فرنسا ستبقي ثلاثة آلاف جندي في منطقة الساحل بعد انسحابها من مالي

جنود من قوة «برخان» الفرنسية يغادرون مالي (أ.ب)
جنود من قوة «برخان» الفرنسية يغادرون مالي (أ.ب)
TT

فرنسا ستبقي ثلاثة آلاف جندي في منطقة الساحل بعد انسحابها من مالي

جنود من قوة «برخان» الفرنسية يغادرون مالي (أ.ب)
جنود من قوة «برخان» الفرنسية يغادرون مالي (أ.ب)

أعلن الجيش الفرنسي أمس (الأربعاء) أنّ نحو ثلاثة آلاف من عسكرييه سيظلّون منتشرين في منطقة الساحل، وذلك بعد يومين من إنجاز انسحابه من مالي التي اتّهمت قوة برخان الفرنسية لمكافحة المتشددين بارتكاب «أعمال عدوانية» على أراضيها.
ودفع المجلس العسكري الحاكم في مالي منذ 2020 والذي بات يتعامل مع مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية رغم أنه ينفي ذلك، الجيش الفرنسي إلى مغادرة البلاد بعد انتشار لمدة تسع سنوات ونصف السنة في إطار مهمة مكافحة الجماعات المتشددة.
وانتهى انسحاب القوات الفرنسية الاثنين بتسليم آخر قاعدة لها في مدينة غاو إلى السلطات المالية.
ويبدو أن الروس لم يتأخروا في ملء الفراغ حسب الحكومة الألمانية التي ذكرت الأربعاء أنها تملك معلومات تفيد بأن ما بين عشرين وثلاثين شخصاً قد يكونون روساً ويرتدون بزات عسكرية شوهدوا وهم يفرغون، يوم مغادرة الفرنسيين، طائرة في مطار غاو الواقع في المحيط المباشر لموقع القاعدة الفرنسية ويضم معسكر بعثة الأمم المتحدة وكتيبة ألمانية.
وردّاً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية قال المتحدّث باسم رئاسة الأركان الكولونيل بيار غوديير إن «نهاية وجود العسكريين الفرنسيين ضمن عملية برخان في مالي لا يمثّل نهاية عملية برخان»، مؤكداً أن «تحوّل عملية برخان أعمق بكثير من هذا الانسحاب من مالي». وأوضح أنّه «في إطار إعادة تنظيم برخان خارج مالي، سيبقى نحو ثلاثة آلاف جندي في منطقة الساحل وسيؤدّون مهامهم من قواعد موجودة في النيجر وتشاد، إلى جانب شركائنا الأفارقة: شراكة عسكرية قتالية وشراكة عسكرية تشغيلية وعمليات لوجيستية». وأكّد أنّ «هذا الأمر يندرج في إطار نهج جديد للشراكة مع الدول الأفريقية التي طلبت ذلك». وذكر مثالاً على ذلك النيجر حيث يسيّر الجيشان الفرنسي والنيجري «دوريات مشتركة ويقومان بتدريبات مشتركة».
وكانت قوة برخان تضم ما يصل إلى 5500 عسكري في ذروة انتشارها في الساحل.
وبحسب رئاسة الأركان الفرنسية، فإنّ باريس لديها حالياً بالإضافة إلى قوة برخان، 900 جندي منتشرين في ساحل العاج و350 في السنغال و400 في الغابون.
طلبت مالي الأربعاء عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي العمل لوقف «الأعمال العدوانية» لفرنسا المتمثلة كما تقول باماكو بانتهاكات لسيادة البلاد ودعم تقدمه باريس للمجموعات «الجهادية»، وتجسس.
في اليوم نفسه، سرّبت باماكو الأربعاء رسالة وجّهها وزير خارجيتها عبد الله ديوب إلى الرئاسة الصينية لمجلس الأمن الدولي، يطلب فيها وضع حدّ لما يصفه بأنّه «أعمال عدوانية» فرنسية.
وتحدث خصوصاً عن «جمع معلومات استخبارية لصالح الجماعات الإرهابية العاملة في منطقة الساحل وإلقاء الأسلحة والذخيرة إليها» و«الانتهاكات المتكررة» للمجال الجوي الوطني من قبل القوات الفرنسية في الأشهر الأخيرة وتحليق طائرات فرنسية تقوم «بنشاطات تعتبر تجسساً» ومحاولات «ترهيب».
وأضاف ديوب في رسالته أن السلطات المالية تمتلك «أدلة على أن هذه الانتهاكات الصارخة للمجال الجوي المالي استخدمت من قبل فرنسا لجمع معلومات استخبارية لصالح الجماعات الإرهابية العاملة في منطقة الساحل وإلقاء أسلحة وذخيرة لها». ولمح إلى أن الفرنسيين قد يكونون نقلوا اثنين من أعضاء جماعة «جهادية» بمروحية مطلع أغسطس (آب) إلى منطقة تمبكتو. وتابع أن مالي «تدعو» مجلس الأمن إلى العمل لتقوم فرنسا «بوقف فوري لأعمالها العدوانية»، وتطلب من الرئاسة الصينية إبلاغ هذه العناصر إلى أعضاء مجلس الأمن من أجل عقد اجتماع طارئ، مؤكداً أن باماكو «تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس»، إذا استمرت الإجراءات الفرنسية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».