الإبهار هو «كلمة السر» في الفيلم المصري «العنكبوت» الذي يجري عرضه حالياً بدور العرض المصرية والعربية، كل عنصر موظف به لضمان خطف الدهشة من عيون المتفرجين، مشاهد الحركة تهيمن على السيناريو، المؤثرات الصوتية تشعرك بأن لعلعة الرصاص تدوي داخل قاعة العرض، مطاردات السيارات منفذة بحرفية عالية، الفتيات الجميلات بإطلالتهن الأنيقة في الخلفية وكأنهن يمنحن المتفرج فرصة لالتقاط أنفاسه، لكن يبقى السؤال: هل يكفي الإبهار لضمان نجاح الشريط السينمائي؟ تدور الحبكة الأساسية للعمل حول شخصية غامضة ذات مواصفات استثنائية هي «العنكبوت»، جسدها الفنان أحمد السقا، التي تأخذ على عاتقها تعطيل مصالح عائلة «جبران» ذات الباع الطويل في عالم الجريمة وتجارة المخدرات والتي تمر بأزمة صراع على السلطة بعد وفاة عميد العائلة وعودة الابن «آدم» من الخارج الذي يلعب شخصيته النجم التونسي ظافر عابدين. يلتقي العنكبوت «هالة»، تجسد شخصيتها منى زكي، ويشعر بأنه مسؤول عن حمايتها بعد أن قادتها الأحداث لتجد نفسها في مركز الخطر والصراع.
أحمد السقا في لقطة من الفيلم (الشرق الأوسط)
ينتمي العمل إذن لأفلام الحركة ودراما التشويق حيث العنف لغة التفاهم والمطاردات ساحة للصراع بين طرفين أساسيين هما «آدم»، والبطل نفسه، لكن العمل لم يخل من خط كوميدي موازٍ عبر الحوار بين منى زكي ونجمة الضحك شيماء سيف. يعد الفيلم بمثابة عودة قوية لأحمد السقا الذي يجيد المشاهد القتالية التي بنى شهرته عليها منذ فيلم «مافيا» إنتاج 2002، لكن آخر أفلامه التي قدمها في هذا السياق كانت «هروب اضطراري»، إنتاج 2017. وفي هذا الفيلم ظهر السقا بإطلالة تناسب الشخصية من حيث طريقة حلاقة الشعر والملابس والإكسسوار التي تليق بشخصية غامضة، مجهولة الدوافع، تتفنن في إفساد صفقات عائلة «جبران»، الواحدة تلو الأخرى. اللافت أن العمل تم الانتهاء منه وأصبح جاهزاً للعرض في عام 2019 لكنه لم يعرض فعلياً سوى في الموسم الحالي بالقاهرة والمحافظات بعد سلسلة طويلة من التأجيل بسبب تداعيات جائحة «كورونا».
عناصر الإبهار تفوقت على السيناريو (الشرق الأوسط)
حرص المخرج أحمد نادر جلال على التنويع في خلفيات مشاهد الحركة ما بين أعمدة المعابد الفرعونية ورمال الصحراء والقطارات الفاخرة والجسور المعدنية العملاقة على نهر النيل بحثا عن «كادر» جميل، وكمحاولة لمنع تسرب الملل للمتفرج بعد مرور أول 30 دقيقة من العمل للتعريف بالشخصيات وتشابك العلاقات الاجتماعية دون إثارة أو تشويق سوى في المشهد الافتتاحي. كما بدا لافتاً كذلك حرص صناع العمل على حشد كل هذا العدد من النجوم داخل شريط سينمائي واحد سواء في الأدوار الأساسية أو الثانوية أو حتى كضيوف شرف مثل يسرا اللوزي وريم مصطفى، ومحمد لطفي والراحل زكي فطين عبد الوهاب ومحمد ممدوح، وأحمد السعدني وشيكو. ويرى الناقد الفني محمود عبد الشكور أن الفيلم لا يقدم جديداً على مستوى الحبكة والسيناريو، فقد لجأ إلى إعادة استنساخ جميع «الكليشيهات» المعروفة في السينما الأميركية وتحديداً في أفلام الحركة والمطاردات، حتى إن الحوار بدا في كثير من أجزائه وكأنه صدى خافت لأعمال كثيرة قديمة»، وأكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «إن رهان صناع العمل لم ينصب أبداً على تقديم قصة مختلفة بل انحصر في الإجابة عن سؤال واحد: كيف نبهر المتفرج؟». على حد تعبيره. ويلفت عبد الشكور إلى أن «منى زكي هي أكثر عناصر الفيلم حيوية، فقد خففت كثيراً من وطأة التكرار وحطمت طابع النمطية إلى حد ما بقوة حضورها وحيوية أدائها حتى أصبحت الأكثر توهجاً بين كل عناصر التمثيل».
ويؤكد عبد الشكور أن منى زكي استطاعت خطف الأضواء من الجميع رغم أننا أمام فيلم ذكوري بامتياز قوامه العضلات وحبكته الأساسية تقوم على صراع عنيف ودموي يتسم بالطابع الصفري، بمعنى أن يكسب طرف كل شيء أو يخسر كل شيء، مشيراً إلى أننا أمام نجمة نضجت على نار هادئة من خلال التجارب الفنية السابقة، حتى أصبحت في منطقة أخرى ويصعب جداً أن ترى لها مثيلاً على الساحة حالياً».
النجم ظافر العابدين (الشرق الأوسط)