تسببت الأزمة السياسية المتفاقمة في باكستان في تشتيت جهود الحكومة فيما يتعلق بجهود معالجة الإرهاب والتشدد في الوقت الذي تقوم فيه حركة طالبان الباكستانية بإحياء الإرهاب والتهديد العسكري على الحدود الغربية للبلاد. وتتعرض قيادة الجيش الباكستاني، التي تعد الحصن القوي الوحيد في مواجهة التشدد والإرهاب، لانتقادات لاذعة من القوى السياسية التي كانت في الماضي تقدم الدعم السياسي الضروري للعمليات العسكرية في مناطق الحدود الباكستانية الأفغانية.
تواجه قوات الأمن الباكستانية اعتداءات إرهابية شبه يومية تشنها جماعات متشددة، ما يؤدي إلى إزهاق عدد كبير من الأرواح، لكن يبدو أن الحكومة الباكستانية مشغولة للغاية في التعامل مع الهجوم السياسي للمعارضة، والذي يزداد ضراوة يوماً بعد آخر.
حالياً لا يكتفي رئيس الوزراء السابق عمران خان بمهاجمة رئيس الوزراء شهباز شريف وحكومته فحسب، بل يشن حملة انتقادات مباشرة على قادة الجيش. ففي أحد تصريحاته، ألقى عمران خان بظلال من الشك على رئيس أركان الجيش القادم، المقرر تعيينه في هذا المنصب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بعد تقاعد الجنرال باجوا من منصبه.
وسرعان ما رد الجناح الإعلامي للجيش على تصريح عمران خان بقوله إن حالة من الغضب الشديد قد اعترت صفوف الجيش إثر تصريحه الأخير.
بالعودة إلى عام 2014 عندما شن الجيش الباكستاني هجوماً كبيراً على مواقع المسلحين في المناطق القبلية، اجتمعت القيادة السياسية بأكملها في إسلام آباد بناءً على دعوة من قائد الجيش آنذاك، الجنرال أشفق برويز كياني، وتوصلوا إلى توافق في الآراء بشأن إرسال الجيش إلى المناطق القبلية. وأفاد عدد من الخبراء بأن مثل هذا الإجماع السياسي ضروري في مجتمع ممزق سياسياً مثل باكستان حيث يمكن أن تتفاقم قضية سياسية صغيرة لتصبح أزمة سياسية كبيرة أو حالة من الجدل.
في هذه الأوقات من الأزمات السياسية العميقة، كان كبار الضباط في الجيش ينظرون إلى النقد اللاذع للتدخل المؤسسي للجيش ودور كبار الضباط في سياسات البلاد باعتباره أمراً مقلقاً ومحبطاً للغاية».
في حقيقة الأمر، إن توجيه الانتقادات من قبل حزبين سياسيين رئيسيين، حزب «الرابطة الإسلامية للتحرير الوطني» وحزب الحركة الانقلابية، اللذين يتمتعان بشعبية في وسط وشمال البنجاب ومناطق خيبر باختونخوا». ومن الممكن أن تتفاقم الخلافات المحيطة بالمشاركة المزعومة للجنرال باجوا وكبار الضباط في السياسة لتصبح أزمة كبرى للجيش كمؤسسة. وقد يتسبب هذا الوضع في مشكلات كبيرة لكبار ضباط الجيش لدفع النخبة السياسية في البلاد إلى تكوين إجماع سياسي في حال إجبار الجيش، بسبب الوضع في المناطق الحدودية الباكستانية الأفغانية، على شن عملية عسكرية كبيرة أخرى ضد حركة طالبان باكستان.
يعتبر الوضع على الحدود الغربية مقلقاً للمؤسسة الأمنية الباكستانية خصوصاً أن المحادثات مع طالبان لا تفضي إلى نتيجة حيث أفاد أحد الخبراء العسكريين بأن هناك احتمالات متزايدة لأن يضطر الجيش الباكستاني مرة أخرى إلى شن عملية كبيرة ضد حركة طالبان باكستان التي أعيد تجميعها وتنظيمها في مناطق الحدود الباكستانية الأفغانية. وفي هذا الصدد، قال أحد المسؤولين إن «طالبان الباكستانية باتت الآن وضع يمكنها مرة أخرى من تشكيل تهديد إرهابي كبير لقوات الأمن الباكستانية والمراكز الحضرية بعد أن سُمح لها بإعادة تجميع صفوفها في أفغانستان منذ أغسطس (آب) 2021».
باكستان: الأزمة السياسية تبعد تركيز الحكومة عن الإرهاب
باكستان: الأزمة السياسية تبعد تركيز الحكومة عن الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة