أعمق نظرة للكون... لماذا تمثل صور «جيمس ويب» إنجازاً هائلاً للبشرية؟

الرئيس الأميركي جو بايدن يستمع خلال كشف النقاب عن أعمق صورة للكون على الإطلاق يتم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يستمع خلال كشف النقاب عن أعمق صورة للكون على الإطلاق يتم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء (أ.ب)
TT

أعمق نظرة للكون... لماذا تمثل صور «جيمس ويب» إنجازاً هائلاً للبشرية؟

الرئيس الأميركي جو بايدن يستمع خلال كشف النقاب عن أعمق صورة للكون على الإطلاق يتم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن يستمع خلال كشف النقاب عن أعمق صورة للكون على الإطلاق يتم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء (أ.ب)

كُشف النقاب عن أول صورة يلتقطها تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي منذ إطلاقه في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي. والصورة الفريدة للفضاء السحيق التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن فجر اليوم الثلاثاء، هي أبعد ما شاهدته البشرية على الإطلاق في تجاويف الكون، كما أنها أعمق نظرة لأي شخص إلى الوراء في الوقت أيضاً، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».
ومن المقرر أن تكشف وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عن المزيد من صور «ويب» بدءاً من الساعة 10:30 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (14.30 بتوقيت غرينيتش) على موقع وكالة الفضاء.

الصور مذهلة وجميلة وتمثل إنجازاً تقنياً لا يصدق. لكنها تمثل أيضاً إنجازاً بشرياً مذهلاً - تتويجاً لعقود من العمل من قبل العلماء والمهندسين والفنيين، وعائد استثمار مليارات الدولارات، وفقاً للعالمة متعددة التخصصات في مشروع تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي هايدي هاميل.
تمثل الصور بداية عقود من المزيد من العلوم المقبلة، التي ستخبرنا أكثر من أي وقت مضى عن بداية البشرية وإلى أين نحن ذاهبون.
قالت الدكتورة هاميل لصحيفة «إندبندنت» في مقابلة، «يعد (ويب) مثالاً إيجابياً لما يمكننا فعله عندما يعمل الأشخاص ذوو النيات الحسنة عبر الحدود الوطنية لمشاركة حلم ويتجرأون على القيام بأشياء مذهلة».

* ما هو «جيمس ويب»؟
بدأ العمل المفاهيمي على تلسكوب «ويب» في عام 1996، ثم أطلق عليه اسم تلسكوب الفضاء من الجيل التالي، وهو الخلف المخطط له لتلسكوب «هابل» الفضائي، الذي تم إطلاقه في عام 1990.
لكن «ويب» كان يهدف دائماً إلى تجاوز قدرات «هابل»، بدءاً بمرآة أكبر بكثير، مما يسمح له بجمع المزيد من الضوء لرؤية المزيد من الأشياء البعيدة والخافتة. يبلغ قطر مرآة «ويب» الأساسية 6.5 متر، مقارنة بمرآة «هابل» التي يبلغ قطرها 2.4 متر فقط، وفقاً لعالم الكونيات بجامعة شيكاغو مايكل غلاديرز.
https://twitter.com/NASAWebb/status/1546629482420834313?s=20&t=tvxLPOtFkIIU1z5bjEjQRA
* ما أهمية الصور؟
يعني ذلك أنه يمكن أن يقدم صوراً أكثر وضوحاً من تلسكوب «هابل»، ويجلب أدوات للبحث عن إجابات للأسئلة الأساسية حول الحياة والكون بتفاصيل أكبر من أي وقت مضى.
قال غلاديرز، «سوف يُحدث التلسكوب ثورة في فهمنا للكون عبر نطاق هائل من المقاييس، من خصائص الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى قريبة، إلى النجوم الأولى التي تشكلت من الغاز البدائي في العصور المظلمة للكون، بعد فترة وجيزة من الانفجار الكبير».
يبلغ عمر أبعد المجرات في صورة المجال العميق لـ«ويب» التي تم إصدارها أمس (الاثنين) حوالي 13 مليار سنة، لكن «ويب» سيذهب إلى أبعد من ذلك. قام «هابل» بتصوير المجرات التي تشكلت حوالي 480 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، سيقوم «ويب» في النهاية بتصوير المجرات التي تشكلت في غضون 200 مليون سنة من ذلك.
وتعد صورة يوم الاثنين مهمة للأمور المقبلة، وهذا يشير إلى كيف يمكن لـ«ويب» تغيير فهمنا لطريقة نشوء الحياة - كيف أصبح كل شيء ما هو عليه الآن، وفقاً للتقرير.
https://twitter.com/NASA/status/1546621144358391808?s=20&t=tvxLPOtFkIIU1z5bjEjQRA
قال جون ماثر، عالم الفيزياء الفلكية الحائز على جائزة «نوبل»، وكبير علماء مشروع «ويب» في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في بيان، «ماذا حدث بعد الانفجار الكبير؟... كيف تبرد الكون المتسع وتسبب بظهور الثقوب السوداء والمجرات والنجوم والكواكب والأشخاص؟».
ستقدم المجموعة الكاملة من صور «ويب» الأولى التي سيتم إصدارها اليوم (الثلاثاء) أيضاً تلميحات حول كيفية قيام الأداة بتغيير فهم الإنسان لمكاننا في الكون.
https://twitter.com/NASAWebb/status/1546621167427092480?s=20&t=tvxLPOtFkIIU1z5bjEjQRA
بالإضافة إلى الصور الأكثر وضوحاً وتفصيلاً للأهداف التي صورها «هابل» سابقاً، مثل «كارينا» وSouthern Wheel Nebulae»»، ستشمل الصور طيف الضوء من كوكب خارج المجموعة الشمسية (WASP - 96 b)، وهو عملاق غازي يبلغ حجمه حوالي نصف حجم كوكب المشتري، ويبعد حوالي 1150 سنة ضوئية من الأرض.
وبتطبيقه على أكثر من 5 آلاف كوكب خارج المجموعة الشمسية تم اكتشافها حتى الآن، سيكون لدى «ويب» أفضل فرصة لاكتشاف البصمات الحيوية للغلاف الجوي للكائنات الفضائية، حيث تغير الكائنات الحية الغلاف الجوي لعالم آخر بالطريقة التي غيرت بها الميكروبات المبكرة الغلاف الجوي للأرض عن طريق إنتاج الأكسجين.

* «يوم تاريخي»
نشرت «ناسا» أمس أعمق صورة للكون على الإطلاق يتم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء، ظهرت فيها بعدسة التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» آلاف المجرات التي تشكلت بعيد الانفجار العظيم قبل أكثر من 13 مليار سنة.
وقال بايدن في حفل أقيم بالبيت الأبيض، ونشرت خلاله باكورة حصاد التلسكوب الفضائي، إن هذه الصورة العلمية والملونة، التي التقطت بالأشعة تحت الحمراء هي الأولى من نوعها، وتمثل يوماً «تاريخياً».
https://twitter.com/WhiteHouse/status/1546618541436182528?s=20&t=tvxLPOtFkIIU1z5bjEjQRA
ونشرت هذه الصورة بعد ستة أشهر من إطلاق «جيمس ويب»، أقوى تلسكوب فضائي على الإطلاق. وأشارت «ناسا» إلى أن هذه الصورة هي «الأكثر عمقاً والأكثر وضوحاً التي تُلتقط للكون حتى اليوم».
ولا تستطيع العين البشرية رؤية الأشعة تحت الحمراء، لكن التلسكوب «جيمس ويب» مجهز بتقنيات تمكنه من ذلك. وتظهر في الصورة التي نشرتها «ناسا» آلاف المجرات التي تشكلت بعيد الانفجار العظيم وولادة الكون.
ومن المقرر أن تنشر «ناسا» اليوم صوراً أخرى التقطها التلسكوب نفسه، وذلك خلال حفل ينتظره بفارغ الصبر عشاق الفضاء حول العالم.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

واشنطن: هجوم رفح لم يتخط خطوطنا الحمراء... ودعمنا لإسرائيل مستمر

فلسطيني مصاب يقف وسط الدمار بمخيم النازحين في رفح بعد القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطيني مصاب يقف وسط الدمار بمخيم النازحين في رفح بعد القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

واشنطن: هجوم رفح لم يتخط خطوطنا الحمراء... ودعمنا لإسرائيل مستمر

فلسطيني مصاب يقف وسط الدمار بمخيم النازحين في رفح بعد القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطيني مصاب يقف وسط الدمار بمخيم النازحين في رفح بعد القصف الإسرائيلي (رويترز)

كشف البيت الأبيض أمس (الثلاثاء) عن التعريف الأكثر اكتمالاً حتى الآن لما يعده «عملية برية كبيرة» في رفح، يمكن أن تؤدي إلى تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل. وقال إن تصرفات إسرائيل هناك لم تصل بعد إلى ذلك المستوى، ولم تشكل خرقًا للخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحافيين في مؤتمر صحافي: «لم نرهم يقتحمون رفح، ولم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة وأعداد كبيرة من القوات في أرتال وتشكيلات في شكل مناورة منسقة ضد أهداف متعددة على الأرض. هذه هي العملية البرية الكبيرة. لم نرَ ذلك» وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأثار الهجوم الإسرائيلي على رفح المستمر منذ 3 أسابيع غضباً وتنديداً من زعماء العالم، بعد غارة جوية يوم الأحد قال مسؤولون في غزة إنها أسفرت عن مقتل 45 شخصاً على الأقل، عندما اندلع حريق في مخيم غربي المدينة.

وحذرت إدارة بايدن إسرائيل مراراً من شن هجوم عسكري واسع النطاق في رفح، وهي مدينة في جنوب غزة مكتظة بالنازحين الذين اتبعوا أوامر إسرائيل السابقة بالإخلاء إلى هناك. وقد حذَّر الرئيس جو بايدن نفسه إسرائيل علناً هذا الشهر، من أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تزويدها بالأسلحة إذا قامت القوات الإسرائيلية باجتياح بري كبير هناك، دون خطة ذات مصداقية لحماية المدنيين.

وطلبت إسرائيل من نحو مليون مدني فلسطيني نزحوا بسبب الحرب المستمرة منذ 8 أشهر تقريباً، الإخلاء إلى منطقة المواصي، عندما بدأت هجومها البري في رفح أوائل مايو (أيار). وذكرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الثلاثاء، أن كثيرين نزحوا من رفح منذ ذلك الحين.

ورداً على سؤال حول تقارير ذكرت أن القوات الإسرائيلية تقدمت إلى وسط رفح، قال كيربي: «ما أفهمه، وأعتقد أن الإسرائيليين تحدثوا عن ذلك، أنهم يتحركون على طول ما يسمى ممر فيلادلفيا الذي يقع على مشارف المدينة، وليس داخل حدود المدينة».

وأضاف كيربي: «لم نرَ عملية برية كبيرة، وهذه الدبابات تتحرك على طول ممر أبلغونا من قبل أنهم سيستخدمونه على مشارف البلدة، لمحاولة الضغط على (حماس)».

وأمرت محكمة العدل الدولية الأسبوع الماضي إسرائيل بوقف هجومها العسكري على رفح فوراً، في حكم طارئ تاريخي في قضية رفعتها جنوب أفريقيا واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

وقالت إسرائيل إنها استهدفت اثنين من كبار عناصر «حماس» خلال غارة يوم الأحد، ولم تكن تنوي التسبب في خسائر بين المدنيين.

وقال كيربي: «لا أعرف كيف يمكن لأي شخص أن يشكك في أنهم كانوا يحاولون ملاحقة (حماس) بطريقة دقيقة ومحددة»، مضيفاً أن الولايات المتحدة ستنتظر نتائج التحقيق الإسرائيلي في الواقعة.

والولايات المتحدة -إلى حد بعيد- أكبر مورِّد أسلحة إلى إسرائيل، وقد قامت بتسريع عمليات نقل الأسلحة بعد الهجمات التي قادتها حركة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وكان معبر رفح نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية، قبل أن تكثف إسرائيل هجومها العسكري على الجزء الحدودي لقطاع غزة في وقت سابق من هذا الشهر، وتسيطر على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وتقول وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن أكثر من 36 ألف فلسطيني قُتلوا في الهجوم الإسرائيلي حتى الآن. وشنَّت إسرائيل حربها الجوية والبرية على القطاع، بعد أن هاجم مسلحون بقيادة «حماس» تجمعات سكنية في جنوب إسرائيل، في السابع من أكتوبر، ما أسفر وفقاً لما تقوله إسرائيل عن مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز أكثر من 250 رهينة.