» داخل النادي، إن جاز التعبير، حيث يتم الاستغناء تدريجيا عن نجم الفريق بعد موسم سجل فيه 18 هدفا في الدوري. كما يعد هذا مؤشرا واضحا على الانقلاب الكبير الذي حدث في النادي خلال الصيف الجاري.
وكان من المتوقع أن تكون التشكيلة الأساسية لمانشستر يونايتد خلال الموسم الحالي بناء على ما حدث الموسم الماضي كالتالي: دي خيا، ووان بيساكا، وليندلوف، وماغواير، ولوك شو، وفريد، وماكتوميناي، وغرينوود، وفرنانديز، سانشو، ورونالدو. لكن لا يشارك في التشكيلة الأساسية حاليا سوى أربعة لاعبين فقط من هذه القائمة، بالإضافة إلى أن سكوت مكتوميناي سوف يخرج من هذه التشكيلة قريبا لصالح كاسيميرو. وعلاوة على ذلك، من شبه المؤكد أن يتم استبدال ديفيد دي خيا بمجرد توافر البديل المناسب، وهو ما يعني أن سانشو وبرونو فرنانديز هما اللاعبان الوحيدان المتبقيان من التشكيلة الأساسية للفريق الموسم الماضي. وقال تن هاغ بعد الخسارة أمام برينتفورد برباعية نظيفة هذا الموسم، وهو مستاء: «كنت أريد تغيير الفريق بأكمله». حسنا، لقد أوشك على القيام بذلك بالفعل!
لقد استغرق تنفيذ هذه العملية سنوات وليس شهورا من جانب المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، نظرا لأنه لم يكن يبحث فقط عن اللاعبين الموهوبين الذين يمكنهم قيادة النادي لتحقيق الفوز، ولكنه كان يبحث أيضا عن لاعبين أصحاب شخصيات قوية يقاتلون من أجل بعضهم البعض، ويمكنهم اللعب وفقا للخطة التي يضعها المدير الفني. إن ما يحاول تن هاغ القيام به هنا هو أحد أكثر الأعمال جرأة في أحد أفضل الأندية في أوروبا في مثل هذا الوقت القصير. في الحقيقة، ليس هناك ما يضمن أن هذا الأمر سينجح، كما أنه لا يمكن الحكم على الأمور الآن، خاصة أن الانتصارات الأربعة التي حققها مانشستر يونايتد حتى الآن جاءت أمام فرق تلعب بشكل مفتوح وتقدم كرة هجومية. وبالتالي، يبقى أن نرى كيف سيلعب مانشستر يونايتد أمام الفرق التي تعتمد على التكتل الدفاعي، ويبقى أن نرى إلى متى سيتحلى اللاعبون المهمشون بالهدوء من دون إثارة المشاكل، وإلى متى سيواصل مانشستر يونايتد تدعيم صفوفه بشكل غير مدروس. إنها خطة طموحة ومعيبة في نفس الوقت، وربما تكون خطة قد يحكم عليها بالفشل في نهاية المطاف، لكنها على الأقل خطة!


مقالات ذات صلة


شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
TT
20

شاهد... روبوتات تنافس البشر في نصف ماراثون بكين

الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)
الروبوت «تيانغونغ ألترا» يعبر خط النهاية خلال نصف ماراثون إي تاون للروبوتات البشرية (رويترز)

تنافس أكثر من 20 روبوتاً في أول نصف ماراثون بشري في العالم في الصين اليوم (السبت)، ورغم تفوقها التكنولوجي المذهل، فإنها لم تتفوق على البشر في المسافة الطويلة.

وشارك أكثر من 12 ألف شخص في السباق الذي يمتد إلى 21 كيلومتراً. وفصلت حواجز مسار عدْو الروبوتات عن منافسيها من البشر.

وبعد انطلاقها من حديقة ريفية، اضطرت الروبوتات المشاركة إلى التغلب على منحدرات طفيفة، وحلبة متعرجة بطول 21 كيلومتراً (13 ميلاً) قبل أن تصل إلى خط النهاية، وفقاً لصحيفة «بكين ديلي» الحكومية.

شاركت فرق من عدة شركات وجامعات في السباق، الذي يُمثل عرضاً للتقدم الذي أحرزته الصين في تكنولوجيا الروبوتات، في محاولتها اللحاق بالولايات المتحدة، التي لا تزال تفخر بنماذج أكثر تطوراً، وفق ما أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتم السماح للمهندسين بإجراء تعديلات على أجهزة التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بهم على طول الطريق، مع تحديد محطات مساعدة خاصة للروبوتات. ولكن بدلاً من الماء والوجبات الخفيفة، كانت المحطات تقدم بطاريات، وأدوات فنية للروبوتات.

روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يفقد السيطرة عند بداية أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

ورغم منح الروبوت أقصى طاقة ممكنة، تأخر الروبوت «تيانغونغ ألترا» كثيراً عن أسرع رجل في السباق، الذي عبر الخط في ساعة واحدة و11 ثانية تقريباً. أول روبوت يعبر خط النهاية، تيانغونغ ألترا، من ابتكار مركز بكين لابتكار الروبوتات البشرية، أنهى السباق في ساعتين و40 دقيقة. وهذا يقل بنحو ساعتين عن الرقم القياسي العالمي البشري البالغ 56:42 دقيقة، والذي يحمله العداء الأوغندي جاكوب كيبليمو. أما الفائز بسباق الرجال اليوم (السبت)، فقد أنهى السباق في ساعة ودقيقتين.

وكان السباق بمثابة عرض فني، وقال رئيس الفريق الفائز إن روبوتهم -رغم تفوقه على البشر في هذا السباق تحديداً- كان نداً لنماذج مماثلة من الغرب، في وقتٍ يحتدم فيه السباق نحو إتقان تكنولوجيا الروبوتات البشرية.

المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)
المهندسون يتسابقون مع الروبوت «تيانغونغ ألترا» خلال نصف ماراثون «إي تاون» للروبوتات البشرية (رويترز)

وكانت الروبوتات، بأشكالها وأحجامها المتنوعة، تجوب منطقة ييتشوانغ جنوب شرقي بكين، موطن العديد من شركات التكنولوجيا في العاصمة.

خلال الأشهر القليلة الماضية، انتشرت مقاطع فيديو لروبوتات صينية بشرية وهي تؤدي حركات ركوب الدراجات، والركلات الدائرية، والقفزات الجانبية على الإنترنت.

روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)
روبوت يشارك في أول نصف ماراثون روبوتي في العالم خلال نصف ماراثون الروبوتات البشرية الذي أقيم في بكين (أ.ب)

في وثيقة سياسية لعام 2023، حددت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية صناعة الروبوتات البشرية باعتبار أنها «حدود جديدة في المنافسة التكنولوجية»، وحددت هدفاً بحلول عام 2025 للإنتاج الضخم، وسلاسل التوريد الآمنة للمكونات الأساسية.

وقال مهندسون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدف هو اختبار أداء الروبوتات، وما إذا كانت جديرة بالثقة. ويؤكدون أنّ الأولوية هي الوصول إلى خط النهاية، لا الفوز بالسباق. ورأى كوي وينهاو، وهو مهندس يبلغ 28 عاماً في شركة «نوتيكس روبوتيكس» الصينية، أن «سباق نصف الماراثون يشكل دفعاً هائلاً لقطاع الروبوتات بأكمله». وأضاف: «بصراحة، لا يملك القطاع سوى فرص قليلة لتشغيل آلاته بهذه الطريقة، بكامل طاقتها، على هذه المسافة، ولوقت طويل. إنه اختبار صعب للبطاريات، والمحركات، والهيكل، وحتى الخوارزميات». وأوضح أن روبوتاً تابعاً للشركة كان يتدرب يومياً على مسافة تعادل نصف ماراثون، بسرعة تزيد على 8 كيلومترات في الساعة.

منافسة مع الولايات المتحدة

وشدّد مهندس شاب آخر هو كونغ ييتشانغ (25 عاماً) من شركة «درويد آب»، على أن سباق نصف الماراثون هذا يساعد في «إرساء الأسس» لحضور هذه الروبوتات بشكل أكبر في حياة البشر. وشرح أنّ «الفكرة الكامنة وراء هذا السباق هي أنّ الروبوتات الشبيهة بالبشر يمكنها الاندماج بشكل فعلي في المجتمع البشري، والبدء بأداء مهام يقوم بها بشر». وتسعى الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى أن تصبح الأولى عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، مما يضعها في منافسة مباشرة مع الولايات المتحدة التي تخوض معها راهناً حرباً تجارية. أصبحت الشركات الصينية، وتحديداً الخاصة منها، أكثر نجاحاً في استخدام التقنيات الجديدة.

في يناير (كانون الثاني)، أثارت شركة «ديب سيك» الناشئة اهتماماً إعلامياً واسعاً في الصحف العالمية بفضل روبوت محادثة قائم على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها ابتكرته بتكلفة أقل بكثير من تكلفة البرامج التابعة لمنافسيها الأميركيين، مثل «تشات جي بي تي».