المرأة في سوق العمل السعودية... تمكين الرؤية أم مبالغة القطاع الخاص؟

الفارق النسبي بين نسبة الموظفين الذكور إلى الإناث في المملكة أصبح يضيق بشكل متصاعد منذ 2016

النساء السعوديّات انخرطن بشكل مباشر في قطاعات كثيرة داخل سوق العمل منذ إعلان «رؤية 2030» (الشرق الأوسط)
النساء السعوديّات انخرطن بشكل مباشر في قطاعات كثيرة داخل سوق العمل منذ إعلان «رؤية 2030» (الشرق الأوسط)
TT

المرأة في سوق العمل السعودية... تمكين الرؤية أم مبالغة القطاع الخاص؟

النساء السعوديّات انخرطن بشكل مباشر في قطاعات كثيرة داخل سوق العمل منذ إعلان «رؤية 2030» (الشرق الأوسط)
النساء السعوديّات انخرطن بشكل مباشر في قطاعات كثيرة داخل سوق العمل منذ إعلان «رؤية 2030» (الشرق الأوسط)

مع التقدم الذي تحققه برامج التنمية السعودية في إطار «رؤية 2030» التي تضمّنت بشكل واضح في بنودها الرئيسية مبدأ تمكين المرأة السعودية في سوق العمل بوصفها تمثّل أكثر من 50 في المائة من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين، بات دخول المرأة إلى سوق العمل يمثّل ظاهرة لافتة من حيث الكمّ لأعداد النساء اللواتي انخرطن بشكل مباشر وسريع في السوق، بعد سنوات طويلة من قَصْر مجالات عمل المرأة في السوق السعودية بقطاعيها العام والخاص، على مجالات معيّنة وفي إطارات ضيّقة.

المساواة في حق العمل
ونصت المادة 1 من نظام العمل السعودي على أن «المواطنين متساوون في حق العمل» كما يحظر النظام عمل المرأة في «الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارّة والأعمال التي تعد ضارة بالصحة أو من شأنها أن تعرّض المرأة العاملة لأخطار محددة» وفقاً للمادة 149.
ويلفت مختصون في التوظيف والموارد البشرية إلى أن الفارق النسبي الكبير بين نسبة الموظفين الذكور إلى الإناث أصبح يضيق بشكل متصاعد خلال السنوات الأخيرة، وعزوا الأسباب إلى النيّة الصريحة في «رؤية 2030» وبرنامج التحول الوطني على وجه الخصوص، في تمكين المرأة وتسريع اندماجها في مجالات كثيرة داخل سوق العمل السعودية.
ووفقاً لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للإناث السعوديات من 15 سنة فما فوق 33.5 في المائة بنهاية عام 2020، في حين تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17 إلى 31.8 في المائة، متجاوزين بذلك مستهدف الرؤية لعام 2030 للوصول إلى نسبة 30 في المائة، كما بلغت نسبة النساء في المناصب الإدارية المتوسطة والعليا 30 في المائة في القطاعين العام والخاص خلال العام 2020، كما أظهرت مؤشرات الوزارة ارتفاع نسبة النساء السعوديات في الخدمة المدنية إلى أكثر من 41 في المائة بنهاية 2020.

توسيع نطاقات عمل المرأة
وأصبحت المرأة السعودية اليوم في حلٍّ من أمرها للعمل في كثير من القطاعات التي كانت مقصورة على الذكور، مثل القطاعات الأمنية وبعض القطاعات الخدمية، فضلاً عن قطاعات أخرى، وتلاشت الفوارق في تقسيم كثير من الجهات الحكومية والخاصة لإداراتها إلى أقسام خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء، ومع أن هذا التحول قد أثار بعض الجدل في بداياته لدى بعض الأطياف، فإن النتائج على الأرض أثبتت نجاعته بالنظر إلى مساهمته على كثير من الأصعدة التي كشفتها الأرقام المعلنة من الحكومة، ليس أقلها خفض نسبة البطالة ورفع مستوى مشاركة المرأة، وتعزيز المنافسة بين الباحثين عن العمل، وتنشيط جهود كثير من القطاعات الحيوية وزيادة إنتاجيّتها، والتي انعكست بالمقابل على الناتج المحلي الوطني وكان لها تأثير لا يخفى.

تباين في الآراء
وفي حديث مع رئيس تنفيذي لإحدى المجموعات في السعودية، أشار إلى أن «تقليل الاعتماد على العنصر الأجنبي في الإدارة والأعمال اليومية، ورفع مستوى التنافسية داخل مراكز العمل، هما أهم إضافتين منطقيتين أسهم فيهما دخول المرأة إلى مجموعة شركاتنا»، مؤكّداً أنه يرى كل يوم إنتاجية العنصر النسائي في الأعمال اليومية، كما يرى انعكاسها على العنصر الشبابي الذي بات يشعر بقوة المنافسة، والنتيجة تنعكس على الموارد اليومية والإنتاج.
ويضيف أن أكثر ما يشكر عليه الجهات الحكومية، هو «توفير الأرضية وتهيئة الأجواء وتذليل للمصاعب اللوجيستية التي تواجه أي أنثى خلال هذا التحول الذي يشهده بلد كالسعودية، ومن ذلك تيسير سبل التنقّل والوصول من وإلى مقرات العمل، ومراكز الحضانة والرعاية للأطفال».
وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، علّق كثير من الشباب والفتيات على التطورات التي طالت قطاعات عمل المرأة، منوّهين إلى العودة إلى تمكينها وإتاحة مساحات الإبداع لها في السعودية، لكنّ عدداً منهم تباينت آراؤهم حول اتساع القطاعات المقصورة في العمل على الذكور لتشمل الإناث اليوم، مما يقلّل من حظوظهم في الحصول على وظائف في هذه القطاعات.
«كانت سوق القطاع الخاص مفتوحة على مصراعيها أمامي بسبب توجه نظرائي إلى الوظائف الحكومية، وتدنّي متطلبات التوظيف في القطاع الخاص عندما بدأت العمل فيه مطلع عام 2007» يقول ناصر ذلك ليعلّل سبب توجهه بعد سنوات إلى بدء دراسته الجامعية وهو ابن الـ(36 عاماً) رغم مسيرته غير القصيرة في القطاع الخاص، «بعدما انطلقت برامج تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في سوق العمل، أصبحت المنافسة على الوظائف أشدّ، مما أسهم بالإيجاب في إقناعي بضرورة الحصول على دبلومات مهنية متخصّصة لتعزيز حظوظي الوظيفيّة».

تباينت آراء الموظفين الذكور بين سلبيات وإيجابيات توسيع نطاقات عمل المرأة في السوق (الشرق الأوسط)

وبينما تبذل وزارة التعليم والجامعات السعودية جهوداً مع الجهات ذات الصلة، للتنسيق على صعيد التخصصات المطلوبة في سوق العمل، وإنشاء برامج الابتعاث للتخصصات الجديدة، تميل مها بنت حسن (33 عاماً) للاعتقاد بأن على وزارة التعليم أن تواكب ذلك بتنظيم أكثر وضوحاً لنطاقات العمل التي أصبح يُسمح للمرأة بالعمل فيها، بما يوائم بين متطلّبات سوق العمل والتخصصات الدراسية، تجنّباً لعدم تكدّس السوق بالطلبات وشحّ المعروض بسبب كثرة التخصصات الدراسية التقليدية التي لم تعد سوق العمل في حاجة لعدد منها، وظهور تخصصات جديدة، حيث إنها ومثيلاتها من خريجات بعض التخصصات «ضحيّة لوضع سابق كان يقصر عمل المرأة على حقول معينة وبالتحديد حقل التعليم، وبالتالي درست تخصص دراسات الطفولة، ومع أنني تخرجت قبل عقد من الزمن بمعدل وتقدير مرتفع، فإنني لم أوفّق في الحصول على الوظيفة منذ ذلك الحين، وقد تفاءلت بأن تسهم خطط تمكين المرأة في منحي فرصة العثور على وظيفة مناسبة، لكن وزارة التعليم خيّبت ظنّي وظن كثير من زميلاتي في التخصص، بعدما أعلنت مؤخّراً عن قرابة 12 ألف احتياج وظيفي لم يكن من ضمنها تخصص رياض الأطفال ودراسات الطفولة، ومع ذلك يستمر الخرّيجون في نفس التخصص كل عام دراسي ولكن بمستقبل وظيفي لا تضمنه وزارة التعليم التي يقتصر تخصّصنا على العمل في إطارها» .
ويرى المستشار في إدارة الموارد البشرية بندر الضبعان، أن مفهوم تمكين المرأة يكتسب أهميته من جانبين، الأول يتعلق بـ«رؤية المملكة 2030، حيث أسهمت برامجها ومبادراتها في تذليل العقبات أمام المرأة، وأتاحت لها فرص المشاركة في سوق العمل بصورة أكبر وضمن مجالات لم تكن متاحة سابقاً أو كانت متاحة لكن على نطاق ضيق، ومعظم الفرص التي كانت متاحة أمام المرأة السعودية -في مرحلة ما قبل الرؤية– تركزت بشكل تقليدي على قطاعي التعليم والصحة»، ويستطرد الضبعان في كشف الجانب الثاني من مفهوم تمكين المرأة، حسب رأيه، وهي حقيقة أن «معدل البطالة بين السعوديات هو أعلى منه عند السعوديين، حيث كشفت الهيئة العامة للإحصاء في إحصاءات سوق العمل للربع الأول من عام 2022 أن معدل البطالة بين السعوديات 20 في المائة بينما هو بين السعوديين 5 في المائة، مما يضاعف الاهتمام بتمكين المرأة ويحتم مضاعفة الجهود تجاهها، علماً بأن نسبة المتعطلات السعوديات تبلغ 66.3 في المائة، مقارنةً بنسبة المتعطلين 33.7 في المائة عن الفترة ذاتها».
وعطفاً على ذلك، يطالب الضبعان بعض الجهات الخاصة بضرورة أن تدرك أن «تمكين المرأة لا يقف عند توظيفها فقط، وإنما يتجاوزه إلى منحها الثقة، وإعطائها المسؤوليات والصلاحيات اللازمة، ليس من قبيل التعاطف معها لأنها أنثى، وإنما من باب الإدراك التام أنها شريك جنباً إلى جنب مع الرجل في الإدارة والبناء والتنمية» .

تمكين المرأة في المناصب القيادية
ومنذ تولي الملك سلمان سدة الحكم، تزايدت قرارات تمكين المرأة في المناصب القيادية، فبالإضافة إلى نورة الفايز التي كانت أول نائبة لوزير التربية والتعليم منذ فبراير (شباط) 2009، وهيا العواد وكيلة الوزارة ذاتها منذ مارس (آذار) 2011، تم تعيين تماضر الرماح في منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية في فبراير 2018، وتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرةً لخادم الحرمين الشريفين في واشنطن، في فبراير من عام 2019، كأول سعودية في منصب السفير، وتبعها بذات المنصب آمال المعلّمي في النرويج وإيناس الشهوان في السويد.
واستمر تعيين المرأة في المناصب القيادية مع تعيين الدكتورة ليلك الصفدي في يوليو (تموز) من عام 2020 رئيساً للجامعة السعودية الإلكترونية، كأول امرأة سعودية ترأس جامعة طلابها من الجنسين. وارتفع نسَق تعيينات المرأة السعودية في المناصب المهمّة، مع الأمر الملكي في الثالث من يوليو المنصرم، بتعيين الشيهانة بنت صالح العزاز نائباً للأمين العام لمجلس الوزراء، بعدما كانت الأمين العام والمستشار القانوني لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات السعودي منذ أغسطس (آب) 2018.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ووزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى) play-circle 02:29

«ملتقى الميزانية»: الإنفاق الحكومي السعودي «يتحرر» من «الدورة الاقتصادية»

شكّل «ملتقى الميزانية السعودية 2026» منصة حكومية استراتيجية لتحليل مستهدفات الميزانية التي أقرّها مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزيرا «النقل» و«الإسكان» في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى)

«ملتقى الميزانية»: مبادرات تطوير البنية التحتية تدعم «النقل» و«الإسكان» وتوسع فرص الاستثمار

أكد وزيرا «النقل» و«الإسكان» أن القطاعين شهدا نهضة كبيرة، مع استثمارات ضخمة توسع الوظائف وتوفر وحدات سكنية للأسر المستفيدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الإبراهيم يتحدث وإلى جانبه وزير المالية في ملتقى «ميزانية السعودية 2026»... (الشرق الأوسط)

السعودية: لدى «هيوماين» فرصة لقيادة الاقتصاد الوطني مثل «أرامكو»

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة تستعد لدخول مرحلة جديدة سيكون فيها الذكاء الاصطناعي المحرك الأكبر للنمو غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية (الملتقى)

ملتقى الميزانية: تقدم كبير في توطين الإنفاق العسكري بالسعودية

كشف المهندس أحمد العوهلي، محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، عن تطورات نوعية شهدها قطاع الصناعات العسكرية في السعودية خلال السنوات الست الماضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.