تصعيد حوثي مع اقتراب انتهاء الهدنة وسط مساع لتمديدها

مصادر يمنية تؤكد أن البلاد تحتاج إلى مساعدات إغاثية أكثر

عناصر من المقاومة الشعبية يتفقدون سيارة في إحدى نقاط التفتيش في عدن أمس (غيتي)
عناصر من المقاومة الشعبية يتفقدون سيارة في إحدى نقاط التفتيش في عدن أمس (غيتي)
TT

تصعيد حوثي مع اقتراب انتهاء الهدنة وسط مساع لتمديدها

عناصر من المقاومة الشعبية يتفقدون سيارة في إحدى نقاط التفتيش في عدن أمس (غيتي)
عناصر من المقاومة الشعبية يتفقدون سيارة في إحدى نقاط التفتيش في عدن أمس (غيتي)

قال مصدر سياسي يمني بارز في صنعاء، أمس، إن هناك جهودا تبذل من أجل تمديد الهدنة الإنسانية التي اقترحتها المملكة العربية السعودية من أجل إدخال المواد الإغاثية للشعب اليمني، وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتصالات تجري على مستويات كثيرة للتوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة، واعتبر المصدر أن التمديد سيسهم، بشكل كبير، في «تهدئة النفوس وتحسين أوضاع الناس»، وأن الخروقات الحالية هي «أمر طبيعي» في بلد كاليمن، وأشار إلى ضرورة أن يعقد مؤتمر الرياض في ظل أجواء هادئة داخل البلاد، في هذه الأثناء، صعدت الأطراف اليمنية من تبادل الاتهامات مع قرب انتهاء الهدنة الإنسانية السارية والتي تنتهي مساء اليوم، في الوقت الذي واصلت ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من تعزيزاتها العسكرية إلى محافظة تعز والمحافظات الجنوبية، وأشارت المصادر إلى خروقات بالجملة ترتكبها الميليشيات إلى عدم توقف قصفها لمناطق في مدينتي عدن وتعز ومحافظة الضالع، إضافة إلى محاولات التوغل في بعض مناطق محافظة أبين.
وعشية انعقاد مؤتمر الرياض بشأن اليمن، وجهت الكثير من الأطراف داخل البلاد انتقادات واسعة النطاق للمؤتمر ولمستوى التمثيل فيه، وتبدأ غدا أعمال المؤتمر اليمني - اليمني في العاصمة السعودية الرياض، وحسب اللجنة المشرفة على التحضير للمؤتمر، فإنه سيكون مخصصا لاتخاذ قرارات مصيرية بشأن اليمن والمرحلة المقبلة، وفي السياق الميداني بمحافظة مأرب، أكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «جماعة الحوثي المسلحة مستمرة في خرق الهدنة التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وأن المسلحين الحوثيين لا تزال تضرب عددا من المواقع الخاصة بالمقاومة الشعبية في مأرب بالسلاح الثقيل وبمناطق مختلفة من الجدعان مجزر، شمال محافظة مأرب، وفي جبهة المخدرة شمال صرواح»، وأضافت المصادر: «استهدف المسلحون الحوثيون، أيضا، مواقع للمقاومة الشعبية في جبهة صرواح بالسلاح الثقيل وجرح البعض من المقاومة الشعبية؛ الأمر الذي جعلهم بعد ذلك يردون بقوة بإسناد من الجيش على الجماعة واستطاعوا السيطرة على موقع عدة كان المسلحون الحوثيون يستولون عليها»، مشيرًا إلى أن سيطرة المقاومة الشعبية والجيش على مواقع للحوثيين تأتي قبل استهداف الجماعة لهم بقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين، وفي نفس السياق، زار قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء ركن عبد الرب الشدادي جرحى المقاومة الشعبية والجيش الذي أصيبوا أثناء التصدي لجماعة الحوثي المسلحة الانقلابية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وتفقد الشدادي الجرحى أثناء زيارته مستشفى مأرب العام.
وفي الجانب الإنساني، ذكرت مصادر في مطار صنعاء الدولي أنه المطار استقبل، أمس، طائرة تتبع الأمم المتحدة تحمل مواد إغاثة ومواد إيوائية للمواطنين، في هذه الأثناء، قالت مصادر محلية متطابقة في عدد من المحافظات لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الحوثية قامت، خلال الأيام الماضية، بالسيطرة على نسبة كبيرة من المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى اليمن، سواء عبر الأمم المتحدة أو الهيئات الإغاثية، أو تلك التي أرسلت من قبل عدد من الدول العربية، وأكدت المصادر أن المشتقات النفطية نالت النصيب الأكبر من عمليات السيطرة من قبل الميليشيات، حيث قال سكان في صنعاء إن ملاك محطات الوقود أكدوا لهم أن الحوثيين يستولون على نسبة كبيرة من تلك المشتقات المخصصة للمواطنين في المحطات، تحت مبرر دعم «المجهود الحربي»، وأشاروا إلى انتعاش تجارة المواد النفطية في «السوق السوداء» بتلك المواد المخصصة للمواطنين، وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة اليومية في العاصمة صنعاء وكثير من المحافظات لم تشهد تحسنا يذكر، رغم ما يتم الحديث عن ضخ كميات من النفط ومشتقاته في الأسواق، حيث ما زالت طوابير طويلة تقف أمام محطات الوقود والغاز المنزلي على أمل الحصول على كميات محدودة تساعد على تسيير الحياة اليومية، إضافة إلى استمرار معاناة المواطنين جراء انقطاع التيار الكهربائي، وبالأخص في المناطق الساحلية التي يواجه سكانها كوارث مزدوجة، جراء الرطوبة المرتفعة وانعدام الكهرباء والمواد الغذائية ووسائل المواصلات وغيرها، وفي محافظة حجة، ذكرت مصادر حقوقية أن الميليشيات الحوثية سيطرت، بشكل كامل، على حصة المحافظة من الوقود وقامت بتخزينه في معسكر الأمن المركزي.
وفي سياق الوضع الإنساني في اليمن، ناشد مواطنون في عدن والضالع وعدد من المحافظات اليمنية الجنوبية، في اتصالات مع «الشرق الأوسط» دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا، وضع حلول سريعة وناجعة للأوضاع التي يمرون بها من حرب وقصف ودمار وحصار خانق، وقال هؤلاء المواطنون إن سلطة الحوثيين في صنعاء منعت عنهم المرتبات لشهرين متتاليين وأن هذا الإجراء هو حرب أخرى تضاف إلى الحرب الميدانية المتمثلة في القصف على الأحياء السكنية واستهداف كل كائن حي يتحرك في تلك المناطق، بالإضافة إلى منع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المناطق الجنوبية، عوضا عن منع التجار المحليين من استيراد أية مواد غذائية لإدخالها إلى مناطق الصراع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.