ياسين لـ«الشرق الأوسط»: عودة السفينة الإيرانية إلى ميناء بندر عباس تثير الشكوك

قال إن طهران تريد أن تمول المتمردين لا أن تغيث اليمنيين

د. رياض ياسين
د. رياض ياسين
TT

ياسين لـ«الشرق الأوسط»: عودة السفينة الإيرانية إلى ميناء بندر عباس تثير الشكوك

د. رياض ياسين
د. رياض ياسين

قال الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني المكلف، لـ«الشرق الأوسط»، إن السفينة الإيرانية «إيران مشهد» عادت إلى ميناء بندر عباس، بعد أن وافقت طهران أخيرا على خضوعها للتفتيش من قبل الأمم المتحدة في جيبوتي، قبل أن تصل إلى محطتها الأخيرة في اليمن، مؤكدا أن عودة السفينة التي تدعي أنها تحمل مواد إغاثية وإنسانية هي دليل على وجود مواد ممنوعة على متنها.
وأوضح الدكتور ياسين، في اتصال هاتفي، أن بلاده تثمن جميع الدول التي تسهم في إنقاذ اليمن، خصوصا دول التحالف بقيادة السعودية، وفق الالتزام بأنظمة وقوانين الأمم المتحدة، ودول التحالف التي فرضت حظرا على المياه الإقليمية اليمنية، إلا أن ما فعلته طهران، عندما استجابت لتفتيش السفينة من قبل الأمم المتحدة في جيبوتي، بعد أن تجاوزت عن إصرارها على عدم تفتيشها حتى كادت تصل إلى ميناء الحديدة مباشرة، هو أمر يثير الشكوك.
وقال وزير الخارجية المكلف إن طهران خشيت من تفتيش السفينة «إيران مشهد»، وبالتالي عادت إلى ميناء بندر عباس مكان انطلاقها، وهذا دليل مؤكد على أنها تحمل ممنوعات على متنها، خصوصا أن إيران رحبت بتقديم المساعدات إلى اليمن، وفرضت شروطا تم رفضها، وهي في النهاية إجراءات أمنية احترازية، لا بد من التفتيش سواء كانت السفينة أو الطائرة إيرانية أو غيرها.
وكان مسؤول يمني أوضح، لـ«الشرق الأوسط»، أن السفينة «إيران مشهد» تحمل ما يزن 1500 طن من المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية، وأن بها 60 شخصا إيرانيا، وسبعة من جنسيات أجنبية، يتبعون لمنظمات حقوقية، ولم يحملوا تأشيرة دخول الأراضي اليمنية، وبالتالي يصبح دخول السفينة - حال حدوثه - مخالفا للقانون، الأمر الذي يجعل إيران تتحمل مسؤولية السفينة ومن عليها.
وأشار الدكتور ياسين إلى أن جميع الدول والمنظمات الإغاثية تقبل بالتزام الأنظمة والقوانين برحابة صدر، من دون أي عملية استفزاز لليمن أو للمجتمع الدولي، إلا أن إصرار طهران على اختراق الأجواء اليمنية، ومحاولة الهبوط في مطار صنعاء، أدى إلى تدمير مدرج المطار، تحسبا لتنفيذ مخططهم، وكذلك محاولتها للإعلان عن عدم السماح بتفتيش السفينة التي تدعي أنها تحمل مساعدات إغاثية وإنسانية، وأنها تريد أن تصل إلى ميناء الحديدة حسب رغبتها، هي أمر يثير الشكوك حول أعمالها الإنسانية.
وطالب وزير الخارجية اليمني المكلف إيران في حال رغبتها في إغاثة اليمنيين من دون تميز بأن عليها أن توجه سفنها الإغاثية والدوائية إلى ميناء عدن بعد تفتيشها في ميناء جيبوتي، بحيث إن طهران تريد أن تمول الميليشيات الحوثية في الحديدة، لا أن تغيث اليمنيين.
يذكر أن مرضية أفخم، الناطقة باسم الخارجية الإيرانية، قالت إن طهران لن تسمح لدول قيادة التحالف بتفتيش سفينتها التي تحمل مساعدات إنسانية. وقال مسؤولون إيرانيون إن السفينة متوجهة إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه المتمردون الحوثيون على البحر الأحمر، وعلى متنها 60 شخصا.
بينما حذر مسؤول عسكري إيراني كبير الولايات المتحدة من أن اعتراض سفينة مساعدات إيرانية في طريقها إلى اليمن «قد يشعل نارا» سيصعب احتواؤها، وذلك بعد أن طالبت واشنطن طهران بتوجيه السفينة إلى مركز المساعدات التابع للأمم المتحدة في جيبوتي، وبالتالي وافقت طهران، وأعلنت أن السفينة ستتجه إلى هناك.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.