تركيا تصف التقرير الأميركي حول حقوق الإنسان بـ«مزاعم مؤسفة»

دعوى لإغلاق جمعية نسائية كافحت ضد الخروج من «اتفاقية إسطنبول»

TT

تركيا تصف التقرير الأميركي حول حقوق الإنسان بـ«مزاعم مؤسفة»

رفضت تركيا بشكل قاطع تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية لعام 2021، ووصفته بـ«المزاعم المؤسفة». وعبرت عن أسفها حيال استمرار الولايات المتحدة بما سمته «عدم إدراكها للكفاح الذي تخوضه تركيا ضد جميع أشكال الإرهاب».
وقالت الخارجية التركية، في بيان رداً على التقرير الأميركي، إن «تخصيص التقرير مساحة واسعة لأكاذيب تنظيم غولن منفذ الانقلاب الغادر في تركيا يوم 15 يوليو (تموز) 2016 (إشارة إلى حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا منذ عام 1999 فتح الله غولن) رغم جميع الأدلة الملموسة التي قدمتها أنقرة، إنما يظهر أن الولايات المتحدة لا تزال أداة للدعاية التي يمارسها التنظيم الإرهابي الذي تغض الطرف عنه».
وأضاف البيان أنه لا يمكن أيضاً قبول احتواء التقرير على مزاعم تتجاهل ما سماه بـ«الهوية الإرهابية» لحزب العمال الكردستاني وتدعم خطابات الدوائر المرتبطة بالإرهاب.
وتعتبر تركيا حزب العمال الكردستاني تنظيماً إرهابياً، كما صنفت حكومتها حركة «الخدمة» التي كانت حليفاً وثيقاً لها في مرحلة سابقة «تنظيماً إرهابياً» عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
وشدد البيان على أن تركيا تمتلك الإرادة الكاملة لحماية حقوق الإنسان وتطويرها، وأن تعاونها مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان واستراتيجية الإصلاح القضائي، التي أعلنتها عام 2019، وخطة عمل حقوق الإنسان التي كشفت عنها عام 2021، هي شيء يسير من المؤشرات الملموسة على هذه الإرادة. ودعا الولايات المتحدة إلى التركيز على سجلها في مجال حقوق الإنسان وإنهاء الشراكات التي تعقدها مع الأذرع التابعة للجماعات الإرهابية بدعوى مكافحة الإرهاب.
وكان التقرير السنوي للخارجية الأميركية عن حالة حقوق الإنسان في تركيا قد كشف عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في عام 2021، بحق الخصوم السياسيين للرئيس رجب طيب إردوغان أو المدنيين المختلفين معه.
وجاء في التقرير أنه «بموجب قانون مكافحة الإرهاب المطاط الذي دخل حيز التنفيذ عام 2018، واصلت الحكومة التركية تقييد الحريات الأساسية، وعرضت سيادة القانون للخطر، بعد إقدامها منذ محاولة الانقلاب في 2016 على عمليات الطرد والفصل الجماعية، التي طالت عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية والعاملين في الحكومة، بمن فيهم أكثر من 60 ألفاً من أفراد الشرطة والجيش، وأكثر من 4000 قاضٍ ومدع عام، إلى جانب اعتقال أكثر من 95 ألف مواطن، وإغلاق أكثر من 1500 من مؤسسات المجتمع المدني، لأسباب تتعلق بالإرهاب، وفي المقام الأول بسبب صلات مزعومة بحركة غولن، الذي اتهمته الحكومة بتدبير محاولة الانقلاب وتصفه بأنه زعيم منظمة فتح الله غولن الإرهابية».
وحوى التقرير معلومات موثقة عن عمليات قتل تعسفي، ووفيات مشبوهة لأشخاص رهن الاحتجاز، وحالات اختفاء قسري، وتعذيب، واعتقال تعسفي، واستمرار احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص لصلات مزعومة بجماعات «إرهابية»، معتبراً إياها من بين أهم انتهاكات حقوق الإنسان في تركيا. وسبق أن اتهم مقررو الأمم المتحدة، في رسالة مشتركة في 5 مايو (أيار) 2020، الحكومة التركية بالانخراط في ممارسة ممنهجة لعمليات الاختطاف خارج الحدود الإقليمية والإعادة القسرية إلى تركيا، تعرض لها ما لا يقل عن 100 مواطن تركي كانوا مقيمين في دول متعددة، بما في ذلك أفغانستان وألبانيا وأذربيجان وأفغانستان وكمبوديا والجابون وكوسوفو وكازاخستان ولبنان وباكستان.
وأكد فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، أن عمليات الاعتقال والاحتجاز في الداخل التركي، وحملات الإعادة القسرية من الخارج إلى تركيا كانت تعسفية وتنتهك القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وفي القسم الخاص بـ«الحرمان التعسفي من الحياة»، استشهد التقرير بمؤسسة «باران تورسون»، وهي منظمة تراقب عنف الشرطة، والتي قالت إن الشرطة التركية قتلت 404 أفراد، من بينهم 92 طفلاً، لمخالفتهم تحذيرات التوقف بين عامي 2007 و2020.
وعن الأوضاع السياسية الداخلية في تركيا، ذكر التقرير أن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أعربوا عن قلقهم بشأن القيود المفروضة على التغطية الإعلامية وبيئة الحملة الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لعام 2018. وأضاف أن هذه القيود شملت سجن صلاح الدين دميرطاش، المرشح الرئاسي الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية الموالي للأكراد، الأمر الذي قيد قدرة مرشحي المعارضة على المنافسة على قدم المساواة وخوض الحملات الانتخابية بحرية. في الوقت ذاته، طلب مدعٍ عام في إسطنبول حل جمعية «سنوقف قتل النساء»، المعنية بحقوق المرأة استناداً إلى الادعاء بممارساتها «أنشطة مخالفة للقانون ومنافية للأخلاق».
وقالت الأمينة العامة للجمعية، فيدان أطا سليم: «تلقينا، أول من أمس، إشعاراً بإعلان بدء الإجراءات القانونية لحل جمعيتنا بسبب نشاطات مخالفة للقانون والأخلاق».
وسبق أن نظمت الجمعية، الناشطة بشدة، في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، الكثير من التظاهرات الداعية إلى بقاء تركيا ضمن «اتفاقية إسطنبول»، وهي معاهدة دولية تابعة لمجلس أوروبا، أبرمت في إسطنبول عام 2011 ووقع عليها 46 دولة، وهدفها الوقاية من العنف ضد النساء والعنف العائلي ومكافحتهما، انسحبت منها تركيا عام 2021.
ويجادل المحافظون في تركيا بأن الاتفاقية باتت تهدد «وحدة الأسرة وتشجع على الطلاق»، معتبرين أنها أصبحت تستخدم من قبل المثليين للحصول على قبول أوسع في المجتمع، حيث تشمل إشارة إلى عدم التمييز على أساس الميل الجنسي.
وبررت الحكومة التركية قرارها بالانسحاب من الاتفاقية بأنها تشجع المثلية الجنسية وتهدد بنية الأسرة التقليدية.
وقادت الجمعية مسيرات مناوئة للانسحاب من الاتفاقية وأخرى للتنديد بتصاعد العنف ضد المرأة في تركيا. وتعرضت تلك المسيرات لقمع واسع من قبل أجهزة الأمن التركية. وقالت أطا سليم: «نعتقد أن بدء الإجراءات القانونية هو جزء من سياسة ردع للنشاطات التي نقوم بها منذ 12 عاماً».
ورفعت الدعوى استناداً إلى شكاوى مقدمة من أفراد تتهم أعضاء الجمعية بـ«تدمير الأسر بحجة الدفاع عن حقوق المرأة» وبـ«إهانة الرئيس» (رجب طيب إردوغان) لنشرهم تقارير حول جرائم قتل النساء أو دعوتهم السياسيين إلى اتخاذ إجراءات لضمان عدم إفلات مرتكبي العنف ضد النساء والعنف العائلي من العقاب.
وتستخدم هذه الشكاوى، التي أرسلت إلى الرئاسة التركية عبر موقع إلكتروني مخصص لجمع طلبات المواطنين وشكاواهم، «مصطلحات منتقدي اتفاقية إسطنبول».
ودعت الجمعية إلى تنظيم احتجاجات في العديد من المدن التركية، اليوم السبت، ضد التهديد بحلها.


مقالات ذات صلة

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

شؤون إقليمية المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص «مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط» play-circle 01:34

خاص «مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط»

«سامي» الذي ارتبط اسمه كالتوأم مع قريبه «قيصر» في تهريب عشرات آلاف صور ضحايا التعذيب في سجون الأسد، يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط»، ويوجه رسالة إلى السلطة الجديدة.

كميل الطويل (باريس)
أوروبا نساء أيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن 10 سنوات لهولندية استعبدت امرأة أيزيدية في سوريا

قضت محكمة هولندية بالسجن عشر سنوات بحق امرأة هولندية أدينت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبقائها امرأة أيزيدية عبدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.