مسلسل «ظل» المُتخلّص متأخراً من بطئه يراهن على «السر»

يتبنّى قضية العدالة النازفة على الأرض

عبد المنعم عمايري وجيسي عبدو في المسلسل
عبد المنعم عمايري وجيسي عبدو في المسلسل
TT

مسلسل «ظل» المُتخلّص متأخراً من بطئه يراهن على «السر»

عبد المنعم عمايري وجيسي عبدو في المسلسل
عبد المنعم عمايري وجيسي عبدو في المسلسل

لو بدأ مسلسل «ظل» كما يوشك أن ينتهي، لكان من المسلسلات المفضلة. فيه حبكة مختلفة ولمحات تشويق. وفيه أسماء متمكنة من أدائها، تدفع الشخصيات نحو القلب. بدايته السلحفاتية سدّدت ضربة على رأسه، فاستفاق في الأيام الرمضانية الأخيرة. ينتبه إلى استدراك الوضع قبل فوات الأوان، وينجح نسبياً في لفت الأنظار إليه. ينطبق عليه المثل القائل «أن تصحو متأخراً خير من ألا تصحو أبداً».
الآن يمكن القول إننا أمام مسلسل يحلو انتظار مفاجآته. السؤال الكبير: ما سرّ «جلال ألباني» (عبد المنعم عمايري) ودوافعه لارتكاب الشرّ؟ على الإجابة أن تكون مقنعة، فتغفر شيئاً من الانطلاق الضعيف. يضع سيف رضا حامد فكرة لطيفة بين يدي الكاتب زهير رامي الملا، فيفصّلها على مهل، تاركاً الأوراق الرابحة للحلقات العشر الأخيرة. تبدأ الأقنعة بالتساقط، «فيذوب الثلج ويبان المرج». خلف خراب كل شيء، رجل بصفة محامٍ، يختنق في داخله صوت الضمير. على وجهه ملامح ملاك وابتسامة أطفال، فيما يعقد مع الشيطان تحالف مصالح. عمايري «حربائي» في أداء الشخصية. يفرط في التزيّف ويبالغ بكرمه، فيشعل ناراً في كل حقل تدوسه قدماه. يتسلل كالأفاعي إلى العلاقات السوية فيبخّ فيها سمّه. ظلّ الشيطان في المسلسل والحرّيف في التلوّن والكذب.
نحو 20 حلقة يمكن اعتبارها مقبّلات تسبق الوجبة الرئيسية، ولا تستغرب معدة تُصاب بالشبع من الانتظار! تُطرح أسئلة حول مقتل عارضة أزياء على علاقة بالمصمم العالمي جبران الصافي (جمال سليمان)، كان الظن أن نهاية التحقيقات أجابت عليها. بدخول «إيلين» (كندا حنا) إلى حياة «جبران» بتعليمات من «جلال»، ودسّها رواية «رحيل قسري» كطعم للإيقاع به، تتحرّك إثارة ترقّب الأحداث. يوشك الكباش أن يؤدي إلى خروج قرقعة مخيفة من يدَي الرجلين. يظنّ «جبران»، كالآخرين، أنّ «جلال» هو الحل، ليكتشف لاحقاً أنه المخرّب، واضع العصي في الدواليب.
الرهان على مستور يشقّ طريقه نحو تصعيد مزلزل. حين وقّع «قيس العابد» (يوسف الخال) اسمه على رواية لم يكتبها، كان كمن يسلّم نفسه لقدر مباغت يعيد تشكيل مفاهيمه حيال الحياة والإنسان. حاجته لكسب المال إنقاذاً لوالدته المريضة قبل وفاتها، شرّعت له أبواباً لم تكن مُنتظرة. فالمحامي السابق في شركة «جلال غلوبال» لصاحبها «جلال ألباني»، المستقيل من مهامه بنداء من ضمير حي يعترض على الظلم، يتحوّل إلى العمل الروائي بعد رواية أولى فاشلة. ينتحل «أدهم» (جهاد سعد) اسم «جودت الهادي» ويورّطه بأمر «جلال» برواية لم يكتبها، تتناول تفاصيل حميمية لعلاقة «جبران» بعارضة الأزياء المُنتحرة والكثير من خصوصياته العائلية.

أبطال مسلسل «ظل»

المسلسل الذي يخرجه المصري محمود كامل، وهو من إنتاج «MR7»، يتحرّك حول سؤال واحد هو «ما السر؟»، ويرمي ثقله على نجم واحد، تاركاً النجوم الآخرين في أدوار أقل سطوعاً. تمر دارينا الجندي بدور «دلال» زوجة «جلال» ومَن رفعته إلى المجد، مروراً لم يترك أثراً يُذكر. فخارج شخصية المحامي اللعيب، تقريباً لا سلطة أخرى. جمال سليمان نجم أكبر من الدور، لم يقدم بعد مشهداً مذهلاً. فشخصية «جبران» ليست أفضل خياراته، كدور «إيلين» الضعيف على كندا حنا، هي التي تحرك في «الكندوش 2» بشخصية «أمل» المشهد بنظراتها.
ثمة شخصيات لمعتها فيها، وأخرى يبذل الممثل جهداً لتلمع. «قيس العابد» دور يطرّزه يوسف الخال بإبرته وخيطه، وبعفوية كبيرة يحاول جره إلى مربعه الآمن لضمان النتيجة حين يكون الممثل نجماً. مع ذلك، لا تحلق الشخصية بعيداً ولا تتمادى في رسم المنعطفات. ثمة ما يبقيها «محدودة»، وإن أتقنت الاعتراض والغضب وإفلات السيطرة على الأعصاب.
على المستوى النسائي، يشكل المسلسل نقلة لجيسي عبدو بشخصية «لجين». بغشاوة على العينين وسيطرة الوهم على العقل، تُحسن الانتقال من حالة إلى أخرى. كما دخل «جلال» على خط جاريها، «ميادة» (أنجو ريحان)، و«رائد» (إيلي متري) محاولاً تخريب علاقتهما الزوجية، ظلّ يحركش في وكر الدبابير حتى حلّ الطلاق بينها وبين زوجها المحامي الطموح في شركته «رافي» (وسام فارس). لشخصيتها أكثر من وجه، وجميع وجوهها مغشوشة. إحساسها أن «جلال» هو الأمان، حجر الدومينو الأخير قبل ارتطامها.
تبنّى العمل قضية في بدايته، ومن ثَم أعادها إلى الخلف. أراد القول من خلال بطله «قيس» إن صوت الحق سيظل يصدح، وبعد ذلك سلم رقبته لعبد المنعم عمايري ليدير اللعبة. يخوض مبارزة محسومة عنوانها نزيف العدالة على الأرض. المواجهة بين الحق الضائع وعقاب المرتكبين، هي في النهاية معركة خاسرة ضحيتها من لا ظهر لهم. «لا يصح إلا الصحيح» ليست دائماً المعادلة الرابحة.
لغز المسلسل يجعله منتظراً حتى الحلقة الأخيرة، بعدما كاد البطء يضرب صميمه. تحضر بياريت قطريب بشخصية «أمل»، بحب مسكوت عنه تجاه «قيس» يمنحها حزناً درامياً، كما يحدث في حالة «صبا» بشخصية متقنة تؤديها رانيا عيسى. سكرتيرة «جلال» والمرأة الغامضة في حياته. الظل ثقيل، في الفيء يتمدد وتحت الشمس يحترق بلهيبها.


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.