تصدر ريشي سوناك، وزير الخزانة البريطاني السابق، جل الجولات الانتخابية لخلافة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون منذ انطلاقها في 12 يوليو (تموز) الحالي. وبعد جولة خامسة من التصويت من طرف نواب حزب المحافظين، تأهل كل من سوناك الذي فاز بـ137 صوتاً، ووزيرة الخارجية ليز تراس التي حصلت على 113 صوتاً للجولة الأخيرة من السباق، فيما أقصيت وزيرة الدولة للتجارة بيني موردانت.
وحظي سوناك، منذ استقالته المفاجئة من حكومة جونسون في 5 يوليو الحالي، بدعم عدد كبير من النواب المحافظين الذين يتطلعون لاستعادة سياسات مالية محافظة، عقب سنوات إنفاق حكومي غير مسبوق للاستجابة لأزمة «كوفيد19». وعلى عكس منافسيه؛ رفض سوناك الالتزام بخفض الضرائب في حال فوزه برئاسة الوزراء، محذراً من مستويات تضخم قياسية وديون عامة متراكمة. وكان سوناك أحد أبرز داعمي حملة مغادرة الاتحاد الأوروبي، عادّاً أن «بريكست» يعزز قدرة بريطانيا على استعادة السيطرة على حدودها، ويتيح فرصة بناء دولة «أكثر حرية وعدلاً وازدهاراً».
ورغم شعبيته بين زملائه في مجلس العموم، فإن أحدث استطلاعات الرأي تتوقع فشل سوناك في الفوز برئاسة الحكومة في الجولة الأخيرة من التصويت، التي ستُفتح أمام 160 ألف عضو من حزب المحافظين، والتي يتوقع صدور نتائجها بحلول 5 سبتمبر (أيلول) المقبل.
وتوقعت جميع السيناريوهات التي وضعتها مؤسسة «يوغوف» في استطلاع شمل 725 عضواً محافظاً، مطلع هذا الأسبوع، خسارة سوناك أمام منافستيه ليز تراس وبيني موردانت. وتوقع الاستطلاع فوز موردانت بـ51 في المائة من الأصوات، مقابل 37 في المائة لسوناك، فيما حازت تراس 54 في المائة من الأصوات مقابل 35 في المائة لسوناك.
شعبية متراجعة
تحول سوناك في 2020 من سياسي مغمور نسبياً إلى أحد أبرز وجوه حملة مكافحة «كوفيد19»، وأكثرها شعبية. ففي الوقت الذي كان فيه جونسون ومستشاروه يعلنون عن إجراءات الإغلاق الصارمة وحصيلة الإصابات والوفيات اليومية، تولى سوناك مهمة الكشف عن برامج دعم مالي ضخمة لدعم المتضررين من الجائحة.
إلا إن شعبية سوناك لم تستمر طويلاً؛ إذ سرعان ما اضطر إلى تشديد سياسية البلاد الضريبية، مما فاقم أزمة غلاء المعيشة التي تواجهها المملكة المتحدة. وأقر سوناك في السابق بالصعوبات التي يواجهها البريطانيون، متأسفاً من أن الحكومة «لا تستطيع حماية الناس بشكل كامل» في ظل ظروف دولية استثنائية.
وتورط سوناك في سلسلة فضائح خلال الأشهر الماضية، كانت أبرزها فضيحة «بارتي غيت» التي اتهم فيها، إلى جانب رئيس الوزراء، بخرق قوانين إغلاق «كورونا»، واضطر على أثرها إلى دفع غرامة فرضتها الشرطة. إلى ذلك؛ سلطت تقارير بريطانية الضوء على الامتيازات الضريبية التي حظيت بها زوجته، بفضل وضع «غير المقيم» في المملكة المتحدة الذي تخلت عنه أخيراً، والذي سمح لها بتجنب تسديد ملايين الجنيهات من الضرائب عن دخلها الأجنبي.
أصول هندية
ولد سوناك في ساوثهامبتون عام 1980 لأبوين من أصل هندي هاجرا من شرق أفريقيا إلى المملكة المتحدة. وكان والده طبيباً عاماً، فيما كانت والدته تدير صيدليتها الخاصة.
درس سوناك في «وينشيستر كوليدج» المرموقة، ثم التحق بجامعة «أكسفورد». وارتبط سوناك بزوجته أكشاتا مورثي، خلال دراسته الماجستير في إدارة الأعمال بجامعة «ستانفورد»، التي التحق بها بفضل منحة «فولبرايت». وقدرت تقارير إعلامية ثروة زوجته، وهي ابنة الملياردير الهندي والمؤسس المشارك لشركة خدمات تكنولوجيا المعلومات العملاقة «Infosys»، بـ500 مليون جنيه إسترليني.
ودخل سوناك المعترك السياسي في 2015، بعد مسيرة ناجحة في القطاع المالي. فقد عمل محللاً في بنك «غولدمان ساكس» منذ عام 2001 حتى عام 2004، ليصبح بعد ذلك شريكاً في صندوقي تحوط. وانتخب سوناك نائباً عن دائرة ريتشموند في يوركشاير في 2015، وشغل منصباً وزارياً في حكومة تيريزا ماي عام 2018، قبل أن تتم ترقيته إلى وزارة الخزانة التي أصبح يقودها في حكومة بوريس جونسون عام 2020.