صهر الرئيس اللبناني يهدد بحملة جديدة لتصفية «الخونة» داخل «الوطني الحر»

قال إن تكلفة بقاء البعض صارت أكبر من تكلفة خروجهم

TT

صهر الرئيس اللبناني يهدد بحملة جديدة لتصفية «الخونة» داخل «الوطني الحر»

فتح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل معركة مبكرة لتصفية حسابات مع الكوادر والمحازبين، بعد تحميلهم مسؤولية الإخفاقات التي أصابت التيار البرتقالي في عدد من الدوائر، ووصفهم بـ«الخونة» الذين لا مكان لهم في صفوف تياره بعد اليوم.
وقال باسيل في تغريدة له: «المحاسبة في التيار صارت ضرورية على كل المستويات، لا نستطيع أن نبقى محكومين بنظرية أنه لا يمكن أن نخسر أحداً... لأن تكلفة بقاء البعض من دون محاسبة صارت أكبر من تكلفة خروجهم».
ولا يعد هذا الإجراء الأول في التيار الذي خضع لثلاثة اختبارات من هذا النوع، بدأت في العام 2006 بعد انشقاق اللواء عصام أبو جمرا عن التيار الذي أسسه الجنرال ميشال عون، إثر توقيع ورقة التفاهم مع «حزب الله» في العام 2006، ثم توالت حركة الاعتراض داخل التيار، وتنامت بعد توقيع اتفاق مع «تيار المستقبل» أدى إلى وصول عون إلى الرئاسة في العام 2016.
في 27 أغسطس (آب) 2015 انتخب جبران باسيل رئيسا للتيار الوطني الحر. وأول ضحايا حركة الاعتراض تلك كانت المجموعة المؤسسة للتيار، التي اعترضت بعد تنامي نفوذ باسيل في التيار وترؤسه، ومن أبرز المعترضين زياد عبس ونعيم عون وأنطوان نصر الله وغيرهم... فعاجلهم باسيل بالطرد من التيار في العام 2016 قبل أن تتنامى حركة الاعتراض في العام 2019 على أثر الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في بيروت، والمعارضة لمقاربات باسيل السياسية... وطُرد من التيار في العام 2019 قياديون أبرزهم رمزي كنج.
وتصاعدت حركة الاعتراض قبيل الانتخابات النيابية التي أدت إلى انسحاب النائب السابق ماريو عون واستقالة النائب السابق حكمت ديب. وأظهرت أرقام «التيار» تراجعاً في قاعدته الانتخابية، فضلاً عن خسارة مقعدين في جزين لطالما كانا بحوزته، ما دفع باسيل للتوعد بالمحاسبة.
واستغرب نائب رئيس الحكومة الأسبق اللواء عصام أبو جمرا، التجاوز في كلام باسيل، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، خصوصاً لمن خسر معركته الانتخابية». ورأى أبو جمرا أنه «يكفي التيار خسارات وخيبات بسبب سياسة جبران التدميرية، التي لم تبق له صديقاً داخل تياره وداخل البلد، خصوصاً أن حلفاءه (في إشارة إلى حزب الله) ضبوا أسلحتهم بعد الانتخابات، وعليه أن يلزم حدوده».
وكان أبو جمرا أول من غادر صفوف التيار العوني نتيجة خلاف مستحكم مع عون على كيفية إدارة شؤون التيار ومشاركته في السلطة، إلا أنه يرفض الآن الحملات التي يشنها باسيل على الكوادر، ويحملهم تبعات إخفاقاته، ويعتبر اتهاماته «تجنياً سياسياً ومحاولة لإلقاء الفشل على الآخرين، فإذا كان لا يزال واقفاً على رجليه فبفضل هؤلاء، وعليه أن يرحل هو قبل أن يهدد بترحيلهم». وتابع أبو جمرا «أساس المشكلة ليست في جبران بل في عمه (الرئيس ميشال عون)، الخطأ يتحمله الكبير (…) وليس الصغير، الذي كلما تلقى ضربة نفش ريشه كالطاووس». وخلص أبو جمرا إلى قوله: «الولد ولد ولو حكم البلد».
الحملة المتواصلة لرئيس التيار البرتقالي على قياديين وكوادر، لا يجد فيها القيادي في التيار «تصفية حسابات»، بل تعد تقييماً لأداء هؤلاء وعملية مساءلة، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الأحزاب السياسية تخضع لمراجعة ومحاسبة ذاتية عقب كل استحقاق». وقال: «نعم هناك أشخاص أخطأوا ولا بد من مساءلتهم وفق ما ينص النظام الداخلي لتيارنا، نحن أمام محاسبة داخلية وإعادة تقييم لمرحلة معينة».
الأسباب التخفيفية لمواقف باسيل لم تقنع قياديين خرجوا باكراً، فاعتبر الناشط السياسي نعيم عون أن جبران «يعيش وهم القوة، ويتباهى بكتلة نيابية نصف أعضائها لم يصلوا بأصوات المسيحيين»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «المسؤول عن المشكل الذي وصل إليه التيار من دون أن يحاسب نفسه، بينما يحمل مسؤولية إخفاقاته للآخرين». وذكر بما كان عليه وضع التيار وكيف أصبح الآن. وقال: «تصعيد جبران ليس دليل قوة، بل دليل خوف من المستقبل القريب، لذلك يحاول أن يعوض عن خسارته وإخفاقاته بالصوت العالي»، مذكراً أنه «في انتخابات العام 2005 كان التيار الوطني الحر يمثل 70 في المائة من المسيحيين، واليوم تمثيله لا يتعدى الـ20 أو 22 في المائة منهم». وشدد على أن «ركائز بناء المؤسسة تقوم على المبدأ والتنظيم والاستراتيجية، لكن جبران بنى ركيزة وحيدة هي السلطة والمصالح، وهو ما أدى إلى انهيار بنيان تياره».
ويعد نعيم عون ابن شقيق الرئيس ميشال عون، والذي بقي إلى جانبه في منفاه الباريسي، من أشد المعارضين لهذا التيار حالياً، وهو يرى أن «لبنان في أزمة كبيرة، ويجب على كل الفائزين بالانتخابات أن يمدوا أيديهم لإنقاذ البلد»، مستغرباً كيف أن جبران باسيل «بدأ هجوماً على الجميع من دون مبرر، وهذا دليل على أنه يعيش إفلاساً سياسيا واضحاً، فعندما كانت لديه كتلة من 40 نائباً وحكومات أكثرية خاضعة لنفوذه، وعهد جير كل طاقاته لمصالح هذا الرجل مني بفشل ساحق، فما هي مقومات نجاحه اليوم في الأيام الأخيرة من عمر العهد، وفي ظل الانهيار الذي يعيشه لبنان وكان هو أبرز مسببيه؟». وحذر نعيم عون من مرحلة صعبة للغاية، لن يحقق فيها جبران باسيل أي مكسب، معتبراً أن رئيس التيار الحر «استمد قوته في السنوات الماضية من توقيع رئيس الجمهورية، لكن بعد خروج الجنرال عون من قصر بعبدا سيصبح الأضعف». ولخص نعيم عون تصعيد باسيل بأنه «كمن يسير في الليل خائفاً ويصفر وحيداً ليؤنس نفسه».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المقداد: نريد تعهدات تركية دقيقة بالانسحاب من أراضينا

المقداد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي باقري كني في دمشق (رويترز)
المقداد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي باقري كني في دمشق (رويترز)
TT

المقداد: نريد تعهدات تركية دقيقة بالانسحاب من أراضينا

المقداد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي باقري كني في دمشق (رويترز)
المقداد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي باقري كني في دمشق (رويترز)

قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم الثلاثاء إن «الشرط الأساسي» لأي حوار سوري تركي هو أن تقوم أنقرة بإعلان استعدادها «للانسحاب» من الأراضي السورية.

وأضاف المقداد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيراني علي باقري كني في دمشق «لا يمكن أن نتفاوض مع من يحتل أرضنا ومع من وعد عدة مرات بالتوجه للانسحاب من أراضينا وتراجعت تركيا عنها وأنا أذكر أكثر من خمسة أو ستة تعهدات لم ينفذ منها شيء»، وفقاً لما ذكرته وكالة «أنباء العالم العربي».

وأردف القول «نريد أن نرى شيئاً دقيقاً يلزم الدولة التركية بالانسحاب من الأراضي السورية... إذ لا يجوز أن يستمر هذا الاحتلال ودعم القوى المسلحة في الشمال السوري... لأن ذلك يتناقض مع أي جهود يجب أن تبذل لتطبيع العلاقات... لن تطبع العلاقات بين البلدين إلا إذا قالت تركيا في وضح النهار بأنها ستنسحب من الأراضي السورية».