«عقدة» برهم صالح بين البارزاني والمالكي

الرئيس العراقي برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي برهم صالح (غيتي)
TT

«عقدة» برهم صالح بين البارزاني والمالكي

الرئيس العراقي برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي برهم صالح (غيتي)

في وقت تمكنت فيه قوى «الإطار التنسيقي» من تخطي خلافاتها باختيار مرشحها محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء العراقي، لم يتمكن الأكراد حتى اللحظة من الاتفاق على مرشحهم لرئاسة الجمهورية. فطوال الأشهر التسعة الماضية منذ إجراء الانتخابات المبكرة أواخر العام 2021، حالت الخلافات بين القوى السياسية العراقية دون تشكيل حكومة عراقية جديدة، في حين تواصل الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي عملها منذ نحو 6 أشهر كحكومة تصريف أمور يومية.
الكاظمي، ورغم قلة الصلاحيات الممنوحة لحكومة تصريف الأمور اليومية، يواصل عمله بعد أن تم تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي. ورغم اعتراف جميع القوى السياسية بخرق الدستور، لكنها لم تتمكن من تخطي الخلافات التي تحوّل بعضها «عقد شخصية». فالعنوان الأبرز الذي ساد المشهد السياسي قبل انسحاب زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر يونيو (حزيران) الماضي، هو الإصرار من قِبله على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
الصدر شكّل لهذا الغرض تحالفاً سياسياً أطلق عليه تحالف «إنقاذ وطن» انضم إليه «تحالف السيادة» السني بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني. ومع اتفاق الثلاثة (الصدر وبارزاني والحلبوسي) على تشكيل هذا التحالف، لكن أهدافهم كانت متباينة، لا سيما الشريكان الكردي والسني. فالصدر هو الذي كان يملك الأغلبية داخل البيت الشيعي (73 نائباً) سعى إلى تشكيل حكومته التي رفعت شعار الأغلبية مع محاولة عزل قوى «الإطار التنسيقي». لكن «تحالف السيادة» كان يريد ضمان الحصول على منصب رئاسة البرلمان بأغلبية مريحة وهو ما حصل.
من جهته، فإن «الديمقراطي الكردستاني» كان يريد من وراء تحالفه مع الصدر تحقيق هدف واحد هو تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري قبل إقصائه من ميدان التنافس بقرار من المحكمة الاتحادية، وريبر أحمد الذي لا يزال مرشحاً. ولأن منصب رئيس الجمهورية يحتاج طبقاً للدستور العراقي إلى أغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، وهو ما كان يطمح له بارزاني الذي كان رافضاً منذ عام 2018 مرشح «الاتحاد الوطني» الرئيس برهم صالح. لكن «الثلث المعطل» الذي شكّله الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم أبرز القوى السياسية الشيعية التي كانت رافضة لنتائج الانتخابات (دولة القانون بزعامة نوري المالكي، الفتح بزعامة هادي العامري، العصائب بزعامة قيس الخزعلي، الحكمة بزعامة عمار الحكيم، النصر بزعامة حيدر العبادي، عطاء بزعامة فالح الفياض) هو الذي حال دون تمكين الصدر من تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، وبالتالي ذهبت طموحات بارزاني بعد أن خسر تحالفه مع القوى الشيعية الأخرى التي كان يملك علاقات جيدة مع معظمها.
في مقابل ذلك، تحالف «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة بافل طالباني مع قوى «الإطار التنسيقي» ورفض كل المغريات التي قدمت له من قبل تحالف «إنقاذ وطن» للانضمام إليه. كان الشرط الوحيد لبارزاني هو إقصاء برهم صالح من الترشح للرئاسة لدورة ثانية، لا سيما أنه كان قد فاز عام 2018 على مرشح مسعود بارزاني وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين.
برهم صالح حامل شهادة الدكتوراه بالإحصاء وتطبيقات الكومبيوتر من إحدى الجامعات البريطانية، أصبح عام 2018 رئيس العراق التاسع بعد أن خاض المنازلة في ظرف صعب مع منافس قوي وحزب «الديمقراطي الكردستاني» الذي كانت له تحالفات قوية مع أقوى الأطراف الشيعية هو الآن المرشح الوحيد لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» لدورة رئاسية ثانية. حزب صالح (الاتحاد الوطني) يراهن على تحالفه مع قوى «الإطار التنسيقي» الذي يحتفظ للاتحاد هذا الجميل لأنه لولا تحالفه معه لما تمكّن من تعطيل تحالف «إنقاذ وطن» من تشكيل حكومته. وما دام أن قوى «الإطار» تشعر أن تشكيل الصدر حكومة طبقاً لرؤيته تعني إقصاء قيادات مهمة من قوى الإطار، فإنه ورغم خلافات بعض أطرافه مع صالح، أعلن دعم مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني. وحيث إن الوقت نفد تماماً أمام الحزبين الكرديين بشأن حسم موقفهما، إما بالاتفاق على مرشح واحد أو الدخول بمرشحين اثنين لكي يحسم الأمر داخل قبة البرلمان.
«الاتحاد الوطني» الذي يصرّ على ترشيح صالح يقبل بسيناريو 2018 بينما «الديمقراطي» يرفض ذلك لقناعته أن الفوز سيكون للمرة الثانية من حصة «الاتحاد» ومرشحه. وفي حين يراهن «الاتحاد الوطني» على تحالفه مع قوى «الإطار»، فإن بارزاني لا يزال يراهن على إمكانية شق وحدة «الإطار»؛ كون هناك طرف داخله لا يميل إلى صالح، وهو زعيم «دولة القانون» نوري المالكي. ورغم انتفاء الود بين بارزاني والمالكي، لا سيما بعد التسجيلات الأخيرة المسرّبة للمالكي والتي شنّ فيها هجوماً عنيفاً على بارزاني، لكن الأخير لا يزال يرى في خلاف المالكي مع صالح عاملاً مساعداً ومحتملاً لعدم تصويت المالكي لصالح. ومع بدء العد التنازلي لانتخاب رئيس للجمهورية بعد اتفاق الشيعة على محمد شياع السوداني، فإن برهم صالح الذي تحول إلى «عقدة» لكل من المالكي وبارزاني رغم خلافاتهما، لا يزال هو المرشح الأوفر حظاً لدورة ثانية في حال بقيت المعادلة السياسية محكومة بمثل هذه التوازنات.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

وفد قطري يزور سوريا الأحد

سوريون يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد بعد صلاة الجمعة في دمشق (أ.ب)
سوريون يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد بعد صلاة الجمعة في دمشق (أ.ب)
TT

وفد قطري يزور سوريا الأحد

سوريون يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد بعد صلاة الجمعة في دمشق (أ.ب)
سوريون يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد بعد صلاة الجمعة في دمشق (أ.ب)

يتوقع أن يتوجه وفد قطري، الأحد، إلى سوريا، حيث يلتقي مسؤولين في الحكومة الانتقالية التي تولت إدارة شؤون البلاد بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، وفق ما أفاد دبلوماسي قطري «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الجمعة.

وقال الدبلوماسي، الذي لم يشأ كشف اسمه، إن «زيارة أول وفد قطري لسوريا يتوقع أن تحصل، الأحد، حيث سيتخذ (أعضاء الوفد) الخطوات الضرورية لإعادة فتح السفارة، ومناقشة تعزيز إيصال المساعدة».