يتطرق المسلسل المصري «أحلام سعيدة»، بطولة الفنانة يسرا، وإخراج عمرو عرفة، إلى مشكلات نسائية عدة، ويتناولها بشكل مبسط في إطار اجتماعي كوميدي، ويسعى المسلسل الذي يُعرض في موسم رمضان الحالي، إلى التركيز على تجارب إنسانية مختلفة في صراعها مع المجتمع ومحاولة التغلب على الأزمات ومواصلة الحياة بطريقة أفضل وأكثر سعادة.
وتقول المخرجة المصرية، هالة خليل، مؤلفة المسلسل، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «لكل شخصية في المسلسل تأصيل درامي مشوق وتحليل نفسي دقيق سيتم الكشف عنه تدريجياً، خصوصاً أنه ينتمي إلى الدراما الكوميدية، وليس عملاً كوميدياً خالصاً كما يعتقد البعض، بل ستظهر الحلقات المقبلة أن الدراما فيه هي الأهم والأكثر ثقلاً».
وتضيف «هناك خطوط رئيسية في العمل، وهي معاناة الطبقة الأرستقراطية في المجتمع المصري في الوقت الراهن، وتسليط الضوء على مشكلات عديدة تواجهها المرأة، إلى جانب قوة الصداقة بين النساء، وذلك من خلال قصص 3 سيدات من 3 طبقات مختلفة، الأولى يسرا (ديدي) الأرستقراطية، وهي الشخصية الأساسية التي يدور حولها المسلسل، وغادة عادل (شيرين) من الطبقة المتوسطة، ومي كساب (ليلى) التي تميل إلى الطبقة الشعبية، ولكل منهن أزمة كبيرة تمر بها، ما يدفعها إلى التوجه إلى طبيبة أمراض نفسية، ومن ثم ينضممن إلى جلسات العلاج الجماعي، ومن خلالها تنشأ بينهن صداقة».
اللافت، أنه رغم اختلاف مشكلاتهن وأسلوب تعبيرهن عنها وأسلوب الحكي، فإنهن استطعن جذب رواد مواقع التواصل الاجتماعي وكسب تعاطفهن، حيث أشادوا بخفة ظلهن مع التحفظ على بعض السلوكيات مثل غرور «فريدة» الشهيرة بـ«ديدي»، وتعلق ليلى بـ«الشيشة».
وعن هذا الاختلاف، تقول خليل «أقدم ثلاث شخصيات من الواقع، أعرفهن بشكل شخصي وتعاملت معهن عن قرب، وعرضت قصصهن بمعاناتها وعيوبها ومميزاتها؛ لذلك فإنهن يتمتعن بالصدق الفني والوصول إلى قلوب المشاهدين رغم التباين الكبير بينهن، ورغم التحفظات التي يمكن أن يراها البعض فيهن، وبشكل عام لا يمكن الاتفاق حول أي شخصية».
يسرا في العمل
وتجسد «ديدي»، شخصية سيدة تشعر بغربة شديدة داخل المجتمع المصري، ودوماً تردد أنه ليس هو المجتمع نفسه الذي نشأت وعاشت فيه، ومن ثم تشعر بصدام معه؛ لأنها لا تجد ناساً تشبهها، ومن خلالها يتناول المسلسل التطورات التي شهدتها مصر، والتي خلقت تغيرات في الطبقات، بل حتى في التعاملات وأساليب الحديث»، وفق هالة خليل.
في حين تعكس مشكلة شيرين، أزمات تمر بها الطبقة المتوسطة، حيث البحث عن حياة أكثر توازناً وسعادة بما يتماهى مع الجهد الذي تبذله هذه الطبقة، فقد وصلت «شيرين» إلى الأربعين ولم تتزوج بعد ولا تفكر في الزواج، ومشكلتها أن كل من يقابلها يشعر بالمسؤولية تجاه تزويجها، ولا أحد يريد أن يقتنع بأنها ما لم تلتق بمن يستحقها وتشعر معه بالاستقرار، فإنها لن تتزوج؛ لأنها ناجحة وسعيدة، أما «ليلى» فهي تعاني من مشكلة عدم الإنجاب، وتراجع حلم الأمومة. ويتولد من ظهور الخادمة «صدفة» التي تقدم دورها شيماء سيف، العديد من المفارقات الضاحكة.
وبشأن أهم الرسائل التي يركز عليها المسلسل، تقول خليل «عمق الصداقة بين بطلات العمل؛ إذ يشكك الرجال في وجود الصداقة بين النساء، وذلك لأنهم يتصورون أن مفهوم (وقفة الجدعنة) ينحصر بينهم، لكن في الواقع تقدم النساء ما هو أكثر من ذلك، ومما لا يقدمه الرجال، وهو الارتباط العاطفي حيث مشاعر الحنان والاحتواء والفضفضة، وربما استلهمت ذلك أيضاً من تجربتي الشخصية، حيث أتمتع بمجموعة من 5 صديقات منذ أكثر من 25 سنة وأعتبرهن ثروة عمري».
وكشفت خليل، عن أنها «كتبت (أحلام سعيدة) في البداية ليصبح فيلماً سينمائياً، لكنها لم تجد جهة إنتاجية متحمسة له، حيث لا يرحب المنتجون الآن بالبطولة النسائية، بدعوى أن الممثلات لا يعتبرن (نجوم شباك) وهو أمر غير صحيح؛ لأنه لم يسبق لهم دعم النساء من الأصل، وكمؤلفة ومخرجة أعتبر الدراما التلفزيونية فرصة لبطولة السيدات، وعندما تقوم الممثلات بالبطولة تكون النتيجة مبهرة مثلما حدث في (أحلى الأوقات) و(قص ولصق) و(نوارة)». مشيرة إلى أن ذلك لا يعني أنها أعمال نسوية، فعلينا أن نفرق بينها وبين البطولة النسائية، والدليل على ذلك أن موضوعاتي تتناول قضايا مختلفة، وقد تكون فقط من وجهة نظر وبعين امرأة، وهي من المؤكد اختلافها في حالة ما إذا كان كاتبها وأبطالها رجال بسبب اختلاف التركيبات السيكولوجية والاجتماعية والثقافية بين المرأة والرجل».
وتؤكد خليل، أن أعمالها لا تساير اتجاه دعم المرأة في مصر والعالم، قائلة «أهتم منذ بداياتي الفنية بتقديم هذه النوعية من الأعمال التي تحتفي بالمرأة، وقد ظهر ذلك في أعمالي السينمائية بل في مشروع تخرجي أيضا، لكن أعتبر هذا الاتجاه فرصة وتشجيعاً للمبدعات في كل المجالات من تأليف وإخراج وتمثيل للتعبير عن أنفسهن وعن مجتمعاتهن؛ فقد ظُلمت المرأة طويلاً وآن الأوان لتحتل مكانتها، وتكون حاضرة بقوة في المشهد العام».