Jaws... سمكة القرش تعود بعد 47 سنة من عرضها الأول

فيلم سبيلبرغ الجديد... لزام الحديث عن العائلة من وجهتي نظر متناقضتين

المحافظ موراي هاملتون يؤكد أن كل شيء على ما يرام
المحافظ موراي هاملتون يؤكد أن كل شيء على ما يرام
TT

Jaws... سمكة القرش تعود بعد 47 سنة من عرضها الأول

المحافظ موراي هاملتون يؤكد أن كل شيء على ما يرام
المحافظ موراي هاملتون يؤكد أن كل شيء على ما يرام

خلال النصف الأول من الشهر المقبل، يعود أفتك أنواع السمك إلى الشاشة الكبيرة. فيلم ستيفن سبيلبرغ الذي عُرض في صيف 1975 بعنوان «Jaws» (عن فكّي تلك السمكة الضخمة) يعود في صيف 2022 ليرى إذا ما كان هناك من لا يزال يخاف من أسماك القرش.
طبعاً من حين نجاحه (471 مليون دولار حول العالم)، أُنجز دفق كبير من أفلام القرش. كل عام أو عامين هناك قرش يهدد حياة أبرياء. آخرهم كان ذلك القرش الأبيض في «The Reef‪:‬ Stalked» السنة الحالية. فيه اختارت أربع فتيات جميلات، بقعة نائية من المحيط للسباحة غير مدركات بالطبع أن هناك سمكة بأسنان حادة تنتظر مثل هذه الوليمة الكبرى.‬
180 فيلماً أو أكثر قليلاً، هو مجموع الأفلام التي أُنتجت عن أسماك القرش. معظمها روائي، ومعظم الروائي يمنح القرش دور الشرير المخيف. معظمها أفلام رعب. العديد منها مستوحى من نجاح «جوز» سبيلبرغ في ذلك العام البعيد.
الجامع بين غالبية هذه الأفلام أنها مثل أسماك القرش، لا تفكر إلا في مهامها المباشرة. بالنسبة إليها تسجيل عائدات مالية من الذين يريدون مشاهدة كيف تأكل السمكة الآدميين. كيف يختلط جمال الأبدان بوحشية الحيوان، والماء بالدماء، وكيف تعلو صرخات النساء خوفاً وهلعاً. قليل منها لديه أجندة أخرى. وأحد هذه الأفلام القليلة هو فيلم سبيلبرغ نفسه.

                                       روبرت شو يتوسط روي شويدر وريتشارد دريفوس في «جوز»
رعونة لا بطولة
في جلّه هو حكاية (وضعها بيتر بنشلي) عن بلدة ساحلية صغيرة فوق جزيرة أميركية اسمها أميني. شريف البلدة مارتن برودي (روي شايدر)، لديه زوجة اسمها إيلين (لورين غراي، وصبيان صغيران. إنه الرابع من يوليو (تموز)، العيد الوطني لاستقلال أميركا. الساحل مكتظ بالسياح، وستيفن يصوّرهم على طبائعهم العادية. لكن هناك حس ينتاب المشاهد المفكّر من أن الغاية من تصويرهم بضجيجهم ومسالكهم الساذجة هو تسخيفهم، وليس منحهم صورة طالبي متعة بريئة. في ذلك، لو بحثت أكثر، شيء من اللوم أو التصغير.
عندما يكتشف برودي جثة امرأة نهشها القرش حتى الموت، يطلب من محافظ البلدة (موراي هاملتون) إغلاق الشاطئ، لكن عين هذا على الخسائر الكبيرة التي ستتعرض لها البلدة في حال حقّق هذا الطلب. يبني المحافظ موقفه على أن لا شيء يُثبت أن القتيلة ماتت نتيجة هجوم سمكة قرش رغم تقرير الطبيب الشرعي.
هذا الصراع بين المحافظ وبرودي هو الصراع بين من يفضّل الحفاظ على الاقتصاد، وبين ذلك الذي يفضل الوقاية من المخاطر. ضحية أخرى ومن ثَم صيد لقرش معتدل الحجم يفرح المحافظ على أساس أن القضية انتهت عند هذا الحد.
لكن برودي لا يعتقد أن القرش الذي تم صيده هو القرش الذي لا يزال يحوم في تلك المياه، ويستعين بصياد محترف اسمه كوينت (روبرت شو)، والعالم البيولوجي مات هوبر (ريتشارد دريفوس) والثلاثة يركبون يختاً ويمضون في البحر بانتظار هجوم الوحش الذي يقع بعد حين ويهدد الثلاثة. الوحيد الذي يخسر حياته هو كوينت. الآخران ينجحان في نسف السمكة القاتلة وتنتهي الحكاية عند هذا الحد (إلى حين الجزء اللاحق على الأقل).
هناك شيء خطأ في عملية التخلص من كوينت، وهو أن موته إدانة أكثر منه تضحية. رعونة أكثر منه بطولة. اختيار من يموت ومن يحيا في الأفلام عموماً، له علاقة بمفهوم معين. غالباً الشرير يموت لأنه شرير. الطيّب إذا مات فلأنه ضحية. لكن بالنسبة لكوينت فإن المسألة مختلفة. هو يمثّل الرجولة، والرجولة عند سبيلبرغ مسألة معقّدة. أبطاله إذن عاشوا المحنة، فإن ذلك يعود إلى أنهم ليسوا ذوي الرجولة الآتية من معين القوّة والثبات. ريتشارد درايفوس في «Close Encounter of the Third Kind»، هو رجل، لكنه ضعيف وهو يعيش في النهاية. دينيس ويفر في «Duel»، هو رجل ضعيف تلاحقه شاحنة بقصد دهسه. يحتال عليها فتسقط في الوادي ويعيش هو.

سمكة من صفيح
في هذا المثال الأخير، الشاحنة الضخمة هي رمز للرجولة. بالتالي، سمكة القرش رمز للرجولة كذلك. الصراع ضدهما هو صراع الضعيف ضد القوي، وإذا كان من بين الآدميين من هو قوي فسيُضحّى به لكي يكتمل التماثل بين الرجل القوي ورمز الرجل القوي.
لا يوجد في «جوز» أي اعتبار لأن يكون القرش أنثى. لقد حُكم عليه كذكر. وهوبر، الذي لا يجرؤ على التفكير في السقوط بين أنياب القرش كما حدث مع كوينت، يؤكد ذلك عندما يقول: «إما أن أتمكن منه أو أن يتمكن مني» (Either I get HIM or HE gets me).
يكاد هذا الرمز يعمل على وسيط آخر: أبطال سبيلبرغ عموماً ليسوا من أهل الثقافة والعلم. صحيح أن هوبر عالم بيولوجي، لكنه يبدو متفانياً في إظهار قدراته الخاصّة كمتعلم أكثر من ممارسة العلم الذي درسه. برودي، هو الشخص الطيّب الذي لن يستطيع الفوز في أي معركة يدوية. ربما لذلك عمد إلى سلك البوليس لأن ذلك يمنحه حماية.
درايفوس في «لقاءات قريبة من النوع الثالث» مثالي، مرتبك، حالم وغير سعيد بوضعه (زوجاً)، وواثق من أنه سيكون من بين النخبة التي ستصل إلى المكان الذي ستحط فيه السفينة الآتية من الفضاء. حتى جنود «إنقاذ المجند رايان» ليسوا بالمفهوم الرجولي ذاته لشخصيات المخرج روبرت ألدريتش في «Attack» و«Too Late the Hero». أو كشخصيات هوارد هوكس، وجون فورد، وهنري هاذواي، وأنطوني مان حيث القوّة الذكورية هي التي تسود وتصنع الانتصارات الكبيرة.
أفضل ما في الفيلم ليس مشاهد التحضير لظهور القرش الفعلي والهلع، الذي يسببه بين مواطنين عزّل من القوّة. وليس المشاهد الأخرى للقرش وهو يدور حول السفينة ويقضمها، قليلة. هي بالفعل مشاهد مثيرة، تشبه تلك المثيرة في «مبارزة»، وفي فيلم سبيلبرغ الآخر «جوراسيك بارك» (فيه يقتل رجلاً آخر معتد بقوّته حين يواجه القوّة الأكبر التي يمثلها الديناصور). لكن هذه مشاهد مونتاجية بارعة مع موسيقى حاشدة لرفع برموميتر التوتر، واستخدام وحش من صفيح بطريقة مؤثرة.
المشهد القيّم الفعلي، هو ذلك الذي يتجالس فيه الرجال الثلاثة ليحكي كل منهم شيئاً عن نفسه. حكايات برودي وهوبر لا شيء غير عادي فيها، لكن حكاية كوينت تأخذنا في أرجاء ومساحات شخصية مركّبة لم تفهم سوى مبدأ القوّة، خصوصاً أنه كان من بين الذين أُنقذوا من الباخرة الأميركية «إنديانابوليس»، حين أصيبت وغرقت خلال الحرب العالمية الثانية. بمهارة ومعرفة، يترك سبيلبرغ الممثل شو (أفضلهم) سرد الحكاية فيقول في أسى: «1100 رجل غرقوا، 316 نجوا. الباقون أكلتهم أسماك القرش».
إنه حوار طويل في نحو 3 دقائق يقوم به روبرت شو لاجئاً إلى ابتسامة ساخرة وأخرى مقهورة. هذا رجل لم يشأ أن ينسى ويبتعد، بل لا يزال يشعر بالرغبة في الانتقام من ذلك القرش الذي، حسب ما يقول: «يتقدّم منك بعينين ميّتتين. لن تشعر بأنه حي إلا عندما يبدأ بالعض. المحيط يصبح أحمر اللون».

نوعان للعائلة
بذلك يضع سبيلبرغ المشاهدين أمام موقف لا يخلو من التناقض. كوينت هو رجل من خارج التاريخ، ليس لأنه، بعرف الفيلم كما الواقع، أكبر سناً من رفيقيه، بل لأنه آتٍ من تجربة الحرب العالمية الثانية. آخرون اشتركوا فيها، لكنهم خرجوا منها بجراح أقل ثخانة. كوينت بالنسبة لمشاهديه ضحية تستدعي التعاطف، لكنه يحمل، في الجانب الآخر، مما يمنح شسبيلبرغ الفرصة للتشكيك بأهميّته. إنه رجل غير عصري. لا يعيش كما الآخرين. أمضى حياته في صيد القرش، وسيموت بما أمضى حياته في صيده.
طبعاً لا نعرف ما يكفي عن حياة برودي وهوبر. ليس تاريخهما مسألة مهمّة. لكن ما هو مهم، أن برودي رجل عائلة والعائلة لديه مهمّة.
هذا هو الحال عند سبيلبرغ. في العديد من أفلامه يجد لزاماً الحديث عن العائلة من وجهتي نظر متناقضتين. هناك أفلام له تتحدث عن الشرخ في العائلة، وأفلام عن اتحادٍ ما. الشرخ موجود في «مبارزة» عندما نرى دينيس ويفر يتحدّث هاتفياً مع زوجته التي ستتركه. في «لقاءات قريبة من النوع الثالث» الخلاف بين الحالم درايفوس وبين زوجته المتبرّمة من حياتها معه، واضح.
الجانب الثاني هو انعكاس لشعور سبيلبرغ بحبّه لأبيه. هذا متبدّى في العلاقة التي تربط توم كروز بابنه في «War of the World» سنة 2005. لكنها أيضاً في «إمبراطورية الشمس» (1987). وتأخذ بُعداً عاطفياً شديداً في «A‪.‬I‪.‬ Artifiicial Interllegence» سنة 2001 حيث ذلك الصبي غير الآدمي يبحث عن الحنان الذي فقده من الأم ومن الأب على حد سواء وسوف لن يجده. ‬‬
في السنوات التالية لفيلم «جيروسيك بارك» الأول (1993)، أخذ سبيلبرغ التخلي عن مسائل العائلة وصراع الرجولة، لإثبات وجود لا قيمة فعلية له في عالم اليوم، ناشداً معالجات مختلفة لا مكان فيها لتلك المفادات. عملياً، ترسّخ الاتجاه الجديد بعد «تقرير الأقلية» (Minority Report) 2002. وتبع ذلك انتقاله بين أنواع من الأفلام التي يسودها رجال ونساء بلا تواريخ حياة واضحة. أفلام مثل «The Terminal» و«ميونيخ» (رغم وجود مشهد تُفجر فيه الموساد منزل عربي بحضور أولاده)، ولاحقاً في «War Horse»، و«لنيكولن»، و«جسر الجواسيس» وسواها.
لكن فيلم سبيلبرغ المقبل سيعاود طرح هذه المسائل المشار إليها في هذا التحليل من جديد. الفيلم هو «The Fabelmans»، والحبكة تدور حول حياته ما بين السابعة والثامنة عشرة من عمره.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بايدن يصدر أكبر عفو رئاسي أميركي في يوم واحد

الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
TT

بايدن يصدر أكبر عفو رئاسي أميركي في يوم واحد

الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض 10 ديسمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض 10 ديسمبر (إ.ب.أ)

خفّف الرئيس الأميركي جو بايدن الأحكام، الخميس، على زهاء 1500 شخص، وعفا عن 39 من المدانين بجرائم غير عنيفة، في أكبر عفو رئاسي تشهده الولايات المتحدة خلال يوم واحد.

وكان ثاني أكبر قانون عفو ​​في يوم واحد من الرئيس السابق باراك أوباما، الذي خفّف الأحكام عن 330 شخصاً قبل وقت قصير من ترك منصبه عام 2017، وأفاد البيت الأبيض في بيان بأن تخفيف الأحكام سيؤثر غالباً على الذين أطلقوا من السجون وأمضوا ما لا يقل عن عام في الحبس المنزلي خلال جائحة «كوفيد - 19». أما الأشخاص الذين حصلوا على العفو فهم ممن أدينوا بجرائم غير عنيفة، ومنها حيازة الماريغوانا.

جرائم غير عنيفة

وأكّد بايدن في بيان أنه سيتخذ مزيداً من الخطوات في الأسابيع المقبلة، وسيواصل مراجعة التماسات العفو. وقال: «بُنيت أميركا على وعد الإمكانية والفرص الثانية»، مضيفاً: «بصفتي رئيساً، لدي امتياز عظيم بمنح العفو للأشخاص الذين أظهروا الندم وإعادة التأهيل، واستعادة الفرصة للأميركيين للمشاركة في الحياة اليومية والمساهمة في مجتمعاتهم، واتخاذ خطوات لإزالة التفاوت في الأحكام للمجرمين غير العنيفين، خصوصاً المدانين بجرائم المخدرات».

وقال محامو البيت الأبيض إن الذين منحوا العفو أدينوا بجرائم غير عنيفة، مثل جرائم المخدرات وغيّروا حياتهم. وبينهم امرأة قادت فرق الاستجابة للطوارئ أثناء الكوارث الطبيعية، وشماس كنيسة عمل مستشار إدمان ومستشاراً للشباب، وطالب دكتوراه في العلوم البيولوجية الجزيئية، ومحارب قديم مخضرم.

وجاء إعلان هذا العفو بعد أسبوعين من إصدار بايدن عفواً عن ابنه هانتر، الذي أدين بحيازة سلاح بصورة غير قانونية، وتهرُّب ضريبي، في قرار تعرّض لانتقادات شديدة من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، لأن بايدن أعلن مراراً أنه لن يعفو عن ابنه.

وأفاد البيت الأبيض بأن العفو الجديد يمثل التزام بايدن «بالمساعدة في لم شمل الأسر، وتعزيز المجتمعات، وإعادة دمج الأفراد في المجتمع»، مضيفاً أن بايدن هو أول رئيس يصدر عفواً قاطعاً للأشخاص المدانين بالاستخدام البسيط وحيازة الماريغوانا، وكذلك للعسكريين السابقين المدانين بانتهاك القوانين العسكرية السابقة ضد المثلية.

عقوبة الإعدام

ويتعرض بايدن لضغوط من جماعات المناصرة للعفو عن شرائح واسعة من الناس، بما في ذلك أولئك المحكوم عليهم بالإعدام على المستوى الفيدرالي، قبل أن يعود الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) المقبل، بالإضافة إلى تحرير الأشخاص الذين يمضون أحكاماً طويلة بشكل غير متناسب في قضايا المخدرات.

ويدعم الرئيس ترمب عقوبة الإعدام، وأعاد خلال ولايته الأولى تشغيل عمليات الإعدام الفيدرالية بعد توقف دام قرابة 20 عاماً.

وبصفته سيناتوراً في مجلس الشيوخ، دافع بايدن عن مشروع قانون الجريمة لعام 1994 الذي يعتقد كثير من الخبراء أنه عزّز إصدار أحكام سجن على نطاق واسع. وعبر منذ ذلك الحين عن أسفه لدعمه للتشريع، وتعهد خلال حملته لعام 2020 بمعالجة الأحكام الطويلة المتعلقة بالمخدرات التي نتجت عن ذلك.

وكان مصير الذين نقلوا إلى الحبس المنزلي أثناء جائحة «كورونا»، عندما انتشر الفيروس بسرعة عبر السجون، محل قلق خاص للناشطين وغيرهم. وحاول بعض الجمهوريين، الذين من المقرر أن يسيطروا على الكونغرس الشهر المقبل، دفع تشريع كان سيجبرهم على العودة إلى السجن.

وفي بيانه الخميس، أكد بايدن أن كثيراً من هؤلاء الأشخاص كانوا سيحصلون على أحكام مخففة إذا واجهوا اتهامات بموجب القوانين الحالية. وقال: «نجح هؤلاء المستفيدون من تخفيف الأحكام، الذين تم وضعهم في الحبس المنزلي أثناء جائحة (كوفيد - 19)، في إعادة الاندماج مع أسرهم ومجتمعاتهم، وأظهروا أنهم يستحقون فرصة ثانية».

خصوم ترمب

وقال بايدن إنه سيتخذ مزيداً من الخطوات في الأسابيع المقبلة، وسيواصل مراجعة التماسات العفو، من دون أن يتضح ما إذا كان ذلك سيعني إصدار عفو شامل لحماية عدد من خصوم ترمب من «الانتقام». كما أنه يدرس ما إذا كان سيصدر عفواً استباقياً لأولئك الذين حققوا في جهود ترمب لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ويواجهون انتقاماً محتملاً عندما يتولى منصبه.

ولا يعتقد مسؤولو البيت الأبيض أن المستفيدين المحتملين ارتكبوا جرائم بالفعل، لكنهم أصبحوا قلقين بشكل زائد من أن اختيارات ترمب للمناصب العليا في وزارة العدل تشير إلى أنه سينفذ وعيده المتكرر بالسعي إلى الانتقام. وتتمثل الفكرة في تمديد العفو التنفيذي بشكل استباقي إلى قائمة من المسؤولين الحكوميين الآن والسابقين، مما يؤدي فعلياً إلى إحباط حملة الانتقام التي توعد بها الرئيس المقبل.

وقال السيناتور آدم شيف، الذي كان رئيس لجنة الكونغرس للتحقيق في تمرد 6 يناير 2021، إن مثل هذا العفو «غير ضروري»، عادّاً أن الرئيس لا ينبغي أن يمضي أيامه الأخيرة في منصبه قلقاً في شأن هذا الأمر.