أقر مجلس الشيوخ الأميركي، بالإجماع، مشروع قرار يدين الإجراءات التي اتخذها الجيش السوداني في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ودعا إلى فرض عقوبات فردية بحق المسؤولين عنها. وصوّت كل أعضاء المجلس لصالح المشروع من دون اعتراض يذكر لدى طرحه للتصويت مساء يوم الأربعاء.
ويعرب المشروع غير الملزم عن «دعم الكونغرس للشعب السوداني في تطلعاته الديمقراطية»، داعياً المجلس العسكري في السودان الى إطلاق سراح جميع المسؤولين الحكوميين المدنيين وأعضاء المجتمع المدني وأشخاص آخرين اعتقلوا، خلال الفترة التي تلت تلك الإجراءات العسكرية.
كما يدعو القوى الأمنية السودانية إلى «احترام حق التظاهر السلمي وتحميل أي عناصر تابعة لهم مسؤولية استعمال القوة المفرطة وأي انتهاكات بحق المتظاهرين، عبر مسار شفاف وعادل». ويحث المشروع المذكور المجلس العسكري على «التوقف عن كل المحاولات لتغيير التركيبة المدنية للحكومة والمجلس السيادي ومؤسسات حكومية أخرى» إضافة إلى احترام بنود الوثيقة الدستورية.
وفي الجزء المتعلق بفرض العقوبات الفردية، يدعو نص مشروع القرار وزير الخارجية الأميركي إلى تحديد أسماء «قائدي الانقلاب والمتعاونين معهم» لفرض عقوبات فردية عليهم، والتنسيق مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووكالات حكومية أخرى لوقف كل المساعدات غير الإنسانية إلى السودان حتى عودة النظام الدستوري الانتقالي.
كما يحث حلفاء الولايات المتحدة ودول الترويكا على الانضمام إليها في «فرض عقوبات فردية على أفراد المجلس العسكري وشركائهم» وحث قادة المجلس على العودة إلى حكم القانون احتراماً للدستور الانتقالي، إضافة إلى تعليق مشاركة السودان في كل المنظمات في المنطقة حتى عودة العملية الانتقالية.
ويختلف هذا المشروع عن مشروع العقوبات الملزم الذي طرحه السيناتور الديمقراطي كريس كونز في مجلس الشيوخ. وكانت مصادر في الكونغرس قالت لـ«الشرق الأوسط» إن أعضاء المجلس يتشاورون مع البيت الأبيض لوضع خطة متكاملة للتعاطي مع الملف السوداني تشمل عقوبات.
وفي الخرطوم تصدت قوات الأمن السودانية، أمس، بعنف مفرط لتظاهرات حاشدة انطلقت في العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى تطالب الجيش الذي استولى على السلطة في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالعودة إلى الثكنات وتسليم الحكم للقوى المدنية.
واستبقت السلطات الدعوات لتظاهرات مليونية تتجه إلى القصر الجمهوري بالعاصمة «الخرطوم» بتكثيف الإجراءات الأمنية بشكل غير مسبوق حيث أغلقت عددا من الجسور، وسدت غالبية الطرقات والمنافذ المؤدية إلى قلب الخرطوم بنشر أعداد كبيرة من القوات النظامية والسيارات العسكرية.
وتأتي التشديدات الأمنية عقب يوم من صدور توجيهات صارمة من مجلس الأمن السوداني لقوات الجيش والأجهزة النظامية الأخرى التعامل بحسم مع التفلتات الأمنية والمظاهر العسكرية غير القانونية في جميع أنحاء البلاد.
واستخدمت قوات الأمن الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع بكثافة لصد آلاف من المتظاهرين عند محطة «شروني» على بعد مئات الأمتار من القصر الجمهوري.
وهاجمت قوات الأمن الموكب الذي دعت له لجان المقاومة الشعبية تحت اسم «مليونية تأسيس سلطة الشعب» مع بداية تجمعه في محطة «باشدار» بضاحية الصحافة جنوب الخرطوم، لمنعه من التقدم ، إلا أن المتظاهرين اخترقوا الطوق الأمني المشدد وسط تراجع القوات الأمنية وتقدموا نحو وسط الخرطوم.
وغطى الدخان الذي خلفه الإطلاق الكثيف للغاز المسيل للدموع وإطارات السيارات المحروقة التي درج المتظاهرون على استخدامها في مواجهة الأجهزة الأمنية، سماء العاصمة الخرطوم.
وشهدت شوارع الأحياء والضواحي القريبة من وسط الخرطوم كرا وفرا بين المتظاهرين وقوات الأمن التي عمدت إلى إغلاق غالبية الطرقات في محيط واسع.
وخرجت تظاهرات مماثلة في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط البلاد، حاصرت مقر الحكومة، إلا أن قوات الشرطة تصدت بقوى للمتظاهرين، كما تظاهر المئات في مدينتي بورتسودان والقضارف شرق البلاد.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية «هيئة مهنية» غير حكومية، في بيان أمس على صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك» إن الأجهزة الأمنية استخدمت نوعا جديدا من الاسلحة يسبب كسورا بصورة متكررة وسط عدد مقدر من المتظاهرين وفي الموضع نفسه. وأضافت أن «هذا النوع من الإصابات غريب وغير معتاد، ما يجعلنا نشك في استخدام أداة جديدة غير معروفة تؤدي إلى هذه الإصابات دون إحداث جرح أو أثر مرئي».
وأشار البيان إلى أنه وفقا لإفادات من المصابين فإنهم يشعرون بصعقة كهربائية أو ذبذبات أثناء الإصابة. وكشف محامون سودانيون في وقت سابق عن استخدام أجهزة الأمن السودانية سلاحا خطيرا في التصدي للاحتجاجات يسبب كسور وتهشيم الأعضاء. ودشنت لجان المقاومة بولاية الخرطوم «تنظيمات شعبية» أول من أمس ميثاق تأسيس سلطة الشعب، شدد على إنهاء الانقلابات العسكرية في البلاد، وإبعاد المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية.
ودعا الميثاق إلى إلغاء الوثيقة الدستورية ووضع ترتيبات دستورية جديدة «إعلان دستوري مؤقت»، يستند إلى الميثاق.
وشدد ميثاق لجان المقاومة على المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ومحاكمة «كل المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، منذ الاستقلال، مروراً بعهد 30 يونيو 1989، وبعد الحادي عشر من أبريل 2019»، وربط العدالة الانتقالية مع عملية السلام، وإصلاح الأجهزة العدلية وإعادة هيكلتها، وإصلاح القوات النظامية.
«الشيوخ» الأميركي يصوت بالإجماع لتشريع يدعم تطلعات السودانيين
الأمن السوداني يتصدى لمظاهرات في الخرطوم ومدن أخرى
«الشيوخ» الأميركي يصوت بالإجماع لتشريع يدعم تطلعات السودانيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة