ميقاتي يُكلَّف ولا يُؤَلِف... وبري ضد حكومة «اللون الواحد»

واقع المشهد السياسي في لبنان مع اقتراب الاستشارات المُلزمة

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
TT

ميقاتي يُكلَّف ولا يُؤَلِف... وبري ضد حكومة «اللون الواحد»

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (دالاتي ونهرا)

(تقرير اخباري)
تتحسب معظم الكتل النيابية في لبنان منذ الآن لرد فعل رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي في حال سمت الغالبية النيابية، خلال الاستشارات النيابية المُلزمة التي يجريها الخميس المقبل، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة العتيدة، وهل يسهل مهمته في التأليف أم يبادر إلى وضع العراقيل أمام ولادتها ما لم يسلم الرئيس المكلف بشروطه التي لم تعد خافية على أحد؟ ويسود ذلك على رغم أن مصادره (عون) تنفي، بالتناغم مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، أن تكون لديه شروط تأتي استجابة لطلب الأخير الذي يتطلع لأن يكون شريكاً بلا منازع في التركيبة الوزارية.
وكشفت مصادر دبلوماسية عربية وأجنبية لـ«الشرق الأوسط» أن ميقاتي، وإن كان لا يزال الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، فإنه لن يخضع للابتزاز والمساومة، وسيبقى على موقفه برفض الشروط الموضوعة من عون الذي لمح إليها في لقاءاته، في بحر الأسبوع الفائت، مع عدد من السفراء والشخصيات السياسية.
ولم تستبعد هذه المصادر محاولة الفريق السياسي المحسوب على عون البحث عن مرشح آخر لتولي رئاسة الحكومة يتعامل معه على أنه المنافس البديل لميقاتي، وتقول بأنه يصطدم بعدم ضمان تأييد أكثرية النواب من الطائفة السنية لمرشحه الذي يتولى باسيل شخصياً تلميع صورته، وأيضاً بالدور الذي يتولاه حالياً مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للملمة الوضع في الشارع السني بدءاً بالنواب، لأنه من غير الجائز الإبقاء عليهم في حالة الإرباك التي يمرون بها حالياً.
ولفتت المصادر إلى أن تحرك المفتي دريان يلقى دعماً من قبل نادي رؤساء الحكومات السابقين، برغم كل ما أصابه من تشظ بسبب اختلافهم في مقاربتهم لملف الانتخابات النيابية ترشحاً واقتراعاً. وقالت بأنه يحاط بتشجيع عربي، مع أن الدول العربية المعنية بالوضع في لبنان تنأى بنفسها عن التدخل في مسألة تشكيل الحكومة، وتعتبره أمراً داخلياً يعود فيه القرار إلى الكتل النيابية.
ونقلت عن مصادر مواكبة لتحرك المفتي دريان قولها بأن مهمة دار الفتوى تكمن في استيعاب مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات باحتوائها التشظي الذي أصاب الشارع السني في ضوء محاولة بعض الأطراف استباحته تمهيداً للمجيء برئيس حكومة لا يحظى بالتمثيل السياسي الوازن داخل طائفته، ما يؤدي إلى الإخلال بالتوازن العام وتغييب الطائفة عن المشاركة في صنع القرارات.
كما نقلت المصادر عن ميقاتي قوله بأنه لا يتهرب من تحمل المسؤولية وسبق له أن شغل منصب رئاسة الحكومة لمرات ثلاث ولن يستسلم في المرة الرابعة للشروط الموضوعة عليه، ومن يصر على شروطه فليبحث عن مرشح آخر لأنه ليس في وارد تشكيل حكومة بأي ثمن تدفع باتجاه تمديد الأزمة، فيما المطلوب الانتقال بالبلد إلى مرحلة الإنقاذ والتعافي لتفادي الانهيار الشامل الذي يهددنا.
وأكدت أن عون وباسيل، وبخلاف نفيهما وضع شروط على ميقاتي، فإنهما يشترطان الاحتفاظ بوزارات الخارجية والطاقة والشؤون الاجتماعية والعدل، مع أنهما يدعيان في العلن مطالبتهما بتحقيق مبدأ المداورة في توزيع الحقائب. وكشفت أن عون يضيف على شروطه رزمة أخرى باشتراطه إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإصدار دفعة من التعيينات الإدارية واسترداد الأموال التي حُولت للخارج بعد الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
ورأت المصادر نفسها أن ميقاتي لن يستجيب لكل هذه الشروط ولن يخضع للابتزاز أو الاستنزاف، وسيبادر في حال تكليفه برئاسة الحكومة إلى تجنب تمديد أمد المشاورات الخاصة بالتأليف في لقاءاته برئيس الجمهورية، وقد يضطر إلى التقدم منه بتشكيلة وزارية متوازنة وموزونة دولياً ويبقى عليه أن يرفضها أو يوقعها، وفي حال امتناعه عن توقيعها سيستمر ميقاتي في تصريف الأعمال إلى جانب احتفاظه بالتكليف.
وقالت إن ميقاتي لن يشكل حكومة عرجاء في آخر «العهد القوي» الذي بدأ يتهاوى، وبالتالي لا مصلحة لمعظم القوى السياسية في إعادة تعويمه بعد أن أغرق البلد في أزمات كارثية. وأكدت أن هذه القوى لا تعطي لمن يستعد لمغادرة القصر الجمهوري، لئلا تُلزم خلفه بقيود تعيق إعادة تكوين السلطة مع انتخاب رئيس جديد يتعامل معه المجتمع الدولي على أنه بداية الطريق لإحداث تغيير في لبنان، لأن البلد لم يعد يُدار بـ«عدة شغل أكل الدهر عليها وشرب».
ولا تتعامل المصادر نفسها مع المواقف التي صدرت حتى الساعة حيال تشكيل الحكومة على أنها نهائية. وتعزو السبب إلى أن المشاورات لا تزال مفتوحة، أكان على صعيد نواب انتفاضة 17 تشرين الأول في محاولة للذهاب إلى الاستشارات بالاتفاق على تسمية من يمثلهم بدلاً من التوجه فرادى إلى بعبدا، أم بالنسبة إلى «اللقاء النيابي الديمقراطي» وحزب «القوات اللبنانية» اللذين يجريان مشاورات مفتوحة للتوصل إلى مقاربة موحدة لجهة تسمية من يشكل الحكومة أو لجهة برنامج عملها، مع أنهما ينطلقان من معايير موحدة، فيما يتفرد حزب «الكتائب اللبنانية» بموقفه من دون أن يسجل حتى الساعة حصول أي تقارب بين قوى المعارضة من تغييرية وتقليدية يدعو للتفاؤل في إمكانية الوصول إلى تفاهم، برغم أن هناك مساحة سياسية مشتركة تجمع بين كل هذه القوى، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين.
لذلك، فإن الرغبة في التوصل إلى مقاربة مشتركة على قاعدة إحداث تغيير، بدءاً باسم من تراه مناسباً لتولي رئاسة الحكومة، لا تعني من وجهة نظر المصادر المواكبة بأن هناك من يوافق على تسليم البلد لباسيل وحلفائه بذريعة استحالة تأمين حصول أي تغيير، وبالتالي لا بد من البحث عن خيار يقطع عليه السيطرة على الحكومة، وهذا يعني احتمال التوجه نحو تسمية ميقاتي لمنع حصول التغيير المضاد.
وعليه، فإن المشهد السياسي الذي يأتي استباقاً لنتائج الاستشارات النيابية المُلزمة لا يدعو للتفاؤل بأن الطريق أمام ميقاتي في حال تسميته ستكون سالكة لتسريع ولادة الحكومة ما لم يبدل عون موقفه بالإنابة عن باسيل الذي يدير ملف تشكيل الحكومة من وراء الستار.
ويبقى السؤال: كيف سيتصرف الثنائي الشيعي في حال قرر عون، واستجابة لطلب باسيل، الاستعصاء على الدعوات لتسهيل مهمة ميقاتي؟ وأين يقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لا يزال الأقدر، وبنسب متفاوتة، على التواصل مع أطراف رئيسية في المعارضة ولو من موقع الاختلاف؟ وهل يجاريه حليفه الاستراتيجي «حزب الله» أم سيضطر إلى مراعاة حليفه الآخر باسيل بوضع العصي السياسي في دواليب تشكيل الحكومة؟
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن بري يدعم تكليف ميقاتي ولا يحبذ تشكيل حكومة من لون واحد تتيح لباسيل الإمساك بها، وهذا يعني حكماً بأنه يقاوم إقحام البلد في مغامرة سياسية من الوزن الثقيل تأخذه إلى ما لا يحمد عقباه، وترفع من منسوب التأزم، وبالتالي سيرفض سلفاً المشاركة فيها مهما كانت الإغراءات.
فرئيس المجلس يرفض أن يكون شريكاً في إقصاء الأكثر تمثيلاً عن رئاسة الحكومة، وربما ينسحب موقفه، بشكل أو بآخر، على «حزب الله» الذي لا يمانع حتى إشعار آخر في تسمية ميقاتي، ولا يؤيد في المقابل السير في حكومة من لون واحد، لأنه يدرك سلفاً حجم الأثقال السياسية التي ستُرمى عليه وصولاً إلى تحميله مسؤولية الإطاحة بمبدأ الشراكة لأن عون لا يجرؤ على توفير الغطاء لمثل هذه الحكومة ما لم يلق الضوء الأخضر من الحزب الذي سيكون موضع استهداف من خصومه في الداخل وانتقاد من الخارج، إضافة إلى أنه بموقفه هذا سيحشر نفسه في الزاوية ويكون السبب في استحضار الاحتقان المذهبي والطائفي.
وفي ضوء كل هذه المعطيات لن يكون عون مضطراً لأن ينحر نفسه سياسيا لغياب الرافعة الشيعية من ناحية ولتعذر إيجاد الرئيس الانتحاري لتشكيل الحكومة بديلاً عن ميقاتي إذا أراد الأخير أن يرمي كرة النار في حضن الفريق السياسي لعون رافضاً تشكيل حكومة «كيفما كان» فاقدة للتوازن وتأخذ البلد إلى مزيد من الفراغ القاتل، لذلك يبقى الخيار بمعناه السلبي في أن يكلف ميقاتي من دون أن يشكل ويستمر في تصريف الأعمال.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«حماس» تتوقع من محادثات ميامي وضع حد «للخروق» الإسرائيلية

جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)
جانب من الدمار في حي الزيتون بمدينة غزة 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

قال قيادي في حركة «حماس»، إن المحادثات المقررة في ميامي، الجمعة، للانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار في غزة يجب أن تفضي إلى وقف «خروق» إسرائيل للهدنة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» باسم نعيم لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وضع حد للعربدة الإسرائيلية المستمرة ووقف الخروق والانتهاكات كافة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

تستضيف الولايات المتحدة هذه المباحثات في ولاية فلوريدا، حيث من المتوقع أن يلتقي المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً.


الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
TT

الجيش الإسرائيلي: عماد أمهز كشف أسرار الملف البحري السري لـ«حزب الله»

بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»
بطاقة عماد أمهز فاضل في معهد علوم البحار كما تداولتها مجموعات لبنانية على «تلغرام»

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن عماد أمهز، الذي يعد من أهم عناصر وحدة الصواريخ الساحلية (7900) في «حزب الله» اللبناني، الذي نقلته للتحقيق في إسرائيل قبل نحو عام، كشف خلال التحقيقات أسرار الملف البحري السري لحزب الله.

ووفقا لتغريدة نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة إكس، فقد "نفذ مقاتلو وحدة 13 للكوماندوز البحري الإسرائيلي عملية "وراء الظهر" في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد حوالي 140 كم عن الحدود الشمالية، قبل نحو عام وذلك بتوجيه من شعبة الاستخبارات البحرية، للقبض على عماد أمهز ونقل للتحقيق في إسرائيل».

وأضاف أن «أمهز تلقى تدريبات عسكرية في إيران ولبنان واكتسب خبرات وتجربة بحرية واسعة في إطار وظيفته في وحدة الصواريخ الساحلية بهدف تنفيذ عمليات إرهابية بحرية، هذا وتم تدريبه أيضًا في المعهد البحري المدني اللبناني "مارستي"، مما يعتبر مثالاً آخر على استغلال «حزب الله السخري للمؤسسات المدنية اللبنانية في سبيل تطوير نشاطاته الإرهابية».

وذكر أدرعي أن «أمهز كشف أثناء التحقيق معه أنه كان يشغل منصبًا مركزيًا في الملف البحري السري، وأدلى بمعلومات استخبارية حساسة عن الملف، الذي يعد من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله، والذي يتمحور حول تشكيل بنية تحتية منظمة للأنشطة الأرهابية البحرية بستار مدني لغرض ضرب أهداف إسرائيلية ودولية».

ولفت المتحدث الإسرائيلي إلى أن «المشروع البحري السري يعتبر من أكثر المشاريع حساسية وسرية في حزب الله وتم توجيهه مباشرة من قبل حسن نصرالله الأمين العام السابق، وفؤاد شكر، القائد العسكري الأبرز في حزب الله اللذين تم القضاء عليهما خلال الحرب، بالإضافة إلى علي عبد الحسن نور الدين، مسؤول الملف البحري السري».

وأضاف أنه «في أعقاب إحباط المستوى القيادي الذي أشرف على الملف البحري السري بالإضافة إلى المعلومات التي أدلى بها أمهز في التحقيق معه، تمكن الجيش الإسرائيلي من عرقلة تقدم الملف البحري السري في نقطة زمنية حرجة، منعًا لترسخه ونضوجه داخل الحزب».

وذكر أن «حزب الله يعمل على تطوير الملف البحري السري وعلى باقي الوحدات البحرية بفضل الدعم الفكري والمادي الإيراني حيث وبدلاً من استثمار تلك الكمية الهائلة من الأموال في بناء لبنان ومؤسساته، يتم تخصيص هذه الأموال في نشاطات حزب الله الإرهابية».

وشدد على أن «الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل في كافة الجبهات بمختلف الطرق والسبل على إزالة تهديدات موجة ضد مواطني دولة إسرائيل».


تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال عدة أشخاص بين مشاركين ومطّلعين على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية، إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت إلى وكالة «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخير، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال خمسة من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد وتسيطر على شمال شرقي البلاد. وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد، أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها على أن تعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، شريطة أن تتنازل عن بعض سلاسل القيادة وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية في 8 مارس 2025 تظهر قوات حكومية سورية على نقطة تفتيش في مدينة اللاذقية بالساحل السوري (أ.ف.ب)

«حفظ ماء الوجه»

لم ‌يتضح ما إذا ‌كانت الفكرة ستمضي قُدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق ‌شامل ⁠في ​اللحظات الأخيرة، ‌قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات. ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وقال مسؤول غربي ثانٍ، إن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. وذكرت معظم المصادر أن من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين أبرم في 10 مارس (آذار).

ويهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروج البلاد من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة ⁠التي تهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية. فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلي عن الحكم الذاتي الذي فازت به باعتبارها الحليف الرئيسي ‌للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد ‍الشرع وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات وحثت على التوصل إلى اتفاق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن توماس برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، يواصل دعم وتسهيل الحوار بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، قائلاً إن الهدف هو الحفاظ على الزخم الذي يدفع نحو دمج القوات.

فتاة تحمل علم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) خلال مظاهرة في القامشلي... سوريا 17 سبتمبر 2025 (رويترز)

تركيا: صبرنا ينفد

منذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرق ​سوريا حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي تنظيم «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب ⁠عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» ينفد.

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل. وقال سيهانوك ديبو وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 للتعامل مع جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في ثلاث فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدّمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجستية وإدارية قد تسبب خلافا وتؤدي إلى تأخير».

وقال مسؤول سوري كبير لوكالة «رويترز» إن ‌الرد السوري «يتّسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».