خبراء: «الخطوات الاستباقية» تدعم تثبيت الفائدة في مصر

«المركزي» سبق أن رفعها 300 نقطة أساس في آخر اجتماعين

أبقى البنك المركزي المصري مساء الخميس على أسعار الفائدة (رويترز)
أبقى البنك المركزي المصري مساء الخميس على أسعار الفائدة (رويترز)
TT

خبراء: «الخطوات الاستباقية» تدعم تثبيت الفائدة في مصر

أبقى البنك المركزي المصري مساء الخميس على أسعار الفائدة (رويترز)
أبقى البنك المركزي المصري مساء الخميس على أسعار الفائدة (رويترز)

أكد خبراء مصرفيون أن البنك المركزي المصري ليس مضطرًا لتحريك سعر الفائدة؛ لأنه اتخذ خطوات استباقية لمواجهة ذلك ونجح فيها وحققت نتائج إيجابية.
وقال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة يؤكد مجددًا استقرار الأوضاع الاقتصادية، ومحافظة الجنيه المصري على مركزه التنافسي أمام العملات الأجنبية، خاصةً أن فرق الفائدة بينه وبين العملات الأجنبية ما زال في صالحه. وأشار إلى أن ذلك يعطي إشارة إلى ثقة المستثمرين والمدخرين المصريين في الجنيه المصري؛ ما انعكس في انخفاض معدلات الدولرة في السوق، بحسب تعليقات لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن قرار تثبيت الفائدة كان متوقعًا، ويعكس معطيات الوضع الاقتصادي العالمي الذي يشهد ارتفاع نسب التضخم بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، ومشكلات سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة؛ مما كان له آثار سلبية على معدلات النمو العالمية دون استثناء، وعلى ارتفاع نسب التضخم في الدول الناشئة التي تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وشدد الخبير المصرفي على أن «ما نشهده في الداخل من ارتفاع الأسعار هو نتيجة مباشرة لأسباب خارجية؛ لذا الرفع المتتالي لسعر الفائدة لن يكون له أثر في احتواء معدلات التضخم»، مضيفًا أن خفض المعروض النقدي في السوق عن طريق رفع معدلات الفائدة يمكن أن يكون له آثار سلبية على معدلات النمو في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
واتفقت معه في الرأي سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، مشيرة إلى أن البنك المركزي المصري ليس مضطرًا لتحريك سعر الفائدة لأنه اتخذ خطوات استباقية قبل ذلك.
وأوضحت أن الفيدرالي الأميركي رفع سعر الفائدة على مدار الفترة الماضية بنسبة 1.5 في المائة، بينما البنك المركزي المصري اتخذ خطوات استباقية قوية برفع سعر الفائدة 3 في المائة، مبينة أن تثبيت سعر الفائدة جاء نظرًا لأن الصناديق التي كانت تستثمر في أذون الخزانة «الأموال الساخنة» ذهبت لأميركا ولم تعد مهمة لمصر.
وأضافت الخبيرة المصرفية أن الفارق بين الفائدة على الجنيه المصري والدولار الأميركي «كبير للغاية»؛ وبالتالي يشجع على الاستثمار في الجنيه المصري، وهو ما يعطي نوعًا من الطمأنينة الفترة المقبلة. ولفتت إلى أن البنوك المصرية قدّمت عوائد مرتفعة على شهادات الادخار، بينما زيادة الفوائد تؤدي إلى التباطؤ الاقتصادي وزيادة التكاليف على الصناعة والمواد الغذائية، مما يؤدي بالتالي إلى مشكلات في سلاسل الإمداد، متابعة أن رفع الفائدة 1 في المائة يزيد العجز في الموازنة بقيمة ما بين 30 إلى 50 مليار جنيه. وأكدت أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي تضع دائمًا في الاعتبار الظروف والمتغيرات الداخلية والخارجية قبل أن تصدر قرارها بشأن الفائدة.
من جانبه، أكد الدكتور محمد سامح، أستاذ التمويل والاستثمار بأكاديمية السادات، أن تثبيت سعر الفائدة من البنك المركزي هدفه التقليل من الآثار الاقتصادية السلبية العالمية والناتجة عن أزمة وباء «كورونا»، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، مشيرًا إلى أن التضخم جاء تأثرًا بالأوضاع الخارجية إلى حد كبير، ويعكس بعض النقص في المنتجات جرّاء قلة التصنيع المحلي وانخفاض الاستيراد، وضعف سلاسل التوريد، ونقص في المواد الغذائية، وبالتالي حتى لا يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن البنك المركزي غير مضطر لرفع سعر الفائدة للحفاظ على المستويات السعرية للجنيه مقابل الدولار؛ مما يعزز خطوات الدولة في الحد من ارتفاع معدلات التضخم والمحافظة على استقرار سعر الصرف.
وكانت لجنة السياسات النقدية للبنك المركزي قد قررت في اجتماعها مساء الخميس الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 11.25 و12.25 و11.75 في المائة على الترتيب، كما تم الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 11.75 في المائة.
جدير بالذكر أن لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قررت في اجتماعها الأخير بتاريخ 19 مايو (أيار)، رفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس بعد زيادتها بمقدار 100 نقطة اساس في مارس (آذار)، فيما يتبقى 4 اجتماعات بعد اجتماع يونيو (حزيران) الحالي، هي اجتماعات 18 أغسطس (آب) و22 سبتمبر (أيلول) و3 نوفمبر (تشرين الثاني) و22 ديسمبر (كانون الأول) المقبلة.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تستثني حقل غاز «ظُهر» في مصر من العقوبات المفروضة على روسيا

الاقتصاد منصة غاز في حقل «ظهر» المصري (وزارة البترول المصرية)

بريطانيا تستثني حقل غاز «ظُهر» في مصر من العقوبات المفروضة على روسيا

أضافت بريطانيا حقل «ظُهر» للغاز في مصر، الذي تملك فيه شركة النفط الروسية العملاقة «روسنفت» حصة 30 في المائة، لقائمة المشروعات المعفاة من عقوباتها على روسيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سفينة حاويات في ميناء الإسكندرية لتداول الحاويات (الموقع الإلكتروني للميناء)

موانئ أبوظبي تعتزم تقديم عرض شراء إلزامي لحصة في «الإسكندرية لتداول الحاويات»

أعلنت مجموعة موانئ أبوظبي الإماراتية نيتها تقديم عرض شراء إلزامي للاستحواذ على حصة إضافية بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة-أبوظبي)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري يشهد توقيع عقد مع شركة «المانع» القطرية (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر: شركة «المانع» القطرية توقع عقداً لإنتاج وقود الطائرات باستثمارات 200 مليون دولار

وقعت مصر مع شركة «المانع» القابضة القطرية، عقد مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام، في منطقة السخنة باستثمارات تبلغ 200 مليون دولار.

الاقتصاد وزراء الطاقة الأعضاء في منظمة «أوابك» (المنظمة)

«أوابك» تدعم «الشرق الأوسط الأخضر» وتتجه نحو «المنظمة العربية للطاقة»

شهد اجتماع مجلس وزراء منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك) حزمة من القرارات الاستراتيجية التي تمهد الطريق لتحول جوهري.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وماوي تشانغ رئيس مجلس إدارة شركة «جاسان غروب» بعد توقيع الاتفاقية (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر: توقيع عقد بـ100 مليون دولار مع مجموعة صينية لإنشاء مجمع للملابس الجاهزة

أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس توقيع عقد بقيمة 100 مليون دولار مع مجموعة «زيجيانغ جيانشينغ» الصينية؛ لإنشاء مجمع متكامل للغزل والنسيج والملابس الجاهزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هاسيت... المرشح المحتمل لرئاسة «الفيدرالي»: ترمب مُحقّ بشأن التضخم

كيفن هاسيت يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج البيت الأبيض في واشنطن - 16 ديسمبر 2025 (رويترز)
كيفن هاسيت يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج البيت الأبيض في واشنطن - 16 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

هاسيت... المرشح المحتمل لرئاسة «الفيدرالي»: ترمب مُحقّ بشأن التضخم

كيفن هاسيت يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج البيت الأبيض في واشنطن - 16 ديسمبر 2025 (رويترز)
كيفن هاسيت يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج البيت الأبيض في واشنطن - 16 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد المرشحين المحتملين لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في مقابلة مع قناة «فوكس بيزنس» يوم الجمعة، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب مُحقّ في قوله إن التضخم منخفض، وذلك رغم تعارض البيانات الرسمية والرأي العام، فضلاً عن آراء غالبية الاقتصاديين، مع هذا التقييم.

وأوضح هاسيت أن الأسلوب الشائع في قياس التضخم على أساس سنوي لا يعكس الصورة الحقيقية بدقة، مشيراً إلى أن تقييم ضغوط الأسعار عبر متوسط متحرك لثلاثة أشهر يُعدّ أكثر دقة. وبحسب هذا المقياس، فإن التضخم لا يتجاوز هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة؛ بل يقع في الواقع دون هذا المستوى، مضيفاً: «هذه هي الطريقة نفسها التي ينظر بها الرئيس إلى التضخم»، وفق «رويترز».

وكانت الحكومة الأميركية قد أفادت يوم الخميس، بأن مؤشر أسعار المستهلكين، وهو مقياس رئيسي للتضخم، ارتفع في نوفمبر (تشرين الثاني) بنسبة 2.7 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بـ3 في المائة في سبتمبر (أيلول)، علماً بأن صدور التقرير تأخر بسبب الإغلاق الحكومي.

ورغم هذا التراجع، لا يزال التضخم أعلى من هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، في وقت يُبدي فيه كثير من مسؤولي البنك المركزي قلقهم من استمرار ضغوط الأسعار عند مستويات مرتفعة. ويعارض بعضهم خفض أسعار الفائدة في ظل هذه الظروف، لا سيما مع المخاوف المتزايدة من أن تؤدي الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، إلى تغذية موجة جديدة من ارتفاع الأسعار.

في المقابل، يواصل ترمب الضغط بقوة باتجاه خفض أسعار الفائدة، رغم أن مثل هذه الخطوة قد تسهم في تفاقم الضغوط التضخمية. ويواجه الرئيس، الذي تراجعت شعبيته بشكل ملحوظ في استطلاعات الرأي المتعلقة بإدارته للملف الاقتصادي، انتقادات تتهمه بالتقليل من أهمية التضخم، إذ قال يوم الأربعاء: «أنا أعمل على خفض الأسعار المرتفعة، وبسرعة كبيرة».

وأشار هاسيت إلى أنه عند احتساب التضخم على أساس متوسط 3 أشهر، يبلغ المعدل الحالي نحو 1.6 في المائة فقط. كما انتقد تحليل التضخم الذي قدمه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، الذي قال في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»، إن مشكلات فنية في تجميع بيانات مؤشر أسعار المستهلك ربما جعلت التضخم يبدو أقل مما هو عليه في الواقع.

ويُعدّ هاسيت من أبرز الأسماء المطروحة لخلافة رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، عند انتهاء ولايته في مايو (أيار) المقبل.

وكان ويليامز قد صرّح، عقب خفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الأسبوع الماضي، إلى نطاق يتراوح بين 3.5 في المائة و3.75 في المائة، بأنه لا يشعر بـ«حاجة ملحّة» لاتخاذ مزيد من الإجراءات في السياسة النقدية حالياً، معتبراً أن التخفيضات السابقة أسهمت إلى حد كبير في تحسين الأوضاع.

وردّ هاسيت على ذلك قائلاً: «جون شخص جاد، وهو يدرك وجود مشكلات فنية في البيانات نتيجة بعض الجوانب التي لم تُستكمل عملية مسحها بسبب اضطرابات الإغلاق». وأضاف: «لكن عندما يطلب من فريقه مراجعة البيانات وتحديد هوامش الخطأ، سيدرك أن ما نراه هو في الواقع خبر إيجابي... وهذا يعني أن لدى (الاحتياطي الفيدرالي) مجالاً واسعاً لمواصلة خفض أسعار الفائدة».


الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
TT

الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)

تحدّت الأسواق الناشئة الرسوم الجمركية والحروب التجارية واضطرابات الاقتصاد العالمي، محققةً عوائد مزدوجة الرقم في 2025، ما عزّز آمال المستثمرين بتكرار الأداء القوي في العام المقبل.

فبعد سنوات من الخيارات المالية الصعبة، وسياسات نقدية دقيقة اتخذها صانعو القرار في البنوك المركزية، باتت دول كانت تُعدّ عالية المخاطر تبدو اليوم أكثر متانة في مواجهة الغيوم السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد التشرذم الجيوسياسي، وفق «رويترز».

وقالت المديرة التنفيذية في «مانولايف لإدارة الاستثمارات»، إلينا ثيودوراكوبولو: «هناك رياح مواتية كثيرة انتقلت من هذا العام إلى العام المقبل، لا سيما في ظل الأداء اللافت والمميز»، مشيرةً إلى «مزيج من السياسات السليمة والحظ الجيد».

تحرّر الأسواق الناشئة

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض مناخاً من عدم اليقين، يدفع عادةً المستثمرين إلى الملاذات الآمنة مثل السندات الأميركية أو الدولار. غير أن السياسات الجمركية المتقلبة وهجمات ترمب على «الاحتياطي الفيدرالي» قلبت المعادلة، لتجعل الأسواق الناشئة تبدو أكثر استقراراً نسبياً.

وبينما لا تزال تداعيات السياسات الأميركية تتصدّر قائمة المخاطر المحتملة على موجة الصعود المتوقعة في 2026، استغل بعض المستثمرين التراجعات التي أحدثتها إعلانات «يوم التحرير» الجمركية في أبريل (نيسان)، لزيادة انكشافهم على أصول الأسواق الناشئة.

وقال مدير المحافظ في «جانوس هندرسون»، توماس هوغارد: «نرى توجهاً متزايداً لتنويع الاستثمارات بعيداً عن الولايات المتحدة أو السعي إلى تنويع عالمي أوسع». وأضاف أن ديون الأسواق الناشئة كانت دون الملكية لفترة طويلة بعد سنوات من تدفقات الخروج.

وشهدت دول عدة تحولات جذرية؛ إذ تحولت تركيا إلى سياسات اقتصادية تقليدية منتصف 2023، وألغت نيجيريا الدعم وخفّضت قيمة النايرا، وواصلت مصر إصلاحات مدعومة من صندوق النقد الدولي، فيما اجتازت غانا وزامبيا وسريلانكا فترات تعثّر تلتها تحسينات في التصنيفات الائتمانية.

وساعد هذا الصعود في عكس سنوات من نزوح رؤوس الأموال، مؤكداً -حسب المستثمرين- أن الخيارات الصعبة التي اتخذتها الحكومات تُؤتي ثمارها، وتمهّد لقوة إضافية في 2026.

وقالت جوليا بيليغريني، من «أليانز غلوبال إنفستورز»: «باتت هذه الاقتصادات قادرة على امتصاص الصدمات الكبرى؛ إذ تقف على أسس أقوى».

كما أشار محللون إلى عام آخر من صافي الترقيات الائتمانية بوصفه دليلاً إضافياً على استمرار المتانة. وقال استراتيجي «مورغان ستانلي»، جيمس لورد: «الأساسيات تتحسن في هذه الفئة من الأصول، خصوصاً من منظور الجدارة الائتمانية السيادية»، لافتاً إلى «زخم متنامٍ في الترقيات عاماً بعد عام».

ملاذات جديدة؟

في وقت تعرّض فيه «الاحتياطي الفيدرالي» لانتقادات، أظهرت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة استقلالية ومصداقية في صنع السياسات، حسب المستثمرين.

وقال رئيس ديون الأسواق الناشئة في «إم أند جي»، شارل دو كينسوناس: «مصداقية السياسة النقدية في الأسواق الناشئة ربما بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق». وأضاف: «خفّضت الفائدة، بل سبقت (الفيدرالي)، لكنها لم تُفرط في الخفض، مما ساعد العملات على الصمود».

وأسهم الانضباط النقدي في تفوق عملات الأسواق الناشئة، بالتزامن مع تراجع الدولار، ما غذّى الإقبال على ديون العملات المحلية التي حقّقت عوائد بنحو 18 في المائة هذا العام، مع توقعات بإمكان تكرار عوائد مزدوجة الرقم في 2026.

وحتى عدم اليقين الانتخابي -من المجر إلى البرازيل وكولومبيا- الذي كان يُقلق المستثمرين عادة، بات لدى البعض مصدر فرص. وقالت جوليا بيليغريني: «التغييرات السياسية المحدودة التي قد تلي الانتخابات يمكن أن تخلق تحركات سوقية تولّد فرصاً استثمارية».

أميركا تبقى الخطر الأكبر على آفاق الأسواق الناشئة

ويبقى الخطر الأكبر مرتبطاً بالولايات المتحدة، فدخولها في ركود قد يطلق موجة سحب رؤوس أموال تضر بالأسواق الناشئة. كما أن رفع «الفيدرالي» الفائدة قد يعزّز الدولار ويضغط على عملات هذه الأسواق. ويزيد الغموض مع احتمال تعيين رئيس جديد لـ«الفيدرالي» في 2026.

لكن حتى هذه المخاطر لم تعد بالحدة السابقة ذاتها. وقال دو كينسوناس: «من الناحية الأساسية، أصبحت الأسواق الناشئة أقل حساسية بكثير للاقتصاد الأميركي مما كانت عليه».

ومع ذلك، يثير التفاؤل المفرط بعض التحفظ، فقد أظهر استطلاع «إتش إس بي سي» لمعنويات الأسواق الناشئة، الصادر في ديسمبر (كانون الأول)، اختفاء النظرة السلبية بالكامل وتسجيل صافي معنويات قياسي هو الأعلى في تاريخ الاستطلاع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت للأسواق الناشئة في «بنك أوف أميركا»، ديفيد هاونر: «لم أصادف عميلاً واحداً متشائماً رغم حديثي مع أكثر من 100 عميل خلال الأسابيع الأخيرة». وأضاف محذراً: «عندما يتفق الجميع على اتجاه السوق، يعلّمنا التاريخ ضرورة توخي الحذر».


صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

حذَّر صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، يوم الجمعة، من المخاطر الكبيرة التي تحيط بتوقعاتهم الاقتصادية الأخيرة، داعين إلى توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية، وعدم استبعاد خيار خفض أسعار الفائدة مجدداً في الوقت الراهن.

وأبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة، يوم الخميس، ورفع بعض توقعاته للنمو والتضخم، وهي خطوة عدّها المستثمرون إشارةً إلى عدم وجود تخفيضات وشيكة لتكاليف الاقتراض، وفق «رويترز».

ورغم أن الأسواق استبعدت أي خفض محتمل لأسعار الفائدة، وتتوقَّع رفعها في 2027، فإن عددًا من صناع السياسات، بمَن فيهم فرانسوا فيليروي دي غالهو من فرنسا، وأولاف سليغبن من هولندا، ومارتن كوخر من النمسا، وخوسيه لويس إسكريفا من إسبانيا، وأولي رين من فنلندا، حذَّروا من التسرع في استخلاص النتائج.

وقال كوخر للصحافيين في فيينا: «لسنا في وضع مريح فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي العام، لأن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة. وهذا يعني وجود احتمال لخفض إضافي إذا لزم الأمر، واحتمال لرفع الفائدة إذا اقتضت الظروف ذلك». ووافقه إسكريفا، مؤكداً أن الخطوة التالية قد تكون في أي من الاتجاهين.

وأفادت مصادر مطلعة بأن صناع السياسات كانوا عموماً مرتاحين لتوقعات السوق باستقرار أسعار الفائدة خلال العام المقبل، لكنهم حرصوا على عدم إرسال أي إشارات تستبعد إمكانية التيسير النقدي الإضافي.

وأشار معظم الخبراء إلى أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة، رغم أنها كبيرة ومعرَّضة لتقلبات مفاجئة نتيجة التطورات الجيوسياسية. وقال سليغبن: «أعتقد أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة إلى حد كبير، رغم أنها كبيرة. ما زلنا في وضع جيد، فالتضخم في أوروبا يقترب من 2 في المائة، ويمكن القول إنه أشبه بجنة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية، لكن في الوقت نفسه ندرك أن المخاطر لا تزال كبيرة».

وفي حديثه لصحيفة «لو فيغارو»، تبنى فيليروي وجهة نظر أكثر تساهلاً، داعياً إلى «أقصى قدر من المرونة»، مؤكداً: «هناك مخاطر في كلا الاتجاهين بالنسبة للتضخم، خصوصاً على الجانب السلبي، لذلك سنكون على قدر عالٍ من المرونة في كل اجتماع من اجتماعاتنا المقبلة».

وقد رفع البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، توقعاته للتضخم لعام 2026؛ نتيجة تسارع نمو الأجور والخدمات، لكنه لا يزال يتوقع أن يكون نمو الأسعار الإجمالي أقل من الهدف خلال العامين المقبلين.

وأوضح البنك أن انخفاض التضخم الحالي يعود في معظمه إلى تأثيرات استثنائية في قطاع الطاقة، بينما يظل نمو الأسعار الأساسي أعلى من الهدف، ما يستدعي توخي الحذر. ومع استمرار انخفاض أسعار الطاقة منذ تاريخ انتهاء التوقعات، هناك خطر من أن تبدأ توقعات الأسعار بالانخفاض تدريجياً مع انخفاض قراءات التضخم الشهرية، مما يطيل أمد ضعف نمو الأسعار.

وقال رين: «على الرغم من المفاجآت الإيجابية الأخيرة في النمو، فإن الوضع الجيوسياسي والحرب التجارية المستمرة قد يؤديان إلى مفاجآت سلبية لمنطقة اليورو. وتجعل هذه التطورات توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب المواجهات الجيوسياسية والنزاعات التجارية العالمية».