التنافس على جني المال والنفوذ يفاقم خلاف القيادات الحوثية

مسلحان خلال تجمع حوثي في صنعاء (أ.ب)
مسلحان خلال تجمع حوثي في صنعاء (أ.ب)
TT

التنافس على جني المال والنفوذ يفاقم خلاف القيادات الحوثية

مسلحان خلال تجمع حوثي في صنعاء (أ.ب)
مسلحان خلال تجمع حوثي في صنعاء (أ.ب)

تصاعدت حدة الصراع بين قادة وأجنحة الميليشيات الحوثية في الأسبوعين الأخيرين، لجهة التنافس على النفوذ والأموال، وسط تبادل تهم الفساد والعنصرية، ومساعي العناصر المنتمية إلى سلالة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي للاستئثار بالغنائم والمناصب.
وتمثل آخر تلك الخلافات بنشوب صراع منذ نحو أسبوعين ولا يزال بين القيادي في الجماعة طه المتوكل المعين وزيراً للصحة في حكومة الانقلاب غير الشرعية وبين القيادي الحوثي فارس الحباري المعين من قبل الميليشيات محافظاً في ريمة.
وفي ظل استمرار عجز وفشل قيادات حوثية من الصف الأول في إخماد الصراع المحتدم بين المتوكل والحباري، شنّ الأخير قبل أيام هجوماً شديد اللهجة على جماعته، متهماً إياها بـ«التمييز العنصري».
واتهم الحباري، في تغريدة على «تويتر»، وزير الصحة بحكومة الانقلاب غير المعترف بها، بإقالة مدير مستشفى محسوب عليه في المحافظة بناء على ذرائع مذهبية.
وقال المحافظ الحوثي: «للأسف الشديد لم أكن أعلم أن المسيرة القرآنية (شعار الجماعة الزائف) تنص على التمييز العنصري وتصنيف الناس ما بين سيد وما دون ذلك». مضيفاً أنه لم يكن على علم أيضاً بأن المعيار الحقيقي للمناصب هو أن تكون من السلالة الحوثية.
وتوالياً للاتهامات المتبادلة بين طرفي الصراع، توعد القيادي المتوكل، الحباري بالملاحقة القانونية، رداً على اتهاماته الأخيرة بشأن إقالة مدير مستشفى بريمة بسبب أنه «يضم في الصلاة».
واتهم بيان صادر عن وزارة صحة الميليشيات في صنعاء، الحباري بالتخلي عن مسؤولياته، مشيراً إلى أن القيادي الحوثي الحباري منع الوزارة ومكاتبها أكثر من مرة من مزاولة عملها في ريمة.
واتهم البيان أيضاً مدير مستشفى الثلايا العام بمديرية الجبين مركز المحافظة المدعوم من قبل الحباري بالفساد المالي والإداري، الذي تسبب بتدهور وضع المستشفى، على حد زعمه.
وأشار بيان صحة الميليشيات إلى إحالة مدير المستشفى إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الخاضع للجماعة في صنعاء وإلى نيابة الجبين في ريمة بتاريخ 14 يونيو (حزيران) الماضي على ذمة قضايا فساد.
وهدد المتوكل، الحباري في بيانه بالملاحقة واتهمه بالتقاعس وعدم وجوده في مقر عمله، في خطوة يرجح أنها تمهد لإقالته من منصبه أو تصفيته كما تعمل الميليشيات مع القيادات والمشرفين الذين لا ينتمون إلى السلالة.
وكان فارس الحباري وهو من القيادات القبلية المنتمية إلى قبيلة أرحب كشف، قبل أيام، عن ما سماها وثائق رسمية تظهر فساد القيادي والمعمم الحوثي طه المتوكل وزير الصحة في حكومة الانقلابيين غير الشرعية.
ويأتي نشر الحباري للوثائق رداً منه على بيان سابق للمتوكل هاجم فيه الأول بسبب كشفه عن فساد الوزير المتوكل المستشري بأروقة وإدارات ومكاتب وزارة الصحة.
وكان قد سبق صراع القياديين الحوثيين المتوكل والحباري خلاف آخر نشب قبل أشهر قليلة ماضية بين الأخير من جهة وبين المدعو عبد الباسط الهادي المعين من قبل جماعته محافظاً لريف صنعاء.
وكشفت حينها وثيقة حوثية عن تصاعد حدة الخلاف بين القياديين في الجماعة الحباري والهادي على تولي منصب محافظ محافظة صنعاء.
وتزامن ذلك حينها مع صراع آخر كان قد وقع بين القيادي الحوثي محمد البخيتي المنتحل لصفة محافظ ذمار وبين مجاهد العنسي المعين أمين عام المجلس المحلي بالمحافظة إثر محاولات البخيتي إقالة الأخير من منصبه.
ويشير مراقبون محليون إلى أن ما سبق يكشف جلياً عن حجم النزاعات والصراعات المتفاقمة يوماً بعد آخر بين قيادات الصفين الأول والثاني في الجماعة على المناصب والأموال والنفوذ في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ويرى المراقبون أن قضية الخلافات بين القادة الحوثيين على خلفية قضايا الفساد ونهب المساعدات وسرقة المال العام وغيرها لا تزال تعد إحدى أبرز القضايا التي تظهر من حين إلى آخر على الساحة الإعلامية والسياسية، لافتين إلى أن قيادات الجماعة سرعان ما تسارع وقتها إلى التغطية عليها وإخفائها بافتعال قضايا وأزمات أخرى.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».