«عسكريو» غرب ليبيا يحذّرون من العودة إلى «المربع الأول»

عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي أعضاء «اللجنة العسكرية» بالمنطقة الغربية (المجلس الرئاسي)
عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي أعضاء «اللجنة العسكرية» بالمنطقة الغربية (المجلس الرئاسي)
TT

«عسكريو» غرب ليبيا يحذّرون من العودة إلى «المربع الأول»

عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي أعضاء «اللجنة العسكرية» بالمنطقة الغربية (المجلس الرئاسي)
عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي أعضاء «اللجنة العسكرية» بالمنطقة الغربية (المجلس الرئاسي)

تبددت حالة التقارب السياسي التي عاشتها ليبيا خلال الأشهر الماضية، على خلفية الصراع الدائر حول السلطة بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، ما انعكس بالسلب على انسجام اللجنة العسكرية المشتركة «5+5».
ودخلت اللجنة العسكرية للمرة الأولى على خط الأزمة، بعدما ظلت تعمل منذ قرابة عام ونصف العام، بعيداً عن تجاذبات السياسة منذ توقيع مبادرة وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020 بجنيف.
وفي ظل تصاعد حالة الاستنفار في البلاد، قال فريق اللجنة العسكرية بالمنطقة الغربية، في بيان اليوم، إن قرار وقف إطلاق النار الذي وقّعوه في جنيف «وفّر جواً من الاستقرار والهدوء في كل التراب الليبي»، لكن «الدخول في المماحكات السياسية والصراعات بين الأطراف المختلفة؛ سيعيدنا إلى المربع الأول».
وأكد فريق اللجنة تمسكه بما تم التوصل إليه من اتفاقيات وما أُقر من خطط طول الأشهر الماضية حرصاً على «وحدة المصير والوطن»، لافتاً إلى أن أعمال اللجنة «فنية بحتة، ولها واجبات محددة بعيدة عن العمل السياسي».
وأمام حالة الاستقطاب التي تشهدها ليبيا راهناً، نأى فريق اللجنة عن هذه الأجواء، وقال: «إن اللجنة لن تدخر جهداً في القيام بأي عمل يبعد شبح الحرب ويقرب بين الليبيين».
وسبق لفريق اللجنة العسكرية التابع لـ«الجيش الوطني» الليبي، مطلع الأسبوع الجاري، تعليق جميع أعماله في اللجنة إلى حين النظر في مطالبه اعتراضاً على عدم امتثال حكومة (الوحدة الوطنية) برئاسة الدبيبة، لقرارات الشرعية المتمثلة في تسليم السلطة لحكومة باشاغا، ووقف صرف رواتب قوات «الجيش الوطني».
وحدد فريق اللجنة مطالب عدة في مقدمتها وقف تصدير النفط، وإغلاق الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلد وغربها، وتعليق الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى وقف أوجه التعاون كافة مع حكومة «الوحدة الوطنية».
وكان عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي، قد التقى مساء أمس، أعضاء اللجنة العسكرية بالمنطقة الغربية، لبحث تداعيات بيان أعضاء اللجنة العسكرية عن المنطقة الشرقية.
وأكد اللافي استمرار دعم مجلسه، بصفته القائد الأعلى للجيش، لعمل اللجنة العسكرية المشتركة، «من أجل إنجاز المهام الموكلة إليها، والمحافظة على كل ما تحقق خلال الأشهر الماضية»، مشدداً على أن أي خلل في عمل اللجنة «سينسف ما تحقق من نجاحات، متمثلة في وقف إطلاق النار، وتحقيق الاستقرار»، و«قد يعود سلباً على أمن البلاد وسلامتها ووحدتها».
وذهب أعضاء اللجنة إلى أن ما حدث قد يعيد البلاد إلى حالة الانقسام، وأنهم بعيدون كل البعد عن التجاذبات السياسية، باعتبار اللجنة العسكرية المشتركة لجنة فنية بحتة»، مجددين تأكيدهم ضرورة إيجاد حلول جذرية لإشكالية صرف مرتبات كل منتسبي الجيش الليبي، وكذلك المرتبات المتوقفة في كل قطاعات الدولة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.