الدفاع يقدم مشكلة الشيشان في محكمة بوسطن

مع اختتام مرافعات قضية الماراثون

جوهر تسارناييف المهاجر من الشيشان المتهم في قضية تفجيرات ماراثون بوسطن (أ.ف.ب)
جوهر تسارناييف المهاجر من الشيشان المتهم في قضية تفجيرات ماراثون بوسطن (أ.ف.ب)
TT

الدفاع يقدم مشكلة الشيشان في محكمة بوسطن

جوهر تسارناييف المهاجر من الشيشان المتهم في قضية تفجيرات ماراثون بوسطن (أ.ف.ب)
جوهر تسارناييف المهاجر من الشيشان المتهم في قضية تفجيرات ماراثون بوسطن (أ.ف.ب)

مع نهاية مرافعات الدفاع وبداية مرافعات الاتهام في محاكمة جوهر تسارناييف، المهاجر من الشيشان الذي اشترك قبل عامين مع شقيقه في تفجيرات ماراثون بوسطن التي قتلت ثلاثة أشخاص وجرحت أكثر من مائتي شخص، ركز الدفاع على خلفية تسارناييف الشيشانية، وخاصة الحروب المستمرة بين الشيشان وروسيا. أول من أمس، قدم الاتهام مؤرخا روسيا، ثم قدم طبيبا نفسيا، لإثبات أن مشاكل تسارناييف لها صلة بعائلة: «مختلة»، وأن للعائلة صلة بحروب الشيشان. وقال د. الكساندر نيس، الذي عالج والد تسارناييف قبل عشرة أعوام تقريبا، بأن الوالد كان مصابا باضطرابات بعد الصدمة (بي تي إس دي) التي أصيب بها عدد من الجنود الأميركيين الذين عادوا من حروب أفغانستان والعراق والإرهاب. لكن، أصيب الوالد بالمرض بسبب قتاله ضد القوات الروسية في الشيشان في تسعينات القرن الماضي، وبسبب اعتقاله وتعذيبه من قبل القوات الروسية في ذلك الوقت. وأضاف الطبيب أن علامات «اضطراب بعد الصدمة» ظهرت بصور واضحة عند الوالد، أنزور تسارناييف. بما في ذلك: القلق، نوبات الهلع، ذكريات الماضي، جنون العظمة. وأن الوالد اشتكى، أيضا، من صداع، ودوخة، ونزيف في الأنف، وأمراض جسدية أخرى. وأنه، خلال المرحلة الأولى في علاجه، كان يذهب إلى غرفة الطوارئ في المستشفى «في كل يوم تقريبا». وقال الطبيب: «كان رجلا مريضا».
خلال استجواب الاتهام، رفض الطبيب أن يربط ربطا مباشرا بين مشاكل الوالد وما فعل ابنه. لكنه قال: إن تصرفات الوالد داخل المنزل كان يجب أن تنعكس على حالة الابن. بعد الطبيب، شهد مايكل رينولدز، أستاذ التاريخ الروسي في جامعة برنستون، والذي قدم خلفية عن الحروب بين الشيشان والروس.
وحسب وكالة أسوشييتد برس، أعطى رينولدز المحكمة صورة مفصلة عن تاريخ منطقة القوقاز، في جنوب روسيا، بما في ذلك قرون من الحروب والنزاعات مع روسيا. وعن صلة ذلك بما فعل تسارناييف، قال: «توجد في العائلات الشيشانية أبوية قوية جدا. وبعد الأب، يأتي الأبناء، ثم البنات، في الأهمية داخل العائلة. ويأتي الأكبر قبل الأصغر».
وأضاف: «في غياب الأب، يملك الابن الأكبر دورا واضحا في صناعة القرارات بالنسبة لجميع أفراد العائلة». هذه إشارة إلى تركيز الدفاع على أن تمرلان، شقيق جوهر الأكبر، والذي قتل خلال مطاردات مع الشرطة بعد الانفجارات، أثر كثيرا على الشقيق الأصغر.
أثناء استجواب الاتهام للأستاذ الجامعي، قال الاتهام بأن الشقيقين جاءا إلى الولايات المتحدة وهما صغيران في السن. وكان عمر جوهر ثماني سنوات فقط عندما انتقلت العائلة إلى الولايات المتحدة. وقال الاتهام بأن جوهر «كان يدخن السجائر، ويتعاطى الماريجوانا، ويشرب الكحول رغم تحذيرات تمرلان (مما يدل على عدم قوة تأثير تمرلان عليه)».
ثم قدم الدفاع أماندا رانسوم، صديقة، كاثرين راسل، أرملة تمرلان، والتي قالت: إن تمرلان كان يسيء معاملة زوجته. وأكثر من مرة، شاهدته وهو يصرخ في وجهها. لكنها لم تقل بأنها شاهدته يضربها. وتحدثت عن «سوء معاملة عاطفي». مثل أن الأرملة قالت لها بأن الزوج، بعد نهاية علاقة جنسية حميمية، قال لزوجته بأنه مصاب بمرض «إيدز»، وأن الزوجة أصيبت بهلع مفزع، حتى قال الزوج بأنه كان يمزح.
قبل هذه الشهادات بيوم، قدم الدفاع صهر جوهر، وكان يتحدث من جمهورية كازاخستان، وهو ميرزا خوشوغوف، زوج إلينا تسارناييف. وكانت عائلة تسارناييف انتقلت من الشيشان إلى داغستان، ثم إلى جمهورية قرغيزستان، ثم إلى كازاخستان، ثم هاجرت إلى الولايات المتحدة.
تحدث الصهر عن المشاكل التاريخية بين الشيشان والروس، وعن تنقلات عائلة تسارناييف من بلد إلى بلد. وأن العائلة: «كانت تود البقاء في وطنها، الشيشان، لولا جبروت الروس».
وأضاف الصهر أنه كان على اتصال مع تمرلان بعد أن جاء إلى الولايات المتحدة. وأنه كان يعرف أن تمرلان يريد معرفة المزيد عن الإسلام. وأن شيشانيا مسلما اسمه ميشا كان يزور تمرلان في شقته في كمبردج (ولاية ماساتشوستس)، ويقدم له كتبا عن الإسلام والمسلمين.
ومرة قال له تمرلان بأنه ترك الملاكمة والموسيقى بعد أن قال له ميشا بأنها ضد الإسلام.
في الأسبوع الماضي، قدم الدفاع عمات وخالات جوهر. وفي واحدة من المرات، ولأول مرة، حسب صحيفة «بوسطن غلوب»، أظهر تسارناييف عواطفه عندما سالت دموع من عينيه خلال شهادة خالته، باتيمان سليمانوفا (فاطمة سليمان) التي جاءت من الشيشان للشهادة. وكانت هي بدأت تبكي، وهي (عمرها 64 عاما) تنظر إلى ابن أختها (عمره 21 عاما) على مسافة عشرة أقدام فقط. وتطور البكاء إلى شهيق، ولم تقدر على مواصلة كلامها.
خلال هذا الوقت، مسح تسارناييف دموعا سالت من عينيه. ثم كرر ذلك بعد ثوان قليلة. ثم عاد إلى جلسته التقليدية، لامسا ظهره بخلفية الكرسي الذي جلس عليه.
بعد الخالة، شهدت عمته، وتكلمت رغم حزنها، وأشادت، مثل الخالة، بتسارناييف. وتحدثت عن «براءته» و«حسن أخلاقه» و«احترامه لوالديه». وعندما خرج تسارناييف، مع الشرطة، من قاعدة المحكمة، التفت إلى الوراء، ونظر إلى العمة، وأرسل لها قبلة في الهواء، من دون أن يبتسم.
وعلقت صحيفة «بوسطن غلوب»: «هذا يوم مثير، يوم تصرفات عاطفية. أول مرة، بدا تسارناييف وكأنه يبكي. وثاني مرة، أرسل قبلة في الهواء. خلال كل جلسات محاكمته، جلسات ما قبل الإدانة، ثم الآن جلسات إصدار الحكم، ظل صامتا، وكأنه لا يملك عواطف».
وأضافت الصحيفة: «صار هذان التصرفان أفضل شهادة لصالحه. بأنه، في نهاية المطاف، إنسان وإنساني».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.