جعجع يحذّر من ضغوط على «الدستوري» لقلب ميزان القوى البرلمانية

سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
TT

جعجع يحذّر من ضغوط على «الدستوري» لقلب ميزان القوى البرلمانية

سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)
سمير جعجع (موقع «القوات اللبنانية»)

حذّر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من «ضغوط كبيرة» يمارسها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» على أعضاء المجلس الدستوري «للتلاعب بالطعون بالانتخابات النيابية بغية نقل أربعة مقاعد من المعارضة إلى الموالاة»، في وقت ينتظر نواب قدموا طعوناً بنتائج انتخابهم أمام المجلس الدستوري، النتائج التي ترسّخ نيابتهم أو تضع سريعاً حداً لمشوارهم البرلماني.
ورغم أنه لا تزال أمام المجلس مهلة زمنية معقولة لإصدار قراراته النهائية بـ15 طعناً تم التقدم بها من قبل مرشحين خسروا الانتخابات النيابية التي جرت في 15 مايو (أيار) الماضي، جاء تحذير جعجع، أمس، الذي أشار إلى «ضغوط يمارسها حزب الله والوطني الحر على أعضاء المجلس الدستوري للتلاعب بالطعون النيابية بغية نقل أربعة مقاعد من المعارضة إلى الموالاة، في مناطق مختلفة؛ خصوصاً في طرابلس (الشمال) ومرجعيون (دائرة الجنوب الثالثة)»، لافتاً إلى أن «الهدف من هذه الضغوط قلب ميزان القوى داخل المجلس النيابي تحضيراً للانتخابات الرئاسية».
ويعتبر جعجع، بحسب تصريح سابق له، أن «مجلس النواب اليوم شقّان، الأول مع محور الممانعة أي السلطة الموجودة وهو كناية عن 61 نائباً، وهؤلاء معروف أمرهم وقد أعطوا أحسن ما يمكنهم إعطاؤه وهو الوضع الحالي الذي نعيشه اليوم، وهناك الشقّ الثاني المكوّن من النواب الـ67 الآخرين»، وهم وفق حساباته نواب المعارضة.
وكانت قد سبقت تحذيرات جعجع معلومات صحافية تحدثت عن توجه المجلس الدستوري للأخذ بعدد من الطعون، ما استدعى رداً من المجلس يوم أمس أكد فيه أن «كل الكلام والتكهنات بصدور قرارات لصالح جهات معينة بنتيجة الطعون الانتخابية النيابية، لا يعنيه، وأنه ما زال في طور التحقيق بالطعون المقدمة إليه، ويتم إعداد تقارير بشأنها في مهلة أقصاها 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، علماً بأن القانون حدد مهلة شهراً على الأكثر تلي ورود التقرير للمذاكرة في الطعن وإصدار القرارات النهائية».
وبلغ عدد الطعون المقدمة بعيد الانتخابات التشريعية الأخيرة 15 طعناً شملت 18 فائزاً، و10 دوائر انتخابية، فيما حظيت دائرة الشمال الثانية (طرابلس ـ المنية ـ الضنية) بالعدد الأكبر وهي أربعة طعون.
ويركن مقدمو الطعون إلى ما يقولون إنها مخالفات وشوائب أدت إلى تغيير النتائج وخسارتهم المقعد النيابي. ويستبعد الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك وبعد الاطلاع الأولي على الطعون أن يتم القبول بها، «لأن معظمها يتسم بعدم الجدية ولا يستند إلى معطيات تسمح للمجلس الدستوري بأن يذهب نحو قبول الطعن»، لافتاً، رداً على سؤال، إلى أن «التأثير السياسي على قرارات المجلس ممكن سيما وأن أعضاءه تم تعيينهم من قبل الحكومة ومجلس النواب، ومن ثم الرهان عليهم اليوم للتمتع بالمناعة والحصانة اللازمة للبت بالطعون بعيداً عن الطلبات والغايات والإغراءات السياسية، لأن الكل يعلم أن هناك مصالح سياسية تتحكم بإمكانية قبول أي طعن أو رده».
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عمّا إذا كان القبول بأي طعن يعني تلقائياً إعلان فوز المرشح الذي قدم الطعن أو الدعوة لانتخابات فرعية، قال مالك: «هذا الأمر يعود للمجلس، فيقرر إعلان فوز الطاعن إذا كان الطعن مستنداً إلى خطأ حسابي وتبين للمجلس أنه ظاهر للعيان فيصححه ويعلن نتيجة مغايرة للنتيجة الصادرة سابقاً، أما إذا تبين له أن هناك عيوباً وشوائب شابت الانتخابات برمتها ما يجعل إعادة الانتخابات أمراً واجباً، فمن الممكن أن يذهب نحو الدعوة لانتخابات فرعية على مقعد ما حصراً».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

عراضات مسلحة خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين بشمال لبنان

ظهور مسلح رافق تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين قتلا في استهداف إسرائيلي (المركزية)
ظهور مسلح رافق تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين قتلا في استهداف إسرائيلي (المركزية)
TT

عراضات مسلحة خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين بشمال لبنان

ظهور مسلح رافق تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين قتلا في استهداف إسرائيلي (المركزية)
ظهور مسلح رافق تشييع «الجماعة الإسلامية» عنصرين قتلا في استهداف إسرائيلي (المركزية)

أصيب شخص على الأقل في شمال لبنان بالرصاص الطائش، الأحد، خلال تشييع «الجماعة الإسلامية» قتيلين قضيا في استهداف إسرائيلي الجمعة، وسط تنديد سياسي لبناني واسع للعروض العسكرية وإشهار السلاح.

وشيعت «الجماعة الإسلامية»، الأحد، في بلدة ببنين في عكار، أقصى شمال لبنان، العنصرين من «قوات الفجر» التابع لها محمد سعيد خلف وبلال محمد خلف اللذين قتلا في استهداف إسرائيلي لسيارتهما في البقاع الغربي (شرق لبنان) الجمعة. وانطلق موكب التشييع من مدينة طرابلس صباحاً، قبل الوصول إلى مسقط رأسيهما في عكار.

ورافق مراسم التشييع، ظهور مسلح وعراضات عسكرية، حيث أطلق مناصرو «قوات الفجر» النار في الهواء، وتخلله إطلاق لقذيفة «آر بي جي» في ساحة العبدة في عكار، حسبما ظهر في مقاطع فيديو تناقلها مغردون لبنانيون. وقالت وسائل إعلام لبنانية إن موكب التشييع استقبل في عدة مناطق بإطلاق النار في الهواء.

وأفيد عن إصابة طفل على الأقل، بالرصاص الطائش، وسط مناشدات من الأهالي لعدم إطلاق النار.

ونوّهت الجماعة الإسلامية بـ«وفاء محافظة عكار وبلدة ببنين والشمال لقضايا الوطن والأمة وانخراطها في التعبير عن الوحدة الوطنية التي تجلّت بالدماء الطاهرة للشهيدين مصعب وبلال خلف، التي روت أرض البقاع الغربي دفاعاً عن أهل الجنوب ونصرة لأهل فلسطين».

وأسفت، في بيان، لـ«المظاهر المسلّحة وإطلاق الرصاص الذي رافق انتقال جثماني الشهيدين من طرابلس إلى ببنين وخلال التشييع»، وعَدّته «خارجاً عن أخلاق أهلنا وطبيعتهم»، مؤكدة «حرصها على استقرار الوطن وأمن المواطن». ورأت أنّ «أي رصاصة تُطلق بغير اتجاه العدو الإسرائيلي هي في المكان الخطأ، وأي مشهد يثير الذعر والخوف بين اللبنانيين غير مقبول، والجميع مدعو لبذل جهده في حماية وإعمار وبناء الوطن ومؤسساته».

وأثار مشهد إطلاق الرصاص، تنديداً سياسياً وشعبياً لبنانياً. وقال النائب أديب عبد المسيح في منشور عبر «إكس»: «منذ 2024 سنة استقبلت أورشليم المسيح بسعف النخل وأغصان الزيتون، واليوم تستقبل ببنين شهداءها بالرصاص لتحصد شهداء جهل. مأساة نايا حنا ستعود وتتكرر طالما التخلف سيد الموقف. نطالب الجيش اللبناني بالتحرك الفوري لإيقاف هذه المجازر المتنقلة والقبض على الجهلة»؛ في إشارة إلى الطفلة نايا حنا التي قتلت نتيجة إصابتها برصاصة طائشة في العام الماضي.


«هدنة غزة»: تحركات متسارعة لإقرار الاتفاق وتبادل المحتجزين

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
TT

«هدنة غزة»: تحركات متسارعة لإقرار الاتفاق وتبادل المحتجزين

وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية يلتقي الممثل الأعلى للشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي (الخارجية المصرية)

كثّفت مصر تحركاتها بهدف التوصل إلى «هدنة مؤقتة»، وإتمام صفقة لتبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس»، تضع حداً لمعاناة سكان القطاع الإنسانية المستمرة منذ أكثر من 200 يوم. في وقت قالت فيه مصادر إن حركة «حماس» تعتزم تقديم ردّها على مقترحات وقف إطلاق النار، خلال زيارة وفد الحركة للقاهرة، الاثنين.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الأحد، إن «بلاده تعول على جهود الممثل الأعلى للاتحاد لبلورة موقف أوروبي قوي وموحد يدعو إلى وقف إطلاق النار»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية، السفير أحمد أبو زيد.

وأكد شكري، خلال اللقاء الذي تم على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض، على أهمية الموقف الأوروبي في «الضغط على إسرائيل لإزالة العوائق التي تضعها أمام نفاذ المساعدات إلى داخل القطاع، والعدول عن أي إجراءات أحادية الجانب، ليس في غزة فقط، وإنما في الضفة الغربية والقدس أيضاً».

كما شدّد على دور أوروبا في «إطلاق عملية سياسية جدية وفاعلة للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين»، منوهاً بـ«أهمية عدم الفصل بين جهود تحقيق وقف إطلاق النار والعمل على تنفيذ حلّ الدولتين».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى «أهمية تحرك الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية الفاعلة للضغط على إسرائيل للحيلولة دون القيام بعملية عسكرية في رفح، ووقف أي محاولات لتنفيذ سيناريو التهجير القسري لأهالي قطاع غزة أو تصفية القضية الفلسطينية».

وسبق أن حذرت مصر أكثر من مرة من خطورة تنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية، لما لذلك من تداعيات إنسانية، ولا سيما أن المدينة تعد الملاذ الأخير لأكثر من 1.5 نازح فلسطيني. كما أكدت مصر رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، وعدّت ذلك «تصفية للقضية».

واستحوذت الأزمة في غزة على الشق الأكبر من لقاء شكري وبوريل، حيث «تناول الجانبان بشكل مستفيض مستجدات الأوضاع الأمنية والإنسانية في القطاع، وتبادلا التقييمات ونتائج اتصالاتهما مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب في غزة ووضع نهاية للمأساة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع»، بحسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وقال أبو زيد إن «الجانبين جدّدا التأكيد على موقفهما الرافض لشنّ إسرائيل عملية عسكرية برية في مدينة رفح جنوب قطاع». كما «اتفقا على استمرار التشاور الوثيق خلال الأيام المقبلة للدفع نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة، وإطلاق عملية سياسية جدية وفاعلة للتسوية الشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين، بما يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967».

من جانبه، حرص الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي على «تأكيد دعم الاتحاد الأوروبي للدور المحوري الذي تلعبه مصر لوقف الحرب في قطاع غزة واحتواء تداعياتها على مختلف الأصعدة»، معرباً عن «استعداده للانخراط بفاعلية في أي جهود تهدف لوقف هذه الحرب الشرسة».

وخلال اللقاء، أطلع شكري المسؤول الأوروبي على «تطورات المفاوضات الجارية بين (حماس) واسرائيل لتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار وتبادل المحتجزين، فضلاً عن تعزيز نفاذ المساعدات الإنسانية إلى داخل القطاع».

وأجرى وفد أمني مصري، الجمعة الماضي، مباحثات مع مسؤولين في تل أبيب، بشأن إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. قال عنها مصدر رفيع المستوى، في حينه، إنها «شهدت تقدماً ملحوظاً»، بحسب قناة «القاهرة الإخبارية». وقال مصدر مصري مطلع على سير المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر تتحرك على كافة المستويات وتتواصل مع كافة الأطراف سعياً للوصول إلى اتفاق بشأن تبادل المحتجزين، يتم خلاله إيقاف إطلاق النار وإدخال مزيد من المساعدات إلى قطاع غزة».

فلسطينيون نازحون من غزة إلى مدينة رفح بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)

وأضاف المصدر أن «القاهرة تجري اتصالات بهدف تأجيل عملية اجتياح رفح، لما لها من تداعيات إنسانية كارثية على سكان غزة». وتابع: «نسعى لضمان ألا يتسبب الاجتياح في كارثة إنسانية أو في نزوح الفلسطينيين نحو سيناء».

في سياق المفاوضات، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن مسؤول كبير في حركة «حماس»، قوله، الأحد، إن «الحركة ستقدم ردّها على المقترح الإسرائيلي المتعلق بإعلان وقف إطلاق النار الاثنين في القاهرة».

نائب رئيس «حماس» في غزة خليل الحية وممثلها في لبنان أسامة حمدان يتحدثان إلى الصحافيين في بيروت يوم 22 نوفمبر (رويترز)

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن «وفداً قيادياً من (حماس)، برئاسة خليل الحية، سيصل مصر، الاثنين، لعقد لقاء مع مسؤولين مصريين، ومناقشة مقترح القاهرة الجديد لوقف النار وتبادل الأسرى».

وينصّ المقترح المصري على «إطلاق سراح ما بين 20 إلى 40 محتجزاً إسرائيلياً، مقابل وقف إطلاق النار لمدة يوم أو أكثر قليلاً عن كل محتجز يطلق سراحه»، بحسب ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية.

من جانبه، أكد خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، دكتور سعيد عكاشة، أن «هناك حراكاً مصرياً مكثفاً لوقف إطلاق النار في غزة»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التصريحات المتداولة في هذا الشأن لا تتحدث عن وقف دائم، ما يعني أنها تتجاوز شروط حركة (حماس)».

رئيس «الموساد» ديفيد برنياع يقود في الدوحة مفاوضات جديدة لتبادل المحتجزين مع «حماس» (رويترز)

وقال إن «إسرائيل تحاول إظهار قدر من المرونة بالترويج للاستعداد لتنفيذ تنازلات تظهر (حماس) باعتبارها الطرف المتصلب في المفاوضات». ولفت عكاشة إلى أنه «رغم أهمية الهدنة المؤقتة، فإنها لن تلغي عملية اجتياح رفح الحتمية، لكن ربما تؤجلها لحين إخلاء إسرائيل للمدينة بهدف تخفيف التداعيات الإنسانية لمثل هذه العملية العسكرية».

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، أفادت، الأحد، بأن «تل أبيب تنتظر ردّ (حماس) بشأن المقترح المصري خلال الساعات الـ48 المقبلة». وأشارت إلى أن «إسرائيل أبدت استعدادها لتقديم تنازلات بشأن عودة النازحين لشمال غزة».

بينما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي»، عن مصدر مطلع، إشارتها إلى «تغيير كبير في طريقة إدارة حركة (حماس) لملف تبادل المحتجزين مع إسرائيل، في ظل ضغوط كبيرة من الوسطاء». وقال المصدر: «بهدف تخفيف الضغوط التي يتعرض لها قادة (حماس)، فإن هناك تغييراً كبيراً في طريقة إدارة ملف المفاوضات».

وأشار المصدر إلى أن من يتصدر المفاوضات حالياً هو القيادي في «حماس» خليل الحية، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار. وقال إن «قيادة المكتب السياسي لـ(حماس) في قطر لا تمانع في أي صفقة توافق عليها قيادة الحركة في غزة، وهو ما يرجح أن يكون القرار هذه المرة من غزة بشكل مباشر».

وأضاف المصدر أن «المفاوضات قد تشهد خروج بعض قادة حركة (حماس) في غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، إلى القاهرة لإدارة المفاوضات، وذلك بضمانات ثلاثية من مصر وقطر وأميركا، لعدم مساس إسرائيل بهم».

ورغم الجهود والتحركات المصرية، يبدي عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن إمكانية الوصول إلى «هدنة» في ظل سعي الطرفين لتحقيق أهدافهما ومصالحهما الخاصة.


ميقاتي وسيجورنيه يبحثان المساعي لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان

ميقاتي خلال لقائه سيجورنيه في بيروت الأحد (رويترز)
ميقاتي خلال لقائه سيجورنيه في بيروت الأحد (رويترز)
TT

ميقاتي وسيجورنيه يبحثان المساعي لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان

ميقاتي خلال لقائه سيجورنيه في بيروت الأحد (رويترز)
ميقاتي خلال لقائه سيجورنيه في بيروت الأحد (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، الأحد، إن لبنان يقدر لفرنسا وقوفها الدائم إلى جانبه ودعمها له على كل الأصعدة، وذلك خلال استقباله لوزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه في بيروت.

وذكرت قناة تلفزيون «الجديد» اللبنانية أن الجانبين بحثا خلال الاجتماع المساعي التي تقوم بها فرنسا لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان، ووقف «العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

وقال ميقاتي لسيجورنيه إن المبادرة الفرنسية تشكل إطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي يتمسك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام إسرائيل بتنفيذه ووقف «عدوانها المدمّر» على جنوب لبنان، بالإضافة إلى دعم الجيش «لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود».

وجدد ميقاتي «مناشدة فرنسا والدول الأوروبية دعم لبنان من أجل التوصل إلى حل لأزمة النازحين السوريين»، مشيراً إلى «بداية مقاربة أوروبية جديدة مع اعترافهم بالتحدي الذي تمثله هذه القضية بالنسبة للبنان واستعدادهم للعمل مع السلطات اللبنانية في هذا الشأن».

وفي وقت سابق من اليوم، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري استعرض مع سيجورنيه والوفد المرافق له، تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية جراء مواصلة إسرائيل لحملتها العسكرية على لبنان وقطاع غزة.

واستعرض بري وقائع الهجمات الإسرائيلية على لبنان خصوصاً القرى الحدودية الجنوبية من خلال خريطة أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية تبين حجم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالقرى والبلدات، فضلاً عن الأراضي والمساحات الزراعية والحرجية، واستخدام إسرائيل الأسلحة المحرمة دولياً وتجاوزها قواعد الاشتباك.

وأكد بري للوزير الفرنسي «انتظار لبنان لتسلم الاقتراح الفرنسي الرامي إلى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي تمهيداً لدراسته والرد عليه».

كما أثار رئيس المجلس موضوع النازحين السوريين «الذي بات يثقل كاهل لبنان واللبنانيين على مختلف الصعد»، لافتاً إلى أنه «سوف يثير هذه القضية مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي والرئيس القبرصي خلال زيارتهما لبنان هذا الأسبوع»، مطالباً فرنسا وألمانيا «بإعادة النظر إزاء علاقتهما بسوريا وحيال هذا الملف».


حملة للمستوطنين تمنع الفلسطينيين من رعي مواشيهم جنوب الخليل والأغوار

مستوطنون اقتحموا الأحد تل ماعين الأثري بمسافر يطا جنوب الخليل (شبكة يافا)
مستوطنون اقتحموا الأحد تل ماعين الأثري بمسافر يطا جنوب الخليل (شبكة يافا)
TT

حملة للمستوطنين تمنع الفلسطينيين من رعي مواشيهم جنوب الخليل والأغوار

مستوطنون اقتحموا الأحد تل ماعين الأثري بمسافر يطا جنوب الخليل (شبكة يافا)
مستوطنون اقتحموا الأحد تل ماعين الأثري بمسافر يطا جنوب الخليل (شبكة يافا)

في حملة منظمة في عدة مناطق بالضفة الغربية، وفي آن واحد، قام عشرات المستوطنين اليهود، اليوم (الأحد)، بهجمات واعتداءات على رعاة المواشي الفلسطينيين لمنعهم من استخدام المراعي وبقايا المحاصيل البعلية بعد حصادها وتهجيجهم من إسقاء الأغنام من المياه الطبيعية.

وقد جرت هذه الاعتداءات في كل من تل ماعين الأثري بمسافر يطا، جنوب الخليل في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك في الأغوار الشمالية. وترافقت مع طقوس دينية. وبدا واضحاً أن الحملة منظمة، وجاءت في توقيت محدد، هو موسم الحصاد. وحرصت قوات الجيش على حمايتهم في المنطقتين.

وقال شهود عيان إن عشرات المستوطنين داهموا مناطق الرعي المذكورة، ونصبوا الأعلام الإسرائيلية، كما يفعل الجيش الإسرائيلي عندما يحتل مناطق فلسطينية. ووضعوا فرقة حراسة على آبار المياه لمنع استخدامها.

جولات استفزازية لمجموعة من المستوطنين بمسافر يطا جنوب الخليل في يونيو الماضي (وفا)

وأكد الفلسطينيون أن كل هذه العمليات جاءت في إطار التمهيد للاستيلاء على مزيد من أراضي المواطنين لغرض إقامة بؤر استيطانية جديدة، كما فعلوا حتى الآن في 11 بؤرة استيطان جديدة أقيمت منذ إعلان الحرب على غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مجلس المستوطنات يقوم بعمليات تجريف لتوسيع مستوطنة محولة بالأغوار الشمالية في يونيو 2022 (وفا)

وقال الناشط الحقوقي، عارف دراغمة، إن المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، لم يكتفوا بمنع مربي الماشية في المنطقة من رعي مواشيهم فحسب، بل اعتدوا في عدة مناطق على كل فلسطيني موجود بأرضه، فيما صادر جيش الاحتلال جرافة أثناء العمل ببلدة بروقين، غرب سلفيت. وقال عبد الفتاح سمارة إن «مستوطنين مسلحين اثنين قاما بمهاجمته والاعتداء عليه بالبندقية، أثناء وجوده بأرضه الواقعة بمنطقة خلة الخروب (شرق بلدة بروقين)، ومن ثم قاما بالتهجم على سائق الجرافة، معتز محمد صبرة، وذلك أثناء العمل بأرض زكريا محمود سمارة، وقاما بأخذ الجرافة وتسليمها للجيش الاسرائيلي لمصادرتها، بحجة العمل في منطقة مصنفة (ج)».

وتصرف المستوطنون، اليوم (الأحد)، بالطريقة نفسها ضد رعاة الماشية الفلسطينيين في خربة الفارسية بالأغوار الشمالية.

جنود إسرائيليون في جنين بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

ونشرت صحيفة «هآرتس» العبرية مقالاً افتتاحياً، اليوم، تناولت فيه اعتداءات سابقة للمستوطنين، أكدت فيه على أن هذه الاعتداءات هي بمثابة «عنف منظم، ترمي إلى إقامة بؤر استيطانية بالجملة، على أمل أن تحظى لاحقاً بقرارات حكومية تمنحها الشرعية القانونية وتحوّلها إلى مستوطنات كبيرة». وتابعت: «هدف المستوطنين ينسجم مع أحد الأهداف المعلنة للحزب الأقوى في الحكومة، الصهيونية الدينية، أي طرد الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم. ولفتت إلى أنه محظور على الأغلبية في إسرائيل (مواطنين ومؤسسات) أن يواصلوا السماح بهذا العنف المنظم والخطير والموافقة عليه، وكأنه ليس من مسؤولية إسرائيل، ولا يتم باسم إسرائيل».

وتشير منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية إلى أن هذه الاعتداءات الاستيطانية تتم رغم الإجراءات العقابية التي اتخذتها الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي ضد بعض المستوطنين، ما يعني أن هذه العقوبات لا تهزّهم ولا تؤثر عليهم.

من جهة ثانية، أعلنت وزارة الدفاع أن الوزير يوآف غالانت، وقّع، الأحد، على 5 أوامر اعتقال إداري ضد مستوطنين مارسوا أعمالاً إرهابية في بلدتي دوما والمغير في الضفة الغربية منذ أسبوعين. ووفقاً لتقارير إسرائيلية، فإن المستوطنين الخمسة كانوا المنظمين للهجمات الدموية على القرى الفلسطينية التي قتل وأُصيب فيها عدد من الفلسطينيين بالرصاص، وأُحرقت عشرات المنازل والممتلكات الفلسطينية.

وذكرت التقارير أنه وفقاً لمصدر أمني، اتضح أن هؤلاء المستوطنين فرضت عليهم في السابق أوامر مقيّدة إدارية، وكانوا في تحقيقات سابقة عند جهاز الأمن العام «الشاباك»، وتم تحذيرهم ألا يكرروا أعمالاً إرهابية يهودية، وعلى الرغم من ذلك، قاموا بأعمال إرهابية في القرى الفلسطينية مؤخراً. وتعقيباً على هذا القرار، قال وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، إن «ملاحقة غالانت للمستوطنين هي تماماً مثل ملاحقة المحكمة الدولية في لاهاي المعادية للسامية لحكومة إسرائيل».

وأضاف بن غفير أن «موجة أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين في الضفة الغربية هي سياسية بغطاء أمني، المستوطنون يُمارس عليهم إرهاب فلسطيني، ولكن وزير الأمن، يقلب الضحية إلى متهم، وإذا ظن أحدكم أن هذه الاعتقالات ستكون لصالحنا في قرارات محكمة الجنايات الدولية، فهو مخطئ، بل على العكس، خطوة غير مسؤولة لـ(الشاباك) وغالانت».

عناصر من قوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

لكن الممارسات الأقسى في الضفة الغربية ينفذها الجيش الإسرائيلي مع بقية أجهزة الأمن، وتتمثل في حملات الاعتقال اليومية. فهذه العمليات تنفذ في كل بلدة بعملية هجوم عسكري، تتضمن قمعاً وتنكيلاً وتخريب ممتلكات. وفي كثير من الأحيان، يستخدم فيها الرصاص الحي، ويقتل مواطنون، ويصاب آخرون بجراح. وأكدت مصادر فلسطينية أن هذه القوات، اعتقلت، منذ مساء السبت حتى صباح الأحد، ليس أقل من 15 مواطناً في الضّفة، بينهم فتاة، وطفلان، إضافة إلى أسرى سابقين.

وقال نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، في بيان مشترك، الأحد، إن عمليات الاعتقال توزعت على محافظات طولكرم، وقلقيلية، وجنين، وطوباس، وسلفيت، وأريحا، والقدس. وإن قوات الاحتلال تواصل تنفيذ عمليات اقتحام وتنكيل واسعة، خلال عمليات الاعتقال، ترافقها اعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، بالإضافة إلى عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين.

يشار إلى أنّ حصيلة الاعتقالات بعد 7 أكتوبر بلغت نحو «8495»، وهذه الحصيلة تشمل مَن جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن. وبحسب مصادر إسرائيلية، بقي من هؤلاء في السجون نحو 4 آلاف معتقل.


تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
TT

تزايد ضغوط إيران على دمشق لاسترداد ديونها عبر الاستثمارات

توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)
توقيع مذكرة تفاهم مايو 2023 بين الرئيسين الأسد ورئيسي في دمشق لخطة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد (سانا)

تزيد إيران من ضغوطها على الحكومة السورية لوضع الاستثمارات الاستراتيجية التي حصلت عليها بموجب اتفاقيات أُبرمت بين البلدين موضع التنفيذ، لسداد الديون السورية البالغة 50 مليار دولار. ونجحت طهران في تسريع إجراءات تحويل تلك الاتفاقيات التي كانت دمشق تتردد بتنفيذها إلى واقع ملموس، مستغلة أنها باتت تشكل «شريان الحياة» بالنسبة للحكومة السورية في ظل الانهيار الاقتصادي في البلاد.

مصادر متابعة في دمشق أكدت أن طهران تضغط منذ عدة سنوات على دمشق لتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خصوصاً بعد زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لدمشق مايو الماضي (أيار)، وتوقيع «مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي» في مجالات كثيرة، والتأكيد على ضرورة وضع الاتفاقيات العديدة الموقعة بين البلدين موضع التنفيذ.

أرشيفية لمصنع سابا الإيراني لتجميع السيارات في حمص وسط سوريا تأسس 2007 وفي الخلفية ملصق لمصافحة الأسد ورئيس إيران السابق أحمدي نجاد (رويترز)

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة السورية ترى أن تلك الاتفاقيات مجحفة بالنسبة لها، كونها منحت إيران امتيازات على حساب المصالح السورية، وأنها تحرمها من الحصول على موارد مالية تدعم خزينتها، لأن الهدف الرئيسي منها هو استعادة الدَّين الإيراني، وبالتالي تتردد الحكومة في تنفيذها لـ«إبقاء الاقتصاد ورقة على أمل إقناع دول عربية وغربية بالاستثمار في سوريا».

منجم الفوسفات في حمص بسوريا (سانا)

يشار إلى أنه جرى في أغسطس (آب) الماضي تسريب وثيقة حكومية مصنفة «سرية» صادرة عن الرئاسة الإيرانية إلى وسائل الإعلام تتعلق بإنفاق طهران 50 مليار دولار على الحرب في سوريا، خلال 10 سنوات، واعتبارها «ديوناً» تريد استعادتها على شكل استثمارات، ونقل للفوسفات والنفط والموارد الأخرى إلى الحكومة الإيرانية.

وفق الوثيقة، هناك 8 مشاريع استثمارية ستنفق إيران 947 مليون دولار عليها حتى تتمكن من استرداد نحو 18 ملياراً خلال 50 عاماً.

خبير اقتصادي في دمشق قال لنا إن «الإنتاج في مناطق الحكومة شبه معدوم، بسبب الدمار الهائل الذي طال كل القطاعات خلال سنوات الحرب، وبالتالي فإن موارد الحكومة شحيحة جداً، وهي تستورد معظم احتياجات البلاد، وباتت تعتمد بشكل كبير في ذلك على إيران بعد انشغال حليفتها روسيا في حربها بأوكرانيا».

وأوضح الخبير أن «إيران تستغل حالة الانهيار الاقتصادي في مناطق الحكومة التي تتعمق باستمرار، وأن الحكومة السورية في ظل امتناع الدول العربية والأجنبية عن تنفيذ مشاريع استثمارية فيها، بسبب العقوبات الغربية، وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ لضغوط إيران التي باتت تتحكم بدمشق، خصوصاً بمسألة توريد النفط والغاز والمواد الغذائية الأساسية للبلاد، كونها المورد الوحيد». في ظل هذه الأوضاع باتت إيران تشكل «شريان الحياة» للحكومة السورية، على حد قول الخبير.

متداولة للمقر الرئيسي لشركة «وفا تيليكوم» المشغل الثالث للاتصالات الخليوية في سوريا

وفي مؤشر على قرب ترجمة الاتفاقات المبرمة بين دمشق وطهران إلى واقع ملموس، أعلن إياد الخطيب وزير الاتصالات والتقانة في الحكومة السورية منذ أيام، وفقاً لصحيفة «الوطن» المقربة من الحكومة، أن المكالمة التجريبية الأولى من المشغل الثالث للخليوي والمعروف باسم «وفا تيليكوم» ستكون في سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن ثم سيتم بعدها الإطلاق التجاري للمشغل.

فيما أكد عاملون في شركات خاصة تعمل في تركيب أبراج الاتصالات الخاصة بالهاتف الجوال أنه تم تركيب كثير من الأبراج لتخدم «وفا تيليكوم» التي ذكرت وسائل إعلام محلية أن 7 شركات سورية محلية أسستها، لكن تحقيق أجرته «مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد» و«مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية»، ورد فيه بالاستناد إلى وثائق سورية وماليزية، أن بعض هذه الشركات تساهم بها شخصيات من الحرس الثوري الإيراني.

أحد العاملين قال لنا «أغلب مناطق دمشق تم تركيب أبراج فيها»، فيما أكد مصدر متابع آخر في دمشق، أن هناك تسريعاً لإجراءات تنفيذ اتفاقيات «تأسيس بنك مشترك» بين البلدين، و«تطوير التعامل المصرفي من خلال تحديد آليات التعامل بالعملات المحلية»، و«تأسيس شركة للتأمين»، و«تطوير اتفاقية التجارة الحرة» واتفاقيات أخرى.

حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق (وكالة تسنيم)

وبهدف تسريع تنفيذ تلك الاتفاقيات عيّنت إيران، أبريل (نيسان) 2023، لمتابعة هذا الشأن حسين أكبري سفيراً مفوضاً فوق العادة في دمشق، والذي يكثف لقاءاته مع المسؤولين السوريين لهذا الهدف. كما يقوم بنشاط لافت بين مؤسسات الدولة وغرف التجارة والصناعة، ويؤكد أن أولوية السفارة في الوقت الحالي هو الملف الاقتصادي.

المركز التجاري الإيراني بالمنطقة الحرة في دمشق افتتح في العام 2021 (سانا)

واجتمع في 21 الشهر الحالي بحسب وسائل إعلام محلية مع ثلاثة وزراء من الحكومة السورية كل على حدة، وهم وزير الصناعة عبد القادر جوخدار، ووزير الاقتصاد سامر الخليل، بالإضافة إلى رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، فادي الخليل، الذي يعتبر بمثابة وزير، وبحث معهم الخطوات العملية والفنية والقانونية للبدء بإقامة عدد من المشاريع الصناعية المشتركة بين البلدين.

بحث وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع سفير الإمارات حسن الشحي تعزيز التعاون بين سوريا والإمارات في المجال الصناعي (موقع الوزارة)

في المقابل، برزت الأربعاء الماضي دعوة رسمية سورية لدولة الإمارات للتعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية، وذلك خلال لقاء وزير الصناعة عبد القادر جوخدار مع السفير المفوض فوق العادة لدولة الإمارات في سوريا حسن الشحي.

ونقلت صفحة الوزارة في «فيسبوك» عن جوخدار قوله خلال اللقاء «نثمن مواقف دولة الإمارات، ووقوفها إلى جانب الشعب السوري، ونتطلع إلى مزيد من التعاون المشترك في القطاع الاقتصادي والصناعي، وزيادة فرص الاستثمار في المشاريع الصناعية».

من جهته، أكد السفير الشحي حرص دولة الإمارات على الأمن القومي العربي، وضمان تمتين العلاقات بين الدول العربية، ونوه إلى الدور الحيوي لدولة الإمارات الداعم للأشقاء في كافة المجالات، وأكد على أهمية استمرارية اللقاءات الثنائية لتحقيق تقدم مثمر في مجالات التعاون المشتركة في القطاع الاقتصادي.

وجرى خلال اللقاء تسليم دعوة من الجانب الإماراتي لوزير الصناعة لحضور النسخة الـ13 من قمة الـAIM للاستثمار التي تقام خلال الشهر المقبل في أبوظبي.

المشاريع الإيرانية في سوريا

وفي قائمة تلك المشاريع اتفاق حول منجم سوري للفوسفات بطاقة 1.05 مليار طن. وبحسب الاتفاق من المفترض أن تحصل إيران على جزء من مطالبها في هذا المنجم خلال 50 عاماً، باستثمار 125 مليون دولار سيتم تنفيذه خلال 3 سنوات.

ووفق الوثيقة الإيرانية التي تسربت العام الماضي، تم تنفيذ هذا العقد منذ عام 2018، حيث جرى استخراج 2.05 مليون طن من الفوسفات من هذا المنجم حتى فبراير (شباط) العام 2022.

وهناك عقد يتعلق بحقل نفط حمص «رقم 21» وسط سوريا، باحتياطي 100 مليون برميل، وذكرت الوثيقة أن تنفيذ هذا العقد الذي تبلغ مدته 30 عاماً بدأ في عام 2020، إذ ستستثمر إيران 300 مليون دولار فيه لإنجازه في غضون 5 سنوات لتسد سوريا 3.4 مليار دولار من ديونها من هذا الحقل.

كذلك هناك عقد آخر في حقل «رقم 12» في البوكمال شرق سوريا مدته 30 عاماً ومن المتوقع أنه باستثمار 300 مليون دولار في غضون 5 سنوات، سوف تكسب إيران منه ما مجموعه 3 مليارات دولار.

ومن ضمن المشاريع، إنشاء وتشغيل محطة للهاتف الجوال في سوريا من خلال إنفاق 222 مليون دولار خلال 3 سنوات لتحصل طهران بذلك على دخل متوقع بمبلغ 1.5 مليار دولار. هناك أيضاً اتفاقية تقضي بحصول إيران على جزء من دخل ميناء اللاذقية، وقد حصلت على جزء من حصتها في عامي 2019 و2020، ومن المفترض أن تستمر عملية دفع هذه المستحقات لمدة 20 عاماً.

كما أن هناك عقوداً لـ«استثمار 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية» في سوريا. ومن المفترض أن يغطي هذا المشروع 25 مليون دولار من ديون سوريا لإيران في غضون 25 عاماً.

إضافة إلى ذلك هناك عقد لإنشاء معمل لإنتاج حليب الأطفال المجفف بالقرب من منشأة أبقار «زاهد» لتربية المواشي بطرطوس، ومن المقرر أن يحدث من خلاله سداد 7 ملايين دولار من الديون المستحقة على سوريا لإيران على مدى 25 عاماً.


وزير الخارجية الفرنسي يحمل للبنان اقتراحات لتفادي الحرب

بري يعرض لوزير الخارجية الفرنسي خريطة تتضمن نقاط الاستهدافات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
بري يعرض لوزير الخارجية الفرنسي خريطة تتضمن نقاط الاستهدافات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الفرنسي يحمل للبنان اقتراحات لتفادي الحرب

بري يعرض لوزير الخارجية الفرنسي خريطة تتضمن نقاط الاستهدافات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)
بري يعرض لوزير الخارجية الفرنسي خريطة تتضمن نقاط الاستهدافات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية (أ.ف.ب)

حمل وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إلى لبنان اقتراحات تهدف إلى تفادي حرب في لبنان، وذلك خلال زيارته إلى بيروت التي أبلغه فيها رئيس البرلمان نبيه بري التزام البلاد بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، وأن لبنان سيدرس الاقتراح الفرنسي ويردّ عليه.

وحطّ سيجورنيه في بيروت، ليل السبت، في جولة ليوم واحد، واستهلها، صباح الأحد، بزيارة لمقرّ قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل). وقال سيجورنيه من مقرّ «اليونيفيل» في الناقورة في جنوب لبنان: «نقدّم اقتراحات للسلطات السياسية بهدف تفادي حرب في لبنان».

وتابع: «سأذهب إلى بيروت للقاء المسؤولين السياسيين بغية التقدّم بمقترحات»، مشيراً إلى أن «مسؤوليتنا تقضي بتجنّب التصعيد، وهذا هو دورنا أيضاً في (اليونيفيل)، ولدينا 700 جندي هنا».

قائد «اليونيفيل» يرحب بوزير الخارجية الفرنسي في مقر البعثة الأممية في الناقورة بجنوب لبنان (رويترز)

مبادرة جديدة

وفي بيروت، التقى رئيس البرلمان نبيه بري سيجورنيه، بحضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو ومديرة أفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية السفيرة آن غريو وعدد من المستشارين في الخارجية الفرنسية، حيث «تناول البحث تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية جراء مواصلة إسرائيل عدوانها على لبنان وقطاع غزة»، وفق ما أفادت به رئاسة مجلس النواب في بيان.

وقالت رئاسة المجلس إن بري «شكر لفرنسا حرصها ودورها، وللرئيس إيمانويل ماكرون جهوده لمنع الحرب على لبنان، وكان رئيس المجلس واضحاً بتمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته».

وعرض بري وقائع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، خصوصاً القرى الحدودية الجنوبية من خلال خريطة أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية تبين حجم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالقرى والبلدات، فضلاً عن الأراضي والمساحات الزراعية والحرجية، واستخدام إسرائيل الأسلحة المحرمة دولياً، وتجاوزها قواعد الاشتباك.

وأكد بري للوزير الفرنسي «انتظار لبنان لتسلم الاقتراح الفرنسي الرامي إلى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي تمهيداً لدراسته والرد عليه». وفي تصريح تلفزيوني ليلاً قال بري إن «الجانب اللبناني لم يتسلم الورقة الفرنسية حتى هذه اللحظة، كان من المفترض أن نتسلمها قبل يومين من وصول سيجورنيه».

تفادي الحرب

وأوضحت مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط » أن وفداَ تقنياَ فرنسياً من وزارة الخارجية والاستخبارات سيزور بيروت خلال أيام حاملاً معه الورقة المعدلة التي تعكف فرنسا على تنقيحها انطلاقاً من أجوبة إسرائيلية وصلت إلى باريس. وقال المصدر إن الوفد الذي سبق له أن زار لبنان وسلم مسؤوليه النسخة الأولى من المقترحات الفرنسية سيعود إلى بلاده حاملاً الملاحظات اللبنانية، على أمل أن يتم التوصل إلى صيغة مناسبة في أقرب وقت ممكن.

وتسعى المبادرة الجديدة «لمواصلة الجهود» الرامية إلى «تفادي حرب» في سياق «يشهد توتّرات كبيرة بشدّة منذ الهجوم الإيراني على إسرائيل»، وفق ما أفاد به مصدر دبلوماسي «وكالة الصحافة الفرنسية». وكشف المصدر أن القصف المتبادل بين إسرائيل و«حزب الله» «تضاعف» منذ 13 و14 أبريل (نيسان) الحالي.

والمبادرة، هي الثانية التي تقدمها فرنسا منذ مطلع العام، بعدما قدّمت في يناير (كانون الثاني) الماضي مبادرة إلى لبنان وإسرائيل لاحتواء التوتّر عند الحدود المشتركة. واصطدمت المبادرة السابقة برفض «حزب الله» وقف الحرب، وبحث أي ملف حدودي قبل إعلان وقف إطلاق النار في غزة، بالنظر إلى أن الجبهة التي افتتحها في جنوب لبنان في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هي «جبهة دعم ومساندة لغزة».

وكانت الحكومة اللبنانية قد سلّمت باريس في مارس (آذار) ردّها على المبادرة الفرنسية التي تقوم، وفق مصدر دبلوماسي، على تطبيق قرار الأمم المتحدة 1701 الذي ينصّ على نشر عناصر الجيش اللبناني وقوّات «اليونيفيل» وحدهم لا غير في جنوب لبنان.

وصرّح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الجمعة، أن باريس تعمل على «إعادة النظر بالورقة الفرنسية، وستسلم للبنان قريباً كي ننظر بها، وبإذن الله تسلك الأمور المنحى الإيجابي لبسط الأمن والأمان، وهذا ما نريده».

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصادر فرنسية قولها إن ميقاتي الذي اجتمع بالرئيس الفرنسي في باريس في 19 أبريل (نيسان) الحالي، تعهّد لماكرون بتقديم ردّ حول النقاط الواردة في الخطّة الفرنسية.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، دخل لبنان في مناوشات عسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل، وسط تحذيرات من إمكانية اتساع رقعة الحرب، وهو ما دفع الجانب الفرنسي إلى تقديم اقتراحات لإعادة ضبط الحدود جنوباً، والعودة لتطبيق القرار الدولي 1701 الذي أنهى حرباً بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006. وبالموازاة، تنشط واشنطن من جهتها أيضاً على خطّ احتواء التصعيد عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ويقوم مبعوثها آموس هوكستين بزيارة إلى القدس.

الملف الرئاسي

وتعد هذه الزيارة، الثانية لسيجورنيه إلى لبنان منذ تعيينه في منصبه في يناير الماضي، وتأتي في إطار جولة في الشرق الأوسط تتخلّلها محطة في الرياض لحضور اجتماعات حول الوضع في غزة.

وتطرقت مباحثاته مع بري، إلى الملف الرئاسي اللبناني. وأثنى بري على «جهود اللجنة الخماسية للتوصل عبر التشاور لانتخاب رئيس للجمهورية»، في إشارة إلى حراك اللجنة المؤلفة من ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، لتسهيل التوصل إلى توافقات لبنانية تنهي الشغور في سدة رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022.

وأشارت رئاسة البرلمان في البيان، إلى أن بري أثار مع وزير الخارجية الفرنسي موضوع النازحين السوريين «الذي بات يثقل كاهل لبنان واللبنانيين على مختلف الصعد»، لافتاً إلى أنه سوف يثير هذه القضية مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي والرئيس القبرصي خلال زيارتهما للبنان هذا الأسبوع. وطالب بري فرنسا وألمانيا «بإعادة النظر إزاء علاقتهما بسوريا، وحيال هذا الملف».

مقاربة جديدة

وعصراً، استقبل ميقاتي سيجورنيه وبحثا في المساعي التي تقوم بها فرنسا لاعادة الهدوء الى جنوب لبنان، كما وقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.وأفادت رئاسة الحكومة في بيان، بأن ميقاتي اطلع من الوزير الفرنسي على الجولة التي يقوم بها في المنطقة والمحادثات التي سيجريها. واعتبر ميقاتي أن «المبادرة الفرنسية تشكل إطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 الذي يتمسك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام اسرائيل بتنفيذه ووقف عدوانها المدمّر على جنوب لبنان، بالإضافة إلى دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود».

وجدد رئيس الحكومة مناشدة فرنسا والدول الأوروبية «دعم لبنان من أجل التوصل إلى حل لأزمة النازحين السوريين»، مشيراً إلى «بداية مقاربة أوروبية جديدة مع اعترافهم بالتحدي الذي تمثله هذه القضية بالنسبة للبنان واستعدادهم للعمل مع السلطات اللبنانية في هذا الشأن».

الخارجية

وفي وزارة الخارجية، استقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه. وبعد اللقاء الموسع، عُقد اجتماع موسع بين الوفدين اللبناني والفرنسي، ولدى دخوله إلى قاعة الاجتماعات وصف سيجورنيه الاجتماع مع بوحبيب بـ«الجيد»، وقال: «الأمور تسير بشكل جيد»، مشيراً إلى مناقشة نقاط عدة.

وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب مستقبلاً نظيره الفرنسي (إ.ب.أ)

وقال بعد انتهاء الاجتماع: «جرى البحث في العلاقات الثنائية، وسنستكمل الاتصالات في المرحلة المقبلة»، مضيفاً: «تقدّمنا جداً بشأن المقترحات الفرنسية». وأمل سيجورنيه أن تكون المقترحات الفرنسية «مؤثّرة وفاعلة»، مضيفاً: «نتمنى أن نلتقي وزير الخارجية بوحبيب في بروكسل لمواصلة المباحثات».


«اليونيفيل» قلقة جراء بلوغ الضربات «مسافات أعمق» في جنوب لبنان وإسرائيل

جنود في «اليونيفيل» يؤدون التحية العسكرية لوزير الخارجية الفرنسي بجنوب لبنان الأحد (أ.ف.ب)
جنود في «اليونيفيل» يؤدون التحية العسكرية لوزير الخارجية الفرنسي بجنوب لبنان الأحد (أ.ف.ب)
TT

«اليونيفيل» قلقة جراء بلوغ الضربات «مسافات أعمق» في جنوب لبنان وإسرائيل

جنود في «اليونيفيل» يؤدون التحية العسكرية لوزير الخارجية الفرنسي بجنوب لبنان الأحد (أ.ف.ب)
جنود في «اليونيفيل» يؤدون التحية العسكرية لوزير الخارجية الفرنسي بجنوب لبنان الأحد (أ.ف.ب)

أعربت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل»، عن «قلقها البالغ» جراء التصعيد المتنامي في الحرب الدائرة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، وذلك «مع بلوغ الضربات مسافات أعمق داخل المناطق الواقعة على جانبي الخط الأزرق»، وسط استهدافات إسرائيلية لمنازل المدنيين، وتكثيف «حزب الله» ضرباته باتجاه مواقع عسكرية حيوية للقوات الإسرائيلية في المنطقة الحدودية.

ونفّذ «حزب الله»، ليل السبت - الأحد، واحدة من أعنف ضرباته باتجاه المواقع الإسرائيلية، حيث أطلق عشرات صواريخ الكاتيوشا باتجاه مستوطنات الجليل الأعلى، بعد استهداف إسرائيلي لمنزل في بلدة صربين، الواقعة على مسافة تتخطى عشرة كيلومترات عن أقرب نقطة حدودية داخل الأراضي اللبنانية، وأسفر عن وقوع 12 إصابة في صفوف المدنيين.

وتَلَت تلك الضربة ضربات إسرائيلية أخرى استهدفت منازل للمدنيين، إحداها أسفرت عن مقتل طفلة وامرأة، يوم الأربعاء، في حين أدت الضربات إلى تدمير واسع لمنازل خالية من السكان في المنطقة الحدودية.

آثار الدمار الناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في كفرشوبا (أ.ف.ب)

وقالت نائبة مدير المكتب الإعلامي لقوات «اليونيفيل» في لبنان، كانديس أرديل، الأحد: «منذ أن بدأ تبادل إطلاق النار في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) شهدنا تفاوتاً في مستوى التوترات، لكن في الأيام القليلة الأخيرة لاحظنا زيادة واضحة في مستوى التصعيد مع بلوغ الضربات مسافات أعمق داخل المناطق الواقعة على جانبي الخط الأزرق، وباعتبارنا قوات حفظ سلام فمن الواضح أن هذا الأمر يقلقنا كثيراً».

وأكدت أرديل، في تصريح إذاعي، أن «قواتنا لحفظ السلام تقوم بعملها الملتزمة القيام به منذ البداية، وتستمر بذلك، ونحن نراقب الوضع ونقوم بتسيير دوريات بشكل مستقل، وبالاشتراك مع الجنود اللبنانيين، كما أننا نُجري اتصالات مع الجهات المعنية لتخفيف التوترات وتجنب سوء الفهم».

وإذ أشارت إلى أن هناك سلسلة اتصالات جارية للتهدئة، قالت: «لكننا، وباعتبارنا قوات حفظ سلام عاملة في جنوب لبنان فإننا لا نشارك مباشرة فيها، فنحن لدينا قرارنا 1701 الذي يمنحنا التفويض من مجلس الأمن، ومنذ الثامن من أكتوبر قمنا بحثِّ الأطراف على العمل نحو حل سياسي ودبلوماسي؛ لأننا نعتقد أن هذه هي السبيل الوحيدة لحل طويل الأمد»، مؤكدة أن «أي جهود يبذلها أي شخص في المجتمع الدولي فهذا أمر نشجعه وندعمه، لكن كبعثة لحفظ السلام نحن هنا فقط لإفساح المجال لتحقيق ذلك».

الراعي

وفشلت عدة وساطات دولية في إنهاء الحرب القائمة، حيث يصر «حزب الله» على مواصلة القتال؛ «دعماً لغزة»، حتى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فيها، وذلك رغم الانتقادات اللبنانية لقتال «الحزب»، وكان آخرهم البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي دعا المسؤولين المدنيّين والسياسيّين إلى «فحص ضمائرهم». وقال، في عظة الأحد: «لو كانت في قلوبهم فضيلتا الإيمان بالله ومحبتّه، لتفانوا في تأمين الخير العام، وأعادوا إلى الدولة مؤسّساتها الدستوريّة الفاعلة والشرعيّة، بدءاً بانتخاب رئيس للجمهوريّة، ولسهروا بكلّ قواهم على تجنيب جنوب لبنان وشعبنا الحرب مخلفة الضحايا والجرحى والتهجير والدمار، من أجل قضيّة لا علاقة لها بلبنان وقضيّته وسلامه واستقراره».

تصعيد ميداني

ميدانياً، نفّذ «حزب الله»، ليل السبت - الأحد، واحدة من أعنف ضرباته الصاروخية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الحدودية مع لبنان في الجليل الأعلى، حيث قصف مستوطنة ميرون والمستوطنات المحيطة بها ‏بعشرات من صواريخ الكاتيوشا؛ «رداً على ‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل المدنية، وخصوصاً بلدات القوزح ‏ومركبا وصربين»، وفق ما جاء في بيانه؛ في إشارة إلى قصف إسرائيلي استهدف بلدة صربين، وأدى إلى وقوع 12 إصابة. وجاءت الضربات بعد ساعات على تنفيذ هجوم مركب «بالمُسيّرات الانقضاضية والصواريخ الموجهة»، مستهدفاً «مقر القيادة العسكرية في مستوطنة المنارة وتموضع قوات الكتيبة 51 التابع للواء غولاني»، وذلك في رد على قصف إسرائيلي للمنازل المدنية في بلدتي كفركلا وكفرشوبا، حيث قُتل 3 أشخاص، فجر السبت، بينهم مدني.

وفجر الأحد، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي هجوماً جوياً عنيفاً مستهدفاً عدداً من القرى والبلدات في القطاعين الغربي والأوسط، وتركزت الغارات على بلدات طيرحرفا مارون الراس وأطراف بلدة يارون وبين بلدتي عيترون ومارون الراس، وفق ما أفادت وسائل إعلام لبنانية.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرات حربية تابعة له أغارت على أهداف لـ«حزب الله» في منطقة مارون الراس بجنوب لبنان. وبين الأهداف التي جرت مهاجمتها عدة بنى تحتية إرهابية ومبنى عسكري، كما أغارت على بنية تحتية عسكرية للحزب في منطقة طير حرفا، ومبنى عسكري تابع للحزب في منطقة يارين.


مصر تجدد رفضها إجراءات إثيوبيا «الأحادية» بشأن «سد النهضة»

الوزير هاني سويلم خلال مشاركته في «مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه» (وزارة الموارد المائية المصرية)
الوزير هاني سويلم خلال مشاركته في «مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه» (وزارة الموارد المائية المصرية)
TT

مصر تجدد رفضها إجراءات إثيوبيا «الأحادية» بشأن «سد النهضة»

الوزير هاني سويلم خلال مشاركته في «مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه» (وزارة الموارد المائية المصرية)
الوزير هاني سويلم خلال مشاركته في «مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه» (وزارة الموارد المائية المصرية)

جدّدت القاهرة رفضها استمرار ما تصفها بـ«الإجراءات الأحادية» الإثيوبية بشأن «سد النهضة» على نهر النيل. وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، إن تحركات أديس أبابا الرامية لاستكمال بناء السد من دون تشاور «تشكّل خطراً وجودياً يهدد نحو 150 مليون مواطن» في دولتَي المصب (مصر والسودان).

وتستعد إثيوبيا لـ«ملء خامس» لبحيرة السد، الذي تقييمه منذ 2011، خلال الأشهر المقبلة. وسط تحذيرات من «أزمة مياه لمصر والسودان». وقال خبراء إن «القاهرة ستضطر إلى سحب نسبة كبيرة من مخزون السد العالي لتعويض نقص إيرادها من مياه النيل».

واستغل وزير الموارد المائية والري المصري، حضوره «مؤتمر بغداد الدولي الرابع للمياه»، بالعاصمة العراقية، وقال سويلم خلال الجلسة الافتتاحية، (الأحد)، إن «السد الإثيوبي الذي تم البدء في إنشائه دون تشاور أو إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المشاطئة، يعد أحد الأمثلة التي تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بمبادئ القانون الدولي على أحواض الأنهار المشتركة».

ووصف سويلم التحركات الإثيوبية» بـ«الممارسات الأحادية غير التعاونية التي تشكّل خرقاً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقّع في عام 2015 (بين مصر وإثيوبيا والسودان)، وبيان مجلس الأمن الصادر في سبتمبر (أيلول) عام 2021». وأضاف: «يشكّل استمرار هذا الأمر خطراً وجودياً على أكثر من 150 مليون مواطن»، في إشارة إلى عدد سكان مصر والسودان.

وتبني إثيوبيا «سد النهضة» بداعي «توليد الكهرباء»، وأعلنت مطلع أبريل (نيسان) الحالي «انتهاء 95 في المائة من إنشاءات السد». ونقلت «وكالة الأنباء الإثيوبية» حينها عن مسؤولين في أديس أبابا تأكيدهم الاستعداد لـ«الملء الخامس»، الذي يتوقع أن يكون خلال فترة الفيضان من يوليو (تموز) وحتى سبتمبر المقبلين.

وتخشى مصر تأثر حصتها من مياه نهر النيل، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب. وكانت القاهرة أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، التي استمرت نحو 4 أشهر.

سويلم عدّ التحركات الإثيوبية «غير التعاونية» تشكل خرقاً للقانون الدولي (وزارة الموارد المائية المصرية)

وترى مديرة البرنامج الأفريقي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أنه «لا توجد أية آفاق في الوقت الراهن توحي بإمكانية استئناف المفاوضات بشأن (سد النهضة) بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا».

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «المشهد الحالي لا يتضمن أية متغيرات، وليس هناك جديد قد ينبئ بإمكانية عودة المفاوضات، إذ إن إثيوبيا ماضية في استكمال بناء السد بإجراءات أحادية، وقد حققت أديس أبابا أغراضها وصولاً إلى (الملء الخامس) المرتقب، والتعلية الخرسانية للممر الأوسط».

وبحسب الخبيرة المصرية فإن «سيناريوهات مصر السياسية في التعامل مع أزمة (سد النهضة) عقب اكتمال (الملء الخامس) غير واضحة، فما زالت القاهرة تعتمد على الوسائل الدبلوماسية والتفاعل مع القوى الإقليمية»، كما أن «تطرق وزير الموارد المائية والري المصري لتفاصيل الضرر الواقع على مصر جراء السد، هو رسالة للمجتمع الدولي والقوى الإقليمية لتأكيد موقف القاهرة الثابت من أزمة السد».

وتواجه مصر «تحديات كبيرة» في الموارد المائية، وفق الوزير سويلم، الذي أكد خلال «مؤتمر بغداد»، أن «نصيب الفرد في مصر من الموارد المائية المتجددة يمثل نحو 50 في المائة من خط الفقر المائي العالمي (نصيب الفرد وفقاً للتعريف العالمي لخط الفقر المائي يبلغ 1000 متر مكعب سنوياً).

وذكر سويلم أن «مصر تعتمد بشكل كبير وحصري على مياه نهر النيل الذي يوفر أكثر من 98 في المائة من احتياجات البلاد المائية، كما تخصص القاهرة نحو 75 في المائة من مواردها المائية للزراعة».

وعدّ أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، استكمال إثيوبيا لـ«الملء الخامس» للسد «بداية مرحلة أكثر خطورة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل متر مكعب تخزنه إثيوبيا خلف (سد النهضة) يُخصم من إيراد مصر من مياه النيل، وسوف تضطر القاهرة إلى (السحب) من مخزون بحيرة ناصر خلف السد العالي؛ لتعويض الفارق مع اكتمال (الملء الخامس) لسد النهضة، الذي سيحجز عن مصر نحو 23 مليار متر مكعب إضافياً».

ووفق شراقي فإن «(الملء الخامس) سيكون بداية مرحلة خطيرة، حيث سيصل التخزين في البحيرة الإثيوبية إلى 64 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يزيد المخاوف من احتمالات انهيار السد؛ بسبب الفيضانات أو النشاط الزلزالي، فعندما تمتلئ البحيرة بسعة تخزين كاملة وتحدث فيضانات في إثيوبيا تزيد احتمالات انهيار السد؛ لأنه لن يتحمل المياه الزائدة، وهو ما يشكّل خطراً كبيراً على مصر والسودان».

وأنفقت مصر 10 مليارات دولار (الدولار يعادل نحو 47.85 جنيه) خلال الـ5 سنوات الماضية؛ لتعزيز كفاءة المنظومة المائية في مصر ومجابهة التحديات المائية، كما أشار الوزير سويلم، الذي أوضح أن «السياسات الخاصة بإعادة استخدام المياه أسهمت بنحو 26 مليار متر مكعب من الموارد المائية غير التقليدية في التوازن المائي، كما تضطر مصر إلى استيراد نسبة كبيرة من غذائها بقيمة تبلغ 15 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل 40 مليار متر مكعب من المياه على الأقل من المياه الافتراضية».


إسرائيل تطالب بترتيبات أمنية لتهدئة الوضع في جنوب لبنان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي ستيفان سيغورنيه في لقاء سابق (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي ستيفان سيغورنيه في لقاء سابق (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تطالب بترتيبات أمنية لتهدئة الوضع في جنوب لبنان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي ستيفان سيغورنيه في لقاء سابق (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والفرنسي ستيفان سيغورنيه في لقاء سابق (إ.ب.أ)

يقف الوضع المشتعل بين إسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان على عتبة الانحدار، في ظل الضبابية التي تكتنف موقف حكومة تصريف الأعمال حيال إصرار «حزب الله» على ربط جبهة الجنوب بالجبهة الغزاوية، ورفضه الفصل بينهما، وهذا ما يضع الجهود الأميركية - الفرنسية لتهدئة الوضع في ثلاجة الانتظار، ويحول دون خفض منسوب التوتر، ويفتح الباب أمام تصعيد المواجهة بين الحزب وإسرائيل على امتداد الجبهة الشمالية، مع انكفاء الوسيط الأميركي أموس هوكستين عن التحرك بين بيروت وتل أبيب لتهيئة الظروف السياسية المؤاتية لتطبيق القرار 1701، ودخول فرنسا بشخص وزير خارجيتها ستيفان سيغورنيه على خط الاتصالات، لعله في تنقله بين البلدين يعيد الاعتبار للجهود الرامية لمنع تفلُّت الوضع بحيث تصعب السيطرة عليه.

تنسيق أميركي ـ فرنسي

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية بارزة أن معاودة باريس لإحياء الورقة التي كانت قد تقدّمت بها لضمان عودة الحد الأدنى من الاستقرار إلى الجبهة مع إسرائيل، جاءت في أعقاب الزيارة التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى واشنطن، واجتماعه بالوسيط الأميركي، والتي أدت إلى ردم الهوة بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وصولاً إلى التنسيق بينهما في مقاربتهما لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة التي يدور فيها، وإعادة الهدوء على جانبي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

وكشفت المصادر السياسية أن زيارة لودريان لواشنطن تزامنت مع وجود مديرة الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الفرنسية في العاصمة الأميركية، في إطار التأكيد على ضرورة التنسيق بين البلدين حول كل ما يتعلق بدعم المساعي الرامية إلى مساعدة لبنان للخروج من أزماته المتراكمة. وقالت إن التواصل الأميركي - الفرنسي أدى إلى تبديد النفور الذي ترتّب على التباين في مقاربتهما لكل ما يتعلق بالأزمة اللبنانية.

ولفتت المصادر إلى وجود إمكانية لإدخال تعديلات على الورقة الفرنسية لإعادة الهدوء إلى جنوب لبنان، لكن ما تخشاه أن تبقى حبراً على ورق في حال أصر «حزب الله» على عدم الفصل بين جبهتي الجنوب وغزة.

ورأت أن المبادرات يجب أن تبدأ من وقف إطلاق النار في غزة. وأكدت، نقلاً عن مصادر دبلوماسية أوروبية وأميركية، أن هناك صعوبة في التوصل إلى هدنة على الجبهة الغزاوية، وأنه في حال نجاح الوساطة المصرية - القطرية في تحقيقها، لا يعني ذلك من وجهة نظر إسرائيل أن وقف النار على غزة سينسحب تلقائياً على جنوب لبنان.

شروط إسرائيل

وأكدت المصادر نفسها أن إسرائيل تصر على عدم الربط بين جبهتي جنوب لبنان وغزة، بخلاف تمسك «حزب الله» بها ورفضه أن يعيد النظر في موقفه لتسهيل المهمة التي يتولاها الوزير الفرنسي. وقالت إن إسرائيل تشترط لقاء موافقتها على أن تنسحب الهدنة في غزة على جنوب لبنان، أن يصار فوراً إلى الاتفاق على ترتيبات أمنية تمنع عودة الوضع في الجنوب إلى ما كان عليه قبل أن يقرر الحزب الدخول في مواجهة عسكرية في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحت عنوان مساندته لـ«حماس» من خلال إشغاله إسرائيل للتخفيف من ضغطها على غزة، رداً على اجتياح «حماس» للمستوطنات الإسرائيلية الواقعة في غلاف غزة.

لكن حكومة تصريف الأعمال، كما تقول المصادر إياها، ليست في وارد الانجرار إلى مفاوضات يراد منها الموافقة على ما تطالب به إسرائيل، وهذا ما يشكل نقطة تلاقٍ بين رئيسي الحكومة نجيب ميقاتي والمجلس النيابي نبيه بري الذي يتولى التفاوض، بتأييد من «حزب الله» وبالإنابة عنه، مع واشنطن وباريس، لتطبيق القرار 1701، على أن يسبقه وقف الحرب على غزة، رغم أن التواصل لم ينقطع بين الحزب وباريس، ممثلة بسفيرها لدى لبنان هرفيه ماغرو.

غير أن أسئلة عدة تبقى مطروحة، ومنها: ما العمل في حال لم تُعِد إسرائيل النظر في إصرارها على ربط التهدئة في الجنوب بالاتفاق على رزمة من الترتيبات الأمنية؟ وكيف ستتصرف حكومة تصريف الأعمال؟ وماذا سيقول الرئيس بري في ردّه على الشروط الإسرائيلية في ظل الانقسام اللبناني - اللبناني حول تفرّد الحزب بقراره الدخول في مواجهة من دون العودة إلى الحكومة والتشاور معها، على أساس أن قرار السلم والحرب يبقى من صلاحياتها، ومن غير الجائز، من وجهة نظر المعارضة، لأي فريق مصادرة هذا القرار على نحو يقحم لبنان في مغامرة غير مدروسة في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها؟

مهمة صعبة

لذلك، يمكن أن يكون البديل عن الترتيبات الأمنية التي تشترطها إسرائيل لعودة التهدئة إلى الجنوب، إطلاق التفاوض، كما تقول المصادر السياسية، حول ضرورة تطبيق القرار 1701، شرط أن يبادر الحزب إلى تعديل موقفه بعدم الربط بين جنوب لبنان وغزة. فهل يفعلها الحزب، في غياب شبكة الأمان التي توفر له الغطاء السياسي للتفرد بقراره في مساندته «حماس»، خصوصاً أن مجرد إصراره على عدم الفصل يعني أن توسعة الحرب بقرار من إسرائيل واقعة حتماً، كما تؤكد المصادر الدبلوماسية الأميركية والفرنسية، رغم أن الضغوط على تل أبيب إلى ازدياد لمنعها من توسعتها، في مقابل جنوح الحزب نحو ضبط النفس، وعدم توفير الذرائع لإشعال جبهة الجنوب على نطاق واسع تصعب السيطرة عليه؟

فهل يبادر الحزب إلى إجراء مراجعة شاملة تقوده إلى تقديم التسهيلات المطلوبة لمنع إسرائيل من توسعة الحرب، أم أن لديه حسابات أخرى؟

وفي انتظار جلاء موقف الحزب، فإن محادثات الوزير الفرنسي في بيروت أمام مهمة صعبة، يتطلع من خلالها إلى تبرئة ذمته بأنه سعى لتفادي توسعة الحرب، لأن عودة الاستقرار إلى لبنان هي موضع اهتمام ومتابعة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنه يصطدم بتبادل الشروط بين الحزب وإسرائيل، الذي يعطل الجهود لإعادة الاعتبار لتطبيق القرار 1701، كونه الناظم الوحيد لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.


محاولات فلسطينية للتوافق على إدارة غزة بعد الحرب

شاب فلسطيني يجلس فوق منزله المدمر بسبب القصف الإسرائيلي على وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
شاب فلسطيني يجلس فوق منزله المدمر بسبب القصف الإسرائيلي على وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

محاولات فلسطينية للتوافق على إدارة غزة بعد الحرب

شاب فلسطيني يجلس فوق منزله المدمر بسبب القصف الإسرائيلي على وسط قطاع غزة (د.ب.أ)
شاب فلسطيني يجلس فوق منزله المدمر بسبب القصف الإسرائيلي على وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خرج عدد من قادة حركة «حماس» وقالوا إنهم سيتعاملون مع أي قوة تدخل إلى غزة على أنها قوة احتلال، لكن الأسبوع الماضي جاء تصريح مغاير من رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، عندما قال إن حركته ترحب بوجود قوة عربية أو إسلامية في غزة وفق ضوابط محددة.

وتزامناً مع هذه التصريحات عاد ملف المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» عبر الوسيطين المصري والقطري للتحرك مجدداً.

وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، أن إسرائيل وافقت على مقترح مصري يقضي بالإفراج عما بين 20 و40 محتجزاً إسرائيلياً في قطاع غزة يقابلهم هدنة ليوم واحد أو أكثر مقابل كل محتجز، وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين.

وقالت الهيئة إن التوقعات تشير إلى موافقة «حماس» على المقترح وتخليها عن شرط إنهاء الحرب لإبرام صفقة مع إسرائيل.

وفي ذات الوقت اجتمع مسؤولون من حركتَي «حماس» و«فتح» في العاصمة الصينية بكين لترتيب البيت الفلسطيني من الداخل، وهو ما سبق أن صرحت به مصادر لـ«وكالة أنباء العالم العربي» قبل حدوثه.

ويعتقد المحلل السياسي عبد المجيد سويلم أن بكين لا يمكن أن تدخل على خط المصالحة الفلسطينية إلا إذا كان لديها قدر معين من اليقين بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح لإنجاز ملف إنهاء الانقسام الفلسطيني.

وأضاف في حديثه لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «بكين لا تدخل عادة في الصراعات إلا إذا كانت متأكدة أنها ستحقق شيئاً ما».

اجتماع أوليّ

يعتقد سويلم أن هناك محاور قوة مناوئة للولايات المتحدة تتشكل وتتدخل في الصراع، وقال إن اجتماع حركتَي «فتح» و«حماس» في الصين يأتي استكمالاً لاجتماع سابق عُقد الشهر الماضي في موسكو، مشيراً إلى أن روسيا والصين تدفعان بثقلهما في الشرق الأوسط.

وقال: «على ما يبدو أن الدبلوماسية الصينية عملت من تحت الطاولة لكي تتولى هي هذه المسألة، وأظن أن الأمر سيسفر عن نتائج، وقد لا تكون نهائية وشاملة وكافية، لكن الاجتماع بالتأكيد ليس اجتماعاً روتينياً».

وأفادت مصادر لـ«وكالة أنباء العالم العربي» بأن الاجتماع الذي عُقد، يوم الجمعة، في بكين، هو اجتماع أولي، وستترتب عليه اجتماعات أخرى قادمة قد تتوسع لتشمل المزيد من الفصائل الفلسطينية.

وبحسب المصادر، فإن السفير الصيني في رام الله، تسنغ جيشين، على تواصل مع قادة الفصائل الفلسطينية لمزيد من الترتيبات بشأن المرحلة المقبلة.

قوة عربية

وبشأن القوة العربية في غزة والتصريح الذي أدلى به هنية الأسبوع الماضي ورحب فيه بوجود قوة عربية في غزة إذا كان هدفها خروج إسرائيل من القطاع، قال سويلم: «الموقف لا يعد انقلاباً على مواقف سابقة للحركة هددت فيها بالتعامل مع أي قوة على أنها قوة احتلال».

وكان هنية قد قال: «نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية إذا كانت مهمتها إسناد شعبنا الفلسطيني ومساعدته على التحرر من الاحتلال الإسرائيلي، أما أن تأتي قوة عربية أو دولية لتوفر حماية للاحتلال فهي بالتأكيد مرفوضة»، وشدد على ضرورة وجود إرادة فلسطينية في أي حل لإدارة غزة.

واستبعد سويلم قدوم قوة عربية لحفظ السلام في غزة، واصفاً الأمر بأنه غير قابل للتطبيق، وأوضح: «الولايات المتحدة لا تريد إلا قوة هدفها هو تحقيق السقف الأميركي من التوقعات، وهو سقف غير مقبول لا من (حماس) ولا من جزء كبير من حركات المقاومة الفلسطينية».

خطاب فلسطيني موحد

الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي شدد على أهمية «توافر الإرادة بدايةً» لدى الفلسطينيين لإنهاء الانقسام فيما بينهم والانطلاق نحو الملفات الأخرى. وقال: «الواقع يتطلب حالة وحدة وطنية وتقارباً ونسياناً للماضي، وبناء (منظمة التحرير) من جديد».

وأضاف متحدثاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أن التغيرات التي يشهدها العالم وحملات التعاطف مع القضية الفلسطينية تتطلب أن يكون الخطاب الفلسطيني موحداً، مؤكداً: «الأمر لم يعد خياراً وإنما إلزام بإنهاء كل أشكال الانقسام».

وأشار عنبتاوي إلى أن ترحيب «حماس» بقوة عربية أو إسلامية في غزة هو طرح لا يقرره حزب وحده، وإنما يتطلب إجماعاً فلسطينياً. وأضاف: «المفروض أن القرارات المصيرية تمثل الكل الفلسطيني ضمن برنامج وطني يطرح كل القضايا، ومن بينها وجود قوة عربية».

ولفت إلى أن «حماس» تتعرض لضغوط، وأن طرحها بشأن القوة العربية قد يكون الهدف منه تخفيف الضغوط عليها. وتابع: «قد تكون هذه القضية تم بحثها بين حركتَي (فتح) و(حماس) في اجتماع بكين».

وأعلن هنية أن حركته التي تدير القطاع منذ عام 2007 لم تعد متمسكة بالإدارة المنفردة للقطاع. وقال: «نحن جزء من الشعب الفلسطيني، ويمكن أن نبني حكومة وحدة وطنية، وأن نتوافق على إدارة غزة على قاعدة الشراكة».