أنقرة تدرس احتمال الحوار مع دمشق حول 3 قضايا

«رسائل ضرورية» نُقلت للأسد قبل زيارته الإمارات

TT

أنقرة تدرس احتمال الحوار مع دمشق حول 3 قضايا

كشفت مصادر حكومية تركية عن إجراء تقييمات لفتح حوار مع النظام السوري، حول 3 موضوعات بشكل أساسي، كمدخل لتحسين العلاقات، وضمان عودة السوريين المقيمين في تركيا البالغ عددهم 3.7 مليون، أو نصفهم على الأقل، وأن هناك «رسائل ضرورية» حول قضايا محددة تم نقلها قبل زيارة الرئيس بشار الأسد للإمارات.
ونقلت صحيفة «حرييت» التركية، المقربة من حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، عن المصادر، أن هناك توجهاً لدى الحكومة لفتح حوار مع النظام السوري، وأن التقييمات الجارية تقوم على رؤية مفادها أن العملية التي بدأت لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ستمنح فرصة جديدة في العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وأضافت المصادر أن المناقشات الجارية بشأن الشروع في الحوار مع دمشق، تدور حول 3 قضايا رئيسة، هي: الحفاظ على الهيكل الموحد للدولة، ووحدة الأراضي السورية، وضمان أمن اللاجئين العائدين إلى بلادهم؛ لافتة إلى أنه إذا سارت الاتصالات في أجواء جيدة، فقد تكون لصالح تركيا، وقد تكون هناك فرصة لاستعادة العلاقات مع النظام السوري، وضمان عودة اللاجئين إلى بلادهم.
وقالت المصادر إن التوجه التركي تجاه سوريا يأتي في إطار انفتاح جديد للسياسة الخارجية التركية، تضمن تحسين العلاقات مع عديد من الدول، وأن هناك أفقاً لإنجاز خطوات في هذا الصدد مع كل من أرمينيا وإسرائيل وسوريا، على غرار ما حدث مع الإمارات العربية المتحدة، مع استمرار مساعي تحسين العلاقات مع مصر أيضاً، وإن كان ملف العلاقات مع القاهرة يحتاج إلى وقت أطول.
وتابعت المصادر بأن خطوة تحسين العلاقات مع سوريا قد تتيح لتركيا فرصة لحل مشكلة «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا.
وأشارت المصادر إلى أنه يمكن تحسين العلاقات التركية- السورية القائمة بالفعل بين دولة ودولة، وأنه كلما كانت هناك إمكانية للتقدم مع سوريا من قبل، كان هناك دور لإيران وروسيا يؤثر على المناخ الإيجابي، أما الآن فروسيا مشغولة بتدخلها العسكري في أوكرانيا وردود فعل أوكرانيا والعالم، فضلاً عن مشكلاتها الداخلية، ويمكن بدء مرحلة جديدة مع النظام السوري، بما في ذلك بحث مشكلة اللاجئين والهجرة.
وذكرت المصادر التركية أنه تم نقل الرسائل الضرورية إلى دمشق بشأن قضايا تتعلق بالسلامة الإقليمية والبنية الموحدة لسوريا، وأنشطة حزب «العمال الكردستاني» في سوريا ومنطقة الحكم الذاتي الكردية، قبل زيارة الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة.
واعتبرت المصادر أن زيارة الأسد إلى الإمارات أظهرت أنه بحاجة إلى اتخاذ مبادرات جديدة وإيجاد دعم جديد؛ حيث يتم البحث عن مسارات مختلفة لحل المشكلة السورية، ويمكن لتركيا تحويل هذه العملية إلى عملية إيجابية، مع الأخذ في الاعتبار المرحلة الجديدة للعلاقات مع الإمارات، وأكدت أنه إذا نجحت هذه العملية، فسيعود نصف السوريين اللاجئين في تركيا، على الأقل، إلى بلادهم.
وأصبحت قضية اللاجئين السوريين ورقة ضغط في يد المعارضة التركية على إردوغان، قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو (حزيران) 2023، في ظل ازدياد مساحة الغضب الشعبي، حتى من أوساط حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ضد السوريين.
وانقطعت العلاقات التركية- السورية منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011، وأعلنت أنقرة دعمها فصائل المعارضة في الشمال السوري في مواجهة النظام الذي طالبت برحيله؛ لكن قنوات الاتصال ظلت مفتوحة على مستويات مختلفة، بشكل شبه رسمي عبر قيادات حزب «الوطن» التركي الذي يرأسه دوغو برنتشيك، والذي يتقارب مع إردوغان في السنوات الأخيرة، أو من خلال جهازي المخابرات في البلدين، وهو الأمر الذي أكده المسؤولون من الجانبين في أوقات متفرقة.
وبحسب المصادر، فإن جميع الاتصالات مع النظام السوري ركزت على القضايا الثلاث الرئيسة، فضلاً عن أنشطة «العمال الكردستاني» على أراضي سوريا، ومنطقة «الحكم الذاتي الكردي» شمال شرقي البلاد.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أبدى وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، استعداد دمشق لتطبيع العلاقات مع تركيا بشروط، أهمها سحب تركيا قواتها من الأراضي السورية، والكف عن دعم من وصفهم بـ«الإرهابيين»، وحرمان السكان السوريين من الموارد المائية، وبناء علاقات مع سوريا على أساس الاحترام المتبادل.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن بلاده تؤيد الحل السياسي للأزمة السورية، وتولي أهمية كبيرة لمواصلة اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، الموقع بين بلاده وروسيا في 5 مارس (آذار) 2020.
وأضاف جاويش أوغلو، في مقابلة صحافية أمس (الاثنين)، أن كفاح تركيا ضد «التنظيمات الإرهابية» الناشطة في سوريا، سيتواصل خلال الفترة المقبلة.
ميدانياً، صعَّدت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، قصفها لقرى وبلدات بريف الحسكة الشمالي، شمال شرقي سوريا، مستخدمة الأسلحة الثقيلة والطيران المسير على مرأى من القوات الروسية الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا.
واستهدفت القوات التركية، الليلة قبل الماضية، بعشرات القذائف، محيط القاعدة الروسية الموجودة في محطة المباقر شمالي البلدة، بينما سقطت قذائف عدة في محيط محطة تحويل الكهرباء قرب القاعدة الروسية، مخلفة أضراراً بخطوط التماس، ما تسبب في خروجها عن الخدمة، وانقطاع التيار الكهربائي عن كامل المنطقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.