عندما اختار نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق فريد مكاري الخروج من الحياة النيابية بإرادته، لم يخرج من الحياة السياسية التي واظب على إبداء رأيه حول مجرياتها، وتقديم المواقف «الوطنية» كما يقول عارفوه، وليس أقلها انتقاداته لاستهداف «حزب الله» لدول الخليج العربي، والتشديد على ضرورة حياد لبنان عن المحاور الإقليمية وتحييده عن المواقف الإيرانية... وواظب على ذلك طوال السنوات الأخيرة. عرف مكاري بصراحته القاسية مع حلفائه وأصدقائه، وخصومته الراقية. وكان صدقه مع نفسه، كما يقول أحد عارفيه سبباً واضحاً لابتعاده عن السياسة ورفضه الترشح لانتخابات عام 2016، بعد صفقة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، مشيراً إلى أن مكاري كان معارضاً لانتخاب عون ومعارضاً أكبر لترؤس سعد الحريري الحكومة في عهده.
فقد غيّب الموت، أمس (الأربعاء)، مكاري عن عمر يناهز الـ75 عاماً، بعد صراع قصير مع المرض الذي اكتشفه قبل نحو شهرين فقط. ومع أنه اختتم حياته النيابية في عام 2018 عندما لم يترشح للانتخابات النيابية، فإنه حافظ على صداقاته في الوسط السياسي، وهو ما يفسر حجم بيانات نعيه من قبل رؤساء ووزراء وزعماء حزبيين، وفي طليعتها موقف رئيس الحكومة الأسبق الذي وصفه بأنه «رفيق درب رفيق الحريري».
ولد مكاري في بلدة أنفه (الكورة) في شمال لبنان سنة 1947، ودرس الهندسة المدنية في جامعة تكساس في أوستن (الولايات المتحدة الأميركية)، ونال منها الإجازة في هذا المجال. وانضم إلى شركتي «أوجيه» السعودية و«أوجيه» العالمية اللتين أسسهما الرئيس الراحل رفيق الحريري. دخل المعترك السياسي للمرة الأولى من باب الانتخابات النيابية، فخاضها عام 1992 وفاز بالمقعد النيابي الأرثوذكسي عن «الكورة». وأعيد انتخابه عن المقعد نفسه في انتخابات 1996 و2000 و2005.
شغل مكاري بين عامي 1995 و1996، منصب وزير الإعلام في الحكومة التي ترأسها الرئيس رفيق الحريري، إلى جانب مشاركته في عدة لجان نيابية فاعلة، بينها «لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه»، و«لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين»، و«لجنة البيئة» و«لجنة شؤون المهجرين». عُرف بمتابعته للمشروعات الإنمائية في محافظة الشمال، ولا سيما في قضاءي الكورة والبترون في الشمال. وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان فريد مكاري أحد الوجوه البارزة في قوى «14 آذار»، وفاز في الانتخابات النيابية في عام 2005 من ضمن لائحة تحالف قوى «14 آذار». ومنذ عام 2005، انتخب مكاري نائباً لرئيس مجلس النواب، وبقي في موقعه حتى عام 2018 بعد فوزه في انتخابات عام 2009 أيضاً.
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان نعي مكاري، أنه برحيله «يفقد المجلس النيابي والحياة التشريعية والسياسية واحداً من الزملاء الأعزاء الذين عملوا بإخلاص من أجل لبنان».
وينسحب هذا التقدير على رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري الذي قال: «أبو نبيل، أعز الرجال وأوفى الأصدقاء، رفيق درب الوالد الشهيد رفيق الحريري، ورفيقي في المشقات والأحلام». «وطنيته» كانت محل تقدير الكثيرين، ومن ضمنهم خصومه في السياسة، وقال رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجيّة عبر «تويتر»: «خسرتُه صديقاً عزيزاً وخسرتْه الكورة وفياً لها ولناسها وخسرته السياسة اللبنانية ساعياً لتقريب وجهات النظر برلمانياً وحكومياً وعلاقات».
ورأى الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أنه «برحيل دولة الرئيس فريد مكاري، يخسر (لقاء الجمهورية) عضواً مؤسساً راقياً، ويخسر لبنان شخصية محبّة للوطن، شجاعة في الدفاع عنه في الأوقات الصعبة». وتوالت تغريدات المعزين بالراحل، وقال رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام: «لقد رحل عنا وعن الحياة السياسية والعامة وجه مشرق من لبنان عرف باستقامته ووفائه ووطنيته الخالصة»، مؤكداً أن «ذكراه ستبقى في عقول وقلوب معارفه ومحبيه».
رحيل فريد مكاري... رفيق درب الحريري الأب
شغل منصب نائب رئيس البرلمان لمدة 13 عاماً
رحيل فريد مكاري... رفيق درب الحريري الأب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة