توعّدت موسكو أمس (الجمعة)، بتكثيف الهجمات الصاروخية على كييف رداً على ما قالت إنها طلعات جوية أوكرانية عابرة لحدودها، غداة غرق بارجتها «موسكفا» في البحر الأسود، بينما حذّرت السويد وفنلندا من عواقب انضمامهما إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). واستهدف قصف روسي ليلاً مصنعاً في منطقة كييف لتصنيع صواريخ «نبتون» التي قال الجيش الأوكراني إنه استخدمها لضرب الطراد الروسي موسكفا، كما أفاد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية كانوا في المكان. وبحسب مراسلي الوكالة، تعرض جزء من المصنع ومبنى إداري مجاور له في بلدة فيشنيفي، على مسافة نحو 30 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة الأوكرانية، لأضرار جسيمة.
وكانت روسيا أعلنت في وقت سابق، أنها استخدمت صواريخ بعيدة المدى من طراز «كاليبر» لضرب المصنع الذي تقول شركة تصنيع الأسلحة الحكومية الأوكرانية «أوكروبورونبروم» إنه ينتج صواريخ «نبتون». وأكدت مسؤولة عسكرية أوكرانية الجمعة، أن إنقاذ طاقم الطراد الروسي موسكفا لم يكن ممكناً، قائلة إن موسكو لن «تغفر» لكييف إغراقها هذه السفينة التي تعد «رمزاً لطموحاتها الإمبريالية».
- عمليات انتقامية
وقالت ناتاليا غومنيوك الناطقة باسم القيادة العسكرية للمنطقة الجنوبية من أوكرانيا خلال إفادة صحافية، إن أوكرانيا تتوقع الآن عمليات انتقامية من موسكو التي هددت بتكثيف هجماتها على العاصمة. وأضافت: «نحن ندرك أن الهجمات ضدنا ستكثف، وأن العدو سينتقم، وستكون هناك هجمات صاروخية وقصف مدفعي. نحن جاهزون ونواجهه». وقال أندريه سيزوف (47 عاماً) وهو صاحب ورشة خشب قريبة لوكالة الصحافة الفرنسية: «نُفذت خمس ضربات. كان هناك موظف في المكتب ألقاه الانفجار بعيداً». وأضاف: «إنهم يريدوننا أن ندفع ثمن تدمير موسكفا». وكانت هذه أول ضربة روسية كبيرة حول العاصمة الأوكرانية منذ أكثر من أسبوعين. وقال حاكم منطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا ماكسيم مارشنكو، إن البارجة موسكفا البالغ طولها 186 متراً أصيبت بصواريخ «نبتون» الأوكرانية الأربعاء. وغرقت البارجة الروسية «موسكفا» في البحر الأسود الخميس، بسبب حريق عرضي حسب موسكو، وبعد إصابتها بصاروخ أوكراني، بحسب كييف، في انتكاسة كبيرة لروسيا تثير مخاوف من تصاعد النزاع بينما تتهم موسكو كييف بقصف قرى على أراضيها.
وقالت وزارة الدفاع الروسية مساء الخميس: «أثناء سحب الطراد موسكفا إلى ميناء الوصول، فقدت السفينة استقرارها بسبب الأضرار التي لحقت بهيكلها في الحريق بعد انفجار الذخيرة». وأضافت أنه «في البحر الهائج غرقت السفينة». والجمعة، أكد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الطراد الروسي أغرق بصاروخين أوكرانيين من نوع «نبتون»، نافياً صحة رواية موسكو.
- السويد وفنلندا
من جانب آخر، حذرت وزارة الخارجية الروسية الجمعة، من أن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) ستكون له عواقب على هاتين الدولتين وعلى الأمن الأوروبي. وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا في بيان، إن هاتين الدولتين «يجب أن تدركا عواقب مثل هذه الخطوة على علاقاتنا الثنائية وعلى البنية الأمنية الأوروبية ككل». وأضافت أن «الانضمام إلى الناتو لا يمكن أن يعزز أمنهما القومي، وبحكم الأمر الواقع ستكونان (فنلندا والسويد) الخط الأول للحلف الأطلسي».
وعلى الفور، أعلنت وزيرة الشؤون الأوروبية الفنلندية تيتي توبوراينين الجمعة، أن «من المرجح جداً» أن تتقدم فنلندا بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وقالت الوزيرة عبر قناة سكاي نيوز البريطانية إن «ذلك من المرجح جداً، لكن القرار لم يتخذ بعد»، مضيفة: «يبدو أن الفنلنديين اتخذوا قرارهم وهناك أغلبية كبيرة تؤيد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي». وبدأت القوات الروسية الشهر الماضي، الانسحاب من محيط العاصمة الأوكرانية مع إعادة تعزيز صفوفها بهدف التركيز على شرق البلاد، لكن المدينة ما زالت عرضة للقصف الصاروخي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن «عدد الضربات الصاروخية ضد أهداف في كييف ونطاقها سيزداد رداً على أي هجمات إرهابية أو تخريب يرتكبها النظام القومي لكييف على الأراضي الروسية». وأضافت: «نتيجة القصف على مصنع فيزار في زوليانسكي، دمّرت ورش إنتاج وإصلاح أنظمة صواريخ مضادة للطائرات البعيدة والمتوسطة المدى وكذلك أنظمة صواريخ مضادة للسفن».
- التركيز على دونباس
وسيسمح استيلاء الروس على دونباس في الشرق الأوكراني بتعزيز مكاسبهم في المنطقة عبر ربط دونباس التي يسيطر عليها جزئياً الانفصاليون الموالون لروسيا منذ 2014، بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في السنة نفسها. وأعلنت أوكرانيا أن الضربات الروسية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص في المنطقة التي قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن القوات الروسية تسعى إلى «تدميرها». وفي سياق تشديد الخناق على وسائل الإعلام المستقلة، حجبت الهيئة الناظمة الروسية لوسائل الإعلام الجمعة، موقع «ذي موسكو تايمز» الناطق بالروسية بسبب تغطيته الأحداث في أوكرانيا، وكذلك حظرت الموقع الإلكتروني لإذاعة «آر إف إي» الفرنسية التي تبث الأخبار بـ15 لغة من بينها الروسية.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أعلنت موسكو الجمعة، 18 عضواً في بعثة الاتحاد الأوروبي في روسيا «أشخاصاً غير مرغوب فيهم»، وعليهم بالتالي مغادرة البلاد، فيما ندد التكتّل بالقرار الذي عدّه «غير مبرر». والجمعة، أعلن قائد شرطة منطقة كييف أندريه نيبيتوف أن معظم الأشخاص الذين عثر على جثثهم في بوتشا قرب العاصمة الأوكرانية، قتلوا بالرصاص. وأعلن حاكم منطقة كييف أولكسندر بافليوك، أن منطقته تعرّضت الجمعة لغارتين روسيتين على الأقل، من دون أن يشير إلى وقوع أضرار أو سقوط ضحايا. وقال إن المدنيين الذين يفكّرون في العودة إلى العاصمة عليهم أن «ينتظروا حتى تهدأ الأوضاع أكثر». وقالت كييف في تقرير أصدرته الرئاسة إن شخصين قتلا فيما أصيب اثنان آخران في منطقة لوغانسك في شرق البلاد، بينما قتل ثلاثة آخرون وأصيب سبعة في منطقة دونيتسك المجاورة. وأوضحت الرئاسة الأوكرانية أن «القتال مستمر على طول خط المواجهة» في دونيتسك.
- ماريوبول الساحلية
أما مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية، فأصبحت مدمّرة بعد 50 يوماً على ما تطلق عليها موسكو «العملية العسكرية الخاصة» الروسية في أوكرانيا. ويعتقد أن آلاف المدنيين قتلوا في المدينة المحاصرة، وما زالت جثثهم هامدة في المباني السكنية. لكن حدّة القتال خفت وبدأ سكان ماريوبول الخروج بحثاً عن الطعام والماء وعن طريق للهرب من المدينة. وروت تاتيانا (59 عاماً) وهي موظفة في بلدية المدينة تنتظر المساعدة الإنسانية: «أعلم أننا عشنا رعباً ولا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك. نعيش كما لو كنا على فوهة بركان. الخوف يتملكنا... كثير من الناس يعانون».
وقُتل سبعة مدنيين بينهم طفل في ضربات روسية استهدفت خاركيف، وفق ما أعلن الجمعة حاكم المنطقة. من جانبها، ذكرت «ديلي تلغراف» أن الروس قبضوا على بريطاني يقاتل ضمن صفوف الجيش الأوكراني طلبت والدته عبر الصحيفة البريطانية معاملته «بإنسانية» والإفراج عنه. وبث التلفزيون العام الروسي مساء الخميس، صوراً لشاب مكبل اليدين ومصاب بجرح في جبهته، قال إنه يدعى أيدن أسلين. من جهتها، أكدت لجنة التحقيق الروسية أن مروحيتين أوكرانيتين «مزودتين بأسلحة ثقيلة» دخلتا روسيا وشنتا «ست غارات على الأقل على مبانٍ سكنية في قرية كليموفو» بمنطقة بريانسك. وأضافت أن «سبعة أشخاص بينهم طفل أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة»، في اتهامات لا يمكن التحقق من صحتها من مصدر مستقل.
لكن مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني نفى هذه المعلومات، واتهم الاستخبارات الروسية بشن «هجمات إرهابية» في المنطقة الحدودية لتأجيج «الهستيريا المناهضة لأوكرانيا». وقالت وزارة الدفاع الروسية الجمعة، إن قواتها الصاروخية الاستراتيجية «حيّدت ما يصل إلى 30 من المرتزقة البولنديين» في غارة على قرية إيزيومسكي القريبة من خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا.
- تبادل جديد لأسرى
أعلن الجيش الأوكراني الجمعة، أن عملية تبادل جديدة لأسرى الحرب الروس والأوكرانيين جرت الخميس، في منطقة خيرسون التي تخضع جزئياً للسيطرة الروسية بجنوب أوكرانيا. وقالت القيادة الجنوبية للجيش على صفحتها بـ«فيسبوك»: «بعد مفاوضات سادها التوتر تمكنا من التوصل إلى اتفاقات بشأن تبادل الأسرى في منطقة قرية بوساد - بوكروفسكي»، موضحاً أن العملية شملت «أربعة أسرى لدى الجيش الروسي مقابل خمسة من أسرانا». وتخضع مدينة خيرسون لسيطرة الجيش الروسي منذ بداية مارس (آذار) الماضي، كغيرها من البلدات الأخرى في هذه المنطقة الساحلية.
على صعيد آخر، أظهرت أرقام الأمم المتحدة الجمعة، أن أكثر من خمسة ملايين شخص فروا من أوكرانيا منذ الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط). وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن 4,796,245 مليون أوكراني فروا عبر الحدود، فيما تفيد المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة بأن نحو 215 ألفاً من مواطني دول ثالثة فروا أيضاً إلى البلدان المجاورة. وناشد برنامج الأغذية العالمي الجهات المعنية السماح بدخول مساعداته إلى الأوكرانيين المحاصرين في مناطق القتال بما في ذلك ماريوبول، مشيراً إلى أن هؤلاء يواجهون خطر الموت جوعاً. وجاء في بيان لمدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي: «معاناة الناس من الدمار الناتج عن الحرب في كفة، وتجويعهم حتى الموت في كفة أخرى».
روسيا تتوعّد كييف بـ«كثافة صاروخية» بعد فقدانها «جوهرة» أسطولها
روسيا تتوعّد كييف بـ«كثافة صاروخية» بعد فقدانها «جوهرة» أسطولها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة