اختراق علمي... علماء يعيدون «إحياء» خلايا خنزير بعد موتها بساعة

اختراق علمي... علماء يعيدون «إحياء» خلايا خنزير بعد موتها بساعة
TT

اختراق علمي... علماء يعيدون «إحياء» خلايا خنزير بعد موتها بساعة

اختراق علمي... علماء يعيدون «إحياء» خلايا خنزير بعد موتها بساعة

بفضل نظام جديد يسمى «OrganEx»، يمكن للعلماء الآن الحفاظ على أعضاء الخنازير النافقة حديثًا حية عن طريق ربط الحيوانات بنظام من المضخات والمرشحات والسوائل المتدفقة. هذا الإجراء لا يستعيد وظيفة دماغ الحيوانات أو يسحب الخنازير من الخلف؛ وبدلاً من ذلك، فهو يضمن استمرار بعض الوظائف الخلوية في الأعضاء الحيوية للحيوانات.
فقد أفاد العلماء في دراسة جديدة نُشرت يوم أمس (الأربعاء) بمجلة «Nature» أنه في المستقبل، يمكن استخدام النظام للمساعدة في الحفاظ على الأعضاء البشرية المتبرع بها واستعادتها، والمخصصة للاستخدام في إجراءات الزرع. إذ يمكن أن تزيد هذه العملية من عدد الأعضاء المتاحة للزرع من خلال عكس آثار نقص التروية؛ حيث يعاني العضو من تلف بسبب عدم كفاية تدفق الدم وإمدادات الأكسجين، في الأعضاء المتبرع بها. وهو ما يمثل اختراقًا محتملاً لزراعة الأعضاء، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وفي تعليق على هذا الحدث المهم، قال الدكتور روبرت بورت الأستاذ بقسم الجراحة بجامعة جرونينجن بهولندا الذي لم يشارك في الدراسة «من الناحية النظرية، يمكن أيضًا استخدام مثل هذا الجهاز في البشر الأحياء لعلاج نقص التروية الذي يحدث أثناء السكتة الدماغية أو النوبة القلبية.. ومع ذلك، لن يتم تطبيق هذه التقنية على البشر الأحياء أو الأعضاء المتبرع بها في أي وقت قريب».
من جانبه، قال ستيفن لاثام مدير مركز «ييل» متعدد التخصصات لأخلاقيات البيولوجيا المؤلف المشارك للدراسة، في تصريحات صحافية «هذا بعيد جدًا عن الاستخدام في البشر».
ووفق لاثام «أثبتت تجربة إثبات المفهوم على الخنازير أن نظام OrganEx يمكنه استعادة بعض الوظائف الخلوية في بعض الأعضاء بعد توقف الدم عن التدفق إلى تلك الأعضاء، لكن درجة التعافي اختلفت بين الأعضاء... سنحتاج إلى دراسة المزيد من التفاصيل حول درجة التراجع عن الضرر الإقفاري في أنواع مختلفة من الأعضاء قبل أن نكون قريبين من تجربة مثل هذه على إنسان عانى من نقص الأكسجين». مؤكدا «ما يعني تلف الأعضاء من نقص الأكسجين».
ويخطط الفريق لدراسة OrganEx في العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات «قبل حتى التفكير في ترجمة التكنولوجيا إلى البشر»، حسب احاطة الدكتور ديفيد أندريجيفيتش عالم الأبحاث المشارك في علم الأعصاب بكلية الطب بجامعة «ييل» المؤلف الأول المشارك للدراسة.
وفي هذا الاطار، يعتمد البحث الجديد على دراسة سابقة نُشرت عام 2019 بمجلة «Nature» استخدم فيها الباحثون نسخة أصغر من نفس النظام لاستعادة بعض النشاط الخلوي والتمثيل الغذائي في دماغ خنزير كان لديه تم قطع رأسه أثناء إنتاج الغذاء.
وهذا النظام الأصغر المسمى «BrainEx» يضخ سائلًا ممتلئًا بالهيموبور (شكل صناعي من بروتين الهيموغلوبين الذي يحمل الأكسجين في خلايا الدم الحمراء) عبر الأوعية الدموية في الدماغ.
ويحتوي السائل أيضًا على مركبات كيميائية تهدف إلى منع تكون جلطات الدم وخلايا من التدمير الذاتي من خلال عملية تسمى «موت الخلايا المبرمج».
وقد أدى ضخ هذا السائل عبر الدماغ إلى منع تورم العضو، كما يحدث عادةً بعد الموت، وسمح لبعض الوظائف الخلوية بالاستمرار لمدة تصل إلى أربع ساعات بعد قطع الرأس. لكن «الأهم من ذلك، أن الدماغ المعالج لم ينتج أي إشارات كهربائية مرتبطة بوظيفة الدماغ الطبيعية أو الوعي المتبقي»، كما أكد مؤلفوا الدراسة حيث قالوا «ان الخلايا في الواقع لا تموت بالسرعة التي نفترض أنها تموت بها، وهو ما يفتح بشكل أساسي إمكانية التدخل»؛ وهذا ما يذهب اليه الدكتور زفونمير فرسيلجا عالم الأبحاث المشارك بعلم الأعصاب بكلية الطب بجامعة «ييل» مؤلف أول مشارك في الدراسة خلال مؤتمر صحفي؛ الذي أوضح «إذا تمكن العلماء من التدخل بسرعة كافية يمكنهم إنقاذ بعض الخلايا من هلاك معين».
وفي عملهم الأخير، قام الفريق بشكل أساسي بتوسيع نطاق نظام BrainEx لإرواء جسم خنزير كامل مرة واحدة.
جدير بالذكر، يستخدم نظام التوسع جهازًا مشابهًا لجهاز القلب والرئة؛ والذي يتولى دور القلب والرئتين أثناء العمليات الجراحية عن طريق ضخ الدم والأكسجين عبر الجسم.
وقد استخدم الفريق هذا الجهاز لضخ كل من دم الخنازير ونسخة معدلة من السائل الصناعي الموفر للخلايا عبر أجسام الخنازير النافقة. واحتوى محلولهم الصناعي على 13 مركبًا تهدف إلى قمع الالتهاب ووقف تكوين جلطات الدم ومنع موت الخلايا وتصحيح اختلالات الإلكتروليت التي تنشأ عندما يبدأ نقص التروية.
ولاختبار OrganEx، تسبب الفريق بسكتة قلبية في خنازير مخدرة، ثم بعد ساعة، قاموا بتوصيل الحيوانات بالجهاز. ثم قارنوا الخنازير المعالجة بالأعضاء مع الخنازير المعالجة بنظام أكسجة غشاء خارج الجسم (ECMO)، والذي يضخ الدم المؤكسج فقط عبر أجسام الحيوانات.
وبعد ست ساعات، وجد الفريق أن ECMO لا تروي بشكل كافٍ أعضاء الحيوانات بالدم وأن العديد من الأوعية الدموية قد انهارت، كما يحدث عادةً بعد الموت؛ فيما أظهرت الحيوانات المعالجة بـ ECMO أيضًا علامات واسعة النطاق على النزيف وتورم الأنسجة. وبالمقارنة، خفضت OrganEx من درجة موت الخلايا وحسنت الحفاظ على الأنسجة في جميع أنحاء الجسم.
والأكثر من ذلك، أظهرت الخنازير المعالجة بـ«أورغن إكس» علامات على الإصلاح الخلوي الذي يتكشف في الدماغ والقلب والرئتين والكبد والكلى والبنكرياس، واحتفظت هذه الأعضاء الحيوية ببعض الوظائف الخلوية والتمثيل الغذائي خلال التجربة التي استمرت ست ساعات. كما أظهر القلب، على وجه الخصوص، علامات نشاط كهربائي وكان قادرًا على الانقباض. وفي المحصلة أظهر الفحص الإضافي لقلوب الخنازير والكلى والكبد أيضًا أن جينات معينة تشارك في الإصلاح الخلوي قد تم تنشيطها في الأعضاء، بينما لم يتم تنشيطها في الخنازير المعالجة بـ ECMO.
وفي تبيين أكثر لهذا الأمر، يقول الدكتور نيناد سيستان أستاذ علم الأعصاب بكلية الطب بجامعة «ييل» كبير مؤلفي الدراسة «ما يخبرنا به هذا هو أنه يمكن وقف زوال الخلايا واستعادة وظائفها في أعضاء حيوية متعددة، حتى بعد ساعة واحدة من الموت».
وتشير نتائج الدراسة إلى أنه في يوم من الأيام يمكن تطبيق OrganEx أو مكونات النظام في علاج نقص التروية وفي الحفاظ على أعضاء الزرع، لا سيما في حالة «التبرع بعد موت الدورة الدموية»؛ حيث يتم حرمان الأعضاء المتبرع بها من الدم التداول لبعض الوقت قبل الزرع، وفق ما كتب بورت في تعليقة له. لكنه يستدرك ويقول «هناك حاجة إلى مزيد من البحث قبل أن يمكن تطبيق النظام في أي من الوضعين».
وفي أعمال المتابعة، يريد فريق البحث أن يفهم بشكل أفضل كيف وأين وإلى أي مدى يستعيد OrganEx الوظيفة الخلوية في أعضاء الحيوانات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، سيحتاجون إلى تقييم ما إذا كان حلهم الصناعي يحتاج إلى تكييف لاستخدامه في الأنسجة البشرية وكيفية ذلك.
ويشدد لاثام في المؤتمر الصحفي «أنه يجب معالجة المخاوف الأخلاقية والعملية حتى قبل التفكير في استخدام النظام في البشر الأحياء».


مقالات ذات صلة

10 طرق للحفاظ على الصحة العقلية

صحتك الصحة العقلية تلعب دورا في استقرار الإنسان (رويترز)

10 طرق للحفاظ على الصحة العقلية

قدم خبراء لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نصائح للحفاظ على صحة العقلية وقالوا إنها سهلة ويمكن أن تُحدِث فرقاً كبيراً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يُنصح بتناول عصير الفاكهة الطازجة بدلاً من المشروبات المحلاة بالسكر (رويترز)

الأميركيون يتجهون للعصائر قبل التحذير من الصلة بين الكحول والسرطان

اتجه الشبان الأميركيون إلى تناول العصائر، وذلك قبل أن يحذر كبير الجراحين الأميركيين من أن تناول المشروبات الكحولية يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة ملتقطة بالمجهر الإلكتروني قدمتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تُظهر مجموعة من فيروسات «نوروفيروس» (أ.ب)

وسط انتشاره بأميركا... ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف نحمي أنفسنا؟

تشهد أميركا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس «نوروفيروس»، المعروف أيضاً باسم إنفلونزا المعدة أو جرثومة المعدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك العزلة الاجتماعية تعتبر مشكلة صحية رئيسة قد تزيد من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 14 في المائة (رويترز)

الوحدة قاتلة... علماء يتوصلون إلى السبب

كشفت دراسة حديثة أن الشعور بالوحدة قاتل؛ لأنه يزيد من البروتينات التي تسد الشرايين وقد تؤدي إلى الوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك معدلات السمنة في جميع أنحاء العالم تزداد (أرشيفية - رويترز)

7 خطوات عملية لمنع زيادة الوزن

إليك بعض الخطوات العملية لمنع اكتساب الوزن مع العام الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
TT

أسوأ 5 «سلوكيات نفسية» يفعلها الناس في بعضهم البعض

الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)
الإنسان مخلوق «اجتماعي» فريد يستطيع الحب وتشكيل التحالفات كما يستطيع «خلق الفوضى» (رويترز)

يُعد البشر المخلوقات «الأكثر اجتماعية» على هذا الكوكب. وبينما يمكننا تشكيل تحالفات، والوقوع في الحب، فإننا أيضاً ماهرون في «خلق الفوضى» داخل عقول الآخرين، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

فما هي أسوأ الأشياء التي يمكن أن يفعلها بعضنا ببعض من الناحية النفسية؟

1. التلاعب النفسي

تخيل أن شخصاً ما يقنعك ببطء، وبشكل منهجي، بأن ذاكرتك «معيبة»، ومشاعرك «فاسدة»، وتصورك عن الواقع خاطئ تماماً. هذا هو التلاعب النفسي؛ حيث يقوم شخص ما بزرع الشك بشكل منهجي في ذهن شخص آخر، مما يجعله يشكك في إدراكه وذاكرته وحتى عقله.

وأصبح هذا التكتيك شائعاً بشكل مثير للقلق في العلاقات السامة. ويعد شكلاً من أشكال التعذيب العقلي لأنه يهاجم أساس واقع الشخص.

ويؤدي التلاعب إلى ارتباك عاطفي عميق والشك في الذات، كما يؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس ببطء، مما يترك الشخص المُستهدف معتمداً على المُتلاعِب للحصول على نسخته من «الحقيقة».

2. السيطرة بالحب

يحدث عندما يمطرك شخص ما بالاهتمام المفرط والمودة والثناء في المراحل الأولى من العلاقة من أجل السيطرة. مشاعر ملتهبة وزيارات مفاجئة مصحوبة بالهدايا في البداية، لكن الهدف منها ليس الحب، بل السيطرة. وبمجرد أن تصبح مدمناً على اندفاع الدوبامين (من هرمونات السعادة)، يبدأ الشخص الذي يمطرك بالحب في التراجع، مما يجعلك تتوق إلى تلك المودة.

ويُرى هذا التكتيك النفسي بشكل شائع في العلاقات المسيئة، حيث يقوم المُتلاعِب بتنفيذ دورة «تسحق الروح» من الارتفاعات والانخفاضات في مقدار الحب، مما يتسبب في تدمير عاطفي يترك الضحية مُعتمدة عاطفياً ويسهل السيطرة عليها.

3. الابتزاز بالذنب

يُعد الشعور بالذنب من المشاعر الفظيعة، التي تصبح سلاحاً في يد المُتلاعِب. ويحدث الابتزاز العاطفي عندما يستخدم شخص ما الشعور بالذنب لإجبارك على فعل ما يريد، مما يجعلك تشعر بالمسؤولية عن سعادته، أو في كثير من الأحيان، عن بؤسه.

وتُعد عبارات مثل «بعد كل ما فعلته من أجلك...» أو «إذا كنت تحبني، فستفعل...» هي عبارات ابتزاز عاطفية كلاسيكية، الهدف منها هو وضع الشخص المُستهدَف في فخ شبكة من الالتزامات، وتجعل الرغبة في تجنب الشعور بالذنب من السهل السيطرة عليه.

4. التثليث

شكل من أشكال التلاعب بالأشخاص، يستخدم فيه الشخص المُتلاعِب أسلوب التهديد أو الاستبعاد أو الخداع، بهدف التفرقة والسيطرة على الآخرين. يستخدمه الأشخاص الذين لديهم قاسم مشترك وهو الإحساس بانعدام الطمأنينة، وبالتالي هم على أتم استعداد للتلاعب بالمحيط بطرق سيئة ومؤدية كي يصلوا لمبتغاهم أو ليشعروا بالأمان في علاقاتهم.

استراتيجية التثليث تقوم على التلاعب بالمنافسين المحتملين من خلال إحداث صراعات فيما بينهم، وهي طريقة يتبعها الأشخاص الأنانيون لضمان الشعور بالراحة وحماية غرورهم.

من الأمثلة على التثليث استخدام الشريك أو الصديق شخصاً آخر لخلق بيئة مشحونة بالعداوة أو اختلاق المشاكل أو الضغط عليك للقيام بأمور لم تكن لتفعلها بخلاف ذلك.

5. العقاب بالصمت

في بعض الأحيان يكون أسوأ شيء يمكن أن يفعله أي شخص هو «عدم فعل أي شيء على الإطلاق». وتبدو المعاملة الصامتة بمثابة استجابة طفولية للصراع، لكنها سلاح نفسي مدمر. فمن خلال رفض التواصل، يقوم المُتلاعِب بـ«معاقبة» الضحية بشكل فعال، وحجب الاهتمام والمودة حتى يمتثل الشخص الآخر.

إن المعاملة الصامتة تخلق فراغاً عاطفياً حيث يُترك الضحية لتخمين الخطأ الذي حدث، ويسعى بشدة إلى إيجاد حل. وتظهر الأبحاث أن التجاهل يمكن أن ينشط نفس مناطق الدماغ المرتبطة بالألم الجسدي. بمعنى آخر، المعاملة الصامتة تؤلم أكثر من الكلمات؛ لأنها تعني غياب أي كلمات على الإطلاق.